السبت 18 يناير 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

ارتفاع حصيلة مصر من تدفقات النقد الأجنبى خلال العام المالى الحالى بنسبة 14.6 % صندوق النقد الدولى: استمرار الحرب الإسرائيلية على غزة تسبب فى انخفاض حركة الملاحة فى قناة السويس بنسبة 66 %

الإحصائيات والتقارير الدولية الصادرة مؤخرا عن المنظمات الدولية تجمع على أن الحرب الإسرائيلية على غزة تكبد التجارة العالمية، وحركة الملاحة الدولية المارة فى قناة السويس خسائر باهظة ومتضاعفة، وتشير إلى أن استمرار الهجمات الإسرائيلية تعطى مبررا لجماعة الحوثيين لإطلاق الصواريخ والمسيرات على السفن المارة بالبحر الأحمر، وأن الهجمات الأمريكية البريطانية لم تفلح فى ردع أو لجم الحوثى الذى ينطلق من خيارات أيديولوجية مدعومة إيرانيا.



إذن فمن يدفع فاتورة الأضرار والخسائر الكبيرة التى تعرض لها الاقتصاد المصرى بسبب تزايد كلفة الملاحة والشحن والتأمين البحرى فى قناة السويس؟ وهل تتحمل الدول الداعمة لإسرائيل بسخاء والتى تفتح خزائنها ومخازنها لها بدون قيود جزءا من هذه الفاتورة الباهظة التى تتكبدها مصر، الدولة المحورية والأهم فى الشرق الأوسط؟

وإلى متى لا ينصاع المجتمع الدولى، والدول الفاعلة فيه إلى حكمة الرئيس عبدالفتاح السيسى الذى حذر فى أكثر من مناسبة من تداعيات استمرار الحرب الإسرائيلية فى غزة على التجارة العالمية، والملاحة الدولية التى تراجعت فى قناة السويس التى كانت تدر عشرة (10) مليارات دولار سنويا بنسبة تزيد على 50 %.

وهل تنجح الجهود السعودية المدعومة دوليا التى يبذلها السفير السعودى النشط لدى اليمن محمد آل جابر فى إنهاء أو الحد من المغامرة الحوثية فى البحر الأحمر، بعدما نجحت سياسيا فى وقف الحرب التى استمرت فى اليمن لسنوات؟

أسئلة تطرح نفسها بقوة مع استمرار الحرب الإسرائيلية المجنونة على غزة لأكثر من ثمانية (8) أشهر، وفواتير ينبغى دفعها، وعلى المجتمع الدولى ألا يتهرب من مسئولياته فى ضرورة دعم الاقتصاد المصرى المثقل بسبب سياسات دولية منحازة وخاطئة لم تكن مصر أبدا طرفا فيها، بل كانت الدولة المصرية على الدوام بقيادة الرئيس عبدالفتاح السيسى جزءا من استتباب الأمن وديمومة الاستقرار فى منطقة الشرق الأوسط المثخنة بالبؤر الملتهبة، والمتخمة بالأزمات الوشيكة الانفجار.

لا شك إن انخراط جماعة الحوثى فى استهداف حركة الملاحة فى البحر الأحمر دعما لقطاع غزة ضد الهجمات الإسرائيلية كبدت التجارة الدولية خسائر كبيرة، وأضرت باقتصاد معظم الدول المتشاطئة على البحر الأحمر، وفى مقدمتها مصر، التى تضررت بشكل أكبر من غيرها من الدول بعدما انخفضت حركة الملاحة فى قناة السويس بنسبة 66 % فى شهر أبريل الماضى مقارنة بنفس الشهر من العام السابق حسب التقرير الأخير لصندوق النقد الدولى المنشور على حسابه الرسمى فى موقع إكس (تويتر سابقا) على شكل رسم بيانى يوضح حركة الشحن والملاحة فى القناة، بداية من شهر ديسمبر الماضى، حتى مايو الجارى، يؤكد فيه أن انخفاض حركة الملاحة والشحن فى القناة أدت إلى تفاقم اضطرابات حركة التجارة العالمية.

ويتوقع تقرير الصندوق، تراجع إيرادات قناة السويس خلال العام المالى الحالى 2024-2025 إلى 6.8 مليار دولار مقابل 8.8 مليار دولار خلال العام المالى الماضى بنسبة انخفاض تبلغ نحو 22.7 %، على أن تقفز إلى نحو 10 مليارات دولار خلال العام المقبل، وتراجع الحمولة المارة بقناة السويس التى سجلت انخفاضًا بنحو 49 % لتصل إلى 142.3 مليون طن خلال أول شهرين من العام الحالى مقارنة مع 279.5 مليون طن خلال الفترة نفسها من العام الماضى. ومرت خلال تلك الفترة بالقناة نحو 2526 سفينة مقارنة مع 4160 سفينة خلال الفترة نفسها من العام الماضى.

ويشير التقرير إلى أن كلفة التأمين على السفن ارتفعت إلى 10 أضعاف، نتيجة فرض الخطوط الملاحية رسوم إضافية لمخاطرة الطوارئ، وإن حصة قناة السويس من حجم التجارة العالمية بلغ 10.7 % من إجمالى حجم التجارة العالمية المنقولة بحرًا، ونحو 15.4 % من إجمالى تجارة الحبوب العالمية، و11.9 % من إجمالى تجارة البترول ومشتقاته العالمية، و26.3 % من إجمالى تجارة الحاويات العالمية.

وفى المقابل رسم الصندوق فى ذات التقرير خطا بيانيا متفائلا، أشار فيه إلى ارتفاع حصيلة مصر من تدفقات النقد الأجنبى خلال العام المالى الحالى بنحو 13.7 مليار دولار، بنسبة 14.6 %، مقارنة بما كانت عليه فى العام الماضى، مرجعا ذلك بشكل رئيس إلى استثمارات صفقة تطوير «رأس الحكمة».

ومن جانبها، أصدرت منظمة التجارة العالمية مؤخرا، تقرير لها بعنوان «آفاق وإحصاءات التجارة العالمية» أكدت فيه أن هجمات الحوثيين تسببت فى تعطل حركة الشحن العالمية عبر قناة السويس، مما أجبر الشركات على تغيير مسار سفنها إلى رحلات أطول وأكثر كلفة عبر الطرف الجنوبى للقارة الإفريقية.

وحذرت المنظمة من أخطار تقطيع أواصر حركة التجارة بسبب التوترات الجيوسياسية وتزايد تكاليف الحماية بسبب تفاقم أزمة الشرق الأوسط، إذ أدت الهجمات الحوثية على السفن التجارية فى البحر الأحمر إلى تغيير فى مسار التجارة بين أوروبا وآسيا.

وقال التقرير إن تجارة السلع العالمية من المتوقع أن تتعافى هذا العام، لكن بشكل أبطأ مما كان فى السابق، فى أعقاب تراجعها فى 2023 للمرة الثالثة فقط فى أقل من 30 عامًا، وتوقعت المنظمة أن يرتفع إجمالى حجم التجارة العالمية إلى 2.6 % خلال عام 2024، وبنسبة 3.3 % فى عام 2025، وتأتى هذه التقديرات بعد انخفاض أكبر من المتوقع بنسبة 1.2 % خلال عام 2023، إذ أثرت الضغوط التضخمية وارتفاع أسعار الفائدة على التجارة الدولية.

وقال كبير الاقتصاديين فى منظمة التجارة العالمية، رالف أوسا، إن السبب فى هذا الارتفاع يعود إلى ارتفاع نسب التضخم وكذلك السياسات النقدية، الأمر الذى كان بمثابة ضغط على التجارة فى عام 2023، متوقعا انتعاش واسع للتجارة فى مختلف أنحاء أوروبا، التى شهدت انخفاضا ملموسا فى حجم تجارتها خلال العام المنصرم نتيجة للتوترات الجيوسياسية وأزمة الطاقة الناجمة عن الحرب الروسية فى أوكرانيا.

وأشار التقرير إلى أن حركة التجارة العالمية نمت خلال العام الماضى بنسبة 0.2 % فقط، وهى أبطأ وتيرة لها منذ 50 عامًا، فيما قدرت المؤسسات الدولية الكبرى ارتفاع معدلات نمو حركة التجارة العالمية خلال العام الجارى إلى ما بين 2.7 و3.5 %. 

الأرقام كاشفة والإحصائيات دامغة والأضرار واقعة، وليس من المعقول أن يتحمل الاقتصاد المصرى وحده كل هذه الخسائر الكبيرة التى لا قدرة لمعظم اقتصادات الدول على تحملها دون مساعدات وازنة وسخية.