الإثنين 30 سبتمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

كلهم إخوان

كلهم إخوان
كلهم إخوان


5 رؤساء جامعات وعشرات النواب والعمداء ووكلاء الكليات ورؤساء الأقسام كلهم من الإخوان، ورغم ذلك دأبت المحظورة قانونا على ترويج أكذوبة اضطهاد أعضائها وحرمانهم من التعيين فى الجامعات على مدى العقود الخمسة الماضية.
 
الأحداث الأخيرة فى الجامعات وجامعة الأزهر كنموذج واضح كشفت عن أسباب رهان الإخوان على الجامعات لإعادة ضخ دماء الحياة إلى شرايين الجماعة التى توفيت إكلينيكيا يوم أن طارد المصريون أعضاءها فى الشوارع وحظروها شعبيا بعد أن ظلت محظورة قضائيا لعقود، مستغلين فى ذلك أن معظم قيادات الجماعة البارزة من المحسوبين على هيئات أعضاء التدريس الجامعية، بدءا من مرشد عام الجماعة، ومرورا بأبرز قياداتها مثل الدكتور رشاد البيومى والدكتور محمود عزت والدكتور محمد البلتاجى والدكتور محمد على بشر والدكتور صلاح سلطان وغيرهم.
معركة الإخوان الأخيرة التى جندت لها كل طاقاتها لإشعال الجامعات المصرية أوضحت حجم التغلغل الكبير للجماعة وسط هيئات التدريس ودورهم فى تجنيد طلاب الجامعات.
 
 وكان واضحا أن جامعة الأزهر والتى شهدت فى عهد الرئيس الأسبق محمد حسنى مبارك ما يعرف بميليشيات جامعة الأزهر والتى تعد أهم الأحداث الطلابية فى العقدين الأخيرين.. هى القاعدة الرئيسية التى ينطلق منها التنظيم إلى أحلام أوهام السيطرة.
 
وكان واضحا أيضا أن تلك الميليشيات هى الرسالة الأهم للتنظيم الذى دأب على تقديم نفسه فى ثوب المستضعف وأنه بدأ مرحلة التمكين.
 
تركيز الإخوان انصب لعقدين على الأقل إضافة إلى جامعة الأزهر على كليات التربية والطب والهندسة والصيدلة والتى تحولت إلى كليات لتفريخ أعضاء جدد للجماعة.
 
وتقدر قوة الإخوان فى الجامعات بـ2000 عضو تدريس بخلاف الآلاف من أعضاء هيئات التدريس المعاونة من درجتى المدرس المساعد والمعيد.
 
وبحسب دراسة قيمة للدكتور عبدالله سرور وكيل مؤسسى نقابة أعضاء هيئة تدريس الجامعات، فإن تغلغل الإخوان داخل نوادى هيئات التدريس الجامعية يفضح مزاعم اضطهادهم وحرمانهم من حق التعيين فى سلك أعضاء هيئة التدريس.
 
ويطرح تساؤلا مهما كيف وصل كل هؤلاء إلى مناصبهم الأكاديمية إذا كانت التقارير الأمنية قد وقفت ضد تعيينهم؟
 
وكيف نجحوا فى السيطرة على مناطق نفوذ مهمة داخل الجامعات وأنشأوا تكتلاتهم داخل المجتمع الجامعى، بل وكونوا شبكة علاقات واسعة ساعدتهم على تنمية البزنس الخاص بهم خارج الجامعة كما هو الحال فى سلسلة المكاتب الاستشارية الهندسية التى أسسها أساتذة الجماعة فى كليات الهندسة وسلسلة العيادات والصيدليات التى يمتلكها التنظيم ويديرها أعضاء التدريس الإخوان؟
 
ويقول الدكتور عبدالله سرور فى دراسته القيمة: هناك عوامل لعبت دورا رئيسيا فى تغلغل الإخوان داخل الجامعات منذ نهاية الستينيات أهمها تقديم أنفسهم كبديل وحيد لوقف المد اليسارى داخل الجامعات ونجاحهم فى إقناع الرئيس الراحل محمد أنور السادات بإخراجهم من السجون وإعادتهم إلى وظائفهم الجامعية وتعويضهم ماديا عن فترات حبسهم.
 
وأشارت الدراسة إلى أن بديع وعزت كانا من بين رعيل الجماعة الأول الذى استفاد من تلك الصفقة مع النظام التى نسقت خلالها الجماعة بشكل كامل مع الأجهزة الأمنية والسيادية داخل الجامعات بما مهد بعد ذلك لسيطرتهم على النقابات ونوادى أعضاء هيئات التدريس تحت بصر ورعاية الأجهزة الأمنية التى باركت تلك الصفقات مقابل خدمات الجماعة داخل الجامعات.
 
فكر الصفقات الدائمة والتنسيق المستمر بين أساتذة الإخوان والجهات الأمنية فى عهد مبارك لم يعودا سرا فقد كانت هناك سياسة خاصة من أمن الدولة تجاه الإخوان، وكان هناك تنسيق فى كثير من الأوقات ولم يتم الضغط عليهم أو التضييق على أنشطتهم ونفوذهم الجامعى خاصة فى نوادى التدريس إلا فى فترات محدودة وحالات معينة، وكان كل ذلك يحدث بعيدا عن إدارات الجامعات، وأن طريقة تعامل رؤساء الجامعات مع ذلك اختلفت من جامعة إلى أخرى.
 
التواصل مع بعض القيادات الإخوانية من أمثال الدكتور محمد على بشر والدكتور عمرو دراج وعدم تفعيل القانون فى ما يخص موقف عدد كبير من أساتذة الإخوان المنقطعين عن العمل دون أسباب منذ فض اعتصام رابعة العدوية.. يشير أيضا إلى أن ذلك التواصل قد يكون ممتدا حتى الآن.
 
صفقة الإخوان مع السادات والكلام هنا للدكتور عبدالله سرور فى الدراسة نفسها استمر حتى نهاية عهد مبارك عندما قام أساتذة الإخوان بتأسيس ما يسمى بلجان الحريات الجامعية وحركة «جامعيون من أجل الإصلاح»
 
مكاسب كثيرة حققها أساتذة الإخوان لجماعتهم من خلال تغلغلهم داخل المجمع الجامعى يلفت سرور إليها النظر، قائلا: إن التبرعات التى كان يتم جمعها بشكل يومى داخل الجامعات تحت مسمى لجان الإغاثة كان يصب معظمها للتخديم على أنشطة الجماعة خارج مصر، خصوصا فى قطاع غزة التى كان يذهب إليها الجانب الأكبر من تلك التبرعات التى ساعدت حركة حماس الإخوانية على إحكام سيطرتها على قطاع غزة بالكامل، لافتا إلى أن بداية تلك اللجان كانت فى الجامعات قبل امتدادها إلى عدد من النقابات الخاضعة لهم مثل نقابتى الأطباء والصيادلة والمهندسين التى خرجت عن يدهم فى السنوات العشر الأخيرة فقط.
 
من بين تلك المكاسب تحويل الساحات والمساجد الجامعية إلى معسكرات شبه مغلقة لتأهيل شباب الجماعة وعقد جلسات التربية عن طريق جناح الجماعة الدعوى، وأحيانا للتدريبات العسكرية عن طريق الجناح العسكرى، كما حدث فى واقعة جامعة الأزهر خلال العقد الماضى، مشيرا إلى أن تركيز الإخوان انصب على كليات التربية والطب والهندسة والصيدلة والتى تحولت إلى كليات لتفريخ أعضاء جدد للجماعة، وهو ما التفت إليه وزير التعليم الأسبق حسين كامل الذى حاول الحد من انتقال تلك السيطرة إلى المدارس بإلغاء قرار تكليف خريجى كليات التربية التى تركز فيها الجانب الأكبر من شباب الجماعة فى المحافظات، والتى أنتجت عشرات الآلاف من الإخوان والمتعاطفين معهم ومكنتهم فى الفترة الأخيرة من السيطرة على نقابة المعلمين التى تضم ما يقرب من 2 مليون معلم على مستوى مصر.
 
 
العلاقات الإخوانية مع الدولة منحت أحد المكاتب الاستشارية الهندسية التى أسسها عدد من أساتذة الإخوان بكلية الهندسة جامعة القاهرة والتى حصلت خلال عهد مبارك على حق المشاركة فى دراسات إنشاء الخط الثالث لمترو الأنفاق، بخلاف عدد آخر من المشروعات الإنشائية التابعة للدولة، إلى جانب مشروعات إعمار غزة التى جمع الإخوان على خلفيتها كما كبيرا من التبرعات الجامعية، ثم حازت شركاتهم ومكاتبهم على الجانب الأكبر من مشروعات الأعمال، فضلا عن القوافل الطبية والمستشفيات الميدانية التى أقاموها هناك والتى لم يقتصر دورها على الإغاثة فقط بل امتد لتأسيس بزنس كبير لبيع المستلزمات الطبية داخل وخارج مصر.
 
الفترة الانتقالية السابقة للانتخابات الرئاسية الماضية كانت أزهى عصور الإخوان الجامعية، كما يقول الدكتور عبدالله سرور، حيث لم يكتف الإخوان بالسيطرة على نوادى هيئات التدريس الجامعية فقط بل أوقعوا قوى المعارضة فى الفخ بتمرير نظام غير عادل لاختيار القيادات الجامعية عن طريق الانتخابات التى يجيدون لعبها جيدا، والتى استخدموا فيها كثيرا من حيل الحزب الوطنى، سواء عن طريق تنظيم المظاهرات للتعجيل بإجراء تلك الانتخابات قبل الإعداد جيدا لها، ونقل كل المساوئ والحيل الانتخابية للساحة الجامعية عن طريق التربيطات والوعود الانتخابية التى قاموا خلالها بدعم بعض رؤساء الجامعات الذين تظاهروا لإقالتهم قبل ذلك مقابل تعهده لهم بتعيين وكلاء كليات ونواب رؤساء جامعات منهم، كما حدث فى جامعات القاهرة وقناة السويس والمنيا، حينما خرج الإخوان أساتذة وطلابا فى مظاهرات حاشدة لإقالة رؤساء تلك الجامعات، ثم كانوا أول الداعمين لهم فى الانتخابات بعد ذلك.
 
الانتخابات الجامعية التى يطالب جانب من أعضاء تدريس الجامعات الآن بإعادة النظر فيها بعد أن أدخلت الجامعات طرفا فى اللعبة السياسية نتيجة فوز أساتذة محسوبين على الإخوان بمناصب رؤساء جامعات مثل جامعة بورسعيد والمنيا، وصعود عشرات منهم لمناصب نواب رؤساء الجامعات بخلاف فوز عشرات آخرين بمناصب عمادة الكليات، وتعيين عدد أكبر فى مناصب وكلاء الكليات، كل ذلك كان وراء تحرك بعض القوى الجامعية لإعادة النظر فى آليات اختيار القيادات الجامعية، مشيرا إلى أن الانتخابات الجامعية أفرزت تكتلات مصالح وتربيطات أفسدت الحياة الجامعية وحولتها إلى ساحة للنزاع المستمر، وأنتجت قيادات غير مؤهلة تماما لتولى المسئولية الجامعية.
 
الحقيقة أيضا أن رحيل مرسى عن الحكم لم يؤثر كثيرا على سطوة الإخوان داخل الجامعات، بل حولوها إلى محطة نزاع أخيرة للصراع، وهو ما حذر منه عدد كبير من أعضاء هيئات التدريس حتى لا تتحول المدرجات إلى ساحات حرب، متسائلا ما العائق فى منع العمل الحزبى والسياسى من داخل جامعات مصر؟ ليتفرغ الطلاب وأعضاء هيئة التدريس لما هم موجودون من أجله، لا يوجد حصر دقيق حتى الآن بعدد الطلاب المقبوض عليهم على ذمة قضايا الأحداث الأخيرة بسبب الإفراج يوميا عن البعض والقبض على آخرين مع استمرار مسيرات الشغب اليومية داخل وخارج الجامعات، لكن التقدير الأوَّلى جعل جامعات الأزهر والقاهرة وعين شمس فى مقدمة الجامعات التى تم القبض على عدد من طلابها بتهم الشغب ومقاومة السلطات وتخريب المنشآت الجامعية منذ بدء اعتصامات الإخوان وحتى الآن، أما أعضاء هيئات التدريس الذين أُلقِى القبض عليهم حتى الآن فلا يمثلون سوى نسبة ضئيلة من أساتذة الإخوان على مستوى الجامعات حيث تم القبض على نحو 90 عضو تدريس فقط من إجمالى 1900عضو تدريس إخوانى على مستوى 20 جامعة حكومية وفقا للحصر الذى قامت به الصفحة الرسمية لاتحاد نوادى أعضاء هيئات التدريس المحسوبة على جماعة الإخوان المسلمين على الإنترنت والتى أشارت إلى أن من بينهم 12 عضوا بجامعة القاهرة و12 عضوا بجامعة الزقازيق و9 أعضاء بجامعة الأزهر وخمسة أعضاء بجامعة طنطا وسبعة بجامعة المنيا وثلاثة بجامعة المنصورة وخمسة بجامعة بنى سويف وأربعة بجامعة أسيوط و6 بجامعة قناة السويس وثلاثة بجامعة سوهاج واثنين بجامعة كفر الشيخ واثنين بدمياط واثنين بجامعة جنوب الوادى وواحد بالفيوم وآخر بجامعة عين شمس.
 
المؤكد أيضا أن نوادى هيئات تدريس الجامعات منذ إنشائها فى منتصف السبعينيات تثير جدلا حول الدور الذى يجب أن تقوم به، حيث تصر مجالس إدارات نوادى التدريس الإخوانية على استغلال النوادى فى التعبير عن وجهة نظر الإخوان فى قضايا السياسة الداخلية والخارجية.
 
وينتشر أساتذة الإخوان عادة فى قطاعات كليات الصيدلة والهندسة والطب والتربية بينما تعدّ كلية دار العلوم جامعة القاهرة مركزا رئيسيا لنشاط الجماعة الدَّعَوى فى الجامعة نظرا إلى تاريخ الكلية الذى انتمى إليها كل من مؤسس جماعة الإخوان المسلمين حسن البنا والمفكر الإخوانى سيد قطب والتى يتخرج فيها عادة معظم أساتذة اللغة العربية المحسوبين على جماعة الإخوان.
 
وتتصدر جامعتا الزقازيق والمنصورة قائمة الجامعات التى ينتشر فيها نفوذ أساتذة الإخوان بشكل كبير حيث تضم جامعة الزقازيق عددا كبيرا من الأساتذة المحسوبين على الجماعة ومعظمهم من قياداتها مثل الدكتور محمود عزت المرشد العام الحالى للجماعة، بينما تعتبر كلية الهندسة جامعة القاهرة ملتقى بزنس الجماعة الرئيسى.