السبت 18 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

وسيلة مواصلات أم أداة جريمة؟! التوكتوك يسير فى الاتجاه المعاكس لعجلة الإنتاج!

أكد خبراء ومختصون أن «التوكتوك»، بات عبئًا ثقيلًا على المجتمع، ووسيلة لتسرب العمالة الحرفية الماهرة من سوق العمل، حيث يقدر العاملون به بنحو 12 مليونًا، معظمهم من الشباب الذين وجدوا فيه وسيلة لكسب العيش دون عناء مقارنة باتجاههم للعمل الحرفى.



وحذروا فى تحقيق أجرته «روزاليوسف»، من خطورة ارتباط التوكتوك بانتشار الجريمة، وشيوع الفوضى المرورية.

وأشادوا بخطوات الدولة حاليًا لوضع حلول حضارية بديلة لهذه الظاهرة العشوائية، عبر منع استيراد التوكتوك، والتجهيز لطرح مركبة صغيرة رباعية العجلات تحل محله.

فى المقابل، يشكو سائقو التوكتوك من وضعهم الحالى، لكونه مصدرهم الأساسى لكسب عيشهم، فالعديد من الأسر قائمة على ما يعود به رب الأسرة أو أبنائهم من العمل على التوكتوك.

 

فى هذا الصدد يقول الدكتور أحمد عبدالحافظ، الخبير الاقتصادى: إن هناك ما لا يقل عن 6 ملايين توكتوك فى مصر، فإذا افترضنا أن شخصين فقط سوف يعملان عليه أصبحت المحصلة 12 مليون شاب تسربوا من سوق العمل وعزفوا عن العمل فى القطاعات الإنتاجية؛ بالإضافة إلى أن الأغلبية منهم لا يلتزمون بالقواعد والقوانين المرورية، والكثير من الشباب يتجه إلى ذلك؛ لأنه الطريق الأسهل وليس به تكنولوجيا أو فن أو «تشغيل دماغ» مثل بقية المهن والحرف.

ويضيف، أنه يعى تمامًا أن التوكتوك بات وسيلة لكسب الرزق لدى عدد كبير من المواطنين؛ لذا حجبه ومنعه قد يسبب أزمة اجتماعية شديدة للغاية؛ وفى ذات الوقت فإن تجاهل وجوده وتجاهل كوارثه أمر غير مقبول؛ لاسيما مع ما يسببه من أذىً كبيرًا بعدما «فلت عياره» وأصبحنا نشاهده فى الطرق السريعة يسير عكس الاتجاه، وتلك كارثة كبيرة جدًا، قد تؤدى إلى حوادث مؤلمة؛ بكل تأكيد نحن فى غنًى عنها.

 تشريع متوازن

من جهته يقول النائب محمود قاسم، عضو اللجنة التشريعية والدستورية بمجلس النواب: إن الفصل التشريعى الحالى مليء بالتشريعات التى تواكب الشارع المصرى.

ويشير إلى أن انتشار الدراجات البخارية والاسكوتر فى الشارع وتحولها إلى أمر واقع وظاهرة مستفحلة بالمجتمع دعا البرلمان إلى إجراء تعديلات على قانون المرور والتدخل بتعديل تشريعى يواكب الوضع.

وعن استصدار قوانين تتعامل مع ظاهرة التوكتوك، يقول: إن التوكتوك موضوع يشغل ويهم الرأى العام، لكن من الأفضل أن نأخذ وقتنا للخروج بنسق تشريعى محترم يرضى الشارع المصرى من الناحية العملية والفعلية.

ويتابع، أن التوكتوك مصدر رزق لكثيرين، وأيضًا مصدر قلق للكثيرين، والظاهرة تشغل أعضاء مجلس النواب، فقدمنا طلبات إحاطة ويأخذ الأمر وقته من الدراسة حتى يخرج قانون يعمل على التوازن بين هذه الشريحة التى يمثل لها مصدر رزق، ويرضى باقى شرائح المجتمع.

 مشروع قانون

من جهته يقول الدكتور أحمد جاد، المستشار القانونى: إنه فيما يخص عشوائية وسائل المواصلات، صدر القانون 6/11/2021 ليضع منظومة جديدة يقرها قانون المرور وفق معايير منضبطة يشترط الترخيص لاستعمال المركبات، ففى المناطق الحضارية توضع وسائل المواصلات للتنقل على مستوى يليق بهذه المناطق، وفى المناطق العشوائية فى القاهرة وبعض المدن نجد وسائل المواصلات العشوائية منتشرة على مدى عقود مضت.

ويشير إلى أنه أعد مشروع قانون بتجريم وسائل النقل الجماعى مثل: التوكتوك، السيارات ربع النقل، التروسيكل، ووسائل النقل البرى، ووضع عقوبات مشددة على المخالفين أهمها حجز المركبة فى أماكن محددة داخل كل منطقة، وكذلك سيارات السيرفيس ووسائل النقل البرى التى تؤثر على البيئة تأثيرًا مباشرًا أو غير مباشر بزيادة الرصاص فى وقود السيارات، وأخذ مشروع القانون ما يخص مشكلة انتظار السيارات والتى تركت زمنًا طويلًا تعانى العشوائية.

ويضيف، أن مشروع القانون وضع قواعد ونظمًا لتنظيم هذه المواقف ووسائل النقل العام وضبط مواعيدها والسلامة على الطريق؛ لمنع الحوادث على الطرق، ومنع التلوث البيئى، وننتظر المزيد من مشروعات قوانين وسائل النقل الجماعى العشوائى التى تؤثر على أغلب المواطنين تأثيرًا مباشرًا، وحق الإنسان فى التنقل بوسائل مواصلات حضارية وإنسانية تحافظ على حياته وكرامته. 

 مصدر رزق

فى المقابل يقول رزق أحمد، سائق توكتوك فى شارع العشرين بمنطقة فيصل - 53 عامًا - إنه يعمل على هذا التوكتوك ولا يمتلكه، بل إنه مصدر رزقه الوحيد، ولديه شهادة محو الأمية.

ويضيف: لدى ثلاثة أبناء فى مراحل دراسية مختلفة يحتاجون مصاريف دراسية؛ فيضطر هو وزوجته إلى الخروج للعمل لتوفير مصاريف أبنائهم الدراسية.

ويشير إلى أنه مصاب بغضروف الظهر مما يعيق حركته، وقدرته على حمل أى شىء، لذلك بات عملى على التوكتوك مصدر دخلى الوحيد.

 طفولة غائبة

أما السيد أحمد على، البالغ من العمر 16 عامًا، فيقول: إن التوكتوك ملك لوالدته ويعمل عليه منذ سن الثامنة؛ ليساعد أسرته فى تدبير مصروفاتها، وكانت البداية فى محافظة سوهاج - مسقط رأسه - أما الآن فيعمل فى منطقة «عين الصيرة» بحى مصر القديمة.

ويذكر أن لديه 4 إخوة، ويعمل هو وأخوه الأكبر على توكتوك أيضًا، ولا يحصل طوال اليوم على أكثر من 100 جنيه صافى.

 قانون التأمينات

فى السياق يقول سيد سعد إبراهيم: «متحاربين فى أكل عيشنا» فأنا لدى مؤهل متوسط، وكنت عامل دليفرى (توصيل الطلبات للمنازل) بشركة لمدة 20 عامًا، وتعرضت لحادث أليم أسفر عن تركيب شرائح ومسامير بالعمود الفقرى؛ ما دفعنى إلى طلب معاش مبكر من جهة العمل، فقالوا لى: فى القانون الجديد لابد أن يكمل العامل 25 عامًا بالشركة حتى يحصل على المعاش المبكر، أو أن يتم 60 عامًا، فاضطررت إلى أن أستأجر توكتوك وأعمل عليه، فأعمل بعزبة خيرالله جنوب القاهرة، وفى بعض الأوقات يمنع المرور سير التوكتوك ومن يضبطونه يأخذونه منه.

 قلة الحيلة 

من جانبه يقول محسن عبدالواحد، سائق توكتوك - 35 عامًا - ولديه ثلاثة أبناء، إنه نظرًا لقصر قامته وضعف الحالة الصحية لديه؛ فلا يستطيع أن يعمل أى شىء غير ذلك.

ويوضح: اشتريت هذا التوكتوك بالقسط وما زلت أسدد ثمنه إلى الآن، وأنتظر فرصة للترخيص فلدى كل أوراقه مختومة، وأعمل عليه ساعتين ثم ألتقط أنفاسى لبعض الوقت من أجل الراحة ثم أستكمل عملى إلى نهاية اليوم؛ لأوفر فقط الأمور الضرورية من مشتريات المنزل، وفواتير الكهرباء والمياه وغيرها.

ويضيف، أنا لست متعلمًا، خرجت من الصف الثالث الابتدائى لظروف عائلية، وأجاهد لتعليم أبنائى حتى لا يروا ما رأيته فى حياتى، وليحملوا شهادة علمية. 

 أعباء مالية

أما أم أحمد، سائقة توكتوك بمنطقة صفط اللبن، فتقول: عندما توفى زوجى لم يترك مالًا لأبنائه، فعملت على توكتوك لتوفير لقمة العيش، ولدى فتاة فى سن الزواج، أريد أن أجهزها وأطمئن عليها، وابنى الثانى تعرض لجلطة دماغية، فكل هذه الأمور تحتاج للمال، وأنا لم أحصل على أى شهادة أو مؤهل دراسى، وتحملت المسئولية منذ صغرى بعد وفاة والدى، وأحب أن أكسب القرش الحلال من عرق جبينى، بدلًا من أن أفترش الأرصفة لسؤال الناس شيئًا من المال، فقد تربيت على عزة النفس.

 حلول على الأبواب

ما بين مشاكل التوكتوك وجرائمه من جانب، واعتماد العديد من الأسر على هذه المركبة العشوائية كمصدر للرزق من جانب آخر، جاء تحرك الدولة لوضع حل حضارى لهذه المشكلة، حيث قررت الحكومة بعد طول انتظار وقف استيراد «التوك توك» ومنع استيراد قطع غياره، ما يدل أن هذه المركبة ذات الـ 3 عجلات إلى زوال، وستستبدل بأخرى.

وأكد محمد بكر المتحدث باسم وزارة الدولة للإنتاج الحربى، أن المركبة الجديدة بديلة التوكتوك تعمل بمحرك نظام ثنائى بنزين، وغاز طبيعى ضمن خطة غير مسبوقة؛ للتوسع فى استخدام الغاز الطبيعى كوقود للسيارات، بالإضافة إلى أن هناك خطة للعمل بالكهرباء فيما بعد؛ لتعميق توطين مختلف الصناعات، وذلك دعمًا لخطط واستراتيجيات التنمية المستدامة بالدولة من خلال الاعتماد على قدرات التصنيع والموارد المحلية المتاحة.

وأضاف أن بديل التوكتوك يتميز بأن المركبة الجديدة ستكون مناسبة للعمل فى الأماكن الضيقة، والطرق غير القياسية، كما يمكن للسيارة- بديل التوكتوك- أن تقطع مسافة تصل إلى 550 كم بدون إعادة ملء.

وتابع أن هناك إمكانية للعمل على إنتاج المركبة لتعمل بمحرك كهربائى فى منتصف العام المقبل، وسيتم طرحها نهاية العام الحالى.