حكايات «حاحا وتفاحة» فى محكمة الأسرة!

آلاء البدرى
كثيرًا ما تنتهى العلاقات الزوجية نهايات مؤسفة.. لا إمساك بمعروف ولا تسريح بإحسان.. بل خصومة فاجرة يتم فيها إشهار كل الأسلحة علنًا بما فيها الخوض فى الأعراض.. المهم هو إهانة الطرف الذى كان يومًا سكنًا ومودة ورحمة.. التشهير به فى ساحات المحاكم.. فتقف الزوجة أمام القاضى لتتهم زوجها إنه «مابيعرفش» ويقف الزوج ليتهم زوجته بأنها «زانية» وتمتلئ المحاكم بآلاف القضايا الكيدية كوسيلة للانتقام والتشهير.
تستقبل محكمة الأسرة سنويًا ما يقرب من مليون و500 ألف دعوى قضائية تتنوع بين الطلاق والخلع والحضانة والنفقة والنسب، وتشير دراسة حديثة إلى ارتفاع نسبة القضايا المرتبطة بالتشهير حتى تجاوز عدد دعاوى إنكار النسب، ١٤ ألف دعوى بهدف كيد الزوجة أو التهرب من نفقات الطلاق، إلى جانب أن %40 من قضايا الخلع اتَّهمت فيها الزوجات الأزواج بالتقصير فى أداء مهامهم الزوجية والعنف والعجز الجنسى وتعاطى العقاقير المنشطة والمواد المخدرة.
م. ك، تقول: «رفعت دعوى خلع ضد زوجى لأن العشرة بيننا أصبحت مستحيلة، فهو يهتم بأصدقائه أكثر من اهتمامه ببيته، ويقضى معظم وقته معهم وكان يهملنى بشكل مبالغ فيه ويهيننى ويُحقر من شأنى أمام الناس، وحينما واجهته بأخطائه تعدى عليّ بالضرب وشكك فى شرفى وأخلاقى وترك البيت لمدة 3 أشهر، فرفعت دعوى خلع لأنتقم منه واتهمته بأنه «مبيعرفش»، وحرمنى من حقوقى الشرعية طوال عامين مدة زواجنا، وتقدمت بتقارير طبية تفيد أنه يُعانى من خلل طبى بعد أن تعرض لحادث سير جعله مصابًا بعجز جزئى، كما قدمت خلال جلسات تسوية النزاع شهودًا وأدلة أكدت فيها تضررى ورغبتى فى افتداء نفسى وعرضت رد مقدم الصداق لزوجى وهو مبلغ جنيه واحد فقط والتنازل عن المؤخر وهو مبلغ 5000 جنيه وهو لا يساوى قدر الفضيحة التى ستلاحقه فى كل مكان».
وأضافت: «حتى إن رُفضت الدعوى يكفى أن اقاربه ومعارفه وأصدقاءه عرفوا سبب طلبى الخلع وسيدخل بعدها دائرة الرجال المطاردين بعلامات الاستفهام ويصبح سجينًا للإهانة التى لحقت به من امرأة وستطارده دائمًا الشائعات فى كل مكان يذهب إليه وبالنسبة لى هذا الانتقام يكفى».
ومن أغرب قضايا الخلع الكيدية المقدمة إلى محكمة الأسرة تقدمت بها الزوجة ش.ع، تطلب الخلع من زوجها بسبب عجزه الجنسى وسوء معاملته هو ووالدته لها، ولكن السبب الحقيقى أن زوجها ليس لديه ميراث ترثه بعد وفاته، وتقول الزوجة إنها تزوجت من زوجها الذى يكبرها بـ14 عامًا، وهو متزوج من أخرى، ولديه أبناء وفى البداية كانت أسرتها رافضة الزواج بسبب فارق السن بينهما لكن زوجها استطاع أن يقنعهم بالموافقة بعد أن أكد لهم أن لديه ميراثًا كبيرًا، وأن ابنتهم سترث مبالغ طائلة بعد وفاته، ولكن بشرط أن يطلق زوجته الأولى قبل الزواج من ابنتهم لتكون هى وأولاده منها الورثة الشرعيين فقط لأمواله الكثيرة.
وتابعت الزوجة: زوجنى أبى بسرعة منه، ودون إقامة عرس وحفل زفاف واكتشفت بعد الزواج أنه كاذب ومخادع وفقير ولا يملك غير راتبه ويعانى من عدة أمراض مزمنة، فرفعت دعوى خلع منه بعد شهر واحد من الزواج واتهمته بأنه عاجز جنسيًا حتى أفضحه وأنه يضربنى ويعاملنى معاملة سيئة هو وأمه التى كانت تعتدى عليها بالضرب لأتفه الأسباب.
من جهةٍ أخرى، يقول أشرف.ح، زوج مخلوع: «مررت بتجربة أقل ما يُقال عنها أنها قاسية واستمرت آثارها النفسية عليّ أكثر من 4 سنوات وخاصة بعد أن شهرت بى زوجتى السابقة وفضحتنى فى مكان عملى وبين أفراد عائلتى واتهمتنى أننى غير قادر جنسيًا وبعد أن تمكنت من الخلع، حاولت تخطى المشكلة وتقدمت لخطبة أخرى فى تردد لأننى كنت أخشى نظرة الناس وعواقبها ورغم ذلك قررت خوض التجربة لاسترداد رجولتى وفضلت أن تكون ناضجة ومثقفة لتتفهم ظروفى، وبعد أكثر من لقاء بيننا كانت المفاجأة بعد أن اعترفت لها أننى مخلوع وأن زوجتى افترت علىّ حتى تتمكن من الخلع لم تستطع حينها أن تدارى انفعالاتها، قالت بلهجة لا تخلو من الحدة: «أنا مصبرتش ده كله عشان اتجوز واحد مخلوع ومعيوب»، أصابتنى بعدها حالة من الإحباط وفقدان الثقة فى نفسى وفى رجولتى ولو يتيح لى القانون أن أنتقم من زوجتى السابقة وأسجنها بتهمة التشهير لفعلت لكنها أخذت احتياطاتها منى وجعلتني أُوقِّع على محضر عدم تعرض.
تُعتبر دعوى إنكار النسب الكيدية سواء كانت بهدف معاقبة الزوجة والتشهير بها أو بهدف التهرب من النفقة جريمة بكل المقاييس، ويجب أن يحاسب عليها القانون حيث إن الأطفال هم من يدفعون ثمن تصفية الحسابات، وتؤثر عليهم القضايا بشكل سلبى، ويَنشَأون غير أسوياء لأنهم يعتبرون أنفسهم عارًا على المجتمع ويشعرون بالدونية والعقد نتيجة لعدم اعتراف المجتمع بهم بكل مراحل حياتهم، وقد أشارت الدراسة إلى أن هناك آلاف الأطفال ينتظرون العدل لإثبات حق البنوة والخدمات والحياة بسبب إنكار نسب آبائهم لهم.
وتعد قضية الزوجة ن. ع، من أقسى القضايا التى عرضت على محكمة الأسرة حيث ظلت الزوجة تحارب الظلم والتشهير لمدة 6 أعوام عقب طلاقها بعد أن تفاقمت الخلافات بينهما ووصلت إلى حد الضرب والإهانة وذهب وتزوج من أخرى ورفع دعوى إنكار نسب لكى يتهرب من سداد نفقات ابنته التى ولدت بعد الطلاق بشهرين، ورفض الاعتراف بها، واتهمنى بالزنى وسوء السلوك، وتضيف أنها أمضت 6 أعوام فى أروقة المحاكم تحاول الانتصار على الظلم وتسجيل ابنتها التى عجزت عن استخراج شهادة ميلاد لها خلال تلك الفترة إلا عندما بلغت 6 أعوام وذلك بعد صدور الحكم النهائى.
وتعتبر قضية هند الحناوى وأحمد الفيشاوى التى تحولت إلى قضية رأى عام عقب تعاطف مجموعة من المنظمات الحقوقية والنسائية مع «هند» والوقوف بجانبها ودعمها حتى تمكنت من إثبات نسب ابنتها هى من فتحت الباب أمام الكثير من النساء لإعلان التحدى والصمود.
كما حازت قضية أحمد عز وزينة ونَسََب الأطفال على اهتمام كبير من قبل وسائل الإعلام فى الفترة الماضية والتى انتهت بصدور حكم قضائى نهائى لصالح المدعية زينة على عز.
أصبحت زينة قادرة على استخراج وثائق ميلاد رسمية لطفليها وتسجل عليها اسم أحمد عز والدًا لهما فور صدور الإفراج عن الصيغة التنفيذية للحكم إلى جانب إلزامه بدفع مبالغ إعالة مالية شهرية بمثابة نفقة تستخدمها أم الأطفال لتربية صغيريها.