السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

الإخوان.. جماعة مسجلة إرهاب

الإخوان.. جماعة مسجلة إرهاب
الإخوان.. جماعة مسجلة إرهاب


كان 8 ديسمبر من عام 1948 يوما مختلفا للغاية، إذ جاء خاليا من الرومانسية، ممتلئا بالغضب والعنف ومشبعا برغبة مميتة وإصرار قاتل على محاربة الحياة.
بتلك الكلمات قدم المؤرخ موفق بيومى لأحد فصول كتابه «الإخوان المسلمون.. الأرشيف الأسود» وهو الفصل الذى خصصه لذكرى قرار حل الجماعة لأول مرة فى 8 ديسمبر  من عام 1948، ذلك القرار الذى رد عليه الإخوان بعد عشرين يوما فقط باغتيال رئيس الوزراء صاحب فكرة القرار محمود فهمى النقراشى فى عقر داره بل عقر دار الأمن المصرى وهو مبنى وزارة الداخلية وفى وضح النهار وكان ذلك إيذانا بإعلان المواجهة المعلنة الأولى بين الجماعة من ناحية وبين الشعب المصرى ومؤسسات الدولة من ناحية أخرى.
 
 اعتمد بيومى على الحكم الذى أصدرته المحكمة العسكرية العليا وهو حكم يمتلك بيومى أحد أصوله النادرة بأرشيفه الوثائقى الزاخر بالعديد من النوادر التى يختص بها روزاليوسف.
يقول بيومى فى كتابه «ترجع قصة حل الجماعة إلى مذكرة قدمت من سفراء إنجلترا وفرنسا والقائم بأعمال السفارة الأمريكية فى 10 نوفمبر 1948 يطالبون فيها رئيس الوزراء بحل جماعة الإخوان المسلمين لاتهامهم بتدبير حوادث انفجارات وقعت فى القاهرة فى ذلك الوقت».
وكان السفير البريطانى فى عام 1942 وأثناء الحرب العالمية الثانية قد طالب مصطفى النحاس باشا بحل جماعة الإخوان وتعطيل نشاطهم، فرفض النحاس واكتفى بإغلاق فروع الإخوان على مستوى البلاد مع بقاء المركز العام مفتوحا.. وظلت هكذا حتى جاء عام  1948 وفى 8 ديسمبر أصدر النقراشى باشا قرارا بحل جماعة الإخوان ومصادرة مؤسساتها وكل ممتلكاتها وحظر نشاطاتها ومنع أى تجمعات «خمسة أو أكثر» لأفرادها وترتب على ذلك الحل فى ظل الأحكام العرفية اعتقال عدد كبير منهم ليس من بينهم المرشد حسن البنا الذى حاول اللحاق بالمعتقلين لكن رفض البوليس ذلك بحجة أنه ليس هناك أمر باعتقاله.
وكتب البنا ردا على حل الجماعة واعتقال أعضائها فى جريدة صوت الأمة طالبًا مناصرة الرأى العام لرفع الظلم عن الإخوان وإطلاق حرية الدعوة والإفراج عن أكثر من ألف معتقل إخوانى وجهت إليهم تهمة الإرهاب والعمل على قلب نظام الحكم، ولم يجد البنا استجابة إلا أنه وبعد عشرين يوما من قرار الحل وفى 28 ديسمبر اغتيل رئيس الوزراء محمود النقراشى على يد عبدالمجيد حسن الطالب بكلية الطب البيطرى جامعة فؤاد الأول «القاهرة حاليا» وأحد الطلاب الإخوان بإطلاق الرصاص عليه فى سيارته.
نص الأمر العسكرى رقم 63 لسنة 1948
إذا ألقيت نظرة على الأمر العسكرى رقم 63 لسنة 1948 الصادر بحل الجماعة ستكتشف أن التاريخ يعيد نفسه.. وربما وقفت الساعة تجاه قبلة الإخوان ولم تتحرك إلى يومنا هذا.. جاء النص العسكرى بحل جماعة الإخوان وجميع شعبها من عشرة بنود أنقلها لكم كما هي:
تحل فورا الجمعية المعروفة باسم جماعة الإخوان، بشعبها فى جميع أنحاء المملكة المصرية وتغلق الأمكنة المخصصة لنشاطها، وتضبط الأوراق والوثائق والسجلات والمطبوعات والمبالغ والأموال، وعلى العموم كافة الأشياء المملوكة للجمعية.
ويحظر على أعضاء مجلس إدارتها وشعبها ومديريها والمنتمين إليها بأى صفة مواصلة نشاط الجمعية، وبوجه خاص عقد اجتماعات لها أو لإحدى شعبها والدعوة إليها أو الإعانات والاشتراكات أو الشروع فى شيء من ذلك، ويعد من الاجتماعات المحظورة فى تطبيق هذا الحكم اجتماع خمسة فأكثر من الأشخاص الذين كانوا أعضاء لهذه الجمعية المذكورة.
يحظر إنشاء أى جمعية أو هيئة من أى نوع كانت أو تحويل طبيعة أى جمعية أو هيئة قائمة إذا كان الغرض من الإنشاء أو التحويل القيام بطريق مباشر أو غير مباشر بالنشاط الذى كانت تتبناه الجمعية المنحلة أو إحياء هذه الجمعية على أية صورة من الصور كما يحظر الاشتراك فى كل ذلك.
على كل شخص كان عضوا فى الجمعية المنحلة أو منتميا إليها وكان مؤتمنا على أوراق أو مستندات أو دفاتر كانت متعلقة بالجمعية أو بإحدى شعبها أن يقدم تلك الأوراق إلى مركز البوليس المقيم فى دائرته فى خلال خمسة أيام من تاريخ هذا الأمر.
يعين بقرار من وزير الداخلية مندوب خاص تكون مهمته استلام جميع أموال الجمعية وتصفية ما يرى تصفيته منها، ويخصص الناتج من التصفية للأعمال الخيرية التى يحددها وزير  الشئون الاجتماعية بقرار منه.
على كل شخص كان عضوا فى الجمعية المنحلة أو منتميا إليها وكان مؤتمنا على أموال-  أيا كان نوعها- تخص الجمعية أو إحدى شعبها أن يقدم عنها إقرارا للمندوب الخاص المشار إليه فى المادة السابقة فى خلال أسبوع من تاريخ هذا الأمر وعليه أن يسلمها لذلك المندوب فى الميعاد الذى يحدده لهذا الغرض.
إذا كان الشخص المحكوم عليه فى إحدى الجرائم السابقة موظفا يفصل، أو طالبا يفصل ويحرم من الالتحاق مرة ثانية مدة لا تقل عن سنة.
قرار حل الجماعة الثانى عام 1954.
انتهت البنود العشرة لقرار حل الجماعة الأول ولكنه لم يكن الحل الأخير، فهناك قرار آخر من مجلس قيادة الثورة بتاريخ 14 يناير 1954 بحل جماعة الإخوان جاء فيه «قرر مجلس قيادة الثورة حل جماعة الإخوان وتعتبر الجماعة حزبًا سياسيا ويطبق عليها أمر مجلس قيادة الثورة بحل الأحزاب».
حينما تقرأ المذكرة التفسيرية التى أرفقت مع بيان قرار الحل ستشعر أنها تشبه كثيرا للمذكرة التفسيرية التى صدرت فى قرار الحل الأول عام 1948، حيث جاء فيها «إذا كانت الثورة قد قامت في23 يوليو فقد ظل تنظيم الضباط الأحرار ينتظر من يتقدم الصفوف مخلصا ليغير المنكر الذى كنا نعيش فيه ويثبت بعمله جدية صدقه وإخلاصه لدينه ولوطنه وكنا على استعداد أن نتبعه فى صف واحد كالبنيان المرصوص حتى نحقق لوطننا العزيز عزة وكرامة وتحررا من الاستعباد والعبودية.
ولما طال انتظارنا عقدنا العزم على القيام بالثورة وكنا جادين ولا هدف لنا إلا حرية الأمة وكرامتها وأن الله تعالى لن يكتفى بإيمان الناس إذا لم يتبعوا هذا الإيمان بالعمل وبالعمل الصالح فيقول عز وجل «إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات فلهم أجر غير ممنون».
ومن يوم قيام الثورة ونحن فى معركة لم تنته بعد: معركة ضد الاستعمار لا ضد المواطنين وهذه المعركة لا تحتمل المطامع والأهواء التى طالما نفذ الاستعمار من خلالها ليحطم وحدة الأمة وتماسكها فلا تقوى على تحقيق أهدافها.
وقد بدأت الثورة فعلا بتوحيد الصفوف إلى أن حلت الأحزاب ولم تحل الإخوان إبقاء عليهم وأملا فيهم وانتظارا لجهودهم وجهادهم فى معركة التحرير ولأنهم لم يتلوثوا بمطامع الحكم كما تلوثت الأحزاب السياسية الأخرى ولأن لهم رسالة دينية تعين على إصلاح الخلل وتهذيب النفوس.
ولكن نفرا من الصفوف الأولى فى هيئة الإخوان أرادوا أن يسخروا هذه الهيئة لمنافع شخصية وأطماع ذاتية مستغلين سلطان الدين على النفوس وبراءة وحماسة الشبان المسلمين ولم يكونوا فى هذا مخلصين لوطن أو لدين.
ولقد أثبت تسلسل الحوادث أن هذا النفر من الطامعين استغلوا هيئة الإخوان والنظم التى تقوم عليها هذه الهيئة لإحداث انقلاب فى نظام الحكم القائم تحت ستار الدين.
قرار القضاء بوقف قيد الإخوان 2013
وكأن قيادات الجماعة لا تتعلم الدرس وكأنها لا ترضى سوى بالعنف بديلا تجاه المجتمع المصرى بمختلف أطيافه.. ولم لا فقد أوصت هيئة مفوضى الدولة فى تقريرها الصادر فى 2 سبتمبر 2013 بوقف قيد جمعية الإخوان المسلمين والجماعة المنبثقة عنها، وطلبت من المحكمة حل الجمعية وإغلاق مقرها «مكتب الإرشاد بالمقطم»، وتصفيتها، عملا بالمادة 44 والمادة 45 من القانون رقم 84 لسنة 2002 الخاص بالجمعيات والمؤسسات الأهلية. وقالت هيئة مفوضى الدولة فى تقريرها، إن حكومة الدكتور هشام قنديل، رئيس مجلس الوزراء السابق، قد أصدرت قرارا بقيد جمعية الإخوان المسلمين، ليس للقيام بدور الجمعيات المعلن بقانون الجمعيات، وإنما لإرضاء وحماية نظام الإخوان والحفاظ على بقاء رئيس الجمهورية الحاكم، وحكومة حزب الحرية والعدالة.
هكذا كانت جماعة الإخوان تعتمد طيلة تاريخها الممزوج برائحة الدم على هدم مؤسسات الدولة فى سبيل قيام كيان الجماعة تحت ستار الدين! 