عندما يصبح المستحيل ممكنا!

لافتة معلقة على واجهة أحد المحال ملونة الإطارات على بوابة شارع مصر بمنطقة السادس من أكتوبر تحمل عبارة «اسع كما لو أنه من المستحيل أن تفشل».. وحدها كفيلة بالتعبير عما يدور من حركة خلف تلك البوابة الصغيرة، السعى كان عنوانًا ونهجًا لعدد من الشباب، قرروا خوض تجربة المخاطرة من أجل مستقبل أفضل، لم تكن الوظيفة الثابتة هدفهم يومًا، فرغم اختلاف الشهادات التى حصلوا عليها بين التعليم المتوسط والجامعى، فإنهم أجمعوا على أن إدارة العمل هى القانون الفائز اليوم.

العديد من شباب مشروع شارع مصر بأكتوبر والذى افتُتح رسميا مؤخرًا، يحملون خلف الأبواب الصغيرة أحلامًا كبيرة، بأن تتوسع مشاريعهم البسيطة إلى مشاريع كبرى وتكون لهم عدة فروع فى مختلف محافظات مصر، ويعطون نظراءهم الشباب أملًا فى البحث والسعى، حتى لا يكونوا رقمًا فى إحصاء العاطلين، مثلما أعاد شارع مصر الحياة إلى أهم مناطق مدينة السادس من أكتوبر.

بداية القصة

فى يوليو الماضى، تم فتح باب تلقى طلبات الشباب الراغبين فى الحصول على أماكن فى مشروع شارع مصر بأكتوبر، فى الفترة من 10/7/2019 إلى 1/8/2019 باشتراطات وضوابط محددة منها: أن تتراوح السن فى 10/ يوليو 2019 بين 21 و40 عامًا، وأن يكون محل الإقامة مدينة 6 أكتوبر، وعدم تغيير النشاط إلا بعد الحصول على موافقة كتابية من جهاز مدينة 6 أكتوبر، مع الالتزام بعدم العمل بالقطاع الخاص أو العام أو الحكومة، وأن يكون المتقدم غير مؤمن عليه، مع الالتزام بإخلاء الموقع المصرح به فور إنهاء التصريح من جهاز المدينة، ويحظر تشغيل السماعات ومكبرات الصوت، ويشترط تقديم صحيفة الحالة الجنائية، والحفاظ على مستوى النظافة مع توفير سلة للنظافة، والالتزام بتوفير زى موحد للعاملين. القرعة أُجريت علنيًا على المشروع فى 8 سبتمبر 2019، بين المتقدمين والذين بلغ عددهم 300 شاب على موقعين تم إجراء القرعة عليهما. الأول منطقة المعاهد بجوار مدينة الثقافة والعلوم وتم اختيار 50 فائزًا و45 متقدمًا فى قائمة الانتظار فى حالة إخلال أى من المتقدمين الخمسين بالضوابط والاشتراطات. فى الأيام الأولى من العام الجارى،2020، افتتح المهندس شريف الشربينى، رئيس جهاز مدينة 6 أكتوبر، الموقع الأول لمشروع شارع مصر- شباب أكتوبر، والذى يضم50 شابًا ومثلهم فتيات، وقع عليهم الاختيار لتمثيل مشروعات شباب أكتوبر الصغيرة، بين محال الاكسسوارات، العصائر، الطعام والتوابل وغيرها، تنوعت معروضات المحال والتى تقدم منتجاتها بأقل التكاليف، إضافة لخصومات وهدايا من أصحاب الأكشاك الصغيرة للزوار بمناسبة الافتتاح.

 

يوم الافتتاح

ورغم أن الطقس لم يكن فى أفضل حالاته يوم الافتتاح، حيث الـ«الزعابيب الشتوية» أعلنت تواجدها؛ رياح شديدة وأمطار غزيرة، لكن الأمر لم يمنع «عبير» من الذهاب رفقة أطفالها لحضور عروض افتتاح شارع شباب أكتوبر، ففرق الفنون الشعبية والتنورة وغيرهما من الفقرات، كانت دافعًا لاصطحاب أطفالها لقضاء يوم جيد، مع توافر الطعام والشراب المنوع والمُسعر بشكل جيد فى حالة الشعور بالرغبة فى التناول: «قرأت إعلان افتتاح الشارع على جروب 6 أكتوبر على الفيس بوك، تواصلت مع الصفحة المختصة بتنظيم اليوم، وعلمت أنه سيكون هناك عروض جيدة وفقرات يشاهدها الأطفال، وألعاب أيضًا، فأحببت الفكرة، وقررت قضاء اليوم هناك، وبالفعل أبنائى منبهرون جدًا». أما «أحمد» فتواجد مع غروب الشمس رفقة زوجته وشقيقته بعد مشاهدة «ايفنت» الحدث على موقع التواصل الاجتماعى فيس بوك: «المكان لطيف جدًا، والطعام جودته هائلة، والفكرة جديدة بـ6 أكتوبر، فأصبح مكانًا جيدًا للتنزه مع الأصدقاء فى مساحة قريبة من حدود السكن، حيث كنا فى الأغلب نخرج من المدينة لنجد مكانًا جيدًا لتناول الطعام أثناء أى نزهة، سواء كانت مع العائلة أو الرفاق، فقرب الشارع هكذا كان خبرًا مبهجًا جدًا».

 

شاى.. قهوة.. حلويات

 بطلة تقليدية وحجاب وجه قصير، وقفت رِهام أمام كشك صغير، مزين بألوان فاتحة، ومقولات بعضها كوميدى والبعض الآخر يصنف فى بند مواعظ الحياة، وفى الواجهة كانت قائمة أسعار تدل على ما ينتجه المبنى القصير «شاى،قهوة، حلويات»، فلم يكن شارع مصر وليد مشروع رِهام، قبل سبقته من خلال التسويق عبر الإنترنت، منذ بضع سنوات، وحالفها التوفيق، وقرأت إعلان شارع مصر فى مراحله الثلاث الجديدة، وقررت خوض التجربة والتقديم، رغم عدم رؤية نماذج سابقة للشارع فى أماكن أخرى، إلا أن ذلك لم يمنعها من التسجيل، لاسيما أن تكلفة المشاركة كانت مناسبة لميزانيتها، وإيجار مناسب، ومرافق جيدة، إضافة لدعم جهاز التنمية.

مفروشات مدام نسمة

 «مدام نسمة» كانت صاحبة المساحة الأبرز بشارع مصر، مفروشات مزخرفة متعددة الألوان طفت على واجهة المكان الذى اتخذته للعمل به، إضافة لمجموعة من الاكسسوارات ذات التكوين اليدوى الواضح: «عملى كله هاند ميد من الأقمشة، مفروشات، واكسسوارات، وأنتيكات، سجاد يدوى،إضافة لبعض أعمال الفخار والحقائب؛  حيث أعمل منذ 15 عامًا فى تلك المهنة مع مجموعة من العاملين والمساعدين، لكن هذه أول مرة يكون لى مكان خاص أتمكن من عرض مشغولاتى به، خاصة أننى أعمل بهذا فى شيء أحبه وأستمتع به، خاصة مع تسهيل المرافق والكهرباء». المكتبة، كانت المكان الذى جذب الأطفال بنسبة كبيرة يوم الافتتاح؛ حيث تواجدت الألعاب المختلفة، متنوعة الألوان والأحجام على واجهتها، فتردت الأسر عليها بشكل ملحوظ، إضافة للأسعار الجيدة التى تقدمها المكتبة بمناسبة الافتتاح، وتنوع المعروضات، من إسكتشات التلوين والرسم، والأحبار المتعددة، وألعاب الأطفال القطنية والعرائس، ومكاتب صغيرة لجلوس الأطفال فى سن الطفولة المبكرة.

نكهات مميزة

أطباء بين تخصص الأسنان والرعاية التنفسية، كانت تلك كُنية «حازم وأحمد» أصحاب عربة لتقديم المأكولات السريعة لسكان أكتوبر: «وجدنا فى العروض المقدمة من جهاز تنمية السادس من أكتوبر فرصة لا يمكن تفويتها لعمل مشروع خاص، فنحن نقدم الطعام بشكل مبتكر شيئًا ما، حيث نقدم على سبيل المثال «البرجر» دون إضافات، ويضع الزبون الإضافة التى يريدها بيده من خلال «أنبوبة حقنة»، إضافة لبعض السندويتشات التى تعتبر ابتكارًا خاصًا بمحلنا، فرغم قلة عدد السندويتشات المعروضة بالمنيو؛ فإنها ذات جودة جيدة جدًا، يستحسنها الزائر، ونأمل فى تطور الأمر، مشيرين إلى أنهما لم يتركا الطب، ولكن المشروع لإرضاء الشغف جانب مهنتهما الأساسية».