الثلاثاء 6 مايو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

الضرائب التصاعدية سوط المالية لإفقار المصريين

الضرائب التصاعدية  سوط المالية لإفقار المصريين
الضرائب التصاعدية سوط المالية لإفقار المصريين







«سياط الضرائب» لن تتوقف عن جلد المصريين... و«كله بالقانون» بعد استلاب سلطة الموافقة عليها من مجلس الشعب وإلقائها فى «حجر الحكومة» بنص المادة 23 من مسودة دستور مصر التى نصت على أن يقوم نظام الضرائب والتكاليف العامة على العدالة الاجتماعية أداؤها واجب... ولا يكون فرضها ولا إلغاؤها ولا الإعفاء منها ولا تكليف أحد بأداء غير ذلك إلا فى حدود القانون هو نص يعيد مصر مرة أخرى لعصر الجباية الضريبية، فبعد حملات يوسف بطرس غالى «مصلحتك أولا».. سيصبح شعار حكومة حزب الحرية والعدالة الحصيلة أولا.. فالغاية عندهم تبرر الوسيلة.
 

 
لا ننكر أن الحكومة الحالية.. التى من المفترض أن تكون حكومة حزب الأغلبية «الحرية والعدالة» تواجه مأزقا صعبا لتزايد عجز الموازنة العامة للدولة بمعدلات غير مسبوقة.. يتوقع أن تصل بنهاية العام الجارى إلى 182 مليار جنيه.. فيما توقع بعض المحللين الاقتصاديين أن يقفز هذا العجز إلى 234 مليار جنيه مع استمرار حالة التراجع فى أرباح الشركات.. وتعثر الأداء الاقتصادى بسبب الإضرابات والمطالب الفئوية.
 
واستمرارا لنهج حكومى ألفناه لثلاثة عقود مضت أن تدفع قاطرة سياساتها وقراراتها الاقتصادية بإشارة لليمين ثم تفاجئ الشعب بالاتجاه يسارا.. أعلن د. هشام قنديل خلال افتتاحه جلسة التداول بالبورصة أنه لا نية لفرض أى ضرائب عليها.. ثم يفاجئ الجميع بما أعلنته وزارة المالية من فرض حزمة من التعديلات الضريبية الجديدة منها فرض ضرائب على طرح الشركات لأول مرة مما يقلل من جاذبية البورصة كأداة للتمويل بالإضافة إلى تطبيقها على الشركات فى حالة إجرائها أى تعديل فى هيكلها الأساسى عند إعادة تقييم الأصول لتخضع الأرباح الرأسمالية الناتجة عن التقييم الجديد للضريبة سواء تم ذلك بالاندماج أو التقسيم.. وهو ما قد يؤدى إلى التلاعب فى قيم أصولها لتفادى دفع الضريبة.
 
وبدعوى تحقيق العدالة الاجتماعية اجتزأ ممتاز السعيد وزير المالية من البرنامج الاقتصادى لحزب الحرية والعدالة فيما يخص السياسة المالية البند السادس الخاص بإعادة النظر فى منظومة الضرائب المصرية بما يزيد من الإيرادات العامة لمواجهة متطلبات الإنفاق المتزايد.. وهى عبارة مطاطة تم تفسيرها من خلال تصريحات إعلامية تشير إلى زيادة ضريبة المبيعات لتصبح 11٪ وتسرى على جميع السلع والخدمات مع استثناء خدمة الاتصالات من التعديل التشريعى الجديد لتصبح 15٪ وتحصيل قرش عن كل دقيقة اتصال وكل رسالة يجريها من هاتفه المحمول.
 
تتفاوت الزيادات المرتقبة - التى يراهن السعيد على ألا تمس عموم الشعب المصرى وخاصة محدودى الدخل بفرض ضريبة 11٪ على جميع أنواع حديد التسليح والأسمنت المقاوم للمياه - سيارات الركوب، البن.. والمياه الغازية وغيرها، قائمة طويلة من السلع والخدمات.. وبالتالى لن يدهشك ارتفاع ثمن ساندوتش الفول والطعمية إذا ما طبقت هذه الزيادات.. أو طالبك «الحلاق» برفع الأجرة.. وطبعا دون أن تحصل من أى ممن يقدمون هذه الخدمات على ما يفيد سداد الضريبة التى سندفعها جميعا صاغرين.. وفقا لناموس جماعة الإخوان المسلمين «السمع والطاعة».
 
فيما يتم التغافل عما تضمنه برنامج الرئيس محمد مرسى الانتخابى الذى أعلن من خلاله عدم فرض أية أعباء ضريبية على المنتج أو المستهلك فى العام الأول حتى لا يؤثر ذلك سلبا على الحصيلة الضريبية.. خاصة مع حالة التباطؤ الشديد فى أداء الاقتصاد المصرى الذى يعانى من تدهور حاد فى حجم الاستثمارات الأجنبية واختلال فى هياكله الإنتاجية وركود يضرب جميع الأنشطة بما فيها المأكولات والمشروبات.
 
تتغافل الحكومة أيضا عن تعهد بزيادة حد الإعفاء الضريبى إلى 18 ألف جنيه خلال 3 سنوات تبدأ بـ12 ألف جنيه خلال العام الأول.. تزاد إلى 15 ألف جنيه فى العام الثانى.
 
وبدلا من أن تلاحق حالات التهرب الضريبى خاصة فى قطاع المهن الحرة والبحث عن سبل ملائمة لدمج اقتصاد «بئر السلم» فى منظومة الاقتصاد الرسمى.. لجأت إلى الحل الأسهل «الجباية» بإعادة توزيع الشرائح الضريبية تصاعديا بما يتماشى مع مستويات الدخول على 5 شرائح.. الأولى بتحصيل 10٪ من صافى الدخل لأكثر من 5 آلاف جنيه حتى 20 ألف جنيه ترتفع إلى 15٪ حتى 40 ألف والثالثة فرض 20٪ لمن جاوزها حتى مليون جنيه تزاد إلى 22٪ حتى 10 ملايين جنيه و25٪ لمن زاد عن ذلك.
 
لم تستفد حكومة قنديل من نصائح من سبقوها ومنهم د. حازم الببلاوى نائب رئيس الوزراء السابق والخبير الاقتصادى الدولى الذى أكد فى تصريحات سابقة أن رفع سعر الضريبة يمثل آخر الموضوعات فى مجال إصلاح المنظومة الضريبية... بل إنه يرى أن الأولوية التى يجب أن توليها الحكومة اهتماما خاصا.. رفع نسبة تحصيل الضرائب المستحقة للدولة التى لا تتجاوز حاليا 18٪ بينما المتوسط العالمى 30٪.
 
شطارة
 
يؤكد المهندس حسين صبور رئيس جمعية رجال الأعمال المصريين أن الرأى الرسمى لأعضائها - بعد مناقشات مستفيضة حول التعديلات الضريبية الجديدة.. أنه خطأ حكومى جديد لن يفيد فى سد عجز الموازنة.. وسيؤثر بلا شك على جاذبية السوق المصرية أمام الاستثمارات الجديدة محليا وإقليميا ودوليا.
 
فالمستثمر - والكلام لصبور - أمام العالم من فيتنام لأمريكا الجنوبية... سيبحث عن الدولة المضيفة لاستثماراته وفقا لما تقدمه من مميزات وتيسيرات مالية وفنية وحكومية.. ومن الأجدى أن تبرز الحكومة «شطارتها» فى تحصيل الضرائب المستحقة من المتهربين.. وهم أكثر من نصف المجتمع.. ويضرب مثالا واضحا «بمنشية ناصر» التى تعج بمئات الورش والمصانع الصغيرة التى تعمل وتكسب بدون ضرائب.
 
يفجر م. حسين صبور مفاجأة بكشفه عن رأيه الشخصى كرجل أعمال ممارس للعمل الاقتصادى منذ أكثر من 40 عاماً.. ويرأس واحدة من أكبر الشركات العقارية.. بقوله.. يجب أن يضحى الأغنياء فى مصر بقبول زيادة الضرائب ولو مرحليا حتى ينصلح حال الاقتصاد المصرى.
 
فيما يرى المحاسب القانونى أيمن الحكيم أن أمام الحكومة فرصة لا تعوض لتدبير موارد مالية آنية إذا ما قامت المحليات بتقنين الأوضاع القانونية للمخالفات سواء فى المبانى أو المحال التجارية والكافيهات.
 
ففى حى مدينة نصر على سبيل المثال عشرات الآلاف من الأنشطة المخالفة غير المقننة حتى الآن.. يتعطش أصحابها لدخول مظلة الاقتصاد الرسمى والحصول على تراخيص بناء رسمية أو سجلات تجارية.. تريحهم من مافيا الرشاوى التى تطاردهم ليل نهار، يضيف: لا ينبغى أن تقصم الحكومة ظهر الملتزمين بفرض ضرائب جديدة بينما الحلول الأسهل توفيق أوضاع وحدات سكنية تحولت إلى أنشطة تجارية وإدارية.. فماذا لو تم تحصيل 10 جنيهات عن المتر بكل وحدة من الوحدات المخالفة لشروط الترخيص أما ظاهرة «أكشاك» ما بعد الثورة.. فالحديث عنها دون حرج معظمها إن لم يكن كلها غير مرخصة.. تسرق التيار الكهربائى من أعمدة الإنارة العامة.. تحقق مكاسب شهرية لا تقل عن 20 ألف جنيه... ولا يعلم عنها أحد إلا المستفيدون من إتاوات تفرض لمجرد غض البصر عن نشاطها.
 
ينسحب ذلك على الباعة الجائلين إذا ما خصصت لهم المحليات «سويقات» يمارسون فيها نشاطهم بشكل سليم ويؤدون ما عليهم من رسوم وضرائب قانونية.. ولكنها النعرة الفوقية للحكومة التى لن تحقق عدالة اجتماعية قامت من أجلها ثورة 25 يناير.
 
من جانبه يرى د. محرم هلال رئيس جمعية مستثمرى العاشر من رمضان أن الحد الأقصى للضريبة التصاعدية التى تعتزم الحكومة إصدار مرسوم بقانون لتنظيمها - 25٪ على ما زاد على 10 ملايين جنيه - لن يؤثر على الاستثمار فى مصر.. بل هذا على حد قوله أقل ما يجب.
 
ويتساءل.. لماذا لم تقم الحكومة حتى الآن بطرح الرخصة الرابعة للمحمول التى يمكن من خلالها الحصول على 20 مليار جنيه «آنيا».. ويستطرد كان ينبغى أن يفعل القانون الخاص بحصول الشركات الأجنبية على احتياجاتها من الوقود دون دعم.. وبالدولار.. مشيرا إلى أن الإجراءات الحكومية المرتقبة لا تدخل فى نطاق «الجباية» كما يردد البعض.. بل لإصلاح اختلالات قد تؤدى بشكل أو آخر لتخفيض العجز فى الموازنة العامة للدولة.... وإعادة الحياة لشرايين اقتصاد مصر الذى دخل مرحلة حرجة أشبه بالاحتضار.
 
وأضاف أن فى مصر 14444 شركة متعددة الجنسية تحقق أرباحا هائلة... عليها أن تدفع نصيبها العادل من الضرائب.
 
قانون التيسيرات الضريبية وتحقيق العدالة الاجتماعية إذا ما صدر فى غيبة من وجود برلمان منتخب يناقشه ويحقق من خلاله طموحات مجتمع يعيش نصفه تحت خط الفقر وفقا لإحصائيات وتقارير دولية.. لن يكون إلا حلقة من حلقات مسلسل حكومى دأب على حل المشكلات الاقتصادية بنظرة أحادية تفتقر لأداء جماعى حتى ولو جاء مشابها لأداء أبناء الفنان القدير عادل إمام فى فيلمه «التجربة الدانماركية».∎
 

محرم هلال
 
 

حسين صبور