الثلاثاء 2 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

الكوميديا الحقيقية فى مواجهة  الاستظراف

الهدف الأساسى من أى فن هو التسلية والمتعة، وهو هدف راقٍ استطاع مسلسل (اللعبة) تحقيقه. المسلسل تم عرضه من قبل على منصة «شاهد»، وحقق وقتها نسب مشاهدة عالية واحتفاءً كبيرًا من متابعيه.. إلا أن عرضه على شاشة التليفزيون منح الفرصة لقطاع عريض من المشاهدين، الذين لا يتفاعلون مع المنصات الرقمية، فنجح فى أن يرسم على وجوههم البسمة فى أوقات شديدة الصعوبة، لما يعانيه العالم كله من أحداث تداعيات فيروس «كورونا»، والحظر المنزلى المفروض عليهم، لذلك فقد كانوا فى أشد الحاجة إلى عمل خفيف ممتع يقدم لهم بهجة حقيقية.



 

كتابة الكوميديا على عكس تصوُّر الكثيرين، ليست سهلة؛ بل هى من أصعب أنواع الكتابة، ولذلك فشل كثير من الأعمال الكوميدية التى عرضت خلال شهر رمضان لأنها اعتمدت على الإفيهات المستهلكة والاستظراف المبالغ فيه، فى حين اعتمد «فادى أبوالسعود، محمد صلاح، إبراهيم صابر، وأحمد والى»  فى مسلسل (اللعبة) على كوميديا الموقف، والسيناريو المتماسك  والحوار الذكى. 

 

المسلسل بطولة الثنائى البارع «هشام ماجد وشيكو»، اللذين  نجحا منذ ظهورهما حتى بعد انفصالهما عن «أحمد فهمى» فى تقديم كوميديا مختلفة عن السائد، فأصبحت لهما منطقة كوميدية خاصة  لا ينافسهما فيها  أحد.

 

تقوم فكرة المسلسل  حول «وسيم - شيكو»، و«مازو- هشام»،  اللذين جمعتهما صداقة منذ الطفولة، إلا أنها صداقة تشبه صداقة «لوريل وهاردى»؛ حيث اعتادا على التنافس، والمراهنات  والمقالب المتبادلة لكسب النقاط، وظل التحدى بين الثنائى ممتدًا، حتى إن «مازو» تزوج من شقيقة زوجة «وسيم»، رُغم مساوئها الواضحة من أجل الاستمرار فى اللعبة، إلى أن تسببت إحدى هذه الألعاب فى إيذاء أحد الجيران، فتوقفا  عن اللعب. ثم بدأت اللعبة من جديد بسبب شخص مجهول «يتم الكشف عنه فى الحلقة الأخيرة»، يرسل إليهما هاتفين ويدخلهما من خلالهما  فى تحديات جديدة،  تبدأ بسيطة بالغناء فى الشرفة، ثم تزداد التعقيدات حتى تصل إلى القتل، مرورًا بكثير من التحديات التى تختبر أخلاقيات كل منهما.

 

ورُغم أن الحلقات يمكن مشاهدتها منفصلة؛ حيث تُمثل كل لعبة  حكاية متماسكة؛ فإن السيناريو نجح فى وضع خطوط درامية ممتدة ومتطورة مع تتابع الحلقات التى كان إيقاعها سريعًا ومشوقًا بفضل المونتيرة المتميزة «سلافة نور الدين»، ونجح المسلسل فى جذب الجمهور وإشراكه فى اللعبة من خلال التحيُّز لأحد المتنافسين.

 

وقد نجح  «هشام ماجد» بخفة ظل فى تجسيد  دور الشاب المستهتر الفاشل، الذى يفكر فى تحقيق مكسب مادى سريع،  وينحى أخلاقة جانبًا، وكان دور الشاب الناجح الطيب المحب متماشيًا جدّا مع شخصية «شيكو» والتفاصيل التى أضافها لها من طريقة ملابس وشكل الشعر.

 

وكعادتهما لم يكتفيا «هشام وشيكو» بوجودهما؛ بل استعانا بمجموعة من الموهوبين، وكانت الشخصيات مرسومة بعناية؛ وبخاصة  «سامى مغاورى وعارفة عبدالرسول»،  فى ثنائى متناغم يبعث على الضحك مع كل مشهد، وليس غريبًا عليهما فهما فنانان قديران من مدرسة المسرح الحقيقى. وكانت «ميرنا جميل» مفاجأة المسلسل  فقدمت مع «شيكو» نموذجًا رائعًا للزوجين اللذين يعملان فى مكان واحد ولكنهما يفصلان  تمامًا بين العمل والمنزل، فى فكرة جديدة قادرة على تفجير الضحك.

 

أمّا «مى كساب» فقد كانت الوحيدة التى جاء أداؤها مفتعلًا؛ خصوصًا فى الحلقات الأولى، وإن كان أداؤها قد تحسّن بعد ذلك مع تطور الشخصية.. وقدم «أحمد فتحى» بخفة ظل أيضًا  شخصية مدرس الموسيقى، والمطرب الفاشل، وكان «أوتاكا» متميزًا فى دور البواب،  بينما كرر «محمد ثروت» تقديم «الكاراكتر» نفسه الذى يقدمه فى كل أعماله، وإن كان استغلاله كان جيدًا فى هذا المسلسل.

 

كانت الاستعانة ببعض ضيوف الشرف موفقة مثل «محمد سلام» الذى كان وجوده مثالًا لتواجد ضيوف الشرف الذين يضيفون للعمل.

 

ومن أحد أهم العناصر التى ساهمت فى نجاح هذا المسلسل، موسيقى «عادل حقى»،  بداية من موسيقى  التيتر المبهج والمعبر عن أحداث المسلسل، ثم الموسيقى التصويرية التى ساهمت فى إضفاء جو الكوميديا والتشويق.

 

كل هذه العناصر مزجها المخرج «معتز التونى»  وقادها بنجاح ليقدم عملًا ينتمى إلى الكوميديا الحقيقة التى افتقدناها كثيرًا .>