الخميس 2 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

نهايات الدم!

نهايات الدم!
نهايات الدم!


 رصدت وزارة العدل مؤخرا 14 شكلا للعنف الأسرى، تستوجب رفع دعاوى قضائية، أبرزها تهديد الزوجة، والأبناء.
وحددت الوزارة أشكال العنف الأسرى، فى كل ما يهدد سلامة الزوجة أو الأبناء أو صحتهم الجسدية أو النفسية أو وضع الأسرة فى بيئة قد تعرضها للخطر، وسوء المعاملة أو إيذاء الزوجة والاستغلال الجنسى، واستغلال الزوجة أو الأبناء ماديا فى الإجرام أو التسول.

 وشملت أيضا، استخدام الكلمات المسيئة التى تحط من الكرامة أو تؤدى إلى التحقير والتمييز ضد الزوجة أو الأبناء لأى سبب عرقى أو اجتماعى أو اقتصادى والتقصير البيّن المتواصل فى تربية الأبناء ورعايتهم، وعدم إجراء التطعيمات الصحية الواجبة للأبناء، ومن اشكال العنف التسبب فى انقطاع الأبناء عن التعليم.
ومع نهاية 2018 وبداية 2019 شهدت مصر حالات مفجعة من العنف داخل الأسرة أى جرائم يرتكبها الآباء فى حق الأبناء وجرائم الأبناء والزوجات فى حق الآباء وهكذا، وجميعها كانت لأسباب واهية ومهما كانت الأسباب والدوافع فإنها تبدو تافهة أمام بشاعة الجرائم المرتكبة.
فكان من بين أغرب أسباب هذه الجرائم، قتل أم لطفلتها – 13 عامًا- أثناء تعليمها الأعمال المنزلية، وجريمة أخرى قتل فيها الأب طفلته – 5 سنوات – بماسورة مياه بداعى انخفاض مستواها التعليمى فى الحضانة، كما قتل رجل طفلته – 9 سنوات – فى أسوان لكثرة لهوها فى المنزل.
فيما قام نجل الفنان المرسى أبو العباس فى جريمة بشعة هزت المجتمع المصرى بقتل زوجته وطفلتيه، مدعيًا تعثره ماليًا وخشيته عليهم من المستقبل، وقتل أب «ستيني» نجلته بعد أن رفضت إقراضه مبلغ 200 جنيه.
وأقربها كانت واقعة اتهام أب بتعذيب طفلتيه داخل شقتهم فى منطقة عين شمس، ما أسفر عن وفاة ابنته الكبرى.
بدأت تفاصيل الواقعة بتلقى قسم شرطة عين شمس بلاغا يفيد بالعثور على جثة الطفلة «س. ي»13 سنة، ودلت التحريات على قيام الأب «ى. ر.» عامل، بتعذيبها وشقيقتها الصغرى «ل» ما أسفر عن وفاة الأولى، وألقى القبض عليه وإحالته للنيابة التى تولت التحقيق.
وأوضحت التحقيقات أن الأب المتهم انفصل عن زوجته قبل 5 سنوات، ويتعاطى المواد المخدرة، ويداوم على تعذيب طفلتيه ويمنعهما من الخروج أو رؤية والدتهما بعد الطلاق.
كما اتضح اعتداء الأب على الطفلتين جنسيًا واغتصبهما عدة مرات، وأنه قتل شقيقتها لأنها اعتادت طلب الذهاب لرؤية والدتها بالإضافة إلى خوفه من افتضاح أمره.
فى منطقة المطرية تعرفت فتاة على شاب وتكونت بينهما علاقة عاطفية، ولظروف مادية لم يستطع خطبتها، حتى تقدم لها شخص آخر، فعرض عليها حبيبها أن توافق على الزواج منه وبنفس الوقت تستمر معه فى علاقة غير شرعية، حتى وافقت وتزوجته، وبشكل مستمر كانت تخون زوجها معه، حتى قررت الزوجة التخلص من زوجها بمساعدة عشيقها وقتله للاستحواذ على شقته والزواج بها.
وفى كفر الشيخ تم الكشف عن لغز مقتل أسرة كاملة مكونة من 4 أفراد تم العثور على جثثهم مذبوحين داخل شقتهم فى جريمة هزت المحافظة مع بداية العام الجديد.
فقدم الزوج بلاغًا يفيد بأنه عند عودته من عمله إلى منزل أسرته بمدينة كفر الشيخ وجد زوجته (منى ف. س) وأطفاله عبدالله 8 سنوات، وعمر 6 سنوات، وليلى 4 سنوات مذبوحين.
بدأت شكوك الضباط تحوم حول الزوج لكون الشقة ليس بها اى آثار عنف، وتضييق الخناق حول الزوج، اعترف بجريمته معللا ذلك بوجود خلافات بينه وبين زوجته مما جعله يفقد عقله ويتجرد من إنسانيته ويتخلص من زوجته وأولاده فى ليلة رأس السنة.
هى أزمة حقيقية نشاهدها الآن من ارتفاع جرائم العنف داخل الأسرة المصرية حيث أكد الكثيرون من أساتذة علم النفس والاجتماع أن السبب الرئيسى وراء هذا عدم قيام الأب والأم بدورهما والبعض الآخر أرجعه لما نعيشه الآن لأنه نتيجة طبيعية فى ظل العولمة التى نعيشها..
الدكتورة «فادية أبو شهبة» أستاذ القانون الجنائى بالمركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية والتى قامت بالعديد من الدراسات عن العنف الأسرى قالت لنا:
لابد أن نعترف وطبقا لآخر دراسة قمت بإجرائها أن 68 % من الجرائم داخل الأسر المصرية الآن هى القتل العمد ويأتى بعد ذلك الضرب الذى أدى إلى الموت.
والسبب الرئيسى وراء هذه النسبة هى ارتفاع ملحوظ فى نسب تعاطى المخدرات داخل الأسرة والمشاهدات العنيفة التى تبثها وسائل الإعلام وعدم التوافق الثقافى والاجتماعى بين الزوجين والغيرة والشك فى سلوك كل منهما لبعضهما كل هذا أدى إلى ما نراه من قتل وعنف داخل الأسرة.
وأكدت الدكتورة فادية أن قتل الزوج لزوجته أو لأبنائه وحسب الدراسات التى أعدتها عادة يكون انفعالاً وقتيًا من الزوج وقيامه بضرب زوجته بشدة.
أما الزوجة فعندما تقتل زوجها تكون أشد عنفًا لأنها قبل القتل تلقت منه إهانات وخيانة وضربًا، وعندما تتخذ قرارًا بالقتل تكون فى حالة غضب شديد والنتيجة تقتله وتمثل بالجثة وتقلع عينيه أو تخلع أظافره أو تقطعه.
وقالت الدكتورة فادية إن آخر دراسة قامت بها اكتشفت أن بعض الأزواج يقومون بجرائم قتل وعنف داخل أسرهم نتيجة إصابتهم بأمراض نفسية أو انتمائهم لبعض أصدقائهم الذين لديهم فكر إرهابى.
فأحد الأزواج قام بحرق زوجته وعندما سألناه قال لأنها ستذهب للنار لأنها تشاهد التليفزيون وتتابع المسلسلات ربنا سيحرقها.
وأحد الأزواج قال إنه قتل أبناءه وزوجته بعد الشك فى نسبه، إنه يريد أن يخلصهم من العار الذى سيلاحقهم فى هذه الدنيا.
وقالت: إن المخدرات أيضا تساعد على جرائم العنف داخل الأسرة فوجدنا زوجًا ضرب زوجته وكسر ذراعها لكى يحصل على ذهبها لشراء المخدرات.
وأب اغتصب بناته الثلاثة تحت تأثير المخدرات التى يتناولها وتفقده الوعى واكتشفت زوجته وأبلغت عنه الشرطة.
وأيضًا عدم التوافق الجنسى بين الزوجين هو أحد المظاهر المهمة التى تزيد من العنف داخل الأسرة فوجدنا فى هذه الحالة الأب يقوم بضرب زوجته وأولاده وأيضا تتعصب الزوجة وتقوم بإهمال منزلها وضرب أولادها بشدة.
الدكتورة سهير عبدالمنعم - الأستاذ بالمركز القومى للبحوث- قالت لنا: فى عام 1977 صدر تقرير من الأمم المتحدة عن الآثار الاجتماعية للعولمة وجاء فيه مقولة مهمة وهى فى ظل العولمة ليس من الغريب أن تتفكك الأسر، ولكن الأغرب أن تظل صامدة وبعد12 عاما من هذا التقرير وما حدث للعولمة وإعادة الهيكلة وتركيز الثروة فى دول بعينها دون باقى الدول وتركيز الثروة فى كل دولة فى يد 25 % من سكانها ومع انتشار الفقر والبطالة أصبح وضع الأسر العربية ومنها الأسر المصرية تواجه العديد من الصعوبات.
الدكتور محمد سمير عبدالفتاح أستاذ علم النفس الاجتماعى بجامعة عين شمس قال لنا :
 أتوقع زيادة العنف الأسرى فى المرحلة القادمة لعدم وجود ما يسمى بالحساب والعقاب السريع أو العدالة الناجزة فلابد من وجود رادع لعدم ارتكاب مثل هذه الجرائم بالأحكام السريعة وتنفيذها.
ولابد أن نعترف أن من أهم أسباب العنف الأسرى هو عدم قيام الأم والأب بدورهما الحقيقى فى تربية أبنائهما فلا يوجد حساب وعقاب للأبناء عندما يخطئون هذا مع وجود مشاهد العنف المستمر التى تشاهد عبر وسائل الإعلام من هجوم دول كبيرة على دول ضعيفة ومشاهد العنف الشديد فى القتل ويشعر الأبناء والآباء بأنهم غير منتمين لبعض فى ظل عدم وجود أسرى، الأمر الطبيعى الذى قد يؤدى إلى وجود عنف مع أى خلاف.
د. أيمن فتحى أخصائى العلاج النفسى للأسرة قال لنا:
السبب المهم للعنف الأسرى ومن خلال ما نشاهده من حالات يرجع إلى انصراف الأب والأم عن مهمتهما الرئيسية فى رعاية الأبناء وتربيتهم.
فغالبا يأتى إلينا الشباب والبنات يعانون من اكتئاب وانحراف سلوكى مثل تدخين السجائر أو عدم الانتظام فى الدراسة والهروب من المدرسة وبعضهم لديهم علاقات غير شرعية.
وعند الجلوس معهم نكتشف أنهم يعانون من عدم وجود الأب والأم فى حياتهم فهم لم يروهما أو يجلسوا معهما فقط يشاهدونهما لأخذ فلوس الدرس أو المصروف.
هنا يكون الشاب أو الفتاة فى حالة قلق شديد ومزمن ويعرض على دكتور أمراض عصبية الذى يكتب له على دواء مضاد للاكتئاب وتنظيم نومه.
ثم يأتى إلينا للعلاج المعرفى السلوكى ونقوم باستدعاء أفراد أسرته وننبه على الأب والأم بضرورة الانتباه لأبنائهما ومراعاتهم.
وتأتى إلينا أيضا زوجات مصابات باكتئاب يشتكين من إهمال أزواجهن لهن ولأولادهن ولا يستطعن الانفصال لعدم وجود مورد مالى لهن ولأولادهن بعد الانفصال.
 وأكد الدكتور أيمن على وجود الإصابة بالاكتئاب وعدم معالجتها يؤدى إلى زيادة العنف وقد تؤدى إلى ارتكاب جرائم القتل التى نشاهدها بعدما تتراكم مواقف سيئة داخل من يقوم بالجريمة تجاه المجنى عليه.
وأكد على زيادة معدلات الاكتئاب داخل الأسرة الآن خاصة بين الشباب والأطفال فى عيادات الأمراض النفسية ولهذا نحن فى حاجة إلى التوعية النفسية للأسرة المصرية للتقليل من العنف ونحتاج أيضا إلى تدريس التربية النفسية فى المدارس.