الأربعاء 26 يونيو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

الصدمة: إلحاد شباب إخوانى!

الصدمة: إلحاد شباب إخوانى!
الصدمة: إلحاد شباب إخوانى!


إذا كان 30 يونيو بمثابة الزلزال الذى هز عرش الجماعات الإرهابية التى أفسدت الدولة المصرية بعنصريتها وطائفيتها وعنفها منذ أن أسسها الإرهابى حسن البنا عام ,1928 فالزلزال له توابعه ولم يتوقف بسقوط قيادات الجماعة والقبض على مرشدها، فستظل هناك قواعد تضم أكثر من 300 ألف شاب إخوانى موجودين وبقوة وإما أن يقتلونا فى الشوارع ويمارسوا العنف والإرهاب ضد الدولة والمواطنين، وإما أن تحدث لهم هزة نفسية يهربون فيها إلى الإلحاد والانحراف السلوكى.
 
هذا ليس ادعاء على هذه الجماعة، بل حقيقة يكشف عنها فضيلة المفتى السابق د.على جمعة فى أحد لقاءاته التليفزيونية، عندما عبر عن حزنه الشديد على أكثر فئة وهم الشباب الصغير الذى ما زال فى مقتبل العمر ولم يتحمل هذه الصدمة من سقوط القيادات والأقنعة بعد التداعيات الأخيرة، مضيفا أنه تلقى العديد من المكالماتالهاتفية من أمهات يبكين من إلحاد أبنائهن بعد صدمات تغيير قيادات الإخوان لأقوالهم، وبعد تداعيات فض اعتصامى رابعة والنهضة.
 
لم يتعجب عمرو عمارة القيادى الإخوانى المنشق ومؤسس تحالف شباب الإخوان من هذه الحقيقة الصادمة التى طرحها جمعة، مؤكدا أنه من الطبيعى أن يتجه شباب الإخوان إلى الإلحاد، لأن المبايعة فى الجماعة تكون على أساس أن الجماعة هى التى تقيم الإسلام، ويطلب منك كعضو أن تثق فى قياداتك حتى لو كانت «غلط»، ومن ثم فوجئ الشباب الإخوانى بعد أحداث رابعة والنهضة و30 يونيو أن القيادات تهاوت وسقطت أقنعتها أمام الجميع وتحولت مواقفها، ومن ثم سقطت مصداقيتهم لدى هؤلاء الشباب المغيب الذى لم يفق بعد.
 
عمارة أضاف: إن هؤلاء الشباب أدركوا بعدما وجدوا «اللوك» الذى ظهرت عليه القيادات أمثال صفوت حجازى وأسامة يس والبلتاجى الذين سقطوا خلال الأيام الأخيرة، أنهم كانوا مضحوكا عليهم، وأدرك هؤلاء الشباب الذى ألحد أن الجماعة كذابة، قامت باستغلالهم واستخدامهم فى العنف من أجل مصالح شخصية ومكاسب سياسية وليس من أجل رفعة الدين الإسلامى لا أكثر من ذلك، ومن ثم حدثت لهؤلاء الشباب هزة نفسية فقدوا فيها الثقة فى هذا المشروع الوهمى لبناء الدولة الإسلامية، كما كانت تشحنهم القيادات، ومن ثم يجب توعية هؤلاء الشباب من خلال القيادات التى انشقت عن الإخوان مثل كمال الهلباوى وثروت الخرباوى لإنارة الطريق لهذا الشباب الذى تم تضليله والعبث بعقله من قبل قيادات الإخوان.
 
ويتفق معه إسلام الكتاتنى عضو شباب الحركة الوطنية، والمنشق الإخوانى قائلا: إن الشباب الإخوانى يمثل القطاع الأكبر للجماعة، بل هم القواعد الموجودة على الأرض، وقد توقعت قبل 30 يونيو وأحداث رابعة العدوية أنه بعد سقوط القيادات والجماعة، سينقسم الشباب إلى أربع فئات، أولها فئة ستنحرف سلوكيا وأخلاقيا كتلك التى ألحدت، وفئة ستنتهج طريق التغيير بالقوة والعنف والسلاح، ثالثة سلبية ستنزوى، أما الرابعة والأخيرة فهى فئة ستقوم بالمراجعات وتصحيح المسار، وهذا ما حدث بالفعل.
 
الكتاتنى قال: إن جزءا كبيرا من انهيار الجماعة يعود إلى سيطرة القطبيين عليها فى العشرين سنة الأخيرة، عبر هذا التنظيم الخاص والسرى من مجلس شورى الجماعة ومكتب الإرشاد، ولم تكن تعلم هذه القواعد من الشباب بهذه الحقائق، نظرا للتراتبية الشديدة الموجودة بالجماعة، فالمعلومة دائما من أعلى لأسفل، وكلما تقدمت فى عضويتها تعرفت أكثر عنها.
 
ومن بعد ما انكشفت كل المعلومات للجميع للشباب الإخوانى واكتشف كيفية استغلاله وتصديره فى مشهد العنف، كان من الطبيعى أن يتولد عن هذا اليمين المتطرف بعض من الشباب الملحد، لأن هذا الشباب الإخوانى وجد أن تجربة هذا اليمين السياسى الإسلامى غير آمنة وغير رشيدة، وأصبح لديهم نفور من فكرة التدين، خاصة بعد صدمتهم فى قيادتهم وما اكتشفوه فيها من كذب وسقوط وتراجع، ومن ثم بعض هؤلاء الشباب الذى اتجه إلى الإلحاد وكره فكرة المشروع الإسلامى وما تحمله من مبادئ وانحرف سلوكيا وفكريا بناء على ذلك.
 
وأعلن الكتاتنى أن لديه مبادرة لاستعادة أكثر من 200 أو300 ألف شاب إخوانى مغرر به إلى حضن الوطن وليس حضن الجماعة، أما «القيادات فتتم محاكمتها وتذهب فى 60 ألف داهية»، ولكن الشباب يجب عدم تركهم فريسة لهذه الانحرافات والهروب إلى الإلحاد، من خلال التعاون مع القيادات الإخوانية المنشقة والتى لها ثقل اجتماعى وفكرى، وتستهدف المبادرة رصد سلبيات الجماعة وتصحيح مسارها، ومواجهة الفكر بالفكر لأن الحل الأمنى ليس كافيا، ولكن الأهم هو المراجعات الفكرية.
 
وأكد الكتاتنى أنه لا يثق فى تلك الحركات التى ركبت الموجة بعد فض الاعتصام وأعلنت عن انشقاقها من الإخوان مثل حركة «إخوان بلا عنف»، ومنثم فالمبادرة تحتاج إلى تكاتف الأزهر لإنقاذ هذا الشباب المسلم قبل استغلاله مرة أخرى، مع أهمية تجديد الخطاب الدينى، بل الوجوه التى تتحدث باسم الله، حتى يحدث تغيير حقيقى إلى الأفضل يقف فيه الجميع فى صف الحركة الوطنية ضد المخطط الأمريكى - الصهيونى لتخريب المنطقة.
 
عبد الرحمن هريدى القيادى بحزب التيار المصرى والمنشق عن الإخوان قال: إن ظاهرة إلحاد الشباب موجودة ليس فقط فى فصائل الإسلاميين وإن ظهرت بقوة فى الفترة الأخيرة، بل من الممكن أن تكبر فى هذه المرحلة خاصة هؤلاء ممن ارتبطوا بالدعوة.
 
وأضاف هريدى: إنه بعد هذه الحوادث المتتالية خلال عامين، أدى إلى مراجعة الجميع لكل شىء من مبادئ وثوابت، ولكن فيما يتعلق بظاهرة الإلحاد لدى الإسلاميين تكمن خطورتها ويرجع أول أسبابها إلى الربط بين ما هو دعوى ربانى ثابت وما بين ما هو سياسى متغير، خصوصا أن قيادات الإخوان لم تستطع أن تفصل بين المسار الدعوى الأخلاقى التربوى وبين العمل السياسى المتغير فى أعقاب ثورة تشهد حركة تغيير سريعة جدا.
 
أما العامل الأخطر فهو ذلك الشباب «العادى» وهو لم ينتم لتيار فى عهد مبارك، ولكن حبه للإسلام حب فطرى، ومن ثم فهو يدعم هذه التيارات الإسلامية من باب هذا الحب الفطرى باعتبارهم ممثلى الإسلام، ولكنه سيكتشف مع أحداث الثورة أن هناك حركة من النقد اللاذع سياسية واجتماعية لهذه القيادات الإسلامية، ومن ثم يحدث له ما يسمى «بالانفصام النكد»، حيث يحدث له انفصام ما بين حبه وعاطفته ومشاعره للإسلام وما بين الواقع.
 
أما عن الحلول فيرى هريدى أنها تكمن فى إدارة الدولة وتوفير الاحتياجات الأساسية للمواطنين، فقبل الحديث معهم عن الخالق والعقاب والحساب، لابد من تمكينهم من الحصول على مصدر دخل مستقل بعيدا عن أى استغلال سياسى لأى فصيل كما كان يحدث من قبل جماعة الإخوان المسلمين وحزب النور وتوزيع الأنابيب والإعانات الشهرية، فى مقابل الكتل التصويتية.
 
أما عن رأى الطب النفسى فقالت د. هبة العيسوى أستاذ الطب النفسى بكلية الطب جامعة عين شمس: إن مشكلة الشباب فى التذبذب الدينى والوصول إلى هذه الحالة الإلحادية الواقعية والمنتشرة فى العيادات وعلى مواقع التواصل الاجتماعى الفيس بوك بدأت منذ وصول الإخوان المسلمين ومرسى إلى الحكم، وليس بعد أحداث رابعة العدوية والنهضة فقط.
 
أوضحت العيسوى أن هذه الإشكالية بدأت مع الطريقة التى تعامل بها الإخوان مع الشعب المصرى وكانت مختلفة كلية عن سماحة الدين الإسلامى، ولكن المنظر الذى شاهده الشباب فى سلوكيات رئيس الدولة الممثل لهذه الجماعة الدينية لم يكن فيه أى أخلاقيات أو سماحة أو مصداقية، حيث وجد الشباب أنفسهم أمام رئيس يحلف على احترام القانون والدستور، ثم يقوم بعدها بإصدار إعلان فوق دستورى ويحنث باليمين، استمع الشباب لمرسى أيام الدعاية لحملته الانتخابية وكلامه الودود عن المشاركة وتحقيق أهداف ثورة 25 يناير، ولكن على أرض الواقع استخدم منهج المغالبة لا المشاركة.
 
وأشارت العيسوى إلى أن المشكلة فى كل هذا التلون والكذب أنه صدر عن رئيس هو ذاته من صبغ نفسه منذ البداية بصبغة دينية إسلامية، وأنه حامٍ لهذا الدين والشريعة ومن ثم كانت نتيجة أفعاله الخاطئة، تحقق لدى الشباب المثل الشعبى القائل: «أسمع كلامك أصدقك، أشوف أمورك أستعجب»، ومن ثم وصل هؤلاء الشباب إلى نتيجة من كل هذه المعطيات أن العملية كلها كذب فى كذب.
 
وأضافت أن الشباب يعلم أن الكذب عكس الإسلام، ولكن حدثت له صدمة وكأن لسان حاله يقول: «إذا كان دول اللى اسمهم إخوان بيمثلوا الإسلام وظهروا بهذا الكذب، فمعنى ذلك أن الإسلام نفسه يحمل فى طياته الكذب»، ومن هنا تكمن الخطورة حيث تشكك الشباب فى الإسلام والذى نتج عنه هذا الإلحاد فيما بعد الذى يظهر بقوة بعد أحداث رابعة العدوية، مشيرة إلى أنها استمعت إلى أن هؤلاء الشباب يقولون إنهم مؤمنون بوجود إله خالق، ولكنهم غير مؤمنين بأى كتب سماوية.
 
وكشفت العيسوى أن أحداث رابعة العدوية كانت بمثابة «القشة التى قصمت ظهر البعير» بالنسبة لهؤلاء الشباب الذين بدأ الشك معهم منذ بداية حكم الإخوان، وذلك نتيجة لما شاهده الجميع من عمليات إجرامية إرهابية تم ارتكابها فى اعتصام رابعة العدوية أو تلك الطلقات النارية من الكلاشنكوف التى انطلقت من مئذنة مسجد الفتح، وفى ظل هذه الأحداث الساخنة والعنيفة التى تقع مع شباب قد تزعزع إيمانه من قبلها، وتمت تهيئته أصلا على مدار عام من حكم هذه الجماعة الدينية الإسلامية بأن يفقد ثقته، بل إيمانه بالكتب السماوية وهذا القرآن الذى لم يجد أى أثر له على أرض الواقع فى أن يوقف هذه المهزلة، ستكون نتيجته بالتالى الإلحاد.
 
وأكدت: إذا كانت هناك جريمة خطيرة ارتكبها الإخوان فى حق هذا المجتمع فلن تكون أهم من محاكمتهم على خيانتهم للدين الإسلامى، وارتكابهم جريمة فى حق شباب الإخوان، المنتمى لفكر الجماعة، والشباب المسلم عامة، مشيرة إلى أن الإخوان ارتكبوا خيانة فى حق الإسلام، وخيانة فى حق استعمال السنة والشريعة على أسنة الرماح لعمل خدعة ما لخدمة المصالح السياسية لفصيل واحد فى المجتمع.
 
أما عن الحلول النفسية التى يجب اتباعها مع هؤلاء الشباب الملحد فهى أهمية تخفيف حدة الحرب الداخلية الدائرة بين الأسرة والأبناء من هذه النوعية، وألا تقوم الأسرة باتهام الشاب ونعته بأنه «ملحد» لأن ذلك إهانة للشاب تدفعه إلى العناد والثبات على أفكاره، ومن ثم يجب النقاش معه بطريقة عقلانية وتوضيح حقيقة الأمور له بأن جماعة الإخوان لم تكن دينية هدفها إقامة دولة الإسلام، بل كل ذلك كان ادعاءات واهية، وتوعيته بأنها لم تتعد كونها جماعة سياسية إرهابية.
 
وعن رأى الدين تقول د. آمنة نصير أستاذ العقيدة والفلسفة بكلية الدراسات الإنسانية: إن هذه الظاهرة من إلحاد الشباب الإخوانى، لها أصل فى البداية يعود إلى أن الأطفال والشباب عندما ينشأون فى بيت دينى له خصوصية معينة، أى بيت له منهج الراديكالية والتشدد على القيم من قبل الأسرة للأبناء، مما يؤدى إلى زرع حالة معينة فى هؤلاء الأبناء تقوم على إقناعهم بأنه لا يوجد غير هذه القيم الشديدة الحادة.
 
واستطردت نصير: إننا نحصد الآن نتيجة هذه الغلظة التى مارسها الإسلاميون من الإخوان والسلفيين، واعتمادهم على التشدد والابتعاد عن الوسطية التى هى لب الشريعة والعقيدة الإسلامية.
 
وأعربت نصير عن حزنها، من هذه النتيجة واستخدام الإخوان وغيرهم من الفصائل الإسلامية لنفس صكوك الكنيسة الأوروبية، وطالبتهم «بأن يستغفروا الله فى حق هذا الدين، وفى حق ما أرهقوا به هذا المجتمع وخصوصا الشباب، الذى سار الآن على خطى شباب أهل أوروبا وانسلخ عن دينه وفقد الثقة فيه، وارتد من ارتد عندما سقطت القيادة والريادة لما تعلموه فى هذه الجماعة أو الأسرة.
 
ويرى د. عبد الله النجار أستاذ الشريعة والقانون وعضو مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر أن هؤلاء الشباب يجب شرعا أن نلتمس لهم العذر فى موقفهم الناتج عن اضطراب فى فهم الدين، ولهذا فالإسلام أو أى دعوة دينية لا تنتشر بالكلام والخطاب والوعظ، إنما تنتشر بالقدوة والفعل الطيب، واحترام حقوق الآخرين وسيادة العدل والمساواة، ومن ثم تدفع كل هذه المبادئ أى إنسان إلى الإعجاب بصاحب هذه الأخلاقيات، وإذا حدث الإعجاب يؤمنون به، كما حدث مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال تعالى: «لقد كان لكم فى رسول الله أسوة حسنة».
 
وأضاف النجار: إن انحراف هؤلاء الشباب عن الطريق الصحيح ولجوءهم للإلحاد، يعود لعدة أسباب منها أن المجتمعات الإسلامية انفصل فيها الفعل عن القول، الذى لم يتبق منه سوى كلام خطابى رنان من مرتادى الفضائيات الذين يعلنون عنه صباحا ومساء، ولكن عند النظر لمحتوى هذا الخطاب لا نجد فيه سوى القسوة والعداوة والحث على انتهاك الحرمات وابتذال الدماء ومن ثم سقط القول، ولم يتم تقديم دعوة إسلامية صحيحة للشباب.
 
وقال النجار: إننا أمضينا وقتا طويلا نتغنى بالإسلام، ولكن لم نقدم للإسلام علما أو كشفا حقيقيا، ولم يقدم بطريقة عقلانية، بل حرص الدعاة وشيوخ الفضائيات على تشويهه وطرحه بطرق مكروهة تنفر الناس من الإسلام، بل يزرع بعض الدعاة عداء بين الدين والدنيا، ويتحدثون عن رحلات داخل القبور وعذابها، وإلهاء هذا المواطن المشغول بالآخرة بأن يقدم علما ينفع الناس ويفيدهم فى الدنيا.
 
وأشار النجار إلى أن من العوامل الأخرى هو غياب الخطاب الدينى الذى يكرس لمرجعية الانقياد لله ورسوله، ومن ثم حدث انفصال فى العقد الذى يربط بين المسلمين، مما أدى إلى طغيان المصلحة الشخصية على المصلحة العامة، والاستيلاء على حق الله.
 
وتساءل النجار متعجبا: أين العمل الذى يقدمه المسلمون ومدى إسهامهم فى الحضارة الإنسانية، معربا أنه لم يتبق سوى التفاخر والشموخ الذى يعود به أصحاب الشهادات الأوروبية ذات المستوى الضعيف، وأمثالهم العياط الذى جاء يحمل الدكتوراه من أمريكا ولكن تصرفه وقوله مضحك، ولا تدل الشهادة على تكوين علمى صحيح له.