الإثنين 20 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
القوة الناعمة والمسئولية الوطنية

القوة الناعمة والمسئولية الوطنية

فى العام الأسود لحُكم الإخوان الإرهابيين لمصر، ورُغم يقينى الراسخ بأن تلك الحقبة السوداء من تاريخ مصر ستنتهى وللأبَد أسرع مما يتصور الجميع بهزيمة ساحقة للإخوان الإرهابيين وأفكارهم وممارساتهم الفاشية وميليشياتهم الإجرامية؛ فإننى كنت وفى تلك الأيام الثقيلة أستعين أحيانًا بمسلسل «رأفت الهجان» دعمًا لروحى المعنوية وقدرتى على المقاومة والغضب فأتفرّغ أيامًا متتالية لمشاهدة المسلسل بأجزائه الثلاثة لأردّد مع كل حلقة أشاهدها إن «مصر العظيمة القوية» برجالها المخلصين وأبطالها العظماء ووطنيتهم الجارفة- كما فى المسلسل- لا يمكن أن تهزمها تلك الجماعة الإرهابية، فمصرُ التى أعرفها وكما تظهر فى المسلسل تعرف أعداءَها وتعرف كيف تواجههم وتقاومهم وكيف تخدعهم وكيف تنتصر عليهم انتصارات ساحقة، مصرُ التى أعرفها عصيَّة على الهزيمة قدرها الانتصار، ومرّات كثيرة غلبتنى دموعى وأنا أشاهد المسلسل وأحداثه وكأنى أعيش تلك الأيام مرّة أخرى بوجعها، بفرحها، بقوة المصريين وصلابتهم وقت الحزن والهزيمة، وشجاعتهم وتضحياتهم وقت النصر والفرحة.



وكنت حين ينتهى المسلسل وأحداثه أشعر بثقة فوق ثقتى، ويقين أكبر من يقينى بحتمية انتصار مصر والمصريين على تلك الجماعة الإرهابية التى أثبتت مصر والمصريون أنها «لا قَدَ مصر ولا قَدّ شعبها» وقتما ثاروا عليها وسحقوها بقوتهم وإرادتهم الوطنية تحت أحذيتهم، كنت أردد لنفسى أنه إذا كان هذا المسلسل عرض كل تلك البطولات خلال أحداثه «التمثيلية» فالأمرُ المؤكد أن الواقع والحقيقة وما خاضته مصرُ برجالها وأبطالها أجمل وأعظم، لذا حين طالعت فى جريدة الأهرام نعى المخابرات العامة بمزيد من الحزن والأسى الفنان محمود عبدالعزيز الذى أثرى بفنه العديد من الإبداعات والذى جسَّد بصدق بطولات أبناء هذا الوطن عبر إخلاصه وقدرته العظيمة، يومها جففت دموعى وهمست: الله يرحمه رأفت الهجان.

وإذا كانت «مصرُ» وبإحدى أدوات قوتها الناعمة، أفلحت وبنجاح كبير خلال «الثمانينيات» من إنتاج مسلسل وطنى عظيم- يحكى ويكشف البطولات المصرية الحقيقية من خلال كشف بطولة ونُبل وشجاعة أحد المصريين الذين حملوا أرواحهم على أكفهم وقدّموا رقبتهم بشجاعة وبسالة دعمًا وحماية للوطن، كمسلسل رأفت الهجان؛ فإن مصرَ فى السنوات الأخيرة وبعد انتصار ثورة الثلاثين من يونيو، عادت وتألقت بفنانيها ومبدعيها الوطنيين ونجحت فى إنتاج العديد من الأعمال الفنية السينمائية والتليفزيونية التى تكشف عن البطولات المصرية الواقعية الحقيقية، وتجسّد حياة وبطولة وشجاعة أبطال مصر فى الدفاع عنها وخوض معاركها والاستشهاد من أجلها دفاعًا عن أرضها وعَلَمها واستقلالها وحُريتها وأمن أبنائها وأمنها القومى.

فرأينا فيلم «الممر» الذى جسّد بطولات الجيش المصرى ورجاله واستعرض إحدى معاركه على أرض سيناء بعد هزيمة سبعة وستين كبداية الطريق لانتصار أكتوبر العظيم. 

ورأينا مسلسل «كلبش» بأجزائه الثلاثة يستعرض بطولات رجال الشرطة المصرية وتصدّيهم للإرهابيين والخونة والعملاء وفضح أفكارَهم وداعميهم فى الخارج والداخل.

ورأينا مسلسل «الاختيار» الذى جسّد بطولات الكتيبة 101 والقائد الشهيد أحمد المنسى ورجاله فى موقعة «البرث»، موضحًا للمصريين طبيعة المعارك التى يخوضها رجال الجيش المصرى على أرض سيناء ضد الإرهابيين المجرمين، فاضحًا أفكارَهم المشوهة ومواقفهم المخزية بالعمل ضد وطنهم لصالح قوى إقليمية ودولية تمولهم وتستخدمهم ضد مصر ومؤسَّساتها الوطنية وشعبها وأمنها القومى.

وتجدر الإشارة إلى أن نجاح تلك الأعمال الفنية المهمة، التى قدّمت خلال السنوات الأخيرة، وتفاعل الجمهور المصرى معها وحبه لها واحترامه لصُنّاعها ومبدعيها وتوحدّهم مع أحداثها وأبطالها حد التصفيق والبكاء والهتاف والفخر، هو دليل مهم على احتياج وجدان ووعى الجمهور المصرى لمثل تلك النوعية من الأعمال الجادة السينمائية والتليفزيونية- بعد سنوات طويلة مريرة من دراما العشوائيات والبلطجة وتحقير الذات والدونية وهدم القيم الوطنية وإشاعة اليأس- لما لها من أثر عظيم على أرواحهم وانتمائهم الوطنى كإحدى الأدوات المهمة فى معارك الوعى والتصدى لإشاعة الإحباط وحرب الأكاذيب والشائعات والمحاولات المشبوهة المستمرة لنفى وإلغاء النموذج والقدوة الوطنيين، وهو ما يُحمِّل كتائب الوطنية المصرية من الفنانين والمبدعين فى جميع المجالات مسئولية كبيرة تجاه الوطن وتجاه الشعب ووعيه وانتمائه الوطنى بضرورة إنتاج وتقديم العديد من الأعمال الفنية الجادة التى تجسّد البطولات المصرية وتنمّى روح الفخر بالوطن وتدعم روح الوطنية المصرية والانتماء الوطنى؛ لتبقى تلك الأعمال الفنية جزءًا من تاريخ الإبداع المصرى وخالدة وحاضرة ومؤثرة باعتبارها إحدى الأدوات المصرية المهمة والفعالة والناجحة فى التصدى للمؤامرات المستمرة على وعى المصريين وانتمائهم الوطنى، ولتبقى تلك الأعمال حية فى قلوب وأرواح المصريين وجزءًا من تراثهم الوطنى فى الدفاع عن الوطن ودعمه والتصدى لكل أشكال العدوان والمؤامرات عليه، وإذا كانت (مصر أمانة فى رقبتك يا رأفت)؛ فإن مصر كلها (على العهد يا رجالة).