الثلاثاء 14 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رؤيتى الشخصية:  عقد تأجير الزوجة!

رؤيتى الشخصية: عقد تأجير الزوجة!

يبدو أن عقد الزواج الذى وصفه الله سبحانه وتعالى بالميثاق الغليظ يريد البعض أن يجعله كالعقود المادية التى تحتوى على شروط جزائية تقع على من يبادر بفسخها أو الإخلال بشروطها ومخالفة بنودها.



أتحدث هنا عن تلك المبادرة السخيفة التى أطلق عليها «زواج التجربة» وأثارت جدلاً كبيرًا عبر مواقع التواصل الاجتماعى ورفضًا شديدًا من رجال الدين لمخالفتها الصارخة للشريعة الإسلامية.

المبادرة تدعو إلى وضع شروط فى عقد الزواج تمنع الطلاق قبل ثلاث سنوات بهدف الحد من انتشاره والحد من تفشى الرذيلة والفواحش فى المجتمع على أن تعتبر هذه المدة المحددة «تجربة للزوجين» على استمرار المعيشة معًا وتتجدد حال التزام الطرفين بهذه الشروط وإلا انفسخ العقد ووقع الطلاق، رغم أن الإسلام جعل عقد الزواج عقدًا أبديًا بلا نهاية لا يفصل فيه سوى بالطلاق أو بالموت بما شرعه الله فى كتابه الكريم، ولا يجوز على الإطلاق أن يحدد له مدة معينة وإلا أصبح فى عرف علماء الدين عقد متعة، وهو محرم شرعًا بإجماع الآراء وبتعاليم الشريعة الغراء.

الغريب فى الأمر أن هذه المبادرة حاولت أن تعالج ظاهرة سلبية بما هو أفضح وأقبح منها، فإذا كان المجتمع المصرى يعانى من ارتفاع كبير فى نسب الطلاق بلغت فى التسع سنوات الأخيرة أكثر من مليون حالة حسب الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء، وأن محافظة القاهرة وحدها تشهد حالة طلاق كل عشر دقائق بما يمثل ظاهرة خطيرة وعبئًا ثقيلاً على المجتمع يحتاج إلى علاج جذرى وحل سريع، إلا أن هذا يعنى أن نجعل الزواج بمثل هذه المبادرات كالسلعة الرخيصة التى يمتلك صاحبها حق التخلص منها فى أى وقت يشاء، وأن نقوم بالعبث فى أقدس العقود وأمتن أنواعها فى القرآن الكريم ونعمل على هدم المبادئ والقيم السليمة التى ينشأ عليها الأجيال بدلاً من أن نبحث عن الأسباب الحقيقية التى تقف وراء ظاهرة الطلاق، وندرس التحولات والمتغيرات الاجتماعية والثقافية والاقتصادية لها وتحليلها والعمل على إيجاد الحلول المنطقية لها والملائمة لطبيعة مجتمعنا وعقيدته الإسلامية، وإذا كان يوجد صعوبات مادية للزواج نسعى لحلها مع التيسير على الشباب وإمدادهم بالقروض الميسرة وتوعيتهم بضرورة حسن الاختيار الذى يقوم على أساس التوافق الاجتماعى والبيئى بين الزوجين، وهما عاملان أساسيان فى إنجاح الزواج، فالاختيار بالعاطفة وحدها يؤدى إلى انهيار كثير من الأسر ومقولة «نحن نشترى رجلاً» لا بد أن تختفى إلى الأبد.

إن مثل هذه المبادرات هى أكبر امتهان لآدمية المرأة وكرامتها وأى مجتمع فاضل لا يسمح بهذا الشكل من الزواج، فالله سبحانه وتعالى جعل الزواج سنة لبناء المجتمع بشكل مستقر ودائم لكى ننشئ جيلاً جديدًا يستطيع أن يبنى ويقود الحركة فى المستقبل وفى الآية الكريمة: «ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجًا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة» والسكن هنا يعنى الاستقرار ودوام العشرة.