الجمعة 3 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

إثيوبيا وإريتريا تنهيان عقدين من القطيعة بتوقيع «إعلان مشترك للسلام»

إثيوبيا وإريتريا تنهيان عقدين من القطيعة بتوقيع «إعلان مشترك للسلام»
إثيوبيا وإريتريا تنهيان عقدين من القطيعة بتوقيع «إعلان مشترك للسلام»




وكأن رئيس الوزراء الإثيوبى «آبى أحمد» يسير على خطى سابقه «هايلى مريام ديسالين» ولكن بممحاة، إذ أعلن رئيس الوزراء الشاب منذ يومه الأول فى الحكم فى مطلع أبريل الماضى عزمه «تصفير المشاكل» وإنهاء علاقات الصراع التى باتت تربط بلاده بجيرانها، وفى بيان تنصيبه دعا الجارة اللدود إريتريا إلى إنهاء القطيعة الممتدة بينهما منذ 20 عاما.
قبل أيام حطت طائرة آبى أحمد فى مطار العاصمة الإريترية أسمرة، فى أول زيارة رسمية لمسئول إثيوبى منذ قرابة عقدين من الزمان، وكان فى استقباله الرئيس أسياس أفورقى، وسط حضور شعبى حاشد امتد على جنبات الشوارع المؤدية إلى المطار، وتعانق الزعيمان وتبادلا الضحك أمام الكاميرات، وتخلى آبى عن البروتوكول كثيرًا فى تصرفاته خلال الزيارة ما يعد مؤشرا على رغبة فى إذابة جبال الجليد فى العلاقة بين البلدين سريعًا.
لم تقف معطيات الزيارة عند النواحى الشكلية والشخصية، وإنما تضمنت ما هو أهم وتمثل ذلك فى إعلان وزير الإعلام الإريترى يمانى جبر ميسكيل أن الزعيمين الإريترى والإثيوبى وقعا «إعلان سلام وصداقة مشترك»، وذلك بعد قمة تاريخية عقدت بين الجانبين، وقال الوزير فى تغريدة على «تويتر»: «تم توقيع الاتفاقية التى تضم خمسة محاور فى مقر الرئاسة الإريترية».
محاور إعلان السلام والصداقة تتضمن: إنهاء حالة الحرب القائمة بين البلدين، وأن يعمل البلدان على تعزيز التعاون فى المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والأمنية  استئناف  وسائل النقل والتجارة والاتصالات؛ العلاقات الدبلوماسية، وأن يتم تنفيذ قرار ترسيم الحدود، وأن تعمل الدولتان معا  لضمان السلام والتنمية والتعاون الإقليمى.
بموجب الاتفاق المبرم بين الجانبين أعلن آبى أحمد أن بلاده ستبدأ فى استخدام ميناء إريتريا على البحر الأحمر (إثيوبيا دولة حبيسة بلا شواطئ) وقال إنه اتفق مع الرئيس الإريترى أسياس أفورقى على «إعادة فتح سفارة كل منهما فى عاصمة الأخرى».كما كشف مدير مكتب رئيس الوزراء الإثيوبى  فصوم اريقا أنه بات بإمكان حملة الجوازات الإريترية والإثيوبية السفر بين أديس أبابا وأسمرا، دون الحصول على تأشيرة مسبقة.
مسار العلاقة مع إريتريا أخذ فى التغير منذ اللحظة الأولى لآبى أحمد فى السلطة فبعد دعوته إريتريا فى خطاب تنصيبه إلى بدء صفحة جديدة فى العلاقات بين البلدين، أعلن وزير خارجيته «ورقينه جبيو» فى ختام زيارة وفد إريترى رفيع المستوى برئاسة وزير الخارجية عثمان صالح إلى أديس أبابا، أن رئيس وزراء بلاده سيلتقى رئيس إريتريا «فى أقرب وقت».
آبى أحمد دشن منذ توليه الحكم مرحلة جديدة فى علاقات إثيوبيا الخارجية تقوم على التعاون سواء مع مصر أو إريتريا أو كينيا وجيبوتى، كما زار كلا من الإمارات والسعودية وأبرم عدة اتفاقات للارتقاء بمستوى العلاقات مع المحور العربى فى مواجهة المحور التركى القطرى.
يستند رئيس الوزراء الشاب فى موقفه الشجاع من القضية الإريترية إلى أكثر من عنصر قوة أهمها الشعبية التى يتمتع بها فهو ينتمى إلى القومية الأكبر بين القوميات الإثيوبية (الأورومو) علاوة على أنه جاء بعد تغير تاريخى فى معادلة الحكم فى بلاده بعد أن ظلت قومية التجراى متحكمة فى مفاصل الحكم لعقود، ومنها أيضا الراى العام الإثيوبى الداعم لتحقيق السلام مع الجارة التى تشترك مع إثيوبيا بروابط تاريخية وديموجرافية تتمثل فى القبائل الممتدة على جانبى الحدود.
تاريخيًا، استقلت إريتريا عن إثيوبيا عام 1993 بعد حرب استمرت ثلاثة عقود، لكنّ صراعًا حدوديًا حول بلدة «بادمى» اندلع مجددا بينهما عام 1998، حيث قطعت العلاقات الدبلوماسية منذ ذلك الحين.
وشهدت الجزائر فى ديسمبر 2000 توقيع اتفاقية سلام بين البلدين أنهت الحرب الحدودية، غير أنها لم تدخل حيز التنفيذ بسبب احتلال إثيوبيا لعدة مناطق حدودية بين البلدين، والشهر الماضى أعلنت إثيوبيا التزامها بتنفيذ كامل الاتفاقية وترسيم الحدود مع إريتريا.
لا يمكن النظر إلى زيارة آبى أحمد بمعزل عن سياسته الخارجية ورؤيته تجاه قضايا بلده ومن ثم يمكن اعتبارها مقدمة لتحركات أخرى أكثر جرأة ليس فى الملف الإريترى فحسب وإنما فى ملفات أخرى منها سد النهضة والعلاقات مع مصر، وهو ما يمكن فهمه فى ضوء بيان الخارجية المصرية الذى رحب بشدة بالاتفاق الموقع بين البلدين ودعا لأن تكون الخطوات التى اتخذها البلدان نموذجًا يحتذى فى إفريقيا لإنهاء حالات الصراع القائمة فيما بينها.