الأحد 19 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

منح دراسية مع إيقاف التنفيذ!

أحداث درامية سريعة ومتوالية شهدها العالم منذ بداية العام الجارى، بسبب فيروس «كورونا»، الذى ضرب دول العالم، وفرض عليها عزلة إجبارية، أوقفت جميع نواحى الحياة الاجتماعية والاقتصادية والترفيهية، وألغت جميع الخطط المستقبلية لمواجهة ذلك الوباء الذى يهدد حياة الملايين، وهدد أحلام عشرات الآلاف من الشباب فى السفر والدراسة حول العالم.



 

شباب كثيرون باتت أحلامهم تحت رحمة «كوفيد 19»، فبَعد الموافقة على منح دراسية طال انتظارها، ومغادرة بلدانهم وهم يضعون السيناريوهات للمستقبل القريب،  لكن الفيروس المستجد أوقف كل شىء، حتى العودة لأرض الوطن بات ضمن الأحلام التى يرغب فى تحقيقها اليوم. 

إسبانيا

 

 مع ختام 2019م، تخرجت «رحمة محمود»،  فى كلية الألسن جامعة عين شمس، قسم اللغة الإسبانية، لكن شغف التعلم لم يقف هنا، فقدمت على عدة منح لتتمكن من السفر واستكمال تعليمها، وابتسم لها القدر: «حصلتُ على منحة كاملة تابعة لمؤسّسة «نساء من أجل إفريقيا»، وهى منظمة إسبانية لدعم المرأة الإفريقية ومقرها مدريد، وأدرس حاليًا دبلومة لغة وحضارة إسبانية بجامعة لا ريوخا - إسبانيا». 

 

 حصلت «رحمة» على المنحة فى أغسطس من عام 2019م، واستقلت طائرتها فى أكتوبر الماضى، وكانت الخطة أن تُنهى دراستها يونيو المقبل لكن الأمور لم تسِر كما خُطط لها: «بدأ المرض فى الانتشار منذ منتصف فبراير،  كان الوضع فى البداية طبيعيّا إلى حد ما، ولكن سرعان ما انتشر المرض بسرعة، وكانت الأزمة تكمن فى أن الأغلبية غير ملتزمين بإجراءات الوقاية، كان هناك عدم وعى واستهتار رُغْمَ رؤية الوضع فى الصين وإيطاليا، حتى الحديث عن الأمر كان قليلًا بينهم، وإذا وجدوا شخصًا مرتديًا الماسك الطبى كان يُقابَل بالسخرية من الجميع، بالإضافة إلى أن قرارات الحكومة خرجت متأخرة». 

 

على مستوى الجامعة، لم يتم الحديث عن المرض فى البداية رُغم تسجيل عدد كبير فى الإقليم الذى تدرس به، كانت تعليقات جميع المحاضرين على مخاوف الطلاب سلبية « تلبسوا كمامة ليه؟!  دور برد عادى، بلاش تقلقوا نفسكم على الفاضى»، لكن فى يوم 9مارس 2020م، قررت الحكومة الإسبانية تعطيل الدراسة.

 

بعد سماع الخبر انهارت «رحمة» بالبكاء وأصابها الإحباط؛ خصوصًا أنها  طالبة لغة وعليها ممارستها والتعامل مع أهل الدولة نفسها: «كان قرار المنع إحباطا كبيرًا لى ومن بعده قرار عزل الدولة بالكامل، أخذتُ كل التدابير الوقائية للحفاظ على نفسى وقمتُ بشراء كمية كافية من الطعام حتى لا أقوم بالخروج أكثر من اللازم، كان قلقى الأكبر حين أُعلن عن أن مستشفى العزل الصحى سوف يكون بجوار محل سكنها، وعندما تم الإعلان عن اشتباه بوجود حالة مصابة بمقر السكن الجامعى». 

 

«مصر تفوقتْ»، كانت هذه رؤية الوضع بالنسبة لرحمة حين قارنت بين قرارات مصر وإسبانيا للوقاية: «فى مصر تم صدور قرارات حكومية للسيطرة على الوضع سريعًا، وهناك جزء من الشعب المصرى على وعى بخطورة الأزمة، وهذا شىء ضرورى جدّا فى المرحلة الحالية، أمّا فى إسبانيا فتم صدور القرارات بعد تسجيل الحالة 5000، بالإضافة إلى أن الشعب الإسبانى أصبح ملتزمًا منذ أسبوعين، أى بعد وصول الحالات إلى 50 ألف حالة إصابة». 

 

بعض القرارات لفتت أنظار «رحمة» خلال تواجُدها بالخارج، تمنت لو طُبقت بمصر: «يجب ضرورة زيادة ساعات حظر التجوال والتركيز بشكل كبير على الأماكن ذات الكثافة السكانية، إضافة إلى ضرورة تطبيق قرار «الخروج بمفردك»، ففى إسبانيا ممنوع أن يتواجد شخصان فى السيارة نفسها أو أن يتم خروج شخصين أو تجولهما سويّا».  

 

وضعت الجامعة الإسبانية التى تدرس بها الفتاة العشرينية خيارًا للتعلم عن بُعد، عقب توقف الدراسة أسبوعًا، ولكن كان غير ناجح بنسبة كبيرة، للضغط الكبير على شبكة الإنترنت فيتم توقف البث أثناء المحاضرة مرّات عديدة، وخيار العودة، بات أمرًا صعبًا تنفيذه: «لم أتمكن من العودة؛ لأن انتقالى من مكان تواجُدى إلى مطار مدريد الدولى به معدل خطورة كبيرة؛ حيث يبعد عن محل سكنى بمقدار 6 ساعات، وسأمُرّ على أقاليم بها عدد إصابات كبيرة جدّا، لذلك قررتُ عدم العودة، حاليًا وأستكمل دراستى عن بُعد، وسوف أنتهى منها فى نهاية شهر مايو المقبل». 

 

أمريكا

 

يدرس «ع. ل» فى الولايات المتحدة الأمريكية، عقب حصوله على منحة أمريكية فى مجال التصميم والجرافيك، مدتها عام كامل: «أجرى القائمون على المنحة المقابلة الشخصية معى فى يناير 2019م، وعقب إجراءات طويلة تمكنتُ من السفر فى يوليو من العام نفسه». 

 

كانت الحياة مستقرة، تُشع أملًا فى مستقبل جديد، لكن تبدل الموقف فى أيام معدودة: «أمريكا ضمن الدول التى تأخرت فى اتخاذ القرارات، كنا نذهب إلى الجامعة عادى، حتى 3 أسابيع ماضية، ولم تتخذ أمريكا أى إجراء، وهونت الحكومة من الأمر؛ لأن الأعداد كانت بسيطة، حتى بدأت الحالات فى الانتشار بالجامعات، من ضمنهم حالتان من الجامعة التى أدرس بها، وازداد الأمر سوءًا بالنسبة للولاية كلها، وتبدَّل المشهد الحالم تمامًا». 

 

الحصول على أمل، كانت تلك رغبة «ع» والطلاب حوله لاستكمال دراستهم: «تعلقنا بإشاعة ظهرت أن الفيروس سينتهى مع مطلع الصيف، لكن الأمر كان يسوء بالولايات يومًا بعد يوم، حتى تم توجيه الجامعة لوقف الدراسة يوم 15مارس لمدة أسبوعين، وكان هناك استعداد كافى لفكرة الدراسة الأون لاين».

 

أُغلفت جميع الجامعات فى أيام، أمّا عن المشهد فى السوبر ماركت، فكان يشبه المجاعات: «تم القضاء على البضاعة الموجودة بالسوبر ماركت فى لمح البصر، وتشاجر المواطنون مع بعضهم لأخذ البضاعة، وسقطت ولايات مثل نيويورك ونيوجيرسى فى أزمة كبرى بسبب ارتفاع أعداد الحالات». 

 

أمريكا لا تخطأ الخطأ نفسه مرتين.. هكذا رأى «ع» الأمرَ حين حاولت الحكومة السيطرة على الأمر: «اهتموا بالوضع عقب الانتكاسة بالبداية، وصرفوا التأمين الصحى، وأموالًا خاصة بنا كإعانة، وخاطبنا السفارة المصرية للعودة، لكن العودة صعبة؛ لأن السفر لمصر يتطلب الانتقال لمنطقة موبوءة أولًا ثم العودة إلى مصر من خلالها، وكان وقتها الحجر الصحى على حسابنا قبل قرار الدولة الآن، وسبب عدم عودتى يرجع فى المقام الأول أننى غير مطمئن على سلامتى وسط الانتقالات». اتخذ «ع» التعليم الأون لاين نهجًا فى ظل الوضع الراهن ليستكمل دراسته: «الأون لاين هنا كان مريحًا جدّا، جودته قوية والخامات المستخدمة مريحة للطلاب، والأمر مستمر بشكل عادى وسأنهى المنحة فى موعدى عادى، لكن الوضع مقلق قليلا بسبب انتشار المرض حولى، لكن الحكومة تحاول السيطرة من خلال فرض الحظر على مدن كثيرة، وأصدرت قرارًا بأن أى طالب يحتاج أموال الحكومة ستساعده وتعطيه، وهو الأمر الذى جيد لطلاب كثيرين يستكملون دراستهم دون عودة». 

 

 

اليابان

 

«التغيرات البيئية الآثارية».. كانت تلك طبيعة دراسة مرحلة الدكتوراه للباحثة «ندى زين الدين» فى اليابان، التى كان من المفترض أن تستمر من 3 إلى 4 سنوات، إضافة لعملها إخصائى GBS فى الهيئة العامة للمساحة، سافرت «ندى» فى سبتمبر 2018م حتى انتشر المرض فى نهاية 2019م الماضى. 

 

انتشر المرض ببطء فى اليابان، لكنه كان بشكل ملحوظ فى طوكيو؛ لأن طبيعة الفيروس التواجد فى المناطق التى تميل للبرودة قليلًا: «بدأت اليابان اتخاذ قرارات سريعة، على رأسها القرارات الدراسية، فكثفوا لنا الدراسة، وأجروا الامتحانات سريعًا لنتمكن من العودة قبل انقلاب الوضع، إضافة لتخفيف الحمل على المبانى، حتى توقفت الدراسة تمامًا فى 19مارس الماضى». 

 

عادت «ندى» لأرض القاهرة فى 19مارس عقب توقف الدراسة، وينقصها مادة واحدة ستحصل على امتحانها من خلال السفارة اليابانية يوم 12إبريل الجارى: «الاستقبال فى المطار من قِبل الطاقم الطبى فى مصر كان مشرفًا جدّا، اهتموا بوصول الطائرة، وأجروا لنا الكشوفات اللازمة، وتابعوا معنا قرابة 4 أيام من الوصول على الهاتف للاطمئنان عن حالتنا الصحية». 

 

تنتظر «ندى» الانتهاء من الأزمة فى أسرع وقت ممكن حتى تتمكن من العودة ومتابعة دراستها: «لن أتمكن من متابعة دراستى من القاهرة، فلدى دواء أنتجته لمعالجة انتشار النمل الأبيض الذى يتلف الآثار، يجب تجريبه ومتابعة العمل عليه ولا يمكننى استكماله إلا عقب انتهاء كل شىء يحدث بالعالم حاليًا؛ حيث إن موعد عودة الدراسة فى أغسطس المقبل، لكننا لا نعلم ماذا سيحدث حتى الآن».