الأحد 19 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

« متحف أحمد شوقى» جئناك بالشوق والأحداق

« متحف أحمد شوقى» جئناك بالشوق والأحداق
« متحف أحمد شوقى» جئناك بالشوق والأحداق


من منّا لم يطرب لكوكب الشرق أم كلثوم وهى تغنى «وُلِـدَ الـهُـدى فَـالكائِناتُ ضِياءُ/ وَفَـمُ الـزَمـانِ تَـبَـسُّـمٌ وَثَناءُ..الـروحُ وَالـمَـلَأُ الـمَلائِكُ حَولَهُ/ لِـلـديـنِ وَالـدُنـيـا بِهِ بُشَراءُ»، من منّا لا يتذكر قصيدة اختلاف الليل والنهار، كانت جزءًا من مناهج التعليم؛ حيث تجد الأطفال يرددون: «سلا مصرَ: هل سلا القلبُ عنها/  أَو أَسا جُرحَه الزمان المؤسّى؟.. وَطَنى لَو شُغِلتُ بِالخُلدِ عَنهُ/ نازَعَتنى إِلَيهِ فى الخُلدِ نَفسى»، إنه أمير الشعراء أحمد شوقى الذى ستظل قصائده وكلماته خالدة عبر الزمان.
الأشعار فقط، لم تكن الوحيدة التى تُخَلّد ذكرَى شاعرنا الكبير، بعد أن حرصت الدولة على تحويل منزله بكورنيش النيل فى الجيزة، الذى بناه بعد عودته من المنفى فى عهد الخديو عباس حلمى الثانى وأطلق عليه «كرمة ابن هانئ»، إلى متحف.
كرمة بن هانئ
حرص أحمد شوقى على بناء دار أخرى مشابهة بجوار كرمته خصصها لسكن ابنته أمينة، كما كان الحال فى كُرمة ابن هانئ بالمطرية بالقرب من منزل الخديو عباس قبل نفيه للخارج، وعندما آلت مِلكية الكرمة إلى الدولة تم إلحاق المبنى بها لتتحول إلى مَقر تابع لمجلس الوزراء، كما تم بناء فيلا أخرى فى الجهة المقابلة للكرمة خُصصت لسكن حسين شوقى وصارت الفيلا الآن جزءًا من السفارة السعودية كمقر للملحق العسكرى السعودى.
صُمم المنزل فى هيئة قصر أبيض اللون محاطا بحديقة خضراء، وافتُتح كمتحف رسميّا فى 17 يونيو 1977، ويتوسط حديقة المتحف تمثال كبير للشاعر من البرونز وهو جالس ممسكًا فى يده اليُمنى وردة تعكس ترحيبه بزوّاره بينما تحمل اليسرى ورقة تمثل رحلته مع الشِّعر، قام بنحت التمثال الفنان التشكيلى جمال السجينى أهداه للمتحف فى عام 1982، وتمت إزاحة الستار عنه فى الذكرى الـ50 لوفاة الشاعر الكبير.
لم يكن هذا التمثال الوحيد لأمير الشعراء؛ حيث أمرت الحكومة الإيطالية فى 1962 بصناعة تمثال آخر له ليوضع فى حدائق فيلا بورجيزى إحدى أشهر وأكبر حدائق روما بوصفه فنانًا عالميّا، وحضر حفل تدشين التمثال وقتها وزيرا الثقافة فى مصر وإيطاليا وعمدة روما وعدد من الفنانين العرب والشعراء والكُتّاب.
المتحف يُصنف ضِمن المتاحف القومية ويتبع ثلاث وزارات، ويشرف عليه قطاع الفنون التشكيلية بوزارة الثقافة، وهو يُعد أثرًا إسلاميّا، لذا تُشرف عليه وزارة الآثار لوجود القاعة الشرقية بداخله، بينما تقوم وزارة الزراعة بالإشراف على حديقته.
ترميم المتحف
مَرّ المتحف بالعديد من مراحل الترميم - بحسب أحد العمال هناك-؛ حيث يرى ترميمه سنويّا، بمجرد ظهور أى  شروخ  أو تقشير بالحوائط، وتمت عمليتا ترميم كلية للمتحف،  الأولى عام 1989 وظل مغلقًا حتى أعيد افتتاحه عام ١٩٩٦ بحضور سوزان مبارك قرينة الرئيس الأسبق مبارك، والأخرى عام 2012 وافتتحه وزير الثقافة فى ذلك الوقت شاكر عبد الحميد، ويعمل بالمتحف 13 موظفًا  من وزارة الثقافة ما بين مرشدين لشرح محتويات المتحف للزائرين، وعمال للنظافة والأمن.
 بجنيه واحد فقط يمكن للزائر الاطلاع على محتويات المتحف والإبحار فى سفينة أمير الشعراء،  عدا يوم الاثنين- إجازة المتحف-  من ساعة 9 إلى 5 مساءً،  كما يستطيع الطلاب دخول المكان بنصف جنيه فقط، أمّا الأجانب فالتذكرة لا تتعدّى دولارًا واحدًا، لا يُسمح بالتصوير داخل المكان من دون تصريح.
صالون متحف
ينظم المتحف صالونًا شهريّا، فى الأسبوع الثانى من كل شهر،  يحمل  عناوين مختلفة وأمسيات أدبية وشعرية، بالإضافة لمناقشة فى جميع القضايا المعاصرة فى مجال  السياسة والاقتصاد والاجتماع والتاريخ كذكرَى نصر أكتوبر أو احتفالات ثورة 1953.
يتكون المتحف من طابقين؛ الطابق الأرضى  أو «العربى الإسلامى»  كما كان يَطلق عليه أحمد شوقى؛ حيث يأخذ الطابق الطراز الشرقى الإسلامى من حيث الديكورات والحوائط والأثاث، وجدرانه مزينة بالآية ١٧٧ من سورة البقرة.
عش البلبل
 ويضم الطابق الأول جناح الضيوف، الذى استضاف الفنان محمد عبدالوهاب 7 أعوام، وبه باب يصل إلى حديقة المنزل، وكان أمير الشعراء  يطلق عليه «عش البلبل»؛ حيث  لا يحتوى سوى على دولاب، ويقال إن الفنان محمد عبدالوهاب أخذ محتويات الجناح من ورثة أحمد شوقى كذكرى له، ونقله لمنزله وخصص به ركنًا أطلق عليه «ركن الذكريات»، ويوجد بالجناح  آخر  صورة جمعت بين عبدالوهاب وأمير الشعراء.
وفى الطابق  نفسه كان يوجد السفرة التى تحولت إلى مكتبة  للزائرين، وعلى الحوائط  يوجد عدد من اللوحات الفنية لخديجة مراد حفيدة أحمد شوقى من ابنته أمينة، فضلًا عن صالون من قطعتين كان يُخصص جزءًا منه للمدخنين والآخر لغير المدخنين.
  وتضم مكتبة أحمد شوقى 332 كتابًا، إضافة لمسودات مخطوطات شِعرية  بخط يده، وأعمالاً للمطرب والملحن محمد عبدالوهاب التى قدّمت أحمد شوقى إلى الفن، فضلًا عن مكتبة سمعية عالية التقنية تحوى تسجيلات لأداء غنائى لعبدالوهاب بحضور أحمد شوقى.
الطابق العلوى
 يتضمن الطابق الثانى من المتحف غرفة النوم الخاصة بأحمد شوقى، وتحتوى على سرير ودولاب وكراسى ومكتب صغير؛ حيث كان يفضِّل كتابة أشعاره عليها، وقتها كان «شوقى»  يرى الأهرامات من شِباك غرفته، وكان يطل على منزل ابنته الذى أصبح مبنى خاصّا بالسفارة السعودية، وعند الخروج من غرفته تصادفك صورة لطفل شَعره طويل وهو «على» النجل الأول لأحمد شوقى وكان يحرص على تربية شَعره خوفًا عليه من «الحسَد» وكان يقول للناس لقد أنجبت بنتًا.
بالطابق العلوى يوجد صالون للمقربين فقط، به عدة صور لابنيه «على وحسين»، اللذين سمّاهما بهذا الاسم نسبة إلى أبيه ووالد زوجته، كما يضم الطابق غرفة نوم زوجته خديجة شاهين  وخصص لها الغرفة الأكبر التى تطل على النيل، وقتها أمر «شوقى» أن يكون سريرها عُمولة ويكتب «نوم العوافى» على واجهة السرير، وكان يطقبها بـ «قط من قنطرة»؛ حيث كانت زوجته تركية الجنسية.
بالطابق الثانى توجد أيضا مكتبة خاصة به تطل على النيل بها مجموعة من اللوحات الزيتية والتُّحَف والصور التى تتعلق بحياة أحمد شوقى. وبها لوحة نادرة لمعبد فيَلة بأسوان، قبل أن يُنقل من مكانه، وصورة له مع سعد زغلول تعود لـ1926 فى حفل زفاف ابنه على،بالإضافة لصورة له وهو فى العشرين من عمره عندما كان يَدرس فى فرنسا. 
 تضم إحدى غُرَف الطابق العلوى أكثر من 750 مخطوطة ومسودّة لأعمال الشاعر، لم يتبقَّ منها  مُعلقًا بالمتحف سوى 20 مخطوطة ومسودّة، بعضها تم بيعه بمعرفة الورثة  والآخر فى مخزن المتحف، وتوجد غرفة أخرى تحوى عددًا من الجوائز والأوسمة وشهادات التقدير والهدايا التى حصل عليها، ومجموعة من اللوحات الزيتية والتحف والصور تتعلق بحياة أحمد شوقى.
بالطابق توجد غُرَف نوم ابنيه «على وحسين» خالية من أى محتويات، وذلك يرجع إلى أن ورثة أحمد شوقى فى عام 1975 قرروا بيع منزله وكل محتوياته، وعندما علم الرئيس الراحل السادات أمَرَ بوقف البيع، وقتها تمت استعادة بعض  أجزاء من محتويات المنزل، ولكن هناك العديد من محتويات المنزل كانت قد بيعت بالفعل، بينها غُرف أبنائه ومخطوطات لأحمد شوقى.
أم كلثوم فى منزل شوقى
حضرت أم كلثوم حفل زفاف نجل أحمد شوقى  بالمنزل، وبعد أن انتهت  أم كلثوم  من الغناء، قدّم لها شوقى كأسًا من الخمر للشراب، ما  أغضبها وجعلها تترك الحفل منزعجة، واستمر الخلاف بينهما إلى أن ذهب شوقى لمنزل أم كلثوم  لطلب ودّها،  وعادت كوكب الشرق تغنى من أشعاره من جديد.