الأحد 5 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

شى يوه وين : كلمات «السيسى» فى بكين لخصت ما تحتاجه القاهرة

شى يوه وين : كلمات «السيسى» فى بكين لخصت ما تحتاجه القاهرة
شى يوه وين : كلمات «السيسى» فى بكين لخصت ما تحتاجه القاهرة


«دكتور صخر» هو اسمه العربى،  درس اللغة العربية فى الصين، وانتقل إلى العمل فى مصر فى سبعينيات القرن الماضى موظّفا صغيرا فى المكتب الثقافى الصينى. اليوم، يستقرّ «شى يوه وين» فى منصبه كمدير للمركز الثقافى الصينى فى القاهرة والمستشار الثقافى بسفارة الصين.. متعلقًا بمصر التى يقول عنها إنها تحمل تاريخا عريقا يُشبه فى قدمه التاريخ الصينى.
يرى د. صخر أن مصر لا تُشبه أى بلد عربى فى نشاط الترجمة والنشر، لكنها تفتقر إلى ما أسماه «الإدارة الثقافية»، والسبب هو الانغلاق والإرهاب والفقر الذى يُجبر البلد على تنحية الثقافة من خططها فى التنمية، قابلناه وكان هذا الحوار الذى يتنبئ فيه بثورة جديدة تُخرج مصر من «عتمة» كالتى عاشتها الصين منذ أربعين عاما.
 ما طبيعة عمل المركز الثقافى الصينى فى مجال الترجمة؟
ـــ يقوم المركز الثقافى الصينى بدور «الجسر» بين الثقافتين الصينية والمصرية، وبين الأدباء الصينيين ونظرائهم المصريين. يعمل المركز الثقافى على ثلاث مهام رئيسية، الأولى تعاونية، نتعاقد فيها مع الهيئة الوطنية للإذاعة والتليفزيون والنشر الصينية لانتخاب بعض الأعمال الأدبية الصينية من أجل الترجمة والنشر فى مصر، وهذه الشراكة بدأت منذ عشر سنوات، فضلا عن مذكرة تفاهم بين المركز وجامعة الدول العربية على ترجمة 25 عملا خلال العام.
المهمّة الثانية تم عبرها إنشاء منتدى المترجمين المصريين والعرب، يجتمع بواسطته ثلاثون عضوا، ويقوم هذا الفريق بإجراء الاتصالات مع مترجمين من جميع البلاد العربية، على أن تصدر الأعمال الناتجة عن الورشة بعد ذلك عبر دار النشر الحكومية فى الصين «العالم الجديد» بموجب هذه المهمّة أنجزت مؤسسة الأهرام للنشر والترجمة ترجمة خمسة أعمال من الأدب الصينى ستكون متاحة خلال معرض الكتاب القادم.
أمّا المهمة الثالثة والأخيرة، أو المبادرة إن صحّ التعبير، فهى تأسيس منتدى الكتّاب العرب والصينيين. عقدت الدورة الأولى من هذا المنتدى فى 20 يونيو الماضى بالقاهرة، تحت رعاية رئيسة اتحاد الكتاب الصينيين يرافقها عشرة كتّاب من الصين، وقابل هؤلاء أكثر من خمسين كاتبا مصريا وحوالى 20 كاتبا عربيا، وزار الوفد كلية الألسن بجامعة عين شمس، وأتاح هذا اللقاء تبادل الخبرات والاقتراحات فى مجال تطوير التعاون الثقافى وتعزيز الترجمة.
 ألا يُقدّم المركز دعما ماليا للترجمة؟
ـــ لا يملك المركز الثقافى ميزانية للدعم، وليست من مهامه تقديم الدعم المادى،  لكن المركز يُعدّ أحد قنوات إيصال الدعم وتنشيط العمل فى الترجمة، بل إننا نُشجّع على الإبداع والكتابة الصحفية ونقيم سنويا مسابقة للكتابة فى موضوعات العلاقات الصينية المصرية، وتجد هذه المبادرة إقبالا مهولا، استلمنا حتى الآن 400 مقال، وستنتهى مهلة التقديم بنهاية هذا الشهر.
 هل يحتكر المركز الوساطة بين المترجمين المصريين والناشر الصينى؟
ـــ إطلاقا، كل الطرق مفتوحة.. هناك بيت الحكمة وهى دار نشر خاصة، وليس لدينا مانع من التعاون معها.. نحن فقط نقوم بأداء جزء ضئيل من المهمة، هناك العديد من الدوائر الثقافية الصينية بإمكان المترجم الفرد التواصل مع ما تقدّمه من مشاريع. هناك وزارة الثقافة الصينية وهيئة الإذاعة الصينية، وبعض الجامعات و95 % من الأعمال التى يتم إنجازها فى الترجمة وتُنشر بالفعل يكون المترجم بنفسه قد حصل على اتفاق فردى وعقد مبرم بواسطة اتصالاته هو، من دون أن يكون للمركز أى تدخّل.
 هل زادت الأعباء والمهام فى المركز بعد حصول الكاتب الصينى مويان على جائزة نوبل فى الأدب؟
ـــ مويان يحكى فى كتاباته الثقافة الصينية وينقل الحياة فى قريته وبلدته، التى هى جزء أصيل من الثقافة التقليدية والعصرية فى نفس الوقت. وبما أن مهمة المركز الثقافى الصينى الأولى هى نقل الثقافة الوطنية الصينية إلى مصر، كأنّك سافرت إلى الصين تماما، فإنه بالطبع عقب فوز مويان زادت إرادة الشعب المصرى لمعرفة الصين والشعب الصينى،  ومن ثم اتّجهت الأنظار نحو تنشيط العمل الثقافى بين البلدين.
 عملتَ لسنتين فى المغرب مديرا للمركز الثقافى هناك، ما الفرق بين العمل فى مصر وبين بلد عربى آخر؟
ـــ الثروات الثقافية فى مصر متوافرة، يحمل البلد تاريخا طويلا وحضارة عريقة، قديمة وزاهية. والمناطق الأثرية فى مصر لا حصر لها، ولا مثيل لها فى أى بلد فى العالم. هناك كوادر مصرية فى مجال الترجمة من الصينية غير موجودين فى بلدان عربية كثيرة. فى المغرب لم أقابل مترجما مغربيا واحدا يُترجم عن الصينية! قبل أسبوعين حضرت مؤتمرا للجمعية المصرية للتعاون ومتحدّثى الصينية، كنتُ مندهشا، وجدت هناك أكثر من 200  مصرى يتحدثون الصينية بطلاقة، لكن ما يفرق مصر عن المغرب مثلا، أن الحركة الثقافية فى المغرب نشطة أكثر من مصر، المهرجانات الثقافية والفنية والسينمائية فى المغرب أكثر عددا وأنجح وأقوى.. جئت إلى مصر وعمرى 27 عاما أعمل فى المكتب الثقافى،  كانت الفعاليات الفنية ومهرجان مثل القاهرة السينمائى،  أكثر نجاحا ودويّا عن اليوم. الحقيقة لا يوجد اهتمام كاف بالثقافة فى مصر.
 ما تفسيرك لهذا الرأى؟
ـــ الثقافة لكى تنجح وتؤثّر يجب أن تكون اقتصاد دولة، ثم إذا كانت الدولة ذات اقتصاد غنى،  يُمكّنها هذا من الالتفات إلى مجالات الثقافة والترفيه كأحد عوامل القوة والتطوّر، لو اقتصاد الدولة قوى تصبح الثقافة قوية.. لكن للأسف لا يزال فى مصر قطاع كبير من الفقراء، مما يُحتّم عليها الالتفات إلى مشاريع أخرى ليس فى أولويّتها المجال الثقافى،  عملتُ قبل ثلاثين عاما فى السودان، ورأيت بنفسى كيف أن الفقر والجوع رهين الجهل ولا يسمح بمناخ يُتيح التفرّغ للعمل الثقافى،  التنمية نواة الروح العظيمة، أقوى سلاح لمواجهة التطرّف والفقر والاضطهاد، وهذا أحوج ما تحتاجه مصر.
 هل تدعم الاتجاه بالسير فى خطى النموذج الصينى؟
ـــ حالة مصر اليوم تُشبه الحالة الصينية قبل أربعين سنة، قبل الانفتاح كنّا منغلقين على أنفسنا، والثورة الثقافية غمرتنا طيلة عشر سنوات فى «خرابة»، وعرقلت التنمية الصينية، أتصوّر أن أمام مصر عقبات يجدر التفكير فى حلّها من أجل اللحاق بركب التنمية، على رأس تلك العقبات الكثافة السكانية، ويليها التطرّف والإرهاب، ومشاكل التعليم ومحو الأمية ونشر الثقافة، الفكر الدينى الذى بات مسيطرا، أمرٌ لم أكن أتوقعه من البلد الذي عشتُ فيه شبابى فى السبعينيات. أنا مُسلم، لكن بكل صراحة أقول، المناطق الإسلامية فى الصين أكثر تخلّفا من مناطق أخرى لا دينية، المسلمون أيّا كانت أجناسهم دائما ما يتّبعون الشكل لا المعنى العميق، ويرفضون دائما الجديد، يظنّونه بدعة.
على سبيل المثال، فى بكين العاصمة، وهى فى مساحة القاهرة من حيث السكّان، يوجد 17 خطا للمترو، تحتاج مصر إلى الإدارة، الإدارة مُهمّة للاقتصاد.. اقتصاد السوق هو السائد، وكلمات الرئيس السيسى فى بكين لها دلالات ليست بعيدة عن كل ما تحتاجه مصر فى المرحلة الحالية، التنمية الثقافية يجب النظر إليها بوصفها صناعة، جزء خدمة شعبية، وجزء آخر كصناعة ثقافية. فى الصين حاليا يوجد حوالى 50 ألف قاعة سينما، و50 مسرحا فى بكين لوحدها، شبّاك التذاكر اليوم فى الصين أصبح دخلا مهما ورئيسيا للدولة الصينية، فى العام الماضى،  أنتجنا 900 فيلم، 600 منها قصة روائية طويلة، أحد الأفلام أدخل للخزانة العامة مليار دولار! عدا ذلك لدينا خدمات مجانية مثل المتاحف والمكتبات والحدائق الترفيهية والتعليمية، وهى مجانية للصينيين والأجانب على السواء. 