السبت 4 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
إيران- أمريكا- إسرائيل ثلاثى ضوضاء المسرح

إيران- أمريكا- إسرائيل ثلاثى ضوضاء المسرح

يقوم فن المسرح على فرضية الاتفاق الضمنى بين الممثلين والمتفرجين، يتم خلاله تجاوز شخصيات الممثلين الحقيقية وطبيعة الديكور، وكلما كان أداء الممثلين مقنعًا كانت المسرحية ناجحة، لكن فى حال الأداء الضعيف للممثلين يخرج الجمهور غاضبًا معتبرًا ما يحدث عملًا مسرحيًا فاشلًا بل سخيفًا أيضًا، وهو ما ينطبق على مسرحية الرد الإيرانى على إسرائيل، التى أكدت زيف شعارات «الموت لأمريكا والموت لإسرائيل»، وهى شعارات لم تتجاوز ما كتبت عليه من لافتات لدغدغة المشاعر والاستهلاك المحلى.



 

المسرحية الأخيرة لم تكن الأولى من نوعها، فسبقها أكثر من مسرحية بين الثلاثى «أمريكا وإسرائيل، وإيران»، وإن كانت أكثر حبكة وإتقانًا، ففى مطلع الثمانينيات وفى عهد آية الله الخمينى نفسه، جرت مسرحية بين هذا الثلاثى وإن كانت متعددة الفصول، استمرت بضع سنوات وعُرفت فيما بعد باسم «فضيحة إيران كونترا»، بدأ فصلها الأول عندما كان رونالد ريجان يخوض معركة انتخابية شرسة مع جيمى كارتر، وفى ذلك الوقت كانت إيران لا تزال تحتجز 52 أمريكيًا فى السفارة الأمريكية فى طهران، فجاءت قنوات التواصل فى عاصمة دولة أوروبية مع عنصر مخابراتى إيرانى عبر مدير حملة ريجان فى ذلك الوقت وليم كيسى (الذى أصبح فيما بعد رئيسًا للمخابرات الأمريكية المركزية)، وكانت خلاصة الاتفاق أن يتم تعطيل الإفراج عن الرهائن الأمريكيين حتى انتهاء الانتخابات ونجاح ريجان، والمقابل إمداد طهران بما تحتاجه من أسلحة فى حربها مع العراق، وبالفعل فى يوم تنصيب ريجان عاد الرهائن إلى الولايات المتحدة.

بَعدها بسنوات جرت أحداث الفصل الثانى من المسرحية؛ حيث تدخلت إيران لدى حزب الله فى لبنان للإفراج عن رهائن أمريكيين لديه مقابل إرسال الأسلحة لإيران بمساعدة إسرائيل؛ حيث تلقت طهران من تل أبيب ألفى صاروخ مضاد للدبابات، فضلاً عن قطع غيار للقذائف المضادة للطائرات، وأرسلت عائدات الصفقة إلى متمردى الكونترا فى نيكاراجوا.

ومنذ سنوات قلائل وبالتحديد مطلع عام 2020، شهدت ساحة المنطقة مسرحية جمعت طهران وواشنطن، فبَعد اغتيال الولايات المتحدة لقاسم سليمانى، كان على طهران حفظ ماء وجهها وكشف عن فصول هذه الفضيحة الرئيس الأمريكى السابق دونالد ترامب، بقوله إن الإيرانيين اتصلوا بإدارته وأخبروهم أنه «ليس لدينا خيار علينا أن نضربكم لحفظ ماء الوجه.. وأنا فهمت ذلك، لقد ضربناهم (بمقتل سليمانى)، عليهم أن يفعلوا شيئًا».

وقال ترامب: «هل تتذكرون تلك الليلة؟ كنت الوحيد الذى لم يكن متوترًا لأننى كنت أعرف ما سيحدث، خمسة من الصواريخ التى أطلقتها إيران انفجرت فى الهواء. والأخرى سقطت خارج منطقة القاعدة.. لم أخبر تلك القصة من قبل، لكن هذه القصة تعرف عبارة الاحترام لأمتنا وبلدنا».. انتهى الاقتباس من كلام ترامب. الأمْرُ نفسه تكرّر مع إدارة بايدن فى المسرحية الأخيرة، فكل تصريحات الإدارة الأمريكية قبل الضربة الإيرانية كانت تؤكد محدوديتها الشديدة، وأنها لن تكون مؤثرة، وهو ما شاهدناه بالصوت والصورة عبر شاشات الفضائيات.

المسرحية ذاتها تتكرّر على مدى العقود الماضية ومنذ وصول الملالى للحكم، بنفس الممثلين، إلا أن الجديد فى الأمر يكمن فى ضعف الحبكة، وانكشاف الأقنعة، فما فعلته إيران لم يكن لحفظ ماء وجه ملاليها بقدر ما هو تقوية لنتنياهو وحكومته وكسب تعاطف دولى لحكومة الاحتلال بعدما تعرت وسقطت ورقة التوت عن عورتها، بفعل جرائمها فى غزة، ناهينا عن خَلق مناخ من التوتر فى المنطقة من دون داعٍ، لتمسى شعارات الموت لأمريكا وإسرائيل، مجرد بروباجندا فارغة لا تساوى ثمَن اللافتات التى كتبت عليها.