شورى «سوتيه»!
عصام عبد الجواد
غائبون.. مغيبون.. لا يقرأون أو يستوعبون.. يلهثون وكأنهم مع الزمن يتسابقون، إذ فى سابقة تشريعية لم تحدث فى تاريخ أى من المجالس النيابية، يحسم مجلس الشورى «مارس» الجارى أمر 52 قانونا مرشحاً جميعها للإقرار دون أدنى تقدير لأولويات الساحة السياسية!
ففى الوقت الذى باتت خلاله محافظات كاملة، مثل بورسعيد والسويس والإسماعيلية والمنصورة والمحلة خارج نطاق السيطرة الحكومية، وأصبحت - تقريبا - تدير نفسها بنفسها، لم يعقد الشورى اجتماعا واحدا لحل مشاكل هذه المحافظات أو لمناقشة الأسباب الحقيقية التى أدت إلى هذا الاحتقان الرهيب، ولم يكترث كذلك بعمليات القتل والسحل والتعذيب التى تتم بشكل يومى تقريبا داخل ميادينها، مكتفيا بعقد جلسة وحيدة لمناقشة أحداث بورسعيد وإعادة تحويلها لمنطقة حرة!
ثم عاد إلى جدول الأعمال الذى ينصب بأكمله على مناقشة القوانين التى لا يعرف ولا يسمع عنها المواطن ولا تهمه فى الوقت الحالى، مثل قانون حماية الشهود المرتقب مناقشته مارس الجارى، بعد أن أحالته حكومة «قنديل» إلى المجلس إلى جانب الـ 52 مشروعا بقانون الآخرين!
وكانت اللجنة العامة بمجلس الشورى برئاسة د. أحمد فهمى رئيس المجلس قد استعدت لتوزيع هذه القوانين على اللجان المختلفة لمناقشتها قبل عرضها على الجلسة العامة للمجلس، خاصة بعد أن اكتفت لجنة الشئون التشريعية بمجلس الوزراء بمناقشة هذه القوانين فى الفترة الماضية.. وبدأت بالفعل فى إرساء البعض منها مثل قانون «حق التظاهر» الذى بدأت فى مناقشته ثلاث لجان دفعة واحدة!
إذ سبق أن أصدر ««فهمى» قرارا بتكوين لجنة خاصة لمناقشة هذا القانون من لجنة الشئون الدستورية والتشريعية برئاسة محمد طوسون، ولجنة حقوق الإنسان برئاسة الدكتور إيهاب الخراط، ولجنة الشئون العربية والخارجية والأمن القومى برئاسة رضا فهمى، فضلا عن رؤساء الهيئات البرلمانية.
وبدأت بالفعل اللجان الثلاث مناقشة القانون وكذلك أيضا إحالة لجنة للتشريع بمجلس الوزراء قانون الصكوك الإسلامية والذى بدأت فى مناقشته لجنة الشئون المالية والاقتصادية يوم الثلاثاء الماضى برئاسة محمد الفقى رئيس اللجنة وأعضاء اللجنة بعد أن قررت اللجنة فتح باب المناقشة للخبراء والمهتمين بالقانون من أساتذة الجامعات والسياسيين.
ومثال أيضا قانون الإدارة المحلية الذى ينظم عمل المجالس المحلية وكيفية اختيار الأعضاء ورئيس المجالس المحلية.. ومن المنتظر أن يثير بدوره جدلا واسعا خلال مناقشته أو حال إقراره!
وكذلك قانون تداول المعلومات الذى انتهت منه وزارة العدل برئاسة المستشار أحمد مكى، الذى أشرف عليه بنفسه.. ويتكون من 6 مواد، لكن الأخطر فى هذه القوانين هو قانون ميثاق الشرف الإعلامى والصحفى الذى بدأت لجنة الثقافة والإعلام والسياحة برئاسة المهندس فتحى شهاب الدين مناقشته الأسبوع الماضى.. وهو القانون الذى شهدت الجلسة على خلفيته مشادة عنيفة بين أعضاء اللجنة ومقدم مشروع القانون حمادة بسيونى، بعد أن اكتشف الأعضاء أن هذا القانون سوف يحد من حرية الإعلام!
ويضاف إليه قانون الجمعيات الأهلية المرفوض من كل منظمات المجتمع المدنى المصرية لتقييده حرية إنشاء الجمعيات الأهلية.
قانون العمل أيضا يشهد معارضة شديدة من عمال مصر، وكذلك قانون حماية الشهود الذى انتهت منه أيضا لجنة التشريع بمجلس الوزراء، ومن المنتظر إرساله إلى مجلس الشورى نهاية هذا الشهر، إذ ينص على أن تتكفل الدولة بحماية الشهود والخبراء والمبلغين فى الجرائم الجنائية وذويهم حتى الدرجة الثانية وكذلك قانون استقلال القضاء الذى سوف يشهد معارضة شديدة فى ظل أزمة القضاء والنائب العام مع مؤسسة الرئاسة.. وأيضا قانون الإجراءات الجنائية، الذى من المحتمل إقراره خلال الجلسة المقبلة حتى يتم التصديق عليه ليمنع خروج الرئيس السابق حسنى مبارك من السجن فى شهر ابريل المقبل.
وقانون المجلس القومى للتعليم وقانون الرياضة وعدد من القوانين الاقتصادية التى سوف تشهد جدلا حادا هى الأخرى.
من جانبه أكد محمد طوسون رئيس لجنة الشئون التشريعية والدستورية بأن مجلس الشورى لا دخل له بهذا الأمر، إذ يناقش مجلس الوزراء أو بعض القوانين التى تقدم للمجلس من خلال الاقتراحات من الأعضاء أو الأحزاب.
وأغلب هذه القوانين - بحسب طوسون - يحتاجها المجتمع فى الوقت الراهن ولا يتم أبدا سلق القوانين كما يتصور البعض.. وإذا كانت هناك عجلة فى بعض القوانين مثل قانون الانتخابات فذلك لأن الوقت ضيق، والبلاد تحتاج البرلمان على وجه السرعة، حتى تكتمل مؤسسات الدولة!
بينما قال صبحى صالح عضو مجلس الشورى وعضو لجنة الشئون التشريعية والدستورية إن مجلس الشورى يعمل وفق منظومة محددة ويحاول بكل طريقة مساعدة الحكومة فى إنجاز بعض القوانين التى تحتاجها للعمل بها ومساعدة المجتمع فى إصدار القوانين التى يحتاجها لإتمام عملية التحول الديمقراطى بعد ثورة 25 يناير.
وأضاف صالح - على حد تعبيره: لا أعرف سببا واحدا لاتهام مجلس الشورى بسلق القوانين فكل القوانين التى صدرت والتى سوف تصدر تتم مناقشتها فى لجان المجلس ويتم التصويت عليها فى لجان المجلس أيضا، ثم بعد ذلك يتم عرضها على الجلسة العامة للمجلس لمناقشتها فقرة فقرة أو بندا بندا.
وتابع: على سبيل المثال قانون الانتخابات نوقش فى لجنة الشئون التشريعية فى عدة جلسات وفى المجلس نفسه فى عدة جلسات وتم إرساله إلى المحكمة الدستورية وعندما أعيد للمجلس أعاده رئيس المجلس الدكتور أحمد فهمى إلى لجنة الشئون التشريعية وبعد ذلك تمت إعادته إلى المجلس لعمل التعديلات اللازمة والتصويت عليها، وهذا القانون الكل يعلم أنه مهم لهذه المرحلة ويجب علينا الانتهاء منه!