أسامة سلامة
من له حق الدعوة والإفتاء؟
تداولت مواقع التواصل الاجتماعى خلال الأيام الماضية فيديو تعطى فيه معلمة درسًا دينيًا لأطفال، وقالت فيه إن «المسيحية ليست دينًا واليهودية ليست دينًا، وإن الدين عند الله الإسلام فقط، وأن الأنبياء كلهم مسلمون»، وتباينت التعليقات بين مؤيد لها وهؤلاء يبدو أنهم جميعًا ينتمون لتيار فكرى واحد أو أن معرفتهم تلقوها من معين واحد، وبين معارض لها وهؤلاء حاولوا أن يشرحوا أن الدين عند الله الإسلام لا ينفى وجود أديان أخرى، ويبدو أن صاحبة الدرس لم تقرأ قول الله تعالى فى سورة الكافرون «لكم دينكم ولى دين»، والسورة الكريمة تخاطب الكفار «بسم الله الرحمن الرحيم، قل يا أيها الكافرون، لا أعبد ما تعبدون، ولا أنتم عابدون ما أعبد، ولا أنا عابد ما عبدتم، ولا أنتم عابدون ما أعبد، لكم دينكم ولى دين»، وإذا كان الله عز وجل وصف الكفار بأن لهم دينًا، فما بالك بأهل الكتاب من المسيحيين واليهود وهم أصحاب كتب سماوية، بل إن العلماء والفقهاء ومنهم رجال الأزهر وعلى رأسهم الإمام الأكبر شيخ الجامع الأزهر يقولون على الإسلام والمسيحية واليهودية الديانات الإبراهيمية، نسبة لنبى الله إبراهيم عليه السلام الذى جاء من نسله الأنبياء موسى وعيسى ومحمد عليهم الصلاة والسلام، كما يطلقون عليها الديانات السماوية أى التى نزلت بها رسالة من السماء، تفرقة لها عن الديانات الأرضية مثل البوذية والهندوسية والكونفوشيوسية وغيرها، فهل من ألقت هذا الدرس على الأطفال أعلم بالدين من شيخ الأزهر والمفتى؟، ودون الدخول فى جدل دينى حول مغزى المصطلحات والعبارات والكلمات وتفسيرها فإن هذا الفيديو يطرح سؤالاً مهمًا: من له حق الدعوة وإصدار الفتاوى؟ هل كل من قرأ أو درس قليلاً أو حتى حصل على شهادة من أحد المعاهد الدينية يحق له إلقاء الدروس وتعليم الناس الدين؟، لقد بحثت عن صاحبة هذا الدرس، والمعلومات المتداولة عنها تقول أنها كانت مخرجة بالتليفزيون ثم استقالت ودرست الفقه، ولا يتضح من الفيديو المنتشر هل تعطى دروسًا فى مدرسة أم جمعية دينية أم فى جلسات خاصة؟، ولكن من الواضح أن لها دروسًا منتظمة مع الأطفال، فهناك فيديو آخر لها تقول فيه للأطفال: «لا تقل رمضان كريم فهذا حرام لأن الكريم هو الله، وعندما نُعّيد على الناس يجب أن نقول رمضان مبارك»، ويبدو من كلام صاحبة الدرس أنها تحرم إطلاق اسم كريم على الناس، وأن من يحملون هذا الاسم عليهم أن يغيروه فورًا حتى لا يرتكبوا حرامًا، فهل إطلاق بعض أسماء الله الحسنى مثل كريم وعزيز ومؤمن على المواليد دون أن تكون مقرونة بحرفى الألف واللام حرام وبه افتئات على الله؟ وهل لو وصفنا شخصا بأنه كريم فذلك حرام أيضًا؟ والسؤال: هل غفل العلماء والفقهاء فى مصر على مر السنوات الطويلة عن هذا الأمر؟ وهل لم يدركوا أنه حرام وتركوا الناس يهنئون بعضهم البعض بالشهر الكريم بعبارة غير صحيحة ودون أن يصححوا لهم هذا المفهوم ودون أن يردوهم عن الخطأ الذى يرتكبونه كل عام؟، وهناك فيديو ثالث لنفس المعلمة تقول فيه للأطفال «لا تقل لوالديك لا»، وهو ما أثار أيضًا جدلاً كبيرًا خاصة بين خبراء التربية الذين أبدوا اعتراضًا لأن هذا الأسلوب يمحو شخصية الطفل ويعوده على الخضوع والانصياع دون إعمال العقل، وأن المفروض أن نعلمهم كيف يقولون رأيهم بأدب، وكيف يناقشون آباءهم باحترام ودون الخروج عن طاعتهم.
الأمر خطير خاصة أنه موجه للأطفال وهو ما يغرس فيهم أفكارًا من الصعب تصحيحها عندما يكبرون، وهو ما يعيدنا للسؤال: من له حق الدعوة؟ وهل هى متاحة للجميع مهما حملت من أفكار؟