الأحد 16 يونيو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

نظرة.. يا رئيس الحكومة..!

نظرة.. يا رئيس الحكومة..!
نظرة.. يا رئيس الحكومة..!


حاول أن تتأمل صورة الدكتور حازم الببلاوى رئيس الوزراء.. انظر جيدًا.. انظر للصورة من زاوية عكسية.. وسوف تكتشف أنه صورة طبق الأصل من صورة جميع رؤساء الوزارات فى العشرين سنة الأخيرة.. الخالق الناطق.. نفس الملامح.. نفس التفاصيل.. نفس التصرفات وردود الأفعال.. ولا شبهة فى تصرفاته للثورة وفعل الثورة.. وخروج الملايين تطالب بالتغيير.. هو مجرد رئيس وزراء عادى.. لا ابتكار ولا تصور ولا رؤية خاصة.. مع أنه استعان بكل الكوادر ومن كل الأحزاب.. ومن الواضح أن نصيبنا هكذا... نقوم بالثورات.. يسقط الشهداء.. تسيل الدماء.. وتحتدم المعارك.. نطالب بالتغيير والحرية والعدالة الاجتماعية.. فتكون النتيجة أن يبقى الحال على ما هو عليه.. مجرد تغيير فى الأسماء مع الاحتفاظ بالصورة التقليدية لرئيس الوزراء!!
الدكتور حازم الببلاوى رجل محترم.. مفكر حقيقى.. عضو بارز فى جبهة الإنقاذ.. متحدث بارع.. لكنه ليس ثوريا بما فيه الكفاية لإحداث التغيير.. التغيير يتطلب جرأة ورؤية واندفاعًا أحيانًا.. والدكتور حازم عاقل هادئ فوق العادة.. ولهذا لن نتغير على يديه وفى عهده أبدًا.
 
كنا نأمل أن يكون لوجود الدكتور زياد بهاء الدين على قمة المجموعة الاقتصادية.. دور حاسم فى سرعة التغيير والاتجاه به نحو مصالح الجماهير.. لكن من الواضح أن التركيبة الوزارية تفرض على القائمين على الحكومة السير محلك سر.. لتثبت لنا الحكومة بالصوت والصورة.. أنها مجرد حكومة تسيير أعمال.. لا فارق بينها وبين الحكومات المتعاقبة منذ عشرين عامًا!
 
كنا نتصور أن تبدأ الحكومة الجديدة برنامجها بالتقشف العام.. ولا أقصد بالتقشف أن نمارس ضغوطًا إضافية على الناس الغلابة.. كفاية حرام.. قدموا ما يكفى.. لكنى أقصد تقشف الدولة وخفض الإنفاق العام.. وقد قرأت عن رئيس جمهورية إحدى دول أمريكا اللاتينية باع عفش بيته من أجل التقشف.. وتنازل عن راتبه لخزينة الدولة.. وعاش على الكفاف.. فأصبح قدوة ومثالاً.. وتقبل الشعب فكرة أن يتقشف هو الآخر.. ما دام رب البيت بالتقشف ضاربًا.
 
والتقشف العام ليس عيبًا يا سيادة رئيس الوزراء.. وليس علامة على فقر الدولة.. وإنما هو علامة على رشدها وتعقلها وسيرها فى الطريق الصحيح.. وكل دول العالم تطبق التقشف على نفسها.. ومرة أخرى لا أقصد المواطن.. وإنما أقصد الحكومة التى تدلع نفسها وتصرف أربعين فى المائة من الموازنة العامة لزوم الفخفخة والفشخرة ومرتبات كبار الكبار وسيارات الحراسة.. وآلاف المستشارين ومصاريف مكتب البيه الوزير.. ومرتبات السفراء وأقلها 25 ألف دولار شهريا واضرب فى مائة وثمانين دولة.. واحسبها وفكر فى هدوء فى مسألة التقشف!
 
ولا أقصد بالتقشف الحكومى أن تخفض ميزانية الكهرباء لينقطع التيار عن الغلابة.. لكنى أقصد خفض ميزانية المكتب والحرس الخصوصى ولا أطالب بالتقشف أن تخفض ميزانية الصحة.. لأن الناس لن تتحمل وهى زهقانة وعلى وشك الانفجار.. ولا أقصد التعليم.. ولا أقصد وزارات الخدمات.. وإنما أقصد شغل الفشخرة والنفخة الكدابة.. وهى الموضة التى ورثناها عن عهد المخلوع حسنى مبارك.
 
فى الشهور الأخيرة.. قامت عدة دول أوروبية بتطبيق إجراءات تقشف شديدة لخفض الديون والعجز.. وبريطانيا أعلنت عن تخفيضات بلغت 26 مليار جنيه إسترلينى.. والدنمارك الغنية خفضت الامتيازات للبهوات وخفضت مرتبات الوزراء.. وفرنسا تطبق خطة الثلاث سنوات والتى بدأت فى 2011 لتجميد الإنفاق الحكومى ورفع سن المعاش إلى 65 حتى لا تدفع معاشات إضافية فى فترة التقشف.. اليونان شددت الرقابة على التهرب الضريبى.. أيرلندا عندها خطتان للتقشف.. أولها خفض مرتبات كبار العاملين بالدولة بنسبة 15 فى المائة لتحقق فائضا بمبلغ 7 مليارات دولار.. والثانية وقف الإنفاق الحكومى لمدة عامين كاملين.. فى إيطاليا نفذت إجراءات للتقشف الحكومى فوفرت 24 مليار يورو فى عامين نتيجة لخفض مرتبات الوزراء وزيادة الضرائب على الدخول.. فى البرتغال نفذت ضريبة تصاعدية على الدخل.. مع بيع أصول تمتلكها الدولة لتوفر 30 مليار يورو.. وإسبانيا جمدت مرتبات كبار العاملين وقلصت مرتبات الوزراء وجمدت معظم المعاشات.. ما عدا معاشات الفقراء ومحدودى الدخل.
 
أقصد يا سيادة رئيس الوزراء.. أن التقشف الحكومى موجود ومطبق حتى فى دول أوروبا الرأسمالية.. فلماذا لا نطبقه فى بلادنا التى تكاد تلامس خط الفقر؟!
 
التقشف ليس عيبًا يا دكتور حازم.. اعقلها وتوكل.