الثلاثاء 11 نوفمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي

«أصحاب الخوذ البيضاء».. مخلب إنجلترا للجرائم «السوداء» فى سوريا

«أصحاب الخوذ البيضاء».. مخلب إنجلترا للجرائم «السوداء» فى سوريا
«أصحاب الخوذ البيضاء».. مخلب إنجلترا للجرائم «السوداء» فى سوريا


«أصحاب الخوذ البيضاء»
 The White Helmets
اسم يطلق على مجموعة من المتطوعين السوريين الذين يساعدون الجرحى فى مناطق الصراع على الأراضى السورية، هذه المجموعة تطلق على نفسها قوات الدفاع المدنى السورى لكنهم لا يتبعون قوات الدفاع المدنى السورية الرسمية. اشتهر أصحاب الخوذ البيضاء؛ إذ يظهرون بعد كل قصف أو تفجير كمنقذين للأطفال والجرحى حتى إن فيلماً وثائقياً قصيراً عنهم نال جائزة الأوسكار كأحسن فيلم وثائقى لعام 2017
الفيلم يرصد عمل أصحاب الخوذ البيضاء تحت القصف وقربهم من الخطر بهدف إنقاذ المدنيين وهو ما جعلهم المصدر الرئيسى للمعلومات فى مناطق القصف إذ تعتمد القنوات الإخبارية ووكالات الأنباء العالمية على شهادات أصحاب الخوذ البيضاء ويعتبرونهم اليوم مصدر معلومات موثقًا بلا مراجعة، ولكن السؤال الأهم هو: من هم؟ وكيف تدربوا على هذا العمل؟ ومن تولى تدريبهم؟
ظهرت المجموعة عام 2013 عندما اشتعلت الحرب فى سوريا بين الجيش النظامى السورى والجماعات الإسلامية المسلحة المتعددة هناك أو ما يعرف بالمعارضة المسلحة، حيث كان وصول القوات المدنية السورية الرسمية إلى مناطق القصف فى حلب وإدلب أمرا مستحيلا. تحدثت وسائل الإعلام كثيرا عن شجاعة أصحاب الخوذ البيضاء وعملهم الإنسانى البطولى لكن أحداً لم يلق الضوء على الانتقادات الموجهة للمجموعة بأنهم مجرد أداة لجمع الأموال التى تشير بعض التقارير إلى أنها ربما تصب فى النهاية لصالح تنظيم الدولة أو جبهة النصرة التابعة لتنظيم القاعدة.
المجموعة تحصل على تمويل بشكل أساسى من الحكومتين الأمريكية والبريطانية إلى جانب عدد من المنظمات الغربية غير الحكومية، أما مؤسس المجموعة أو صاحب الفكرة فهو عميل الاستخبارات العسكرية البريطانية السابق «جيمز لو ميزوريير» وقد كشفت الصحفية «فانيسا بيلي» علاقة ميزوريير بأصحاب الخوذ البيضاء، مشيرة إلى أنه شخص ذكى وتوصل إلى حقيقة أن المساعدات الإنسانية يمكن أن تكون أكثر تأثيرًا فى إبقاء الحرب من الجيوش، فتقارير أصحاب الخوذ البيضاء المؤثرة ومشاهد القتلى من الأطفال الموجعة والتى يصورها أعضاء المجموعة كفيلة بكسب تعاطف الغرب.
وعلى الرغم من وجود  بعض التقارير التى تشير إلى قيام الصليب الأحمر بتدريب أعضاء المجموعة إلا أن تقارير عديدة تربط بين ميزورير وأصحاب الخوذ البيضاء من عام 2013. شارك ميزوريير كضابط استخبارات  فى كوسوفو وترك عمله بالجيش عام 2000 ليلتحق بالعمل بالأمم المتحدة، وقد صرح ميزوريير بنفسه بمسئوليته عن تدريب أول مجموعة من أصحاب الخوذ البيضاء فى تركيا من خلال مدربين أمريكيين وبريطانيين، وكانت المجموعة الأولى تتكون من عشرين فرداً عام 2013 بينما تخطى عددهم المائة عام 2015 عندما كشف ميزوريير عن دوره الرئيسى فى الأمر فى كلمة ألقاها خلال أحد المؤتمرات الذى تحدث عن الدول التى تعانى عدم استقرار.
وما يؤكد الفكر السائد داخل أروقة أجهزة الاستخبارات الغربية بشأن استخدام المساعدات الإنسانية كأداة من أدوات الحرب هو تصريح العميد البحرى البريطانى سير «فيليب جونز» بأن الضربة العسكرية لا تتم فقط من خلال الحروب بل يمكن أن تتم من خلال المساعدات الإنسانية وهو ما وصفه بأنه ضربة باستخدام قفاز طفل، ومن هنا كان استخدام «أصحاب الخوذ البيضاء» كوسيلة لاستعادة الثقة التى فقدتها جماعات المعارضة السورية على إثر اكتشاف علاقتها بالتنظيمات الإرهابية.
كان عدد من الأطباء التابعين لمؤسسة «أطباء سويديين من أجل حقوق الإنسان» SWEDHR  قد شككوا فى عمل المجموعة إذ علق الأطباء على فيديو شهير لاثنين من أعضاء الخوذ البيضاء أثناء محاولاتهم إنقاذ طفل بحقنه بمادة طبية فى صدره، أحد الأطباء السويديين أكد أن طريقة الحقن خاطئة بينما أشارت طبيبة أخرى إلى أن الطبيب الذى كان يقوم بحقن الطفل لم يقم بهذا العمل من قبل فى حياته ولا يعرف كيف يقوم بذلك. الأطباء السويديون أشاروا إلى أن الإعلام ركز على الطفل المقتول ولم يلحظ أن الطبيب لم يحقن الطفل، فالحقنة أثناء الحقن وبعد تحويل الكاميرا عنه ثم عودتها مرة أخرى ظلت ثابتة فى مكانها وهو ما يؤكد أنه لم يتم حقن الطفل وأن محاولة الإنقاذ ما هى إلا مجرد دعاية لكسب التعاطف وجمع الأموال. ووثق الأطباء شهادتهم فى فيديو وأوضحوا مشهدى الحقنة قبل وبعد الانتهاء من محاولة الإنقاذ الفاشلة. الغريب فى الأمر أن هذا الفيديو تحديداً عرض فى نفس اليوم وهو 16 مارس 2015 على قناة CNN بشعار أصحاب الخوذ البيضاء بينما عرض على موقع YOUTUBE لكنه على الموقع الأخير ظهر حاملا علم القاعدة واسم «تنسيقية سيرامين» وسيرامين هى المنطقة التى تم التصوير فيها واتهام القوات السورية بضربها بغاز الأعصاب.
كما لم يلتفت أحد إلى الفيديوهات التى يتم بثها ويظهر فيها أعضاء فريق الخوذ البيضاء منتظرين تنفيذ حكم الإعدام فى الشارع على شاب سورى ليرفعوا جثته فى الحال بينما ظهروا فى مشهد آخر أثناء مشاركة أعضاء جبهة النصرة احتفالاتهم بقتل شاب آخر قتل أحد أعضاء الجبهة.
أما الفيلم الوثائقى الذى يمجد أصحاب الخوذ البيضاء فقد أنتجته شركة    NETFLIX بينما شاركت شركة «بربوز» البريطانية للعلاقات العامة فى إنتاجه من خلال جمع تبرعات لتخليد بطولات أصحاب الخوذ البيضاء وذلك وفقاً للصحفى الأمريكى «ماكس بلومنثال» الذى رصد بدايات المجموعة وتمويلها، وهنا تجدر الإشارة إلى أن شركة بربوز تمتلك شركة أخرى باسم «الدعاية السورية» والتى تعاقد معها الملياردير البريطانى ذو الأصول السورية «أيمن أسفاري» من أجل الترويج لأصحاب الخوذ البيضاء فى الغرب، وقد نجحت حملة التعريف بهم والدعاية لهم وهو ما أدى فى النهاية إلى إنتاج فيلم وثائقى عنهم.
وفى واقعة أخرى ظهر فيديو للمراسل الصحفى البريطانى الذى كان مختطفا فى سوريا ثم تحول أو أجبر على العمل كمراسل صحفى تابع لتنظيم الدولة الإسلامية فى العراق والشام أو تنظيم داعش.. فقد كشف دون قصد بالتأكيد، عن العلاقة القوية بين أصحاب الخوذ البيضاء المنقذين وبين التنظيمات الإرهابية المسلحة هناك عندما وصف أصحاب الخوذ البيضاء فى مقطع مصور بعد قصف جوى بأنهم «قوات الإطفاء التابعة لتنظيم الدولة»، المقطع نشره الصحفى «ماكس بلومنثال» على صفحته عبر موقع تويتر كدليل جديد على أن أصحاب الخوذ البيضاء هم آلة دعاية تابعة للتنظيمات الإرهابية.
ويبدو أن التدريبات التى تلقاها أعضاء مجموعة الخوذ البيضاء لم تكن فقط على إنقاذ المدنيين وعلاجهم بل لقد تدربوا فيما يبدو على التصوير واستخدام أجهزة ومعدات تصوير حديثة وهو ما يظهر فى الفيديوهات التى تبثها المجموعة يومياً إذ أصبحوا مراسلين ورواة للأحداث وأصبح الحدث والصورة ينقلان عنهم دون مراجعة.