الأحد 28 سبتمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
الخروقات الإسرائيلية  وخطوط مصر الحمراء

الخروقات الإسرائيلية وخطوط مصر الحمراء

فى خضم التوترات المتصاعدة على الساحة الإقليمية، تعود الحدود الشمالية الشرقية لمصر لتتصدر مشهد الحسابات الاستراتيجية، باعتبارها خطًا أحمر فى عقيدة الأمن القومى المصرى. 



فمنذ توقيع معاهدة السلام عام 1979، التزمت القاهرة بصرامة ببنودها، حفاظًا على الاستقرار وضمانًا لسيادتها، غير أن الخروقات الإسرائيلية المتكررة دفعت القاهرة إلى إعادة تقييم الموقف وإبراز خطوطها الحمراء بوضوح.

الحدود الشمالية الشرقية جدار الأمن القومى

تمثل هذه الحدود، الممتدة مع قطاع غزة وإسرائيل، بوابة استراتيجية لأمن الدولة، إذ ترتبط ارتباطًا مباشرًا بحماية سيناء، ومنع أى تهديد إرهابى أو أمنى قد ينفذ منها. 

ولطالما أكدت القاهرة أن أى محاولة لتهديد استقرار هذه الجبهة يُعد مساسًا مباشرًا بالأمن القومى، وأن الحفاظ على السيادة المصرية هناك ليس خيارًا بل هو واجب راسخ.

الخروقات الإسرائيلية.. مؤشرات متكررة 

رغم الطابع الرسمى لمعاهدة السلام، شهدت المنطقة خروقات متعددة من الجانب الإسرائيلى، تراوحت بين:

- غارات جوية فى محيط الحدود قريبة من رفح.

- استهداف غير مباشر لمعابر ومناطق تماس بدعوى «ملاحقة التهريب».

- ترويج اتهامات إعلامية عن تهريب أسلحة عبر مصر إلى غزة، فى محاولة لتشويه الدور المصرى.

هذه الممارسات، رغم نفى القاهرة القاطع والمستمر لها، تثير قلقًا عميقًا، إذ تكشف عن محاولات إسرائيلية لإعادة رسم قواعد الاشتباك أو فرض وقائع جديدة على الأرض.

الخطوط الحمراء المصرية

وضعت مصر جملة من الخطوط الحمراء التى لا يمكن تجاوزها:

(١)عدم المساس بالسيادة المصرية أو أى محاولة لخرق المجال الجوى أو البرى شرق سيناء.

(٢)رفض التهجير القسرى للفلسطينيين إلى سيناء تحت أى ظرف، باعتباره تهديدًا مباشرًا للهوية الوطنية المصرية وللقضية الفلسطينية أو التهجير الطوعى عبر أراضيها.

(٣) رفض الوجود العسكرى الإسرائيلى المباشر فى المناطق القريبة من الحدود بما يخالف نصوص المعاهدة.

(٤) حق مصر فى تعزيز قواتها فى سيناء بما يتناسب مع التحديات الأمنية، خاصة بعد تصاعد تهديدات الإرهاب فى العقد الماضى. الموقف الاستراتيجى فى ظل الظروف الراهنة

فى ظل الخروقات الأخيرة، تحركت القاهرة على ثلاثة مستويات:

- دبلوماسيًا: عبر بيانات رسمية وتحركات فى مجلس الأمن لتأكيد التزامها بالسلام، مع التحذير من أن أى تجاوزات تهدد الاستقرار. - عسكريًا: من خلال تعزيز الوجود الأمنى والعسكرى فى المنطقة (وفق التنسيق المتكامل مع أطراف المعاهدة)، بما يعكس استعداد مصر لردع أى مغامرة.

- إعلاميًا: بالتصدى للروايات الإسرائيلية المضللة والمتمثلة فى (العمليات- الحرب) النفسية الموجهة ضد الدولة وتوضيح الموقف المصرى أمام الرأى العام العالمى والعربى.

التداعيات المحتملة

فى حال استمرار إسرائيل فى الخروقات أو محاولة فرض واقع جديد على الحدود، فإن السيناريوهات قد تتدرج من تصعيد دبلوماسى حاد وصولًا إلى إعادة النظر فى ترتيبات المعاهدة الأمنية.

 ورغم حرص القاهرة على الاستقرار، إلا أنها أوضحت أن أمنها القومى فوق أى التزامات ولديها العديد من أساليب الردع وفقًا لما هو معلن وغير معلن إذا راوحت الأمور مكانها.

خاتمة

إن تقدير الموقف الاستراتيجى يكشف أن مصر تقف عند مفترق طرق حساس، فهى متمسكة بالسلام كخيار استراتيجى، لكنها فى الوقت ذاته لا تسمح بتجاوزه على حساب سيادتها أو أمنها القومى. 

إن الحدود الشمالية الشرقية ليست مجرد خط على الخريطة، بل هى خط أحمر لا يمكن تجاوزه دون مواجهة حاسمة يدرك العدو الإسرائيلى جيدًا أن كلفتها ستكون باهظة .