الشهـوة فى زواج الطفـلة!

محمد نوار
يعتقد الكثير من الإسلاميين أن الاقتداء بالنبي «عليه الصلاة والسلام» والعمل بسنته يتلخص في تقليده شكلاً من إطلاق اللحية وارتداء الجلباب واستخدام السواك، وتقليده فعلاً في تعدد الزوجات وملك اليمين والزواج من الطفلة.
ويعتبر اشتهاء الأطفال جنسياً مرضاً في الطب النفسي يطلق عليه مسمى «البيدوفيليا» والتي تمت ممارستها منذ قرون من خلال اغتصاب كبار السن لفتيات قاصرات في سن الطفولة تحت مسمى الزواج.
وكان أحد أعضاء الجمعية التأسيسية للدستور قد تقدم باقتراح يطالب فيه بخفض سن زواج الفتاة، ومن قبله كان قد طالب أحد نواب مجلس الشعب السابق بتعديل سن زواج الفتيات من «18 سنة» إلى «12 سنة»، وهما اقتراحان قوبلا بالرفض والانتقاد من شخصيات دينية وقانونية واجتماعية واعتبروا الاقتراح جهلاً بالشريعة ومعارضاً لقانون الطفل.
والمطالبون بالزواج من القاصرات يستندون لروايات تنسب للنبي عليه الصلاة والسلام زواجه «بالسيدة عائشة» وهي طفلة في التاسعة من عمرها، وهى روايات لا يمكن الاعتماد على الأعمار أو التواريخ التي جاءت بها، فالعرب لم يكن عندهم وقتها تقويم محدد بالسنين وإنما كانوا يقومون بتسمية العام باسم أكبر الأحداث فيه مثل عام الفيل.
ومثل تلك الروايات غير الموثقة تسىء لسيرته عليه الصلاة والسلام، ومنها الروايات الخاصة بسن اثنتين من أمهات المؤمنين هما السيدتان خديجة وعائشة، فالروايات تقول إنه عليه الصلاة والسلام حينما كان في الـ «25» من عمره تزوج بمن تكبره بـ «15سنة»، وحينما أصبح في الـ «53» تزوج بمن تصغره بــ «44 سنة».
فالروايات اختلفت في سن أم المؤمنين السيدة خديجة عند زواجها بالنبي عليه الصلاة والسلام وأن عمرها كان بين «25» و«46» سنة، ومع أنه توجد روايات للبيهقي والنيسابوري تدل على أنها كانت في أواخر العشرينات، إلا أن المفسرين أخذوا بروايات أوائل الأربعينات.
وفي الروايات أنه عليه الصلاة والسلام تزوج السيدة خديجة وهى أكبر منه بـ «15» سنة بسبب مالها، مع أن الله تعالى يقول: «وَوَجَدَكَ عَائِلاً فَأَغْنَى» الضحى «8» أي أنه عليه الصلاة والسلام تزوج فأنجب ومع كثرة العيال كان «عَائِلًا» فأغناه الله، فأين كان مال السيدة خديجة؟.
أما عن رواية الزواج من السيدة عائشة فتقول: «أن النبي» «صلى الله عليه وسلم» تزوجها وهي بنت «ست سنين» وأدخلت عليه وهي بنت تسع ومكثت عنده «تسعا»، ومنسوب للسيدة عائشة قولها في رواية تسمى بالأرجوحة: «تزوجني النبي» «صلى الله عليه وسلم» «وأنا بنت ست سنين فقدمنا» «المدينة» «فنزلنا» في «بني الحارث بن خزرج»، فأتتني أمي «أم رومان»، وإني لفي أرجوحة ومعي صواحب لي فصرخت بي فأتيتها لا أدري ما تريد بي، فأخذت بيدي حتى أوقفتني على باب الدار وإني «لأنهج» حتى سكن بعض نفسي، ثم أخذت شيئاً من ماء فمسحت به وجهي ورأسي ثم أدخلتني الدار فإذا نسوة من «الأنصار» في البيت فقلن على الخير والبركة، فأسلمتني إليهن فأصلحن من شأني، فلم يرعني إلا رسول الله «صلى الله عليه وسلم» ضحى فأسلمتني إليه وأنا يومئذ بنت «تسع سنين».
وفي الروايات أن أم المؤمنين السيدة عائشة كانت مخطوبة لمطعم بن عدي قبل أن يخطبها «النبي عليه الصلاة والسلام»، وأنها ولدت قبل بدء الرسالة في مكة بعام واحد، وتزوجت بعد عامين من الهجرة، أي كان عمرها «16 سنة» حين تزوجها «عليه الصلاة والسلام».
وفي روايات أخرى أن السيدة أسماء أخت السيدة عائشة كان عمرها عند الهجرة «27عاما» وكانت السيدة عائشة أصغر منها بـ «10 سنوات»، أي أن عمر السيدة عائشة عند الهجرة كان «17 عاماً»، وتزوجها «عليه الصلاة والسلام» وعمرها «19 عاماً».
فالروايات مختلفة ولا يمكن الاعتماد عليها، في الوقت الذي يوجهنا فيه تعالى في القرآن الكريم إلى شرط بلوغ سن معينة للزواج ترتبط بسن الرشد: «وَابْتَلُواْ الْيَتَامَى حَتَّىَ إِذَا بَلَغُواْ النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُم مِّنْهُمْ رُشْدًا..» «النساء6» فهل يمكن أن تبلغ الفتاة سن الرشد والزواج في عمر الـ «6» أو الـ «9» سنوات؟.
كما أن الله تعالى يخاطب كل أزواج النبي عليه الصلاة والسلام بـ (يَا نِسَاء النَّبِيِّ) فالخطاب واضح أنه لنساء راشدات تجاوزن سن الطفولة.
أما عن قوله تعالى عن المطلقات: «وَالَّلائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِن نِّسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ وَالَّلائِي لَمْ يَحِضْنَ وَأُوْلاتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَن يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ..» «الطلاق 4» فقوله تعالى: «وَالَّلائِي لَمْ يَحِضْنَ» فسره البعض على أن عدم الحيض مقصود به الفتيات الصغيرات غير البالغات وغير الحائضات، مع أن الخطاب في الآية عن المطلقات من النساء وليس من الفتيات.
أما الخطاب عن المطلقة التي لم تحض فقد جعل عدتها ثلاثة أشهر مع أنها لا تستطيع أن تحمل، فالهدف من العدة للمطلقة التأكد التام من عدم وجود حمل، وهنا يكون المقصود هو وجود مرض يمنع الحيض للمرأة البالغة وليس المقصود الحديث عن طفلة لم تبلغ ولم تحض بعد كما فهم البعض، فالآيات التي تتحدث عن الزواج والطلاق تذكر النساء ولا تذكر الفتيات أو الأطفال.
أما الروايات التاريخية فهى تحدد الزمان والمكان وأسماء الأشخاص المؤثرين في الحدث، في حين يستخدم القرآن الكريم الأمثال والقصص للعبرة فهو ليس كتاباً في التاريخ بل هو كتاب للهداية، فالقصص القرآني حين يتحدث عن أحداث معاصرة لنزول الوحي فإنه يسجل الحدث مجرداً من الزمان والمكان والأشخاص ليكون موعظة وعبرة للناس في كل زمان ومكان.
مع الوضع في الاعتبار أن القصص القرآني حق مطلق لأنه كلام الله تعالى، أما الحق في الروايات التاريخية فهو نسبي لأنه كلام البشر، ولذلك فالقصص القرآني يصحح لنا أخطاء الروايات التاريخية.∎