الثلاثاء 6 مايو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

لندن ستان.. وكر أعداء مصر!

لندن ستان.. وكر أعداء مصر!
لندن ستان.. وكر أعداء مصر!


لم تعد لندن عاصمة الضباب فقط، بل والإرهاب أيضا.. فمنذ أن فتحت أراضيها لتؤوى الهاربين من الأحكام فى مصر وعلى رأسهم «ياسر سرى» المحكوم عليه فى عدة قضايا فى مصر، منها العائدون من ألبانيا، وبعد تنحى الرئيس الأسبق «مبارك» أصبحت مأوى للمصريين الهاربين بالأموال المصرية، ثم تحولت أخيرا لمأوى آمن لأعضاء التنظيم الدولى للإخوان ويعقدون اجتماعاتهم هناك؛ خاصة أنه لا توجد اتفاقية تسليم مطلوبين بين مصر وبريطانيا!
التنظيم الدولى للإخوان عقد اجتماعه فى لندن قبل احتفالات السادس من أكتوبر تحت إشراف «إبراهيم منير» عضو مكتب الإرشاد بجماعة الإخوان المسلمين والأمين العام للتنظيم الدولى والمتحدث باسم الإخوان المسلمين بأوروبا والمشرف العام على موقع رسالة الإخوان ويعيش فى لندن، وأحد مؤسسى منتدى الوحدة الإسلامية بلندن، والصادر ضده حكم بالأشغال الشاقة 01 سنوات فى قضية إحياء تنظيم الإخوان المسلمين عام 1965 وعمره كان وقتها 28 سنة، وفى 26 يوليو 2012 أصدر المعزول محمد مرسى عفوا عاما عنه نشر فى الجريدة الرسمية العدد 03 تابع لسنة 2012.
 
المفاجأة أن هذا الاجتماع كان للتخطيط لعمليات عنف فى مصر لإفساد فرحة احتفالات السادس من أكتوبر فى حضور «ياسر السرى» القيادى الجهادى ومدير المرصد الإسلامى بلندن والهارب من مصر منذ سنوات وطالبت مصر بتسليمه عدة مرات من قبل إلا أن عدم وجود اتفاقية تسليم مجرمين بين البلدين حالت دون ذلك؛ ولم تكن قضية عاطف صدقى هى الوحيدة التى اتهم فيها السرى وإنما اتهم أيضا فى قضية العائدون من ألبانيا عام 1999، كما اتهم فى القضية المعروفة باسم تنظيم السويس وصدر ضده حكم غيابى بالإعدام فى قضية عاطف صدقى، كما صدر ضده حكم بالمؤبد فى قضية ألبانيا، وحكم ثالث بالأشغال الشاقة 51 سنة فى قضية السويس، وكل الأحكام التى صدرت ضده عسكرية وغيابية، وتتحدث المعلومات عن اضطلاع ياسر السرى بتأسيس ما عرف باسم تنظيم طلائع الفتح الذى كان محاولة لإعادة بناء تنظيم الجهاد المصرى!
 
وتاريخ علاقة التنظيم العالمى بالغرب بدأت مع علاقة الإخوان ببريطانيا، فلقد اعتبرت بريطانيا مصر بمثابة رمانة الميزان لمكانتها فى الشرق الأوسط فأعلنت حمايتها عليها خلال الحرب العالمية الثانية وسمحت لشركاتها بالسيطرة على الحياة التجارية فيها وتمركزت أكبر قوة عسكرية بريطانية فى منطقة قناة السويس، لكن ذلك كله وجد مقاومة من قوتين: قوة الحركة القومية وقوة الحركة الدينية متمثلة فى الإخوان. وكانت سياسة بريطانيا تجاه الإخوان سياسة قمعية سعت للقضاء عليهم، وكان الإخوان يحظون بحماية الملك الذى كان يمولهم فى الأربعينيات، فقد اعتبرهم قوة يواجه بها الوفد والشيوعيين وفقا لتقرير للمخابرات البريطانية عام 1942.
 
أما أول اتصال بين الإخوان والإنجليز فكان فى عام 1941، وهو العام الذى ألقى فيه القبض على حسن البنا، مؤسس الجماعة، ولكن مع إطلاق سراحه سعت بريطانيا للاتصال بجماعته، وعرضت بريطانيا على الإخوان تمويلا ماليا مقابل تأييد لبريطانيا منهم، لكن ليس هناك ما يثبت أو ينفى أنهم قبضوا التمويل فعلا، على أنه لوحظ هدوء نسبى فى نشاط الإخوان المضاد لبريطانيا بعد العرض بقليل، ومن ثم فإن من المرجح أن العرض البريطانى حظى بقبول.
 
وفى عام 1942 أصبح من المؤكد أن بريطانيا تمول الجماعة، ففى 8 مايو عقد مسئولو السفارة البريطانية اجتماعا مع رئيس الوزراء المصرى فى ذلك الوقت أمين عثمان باشا وناقشا العلاقة مع الإخوان واتفقا على عدة نقاط، منها تقديم مساعدات مالية لهم من حزب الوفد على أن تتولى الحكومة بشكل سرى التمويل الذى تأخذه من السفارة البريطانية، كما وافقت الحكومة على دس مخبرين فى الجماعة ومعرفة أسرارها ونقلها إلى السفارة البريطانية، يضاف إلى ذلك خلق شقاق بين حسن البنا وأحمد شكرى زعيمى الجماعة، دون اللجوء إلى ممارسات عنيفة ضد الجماعة، لقد تبنت بريطانيا سياسة «القتل الرحيم».
ونوقش فى الاجتماع أيضا دور جماعة الإخوان فى التصدى للحركات القومية المصرية المعادية للاستعمار، ومع انتهاء الحرب العالمية الثانية كانت بريطانيا تتعاون مع الإخوان على الرغم من إدراكها خطورتهم. وفى يونيو عام 1952 صدر تقرير عن الخارجية البريطانية تحت عنوان «مشكلة القومية» رصد مخاطر المد القومى على المصالح البريطانية، وبعد شهر من صدور هذا التقرير اندلعت ثورة يوليو أو ثورة جمال عبدالناصر الذى شكل تهديدا لبريطانيا، خاصة بعد تبنيه سياسة عدم الانحياز، وقد وصفت الخارجية البريطانية سياسته بفيروس القومية العربية، وفى محاولة للتصدى له سعت بريطانيا لاستغلال العناصر الدينية متمثلة فى الإخوان المسلمين للقضاء عليه؛ وهو ما يحدث تقريبا اليوم مع اختلاف الشخصيات فيما يسمى بالربيع العربى فى محاولة منهم لإحياء مخطط 1952.
 
فى ذلك الوقت كان مرشد الجماعة حسن الهضيبى الذى عرف عنه عدم اللجوء إلى العنف، لكنه لم يكن قادرا على إحكام سيطرته على تيارات العنف داخل الجماعة، فأحيت الدعوة إلى الجهاد ضد البريطانيين، لكن تقريرا من السفارة البريطانية فى القاهرة صدر عام 1591 أكد عدم جدية الإخوان فى شن هجوم على التواجد البريطانى بمصر، وأشار تقرير آخر إلى أن بعض العمليات التى قام بها الإخوان ضد الإنجليز هى نتاج عدم انضباط داخل الجماعة ووجود تضارب بين سياسات القادة.
 
وكشفت وثائق بريطانية سرية عن محاولات لعقد اجتماع مع الهضيبى وعقدت بالفعل اجتماعات مع أحد مستشاريه، وهو ما يثبت أنهم علنا كانوا يعلنون الجهاد ضد الإنجليز وسرا يلتقون بهم، ووفقا للخارجية البريطانية فإن هذه الفترة شهدت تلقى الإخوان رشاوى ضخمة من الحكومة المصرية من أجل عدم إجرائهم أعمال عنف ضد النظام.
 
لندن تعتبر مأوى للهاربين من مصر ليس للجنائيين فقط، ولكن أيضا لرجال الأعمال الهاربين والمحكومين فى قضايا كبرى خاصة بفساد مالى وتحولت لندن التى كانت فى سنوات التسعينيات من القرن الماضى ملاذا لقيادات الجماعات الجهادية الهاربة من مصر، إلى ملجأ لرجال الأعمال المحكومين فى قضايا اقتراض واختلاس ونصب. وقد أصدرت وزارة الداخلية نشرة الإنتربول الحمراء السنوية وتضمنت أسماء المطلوبين قانوناً لدى السلطات المصرية والهاربين من تنفيذ أحكام صادرة ضدهم، أن معظم الهاربين فى لندن هم من رجال الأعمال المتعثرين، أو المتهمين فى قضايا فساد مالى، ومن بين الأسماء التى تضمنتها النشرة: ممدوح إسماعيل والمحكوم عليه بالحبس سبع سنوات بسبب الإهمال الذى أدى إلى غرق أكثر من ألف مصرى على عبارته «السلام » فى البحر الأحمر عام 2006، ورئيس مجلس إدارة نادى الشمس السابق محمد عبدالمنعم الملاح المقيم فى لندن والمحكوم عليه بالسجن المشدد سبع سنوات والعزل من الوظيفة، ولم يقتصر الأمر فقط على الهاربين فى قضايا مالية، وإنما سياسية وأمنية أيضاً، ومن هؤلاء خالد محمود أحمد أحد زعماء التنظيمات الجهادية فى مصر والهارب إلى غزة فى يوليو 2007 عقب القبض على أفراد التنظيم وتقديمهم إلى المحاكمة. وضمت «النشرة الحمراء» رجال أعمال هاربين إلى مناطق أخرى غير لندن، ومنهم عادل أغا رجل الأعمال الصادر ضده حكم بالحبس عشر سنوات لإدانته بالاستيلاء على مليار جنيه من أموال بنك القاهرة، وبلغت مديونياته بعد إضافة الفوائد 6,2 مليار جنيه، حيث هرب إلى أمريكا فى يوليو 2008. أما أحدث الأسماء التى تضمنتها النشرة فكان اسم رجل الأعمال محمد الدجوى، زوج النائبة عن الحزب «الوطنى» الحاكم فى مجلس الشورى هدى الطبلاوى، والذى فر هارباً إلى كندا فور صدور حكم ضده فى 5 أغسطس الماضى بالحبس خمس سنوات، بعد ثبوت إدانته بتزوير مستندات رسمية للاستيلاء على إحدى شركات التعدين الكبرى؛ ووزير المالية الأسبق يوسف بطرس غالى المقيم الآن فى لندن والصادر ضده حُكم بالسجن لمدة 30 عاماً بتهمة الفساد المالى والتربّح، وغرامة قدرها 70 مليون جنيه، ورشيد محمد رشيد وزير التجارة والصناعة الأسبق والصادر ضده حكم بالسجن لمدة 15 عاما، والذى يعد الحكم الثالث الصادر بحقه فى القضايا المنظورة أمام المحاكم، ومن قبل هؤلاء بسنوات طويلة كان أشرف السعد عمدة المصريين الهاربين إلى لندن الذى اشتهر بلقب ملك توظيف الأموال فى مصر كان واحدا من أشهر الأسماء التى ظهرت فى مصر مع بداية الثمانينيات من القرن الماضى وصاحب شركة السعد لتوظيف الأموال وألقى القبض عليه فى سنة 1991 بتهمة تهريب أموال المودعين إلى الخارج، وقضى 18 شهرا داخل السجن حتى أخلى سبيله. وهرب بعدها إلى باريس ومنها إلى لندن.
 
وفى مارس من العام الماضى 2012 تم توقيع عقد اتفاقية لتسليم المتهمين بين مصر وبريطانيا؛ وقال الوزير المفوض عمرو رشدى المتحدث الرسمى باسم وزارة الخارجية فى ذلك الوقت إن وزير الخارجية محمد عمرو قد أكد خلال مقابلته أليستر بيرت وزير الدولة البريطانى لشئون الشرق الأوسط الأهمية التى توليها مصر للإسراع بإبرام اتفاقية لتسليم المتهمين بين البلدين، بما يمكن من استرداد المصريين المطلوبين للقضاء المصرى المقيمين حاليا فى بريطانيا وتمكين العدالة من أخذ مجراها، كما تناول الوزير مع المسئول البريطانى الوضع بالنسبة للأرصدة المصرية وقال إن بريطانيا أبدت استعدادا تاما من جانبها فى هذا الملف المهم الذى توليه مصر اهتماما خاصا وتسعى إلى حل عاجل له، مشيرا إلى أن وزير الخارجية البريطانى أكد له أن قرار التسليم يدرس من قبل وزارة الداخلية التى تقوم ببعض الإجراءات الخاصة بها فى إطار بحث طلب مصر.
 
ورغم إصدار منظمة الإنتربول الدولى نشرة حمراء على معظم الدول بأسماء وصور الهاربين، فإن مصر لم تتسلم أيا منهم لعدم وجود اتفاقية تسليم بين مصر وبريطانيا، وتعد هذه النشرة هى السبيل الوحيد لاستعادة هؤلاء المتهمين فى حال سفرهم من العاصمة البريطانية إلى أى دولة أخرى فيتم القبض عليهم وتسليمهم لمصر ومع عدم وجود ما يهدد استقرار هؤلاء المطلوبين فى لندن وظهورهم بشكل علنى فى شوارع العاصمة البريطانية دون مطاردة قانونية هو ما دفع اتحاد المصريين فى المملكة المتحدة لتنظيم مظاهرة للجالية المصرية فى بريطانيا قبل الإعلان عن إبرام الاتفاقية للمطالبة بقيام السلطات البريطانية بتسليم المسئولين المصريين الهاربين واسترداد الأموال المنهوبة من الشعب المصرى والإعداد لرفع دعوى قضائية ضد الحكومة البريطانية للمطالبة بتسليم المسئولين الهاربين فى بريطانيا، وعلى رأسهم بطرس غالى ورشيد محمد رشيد إلى مصر وكذلك إعادة أموال مصر إلى الحكومة المصرية.
 
إن تسليم المجرمين يعتبر إجراء من إجراءات التعاون بين الدول دون غيرها من أشخاص المجتمع الدولى، ويجد مصدره فى المعاهدات الدولية والتشريعات الوطنية وشرط المعاملة بالمثل، ويقصد بتسليم المجرمين ذلك الإجراء الذى تسلم به دولة إلى أخرى شخصا لاتهامه أو لأنه محكوم عليه بعقوبة جنائية استنادا إلى معاهدة دولية، ولابد أن يكون هناك أحد المبررات لهذا الطلب، وهذه المبررات لا تخرج عن إحدى حالتين هما المحاكمة أو تنفيذ عقوبة صادرة ضد الشخص المطلوب، وهناك شروط لتسليم المجرمين، ومنها أن تكون الجريمة على درجة من الجسامة والخطورة كالجنايات والجنح المهمة، وبذلك تخرج المخالفات من نطاق جرائم التسليم، وأن تكون الجريمة المرتكبة جريمة جنائية وليست سياسية، وألا تكون الجريمة أو العقوبة قد سقطت بالتقادم وفقا لقانون إحدى الدولتين طالبة التسليم والمطلوب إليها التسليم.