الأحد 28 ديسمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي

الإتيكيت فى الصغر كالنقش "ع الحجر"

الإتيكيت فى الصغر كالنقش "ع الحجر"
الإتيكيت فى الصغر كالنقش "ع الحجر"


عالم الأطفال مليء بالتفاصيل والحكايات التى تنافس فى متعتها عالم الكبار، إلا أنه أكثر براءة ممزوجة بذكاء فطرى خالص، هنا  فى  القاهرة برع بعض الأطفال فى مزاولة نشاطات الكبار، وتحولوا لشيفات محترفين  فى  الطبخ،  وعارضين وعارضات  للأزياء يستطيعون منافسة عارضى أفضل خطوط الموضة العالمية، وتمرسوا فى الكثير من الأعمال الحرفية.

العديد  من المراكز المتخصصة والحضانات حرصت على تنفيذ كورسات وبرامج لتعليم الأطفال كل المهارات الحياتية بشكل ترفيهى تربوى، من خلال تعلم الرقص الغربى والشرقى، وعروض الأزياء، والاهتمام بالذات عبر جلسات الباديكير والمانيكير وجلسات الاسترخاء، والتعرف على تفاصيل أصحاب المهن والحرف.
الإتيكيت والرقص
 منذ عامين تقريبًا خرجت للنور أول حضانة للأطفال بشكل خاص على يد الفتاة الثلاثينية «سحر مصطفى»، تحت مسمى «الحضانة الدافئة النموذجية لتعليم الهوايات للأطفال»، قررت فيها «سحر» أن تضع الأطفال فى سباق مع الزمن، فهم قادرون على تقديم ما يفعله الكبار من خلال تنمية هواياتهم فى المجالات المتنوعة من الحياة.
تقول سحر عن تجربتها التى حققت نجاحًا كبيرًا فى منطقة التجمع بالقاهرة الجديدة: «معظم الحضانات الموجودة فى مصر دورها تعليمى تربوى فقط، يجلس الأطفال للتعلم، دون البحث عن المهارات وتنميتها لدى الطفل، فهذا العالم ملىء بالإبداعات التى تفاجئ الجميع، وهو ما دفعنى لإنشاء فريق عمل مكون من متخصصين ومعلمات مصريات وأجنبيات، حيث تم إشراك المعلمات الأجانب حتى يتعلم الطفل أكثر من لغة غير اللغة العربية من خلال التفاعل اليومى مع المعلمات، كما يوجد معلمات القرآن الكريم، ومعلمات التدبير المنزلى، ومعلمات الموسيقى، وآخريات لتعليم الرياضة.
وتضيف: حرصت أن يكون مشروعى فى إنشاء حضانة، إعداد طفل مبدع وناجح للمستقبل يستطيع مواجهة سوق العمل، وهى طريقة ناجحة فى دول أوروبا، وساندنى زوجى حتى قمت بالتنفيذ على أرض الواقع.
وتوقفت سحر عن الحديث، لتقرر أن تقدم تجربة الحضانة الخاصة بها بشكل عملى على أرض الواقع وسط الأطفال، وقدمت إلينا  فريقًا  كاملاً من الأطفال المهتمين بتعلم الطبخ على يد شيفات مهرة فى قسم الطبخ التابع للحضانة، حيث استقبلها الأطفال بحفاوة متحمسين  للبدء فى التنفيذ العملى  فى المطبخ المجهز للصغار مرتدين «مريلة» المطبخ.
ووقفت «سحر» بجوار ثلاثة  شيفات نساء يشرفن على خطوات الأطفال فى الطبخ، وقرر الأطفال عمل «البيتزا»، ونجحوا فى تنفيذها تحت إشراف الشيفات خلال عشر دقائق، وأوضحت الشيف مروة حسن، أحد المساعدات للأطفال فى الحضانة: إن الأطفال  يحبون المجالات العملية فى التعلم، وأصبح معظمهم خلال ثلاثة شهور فقط على دراية جيدة بتفاصيل الطبخ  وتعلموا  قواعد الطعام الصحى وكيفية الحفاظ على الطعام فى المنزل ومساعدة الأم، وهم لديهم استجابة سريعة للتعلم، وكل شهر نقوم بمسابقة طبخ لتشجيعهم وتتويج الفائز، والطريف فى الأمر أن الأطفال بينهم سوريون ينافسون الأطفال المصريين فى إعداد المائدة والوجبات.
وتؤكد الشيف مروة: «هنا فقط يستطيع الطفل ذو الثلاث سنوات أن يصبح «شيفا» متمكنًا، خلال فترة قليلة لا تتجاوز أربعة أشهر، والبعض يكمل التدريب فى المنزل مع والدته، كما أن الأسر ترحب بالأمر وتشجع أطفالهم على التعلم بشكل صحيح، ونحرص على توعية الأطفال بكيفية التعامل مع مخاطر المطبخ مثل النار والزيت الساخن وقواعد الأمان والكهرباء.
عاودت سحر الحديث  وهى تفتح غرفة أخرى  لتعليم  الأطفال الهوايات، الغرفة خاصة بفن  «الإتيكيت»، والرياضات المختلفة، قائلة: «جميع الأطفال وعددهم يصل إلى 30 طفلاً لديهم ثقافة الاهتمام بالنفس بشكل يومى، ونقيم يوماً فى الشهر ترفيهياً لجميع هوايات الاهتمام بالذات والمظهر الخارجى».
عروض الأزياء
فى غرفة أخرى تتبع الحضانة، عرضت مشرفة الحضانة «سحر مصطفى»، العديد من صور عروض الأزياء التى قدمها الأطفال فى اليوم الترفيهى، والتى شارك فيها الـ30 طفلاً من الجنسين، مضيفة: توجد مشرفة متخصصة  فى  تقديم عروض الأزياء وحياكة الملابس فى الحضانة أمام الأطفال لتعليمهم الحرفة، وقد يكون بينهم مصمم أزياء شهير فى المستقبل وبالفعل هناك ميول بين البعض خاصة البنات أثناء تقديم عرض الأزياء والثقة فى النفس وإبهار الحضور، وبعد تدريبهم هناك بيوت أزياء شهيرة تطلب إشراكهم فى العروض الخاصة بها والأمر يتوقف على قبول العرض أو رفضه من الأسرة.
وأشارت  سحر إلى أنها لا تتبع التعليم التقليدى للأطفال، لكنها تركز على التعليم بطريقة عملية وأكاديمية لأنها  الطريقة  الأمثل والصحيحة للتعليم، مثال على ذلك عندما أعلم الطفل أن يكون نظيفًا ورائحته جميلة لا أقول له قم بالاستحمام أو مشط شعرك، لكن أقوم بتقديم ذلك بطريقة عملية لكى يتعلم ويفهم معنى الجملة، بمعنى أننى لا ألقى على الأطفال أوامر بل أعلمهم تلك الممارسات بطريقة عملية، كما نحاول أن نغرس فى الأطفال  القيم  وإصلاح  السلوكيات  المجتمعية من خلال تعليمهم الزراعة والحفاظ على البيئة، وإطلاق مبادرات متنوعة يشارك فيها الأطفال.
كما ننظم يومًا لتعليم آداب المرور فبدلًا من تعليمهم بطريقة شفهية ألوان وكيفية المرور، فضلنا  تعليمهم بطريقة عملية لكى يتذكرونها، واحضرنا لهم سيارات وإشارات مرورية وعلمناهم وقاموا بالتنفيذ العملى.
وأوضحت «سحر»، أن مهمة الحضانة تنتهى بقبول الأطفال   فى المدارس وعند ذلك نودع الأطفال بإقامة حفلة تكريم كبيرة، لكى يشعروا بقيمة ما تعلموه وأن يكونوا على تواصل معنا وأن تكون مرحلة الحضانة تأسيسا لهم فى حياتهم المستقبلية.
وكشفت أنها تعتزم  تنظيم  يوم لتناول الطعام  فى أحد الفنادق لتعليم الأطفال الجلوس بطريقة هادئة وصحيحة وتناول الطعام  بدون إحداث الضوضاء والاعتماد على النفس فى طلب الطعام المحبب لهم من خلال معلمة الإتيكيت، مطالبة الحضانات الأخرى بتعليم الأطفال ما ينفعهم مستقبليا وعدم التركيز على الجانب التعليمى فقط.
أطفال الخير
 داخل الحضانة هناك أنشطة خيرية يقدمها الأطفال، ففى يوم اليتيم تم حث الأطفال على التبرع بملابسهم غير المستعملة بعد غسلها وكيها وتقديمها للأطفال الأيتام فى إحدى دور الرعاية، ليعلموا معنى العطاء، كما أن الحضانة تتواصل بشكل مستمر مع أسر الأطفال حتى لا يتعارض دور الأسرة مع ما يتعلمه الطفل فى الحضانة من سلوكيات.
ارتدت ليلى الطفلة سورية ملابس الطهى، ووقفت بجوار معلمتها الأوروبية وقالت، تعلمت الطهى فى المطبخ بجوار المواد التعليمية الخاصة بالحضانة، فأقضى ساعة يوميًا فى تعلم فنون الطهى وتعلمت طريقة طهى  البيتزا والحلوى السورى الشرقى، وسبب حضورى الأول فى الحضانة تعلم فنون الإتيكيت  والاهتمام  بالنفس  فى الجلسات الشهرية للباديكير والمانيكير وكورسات العناية بالجسد، كما نتدرب هنا فى الحضانة على المهنة التى نحلم بها فى المستقبل وأحلم بأن أكون طبيبة.
وأضافت رحمة عبدالله: والدتى طبيبة وأذهب معها وأشاركها فى يومياتها فى العمل وأحلم بأن أكون مثل والدتى، وهى تشجعنى على التدرب على هواياتى هنا كفتاة مثل الطهى وكورسات الإتيكيت على مدار العام، وسوف أتخرج العام القادم والفستان الذى سأحضر به الحفل سأشارك معلمتى فى إعداده،   ووالدتى تشجعنى بهدايا كبيرة فى حال تعلم أمور عملية جديدة من خلال الحضانة، وأحرص على جمع صورى فى الفعاليات، والتعلم والمشاركة فى فعاليات التكنولوجيا مثل أحدث برامج الكمبيوتر لتعلم اللغات، فلدى لغتان حاليًا العربية واللغة الإنجليزية وقريبًا سوف أتعلم اللغة الألمانية.
وأمسكت دلال علاء ورق الجريدة لتصفحها قائلة: أحلم بأن أكون صحفية مثل والدى فهو كاتب ولدية روايات ويقيم لى مكتبة خاصة فى المنزل، لذلك أقضى معظم وقت الهواية الخاص بى فى المكتبة، لذلك ألحقنى بالحضانة لأتعلم مهارات جديدة فى القراءة والكتابة وتنمية هواياتى، ويحضر والدى معى فى بعض الأحيان لتشجيعى هنا فى الحفلات الشهرية.
قال محمد طفل الأربع سنوات: والدى يعمل مدربًا رياضيًا ويعلمنى على الألعاب الرياضية مثل الكارتيه منذ عام، فأستطيع الدفاع عن نفسى، وأمارس الرياضة  والتدرب عليها خاصة كرة القدم فى الحضانة فهى هوايتى الأولى وأحلم بأن أكون لاعب كرة مثل محمد صلاح، وسبب تشجيعى الأول والدى ووالدتى، كما أشارك فى عروض الأزياء هنا فى الحضانة، وأستمع دائمًا لنصائح المعلمين  من إرشادات صحية لحياتى لأحافظ على نفسى أثناء المرور فى الشارع بمفردى، وتعلمت طريقة الطعام الصحى والمفيد على المائدة وآداب الإتيكيت، وأحلم بأن أكون ضابط شرطة  بجوار هوايتى كلاعب كرة، وأتواجد مع أصدقائى  فى جميع المبادرات الخيرية فى حضانة، كما أشارك فى مسابقات الذكاء.
وتقول إحدى أولياء الأمور: الأطفال  فى حاجة للاهتمام بهم بشكل أكاديمى وعملى وتنمية مهارات، فالمستقبل يعتمد على ذلك، وسبب حضورى الدائم أننى أعتبر ابنتى ثروتى الحقيقية أكثر من المال، لذلك أتابع من خلال الحضانة تفاصيل الكورس المنزلى الذى يزيد من  مهارتها،  ورغم أنها 4 سنوات فقط،  فإنها على دراية  بأمور كثيرة فى الحياة، ولست الأم الوحيدة التى تحضر هنا لمتابعة أبنائها فالأم الواعية لابد أن تكون معنا وتشارك.
وتضيف: «قديمًا كانت تنصحنا أمهاتنا وجداتنا بالالتزام بالمنزل خوفًا علينا من التجربة والخروج للشارع لكن أبناءنا جيل جديد مع تكنولوجيا عالية ليخرج خير المبدعين، وأحلم أن تكون ابنتى طبيبة».
وأكد الدكتور عبدالحميد أبوزيد أستاذ علم الاجتماع جامعة الفيوم، أن التنشئة الاجتماعية السليمة من أهم الأسس لخروج طفل سليم للمجتمع، فمن خلال التنشئة السليمة يتم اكتشاف مهارات ومواهب الطفل والعمل على تنمية تلك القدرات، فلا نعلمه أخلاقيًا فقط، لكن نلاحظ إبداعه فى مجالات بعينها ونوجهه إليها وبالتالى الأمر يساعده فى بناء نفسه ومستقبله، والوظيفة التى يتجه إليها، ومعظم مكتشفي مواهب الطفل يكونون من المقربين القائمين على رعايته التربوية فى المجال التعليمى، ولابد أن نهتم بموهبة الطفل فهى مستقبل المجتمع ولابد أن يكون هناك آليات لاستقبالها دائمًا.