الخميس 23 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

الجسم السليم «فى الأكل السليم»!

«المعدة بيت الداء».. حكمة عربية شهيرة وقديمة، أثبتها العديد من الدراسات الحديثة، فعلى الرغم من أن الطعام واحد من أهم ضروريات الحياة، إلا أنه المصدر الرئيسى لغالبية الأمراض والاضطرابات التى يعانى منها الإنسان، سواء زادت كميته، أو نقصت.



 

ففى الوقت الذى يعانى فيه عدد كبير من المصريين من السمنة، التى قد تصل إلى سمنة مفرطة، وما يتبعها من مشاكل صحية، نجد على الطرف الآخر عددًا ليس بالقليل ممن يعانون من نحافة شديدة، وكلا الحالتين يرتبطان بالنظام الغذائى الذى يتبعه الإنسان، والذى يصل بالبعض إلى ما يطلق عليه بمرض «اضطرابات الأكل»، وهى حالات قد تصل إلى الخطيرة، ومرتبطة بنظام الطعام اليومى، الأمر الذى يؤثر بشكل سلبى على حياة الإنسان ويعرضه للعديد من المشاكل والأمراض.

ولاء مصطفى، واحدة من مرضى «اضطرابات الطعام، حيث تعانى من فقدان الشهية منذ طفولتها تقول: «من صغرى بعانى من عدم تناول كميات كبيرة من الطعام وإذا كنت فى حالة نفسية سيئة لا أستطيع تناول الطعام بشكل نهائى، فحالتى بتعتمد على عدم تناول الطعام، حتى السناكس بين الوجبات لا أستطيع تناوله، ما جعلنى أخس بشكل كبير وأفقد الكثير من وزنى».

وتضيف ولاء: «فى البداية كنت أتناول أدوية لفتح شهية، لكن الآن يصعب عليا تناولها لما تسببه لى من أعراض جانبية، ومضاعفات شديدة»، موضحة أن ذلك أثر عليها بشكل كبير حيث بدأت تقفد الثقة فى نفسها وشكل جسدها: «شكلى معدوم الأنوثة أشبه بالأطفال، وأحيانا كثيرة لا أجد ملابس تناسبنى، بالإضافة إلى التنمر والتريقة على شكلى وضعف جسمى».

نرمين، فتاة أخرى تعيش نفس الأزمة التى تعانى منها ولاء، من حيث فقدان الشهية: «منذ صغرى لدى معاناة كبيرة فى الطعام، اكتشفت أن ذلك يحتاج لعلاج نفسى، خاصة أن وزنى لم يكن يزيد على 38 كيلو وأنا فى سن العشرينيات من عمرى، وبالفعل أقدمت على خطوة العلاج بالمتابعة مع دكتور نفسى ودكتورة تغذية، كنت لا أشعر بالجوع وعدم تناول الطعام لفترات طويلة».

على الجانب الأخر من فقدان الشهية، هناك من يعانون من اضطرابات فى الطعام، لكن بتناول كميات كبيرة من الأطعمة والحلويات، مثلما هو الحال مع حنان البالغة من العمر 24 عاما، والتى تقول: أتناول الطعام طوال الوقت داخل المنزل وخارجه، لى فى كل مكان ومطعم بصمة وتجربة».

وتضيف حنان : «عانيت من القلق والاضطراب لزيادة الوزن وعدم القدرة على التوقف عن تناول الطعام، أحيانًا كنت بعاقب نفسى بعدم الخروج من غرفتى طوال اليوم ولا أتناول الطعام لكن فى المساء ولا أستطيع وأتناول ضعف الكميات المعتادة».

جربت حنان كل أنواع الريجيم «الدايت» سواء كان «دايت البروتين» و «دايت النشويات» وغيرها لكن بدون فائدة، حيث اكتشفت أن الموضوع مرضى ويحتاج إلى تدخل علاجى، لذلك قررت أن يكون شهر رمضان الماضى فرصتها للتوقف عن تناول الطعام لكن ذلك لم ينجح، قائلة: «تناولت أدوية لفقدان الشهية، وسببت لى مضاعفات كتير».

أما آية النجار البالغة من العمر ٢٦ عاما وتعمل موظفة فى إحدى شركات السياحة فتتلخص معاناتها فى أن لديها شرهًا كبيرًا لتناول الطعام: «معاناتى مع اضطراب الأكل هى الشره فى تناول الطعام فى كل الأوقات، خاصة فى لحظات غضبى واكتئابى، رغم أنى لا أحب الطعام وأظل بالأيام دون تناوله لكن العكس يحدث فى باقى الأوقات».

تضيف آية: «لم أكن أعلم أن حالتى مرضية حتى وقت قريب، كنت أعتقد أننى أتناول الطعام كثيرًا لأنى أحبه، لكن بعد الكشف علمت أن الأمر مرتبط معى بشكل نفسى، أتناول الطعام عندما أكون غاضبة، ومتوترة، وحيدة وهكذا، أشعر حينها أن الطعام يطبطب عليا حتى زاد وزنى جدا.. فكل عام أجد وزنى يزيد على السابق، وبدأ ذلك يصيبنى بالتوتر، ودخل إلي إحساس الخوف من الطعام والفزع منه، ولم أتحمل اتباع أى حميات غذائية، حيث كنت أعود لتناول الطعام بشكل كبير مع كل موقف يغضبنى،لا أعرف البكاء، فقط أعرف تناول الطعام».

فقدت آية الثقة فى نفسها وفى مظهرها وأصبح كل راتبها يصرف على الطعام: «هذا الأمر بيخوف الناس منى مبقتش قادرة على تشكيل حياة اجتماعية أو عاطفية، حتى الأدوية والعلاج النفسى لم يفلح معى وكثيرا ما كنت أتعرض للانتكاسة مرة أخرى».

كل من ارتبطت بهم آية عاطفيا طلبوا منها إنقاص وزنها : «حاولت كثيرا لكن مش قادرة، حتى شغلى تم فصلى منه بسبب الوزن وتم تبليغى بالأمر دون أى حرج أو إحساس منهم بالذنب، وأسرتى تأمرنى دائمًا بالتوقف عن الأكل ما يؤثر على أكثر لأعود للأكل بكميات أكبر».

جمعية «beat» البريطانية كشفت عن أن هناك ما يقرب من 725 ألف شخص فى المملكة المتحدة يعانون من اضطرابات فى التغذية، إلا أنها كشفت عدم وجود أرقام رسمية لعدد من يعانون من اضطرابات الأكل حول العالم.

من جانبها أكدت إخصائية الطب النفسى وئام وائل، ضرورة التفرقة بين التغييرات فى الأكل التى يلجأ لها البعض حتى يغير من شكل جسده أو وزنه، أو للحفاظ على شكل معين لأسباب مختلفة، سواء للرغبة شخصية أو بسبب الصورة التى ترسمها الميديا للجسم المثالى والضغط الاجتماعى والتنمر، واضطرابات الأكل المرضية.

وأوضحت الطبيبة النفسية أن اضطرابات الأكل مرض وله علاج عند الأطباء النفسيين وأطباء التغذية، حيث يعملان معا كفريق، مشيرة إلى وجود صعوبة كبيرة فى علاج مرضى اضطرابات الطعام، فحوالى ٤٠٪ من الحالات لا تتعافى وتتعرض للانتكاس مرة أخرى، مطالبة الأسر بالانتباه إلى هذه الحالات وتوجيهها للعلاج بسرعة، فكلما أسرعنا فى العلاج كان الوضع أفضل، ما يمنع المريض من تدهور حالته الصحية والنفسية.

وقالت: «أحيانا بيجيلنا مرضى أوزانهم ما بين 35 و25 كيلو بيحتاجوا يدخلوا مستشفيات وفيهم حالات بنضطر نحجزها فى العناية المركزة، بسبب وجود اضطراب شديد فى وظائف حيوية ونقص شديد فى الصوديوم والبوتاسيوم والكالسيوم وغيرهما، وهو ما يؤثر على كفاءة عضلة القلب وتؤدى للوفاة».

وأضافت: هناك أشخاص الأكل لديهم راحة نفسية، وهؤلاء لهم برامج علاج نفسى، سواء عن طريق العلاج المعرفى السلوكى، لحل فكرة ارتباط الأكل عندهم بالراحة النفسية المؤقتة التى يأتى بعدها إحساس بالذنب والاكتئاب.

عدد من الخبراء فى التغذية العلاجية، أكدوا أن اضطراب الأكل مرض يحتاج لعلاج طبى سواء كان باطنة أو نفسيا  فهؤلاء الأشخاص ممن يعانون من اضطراب الطعام غالبا ما تعكس هذه الحالة عندهم مشكلة نفسية وهذه المشاكل جزء منها بيولوجى يرتبط باضطراب فى كيمياء المخ، والآخر نفسى خاصة عند من تعرضوا لحرمان فى مرحلة ما من حياتهم خاصة فى الطفولة مما يدفعهم لتعويض الحرمان بالإفراط فى الطعام.

وكشفوا أن اضطرابات الأكل عبارة عن حالات خطيرة ترتبط بسلوكيات الأكل المستمرة، والتى تؤثر بشكل سلبى على الصحة والعواطف والقدرة على التأدية الوظيفية فى جوانب مهمة من الحياة، ومن أكثر اضطرابات الطعام شيوعا هى فقدان الشهية العصبى، والشرَه العصبى، واضطراب نَهم الطعام.