راية الشهداء لن تسقط

تحتفل مصر والقوات المسلحة يوم الجمعة المقبل – 9 مارس – بيوم الشهيد، تخليدًا لذكرى استشهاد الفريق عبدالمنعم رياض رئيس أركان القوات المسلحة أثناء حرب الاستنزاف، وهذا الاحتفال تكريمًا له وفخرًا ببطولاته التى جسدت أسمى معانى التضحية والفداء.

الفريق عبد المنعم رياض ومن قبله وبعده المئات من الشهداء الذين قدموا أرواحهم دفاعا عن الأرض والشرف، ستظل مصر تفتخر بهم حيث رصدت سجلات الحروب الأربعة التى خاضتها مصر بحروف من نور حكايات أبطال قدموا دماءهم لتروى تراب مصر الطاهر، ومازالت التضحيات مستمرة حتى اليوم فى حرب مصر ضد الإرهاب.
فعلى طريقة الشهيد إبراهيم الرفاعى أحد أبطال حرب أكتوبر 1973 تأتى بطولة واستشهاد البطل أحمد المنسى من مواليد 1977 بمنيا القمح محافظة الشرقية، تخرج فى الكلية الحربية ضمن دفعة 92 حربية ضابطًا بوحدة الصاعقة، عمل لفترة طويلة فى الوحدة 999 قتال وحدة العمليات الخاصة بالصاعقة والتحق بأول دورة للقوات الخاصة الاستكشافية وسافر إلى الولايات المتحدة الأمريكية ويعد أحد أشجع وأكفأ ضباط وحدات الصاعقة والقوات المسلحة وحصل على ماجستير العلوم العسكرية دورة أركان حرب من كلية القادة والأركان عام 2013 وتولى الشهيد قيادة الكتيبة 103 صاعقة خلفًا للشهيد العقيد رامى حسنين الذى استشهد فى أكتوبر 2016.
وكان الشهيد أحمد المنسى يتمنى الشهادة وقد نالها بكل الفخر والشرف وكان لديه ثلاثة أولاد الأكبر حمزة، ورحل الشهيد فى يوليو الماضى 2017 وترك بطلاً وشبلاً صغيرا. أصر أن يودع والده البطل مرتديا الزى العسكرى متيمنا بوالده الذى يتمنى أن يكمل المشوار ويحارب الخونة ويثأر لوالده، وما أروع أن تكرمه الدولة بإنشاء كوبرى الشهيد أحمد المنسى – العائم بقناة السويس بمنطقة نمرة 6 بمدينة الإسماعيلية.
عندما طلب منه افتتاح الكوبرى مع أمه وأخيه لم ينم طوال الليل ووقف سعيدا وفخورا تحت اللوحة التى تحمل اسم والده ولم يترك حمزة أى مناسبة عسكرية إلا وارتدى زيه العسكرى مؤكدًا على استكمال مسيرة والده البطل أحمد المنسي.
وبالقنطرة غرب وقفت أم الشهيد أبانوب جرجس فخورة بتخليد اسم ابنها الشهيد وفرحة بتمجيد أبانوب فى الأرض وفى السماء وسيظل الشهيد موجودًا بتخليد اسمه لما قدمه من فداء للوطن والاستشهاد دفاعا عن الوطن خاصة وأنه استشهد مع16 من زملائه برصاص الغدر فى يوليو 2015 فى معركة الشيخ زويد ضد الإرهاب.
ومن المصادفات الغريبة أن يأتى استشهاد البطل المنسى بعد الشهيد رامى حسنين قائد كتيبة الصاعقة بشمال سيناء حيث كانت تربطهما علاقة قوية، حيث رثاه المنسى بعد استشهاده فى صباح يوم 29 أكتوبر 2016 قائلا له فى ذمة الله أستاذى ومعلمي. إلى اللقاء شئنا أم أبينا قريبًا.
ولم يختلف الأمر كثيرا عن شهداء الشرطة الذين يقدمون بطولات فى كل مكان فداء للوطن، وعلى طريقة الشهيد المنسى وابنه حمزة كان الشهيد عقيد فتحى قدرى أمين جعفر، قائد قطاع الأمن المركزى بالعريش الذى أصر أن يذهب إلى سيناء لمواجهة الإرهاب وحماية الوطن واستشهد فى 2017، ورغم دموع الابن «عمر» وحزنه الشديد على فراق والده إلا أنه أصر بكل قوة وتماسك ويقول كلماته القوية.. بأنه رغم حزنه على فراق أبيه.. لكنه سوف يكمل المشوار ويتمنى أن يدخل كلية الشرطة لكى يقتل الإرهابى الذى قتل والده وحرمه منه، وأنه لن يتنازل عن زيه العسكري.
ومن بطولات التاريخ منذ 1969 ومرورًا بعامى 2016 و 2017.. حتى جاءت لحظات الحسم مع الإرهاب فى عملية سيناء الشاملة 2018 وبطولات واستشهادات جديدة دون خوف أو تردد منها بطولة الشهيد الملازم أحمد الشاذلى الذى استشهد فى 26 فبراير الماضى دفاعا عن الكتيبة 101 وتمكن الشهيد من قتل إرهابيين كانوا يتخفون فى ملابس عسكرية وفجر الإرهابى نفسه فى البطل الشهيد الذى أنقذ الكتيبة من التفجير.. كما استشهد أحمد الماحى الرقيب أول بالقوات البحرية الذى كان الأخ الوحيد لثلاث فتيات وكان ينتظر أن يتم زواجه لكنه استشهد مع زهور شباب مصر من القوات المسلحة.
أما الشهيد الملازم أول إسلام محمد إسماعيل من قوة الكتيبة 83 صاعقة فقال فى زيارته الأخيرة لأسرته بمحافظة الدقهلية بكل سعادة وخاصة والده بأنه سوف يكون من قافلة الشهداء وكتب رثاء لنفسه على صفحته عبر «الفيس بوك» قائلا: «اللهم اغفر لى بدمائى واجعل كفنى ردائى العسكرى وارزقنى الشهادة».
ولم يختلف الأمر عن الشهيد الملازم محمود الشافعى من قوى الكتيبة 101 بالعريش وهو من أبناء محافظة المنوفية فأسرته استقبلت استشهاده بالزغاريد والسعادة، وفى الإسماعيلية ودعت أسرة الشهيد الملازم أول أحمد فوزى عمارة من قوات الصاعقة دفعة 110 حربية شهيدها الذى قدمته فداء للوطن.
ولأن الفداء للجميع والغدر لا يفرق بين ضابط وجندى فقد استشهد من الدقهلية الشهيد مجند محمود منصور الذى كان يؤدى فترة خدمته العسكرية فى سيناء.