السبت 3 مايو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

المسلمون يحاربون المسلمين منذ عصر أبى بكر بسبب الخلافة!

المسلمون يحاربون المسلمين  منذ عصر أبى بكر بسبب الخلافة!
المسلمون يحاربون المسلمين منذ عصر أبى بكر بسبب الخلافة!


فى زيارة خاطفة لتاريخ الخلافة خلال أول مائة سنة فقط من تاريخ المسلمين، تلك الفترة التى يقول عنها بعض الفقهاء أنها أفضل القرون، ويطالبون دوماً باجترارها، زاعمين ببؤس أنه لا خلاص لنا إلا بالعودة إليها. زيارة على سرعتها إلا أنها تكشف القناع عن مزاعم عصابات الإسلام السياسى، تلك المزاعم التى تقول إن الإسلام دين دولة، وأن الخلافة فريضة إسلامية!.. استمر هذا النظام السياسى- إن جاز تسميته نظاما- لـ قرابة 1100 سنة أخرى، إلى أن وصلت الدول العربية لصيغة الحكم المدنية أو شبه المدنية، حيث السيادة للشعب لا للسيف، والحكم بالدستور لا بالفقه السلطانى مدفوع الأجر. لكن للظلام على الدوام ثمة دعاة، يأبون إلا أن يصرفوا الشعوب عن حاضرها ومستقبلها بماضيها، لا يتعلمون شيئاً من دروس التاريخ، أولئك هم دعاة الإسلام السياسى، بجناحيه السلفى والإخوانى، المنادون جهلاً بالعودة لتك العصور، المطالبون جحداً بالارتداد من الدولة إلى الخلافة.
 
قبل أن يوارى جسد النبى (ص) الثرى، كان الصراع على الخلافة قد بدأ بالفعل. إذ سارع الأنصار إلى الاجتماع فى السقيفة ليختاروا أميراً منهم لتولى حكم العرب. ولما علم أبو بكر وعمر بالأمر أسرعا إليهم تاركين خلفهم «على بن أبى طالب» وعمه «العباس» يجهزون جسده الشريف للدفن.
 
انتهى الاجتماع بضرب «سعد بن عبادة»، الذى كان يريد الخلافة لنفسه كونه سيد الخزرج، وتنصيب أبى بكر خليفة للنبى دون التطرق لآية قرآنية واحدة، ولا قول للنبى أو حتى وصية، فى مشهد وصفه لاحقاً عمر بن الخطاب بأنه «فلته لن تتكرر». ثم قتل «سعد بن عبادة» فى ظروف غامضة! 
 
فى عهد «أبوبكر»، رفعت سيوف المسلمين لمحاربة المسلمين لأول مرة فى التاريخ، ولم تغمد حتى اليوم. فبخلاف حروب الردة التى اندلعت على أثر ارتداد معظم قبائل العرب عن الإسلام بعد موت النبى مباشرة، كانت حروب أخرى ضد قبائل (طيئ وأسد وغطفان) قد اندلعت حين أبى أبو بكر إلا أن يخوض غمارها، بعد أن رفضت هذه القبائل دفع الصدقات التى كانت تدفعها للنبى، مستندين فى ذلك إلى فهمهم لنص الآية القرآنية (خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) على أنها خطاب حصرى للنبى لا يحق لأبى بكر أن يطالب به.
 
مات أبو بكر بالحمى، وفى روايات أكثر، قتيلاً بالسم. وقبل موته نصب «عمر بن الخطاب» خليفة على المسلمين بوصية مغلقة.. وبشدته وعدله بين العرب، وإجلائه الاختيارى لبنى أمية عن المدينة، وتوجيهه لسيوف العرب خارج شبه الجزيرة استتب له الأمر، بيد أنه لقى حتفه مقتولاً فى المسجد، لأن كل المسلمين لم يكونوا من العرب، ولم يحظوا بعدل العرب.
قبل موته، شكل «عمر بن الخطاب» لجنة سباعية لاختيار خليفة للمسلمين من بعده.. فاختاروا «عثمان بن عفان» بعد أن تعهد على أن يُعمل فيهم كتاب الله ويسير على سنة نبيه والشيخين من بعده، ذاك التعهد الذى رفض «على بن أبى طالب» الموافقة عليه، إذ اشترط أن يكون التعهد فى صيغة «قدر استطاعتى».
 
بيد أن عثمان قد نقض تعهده أمام أول أزمة واجهته. فقد كان مطلوبا منه أن يقيم الحد فى «عبدالله بن عمر بن الخطاب» الذى ما إن سمع بخبر مقتل أبيه حتى أشهر سيفه وقتل الهرمزان واثنين آخرين بينهما جارية. قتل ثلاثتهم ظلماً إذاً. وأمام هذا المأزق، استعان عثمان بالداهية «عمرو بن العاص» ليخرجه من ورطته فقال له لم تكن أميراً وقتها، وقد ارتكب عبدالله بن عمر جرمه فى الفترة الانتقالية، فذهب عثمان لدفع الدية من جيبه بدلاً من إقامة الحد. وقد أثار هذا الموقف سخط على بن أبى طالب، وتوعد عبد الله أن يقتص منه، ولما آلت الخلافة لعلى بعد عثمان، هرب عبدالله من المدينة والتحق بجيش معاوية، فحارب ضد على وقتل على يديه.
 
على عكس سيرة «عمر» سار عثمان بن عفان، فساد الفساد فى ولايته، إذ نصب كل ولاة الأمصار من أقربائه، ومن بيت مال المسلمين منحهم العطايا والأموال، متذرعا بأنها قربى إلى الله وصلة للأرحام، فانتهى به الأمر لقذفه بالحجارة وهو يخطب فى المسلمين من فوق منبر رسول الله.
 
لكن الحجارة وحدها لم تكن لتطفئ نار الغضب، وتخمد نيران الثورة التى اشتعلت ضد عثمان فى معظم الأمصار، للحد الذى دفع أم المؤمنين عائشة لتقول مقولتها الشهيرة «اقتلوا نعثلاً فقد كفر» تقصد عثمان.. ومن ناحيتهم لم يستجب الأمويون لاستغاثة عثمان بهم ليفكوا عنه حصار الثوار.. ومن ناحيته هو رد عثمان على مطلب الثوار بعدم تخليه عن الحكم بقوله الشهير «والله لا أخلع ثوباً سربلنيه الله إياه».. فاقتحم الثوار قصره، وطعنه محمد بن أبى بكر الصديق فقتله.
 
وامتدت المأساة من حياة عثمان وموته قتيلاً إلى ما بعد موته، إذ نهبوا كل ما وجدوه فى بيته (30 مليون درهم)، ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل مُنع أهله من أن يصلوا عليه أو يدفنوه فى مقابر المسلمين، فدفن بليل فى مقابر اليهود بعد أن هاجموا جنازته. ثم جاء معاوية بعد ذلك وألحق مقبرته بالبقيع.
 
بويع لـ «على بن أبى طالب بالخلافة بعد عثمان.. وكما بدأت خلافة عثمان بأزمة إقامة الحد على ابن عمر، كانت خلافة على قد بدأت بأزمة أكبر، طرفها الأمويون المطالبون بالثأر من قتلة عثمان.. وسرعان ما نقد «طلحة بن عبيد الله» و«الزبير بن العوام» بيعتهما لعلى بن أبى طالب متذرعين بأنهما بايعاه كرهاً، وعادت أم المؤمنين عائشة فقالت «قتل عثمان ظلماً، والله لأطلبن دمه»!!
 
وبالفعل، خرجت عائشة رضى الله عنها بصحبة طلحة والزبير والتقيا بعلى بن أبى طالب فى موقعة الجمل، وانتهت الموقعة بانتصار جيش على ومقتل طلحة والزبير وقرابة 15 ألف مسلم!
 
وبعد أن انتهى من موقعة الجمل التفت على بن أبى طالب إلى خصمه معاوية بن أبى سفيان، الذى رفض بيعته، التفت إليه يحاربه. فالتقى الجيشان فى موقعة صفين، تلك الموقعة التى رفعت فيها المصاحف على أسنة السيوف لأول مرة فى التاريخ، ولم تنزل حتى اليوم أيضاً .. وبعد أن كادت المعركة تنتهى لصالح جيش على، استطاع الداهية عمرو بن العاص أن يرجح كفتها لصالح معاوية بالخديعة والمكر أو بما يسميه المؤرخون «التحكيم». ولم تتوقف نتيجة تلك الحرب عند هذا الحد، بل امتد أثرها لتفتيت جبهة على، إذ ظهرت على أثرها فرقة الخوارج التى رفضت التحكيم، ودارت بينهم وبين على حروب عديدة أشهرها معركة النهروان.
 
فى طريقه للمسجد لأداء صلاة الفجر، قتل على بن أبى طالب، فآلت الخلافة لابنه الحسن.
 
وخرج الحسن أيضاً لمحاربة معاوية، فانشق عنه أتباعه.. فآثر السلامة وتنازل لمعاوية عن منصب الخليفة، وقيل إنه فعل ذلك مقابل المال. وسمى ذاك العام «عام الجامعة» لاجتماع أمر المسلمين على خليفة واحد. بيد أن ابن أبى سفيان لم يكن لـ يأمن على ملكه فى وجود حفيد النبى، فدس له السم فى طعامه، فمكث أشهرا يعتصره الألم، ولما جاء معاوية خبر وفاته كبر وقال « إن لله جنوداً من العسل»!!
 
وفى أول واقعة توريث فى العالم الإسلامى قام معاوية بتوريث الخلافة لابنه «يزيد» حفيد هند بنت عتبة، فبايعه أهل الشام، ولم يرض أهل الحجاز عن تلك البيعة، وبايعوا «الحسين بن على بن أبى طالب». فخرج الأخير فى جمع من أصحابه لمحاربة يزيد بن معاوية، فقتل الحسين فى كربلاء وقطعت رأسه وحملت على سن رمح حتى دمشق، ولما رآها يزيد بن معاوية قال «قل اللهم مالك الملك تؤتى الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء»!!
 
وفى تلك الواقعة، قتل مع الحسين 72 رجلا، منهم من أولاد على بن أبى طالب أربعة هم «محمد، أبوبكر، جعفر، العباس» وقتل من أبناء الحسن بن على أربعة أيضاً.. ووطأت سنابك الخيل جثثهم جميعاً.
 
فور علمه بمقتل الحسين بن على سارع عبدالله بن الزبير بالقفز على مقعد الخلافة، فبايعه أهل تهامة والحجاز، فصار للعالم الإسلامى خليفتان، أحدهما فى الشام والآخر فى الحجاز.
 
 
وبعث يزيد بجيش يقوده «مسلم بن عقبة» لأخذ البيعة من أهل المدينة، فكان يطلب منهم أن يبايعوه على أن يكونوا عبيداً ليزيد، ومن أبى البيعة قُتل، ولم يكتفوا بطلب تولية يزيد، بل دخلوا بخيولهم مسجد رسول الله، واستباحوا المدينة ثلاثة أيام، واغتصبوا آلاف النساء، حتى قيل إنه فى هذا العام حملت 1000 امرأة سفاحاً على أثر تلك الواقعة. ثم بعث يزيد جيشاً لمحاربة «ابن الزبير»، فى مكة. فتحصن داخل الكعبة. فضربها جيش يزيد بالمنجنيق حتى أحرقها.. ونجا ابن الزبير من هذه الواقعة وأعاد بناء الكعبة.
 
وفى عهد الخليفة «عبدالملك بن مروان» أرسل له جيشاً آخر بقيادة «الحجاج بن يوسف الثقفى» فحاصره أيضاً داخل الحرم، ولثانى مرة ضربت الكعبة بالمنجنيق وأحرقت، لكن هذه المرة لم يستطع «ابن الزبير» أن يفلت من قبضة الحجاج، فقتل، وصلبت جثته على باب الحرم.
 
كان عبدالملك بن مروان هذا أفقه فقهاء المدينة، لا يناطحه فى علمه سوى «سعيد بن المسيب»، وبينما كان جالسا فى المسجد يقرأ القرآن، جاءه خبر اختياره خليفة، فإذا به يضع مصحفه إلى جواره ويقول «هذا آخر عهدى بك» يعنى المصحف. وفى أول خطبة له على منبر رسول الله قال «والله لا يأمرنى أحد بتقوى الله بعد مقامى هذا إلا ضربت عنقه»!
 
فى عهد الخليفة «هشام بن عبدالملك بن مروان» خرج عليه «زيد» حفيد الحسين بن على بن أبى طالب، وقد بايعه كثير من الناس على محاربة هشام، فقتل زيد فى المعركة.. ولما علم جيش الخليفة بموضع دفنه نبشوا قبره، وأخرجوا جثته.. وقطعوا رأسه وأخذوها إلى قصر الخليفة فى دمشق، فعلقها على باب دمشق، وصلبت الجثة فى الكناسة ثم أحرقت فيما بعد!!
 
ولما علم «يحيى بن زيد: بمقتل أبيه هرب مع جماعة من أصحابه إلى خراسان، وفى طريقه هجم على جماعة من التجار ونهب أمتعتهم ودوابهم، وفر بها فلاحقه جند الخليفة «الوليد بن يزيد» فقبضوا عليه وقتلوه وصلبوا جثته ، وظلت مصلوبة حتى ظهور أبى مسلم الخراسانى، فأنزلها وصلى عليه ودفنه.. ومن جانبها ظلت فرقة الخوارج صداعاً فى رأس كل نظام، ودارت بينهم وبين الخلفاء حروب عديدة، كان مطلبهم فيها «تحكيم شرع الله» تماما كما يطنطن الإخوان ويطبل السلفيون حتى اليوم.