السبت 4 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
مصر أولا.. ولاية الفقيه.. ظاهرة صوتية وما خفى من الدور الإيرانى وتوجهاته.. كان أعظم!

مصر أولا.. ولاية الفقيه.. ظاهرة صوتية وما خفى من الدور الإيرانى وتوجهاته.. كان أعظم!

لديهم القدرة على تصدير صورة ذهنية وهمية افتراضية.. توحى بالقوة والعنف، وتصدير روح الرهبة والخوف من خلال ارتداء الجنود لملابس وتحصينات مدرعة.. تضخم من حجمهم الطبيعى مثلما فعلوا مع كل حصان يتحرك معهم. وهو المشهد الذى بث حالة الرعب فى الجيوش التى واجهوها والمدن التى احتلوها. وهو ما شاهدناه فى العديد من أفلامنا القديمة التى تناولت التتار والتاريخ الإسلامى.



 

وهو المشهد نفسه الذى تكرر خلال الأيام القليلة الماضية بعدما صعدت إيران الأمر شكلًا بتوجيه الطائرات المسيرة والصواريخ على إسرائيل دون وقع أى ضرر عليها سوى اختبار قوة قبتها الدفاعية العسكرية. إنه الشكل وإيحاءاته، وليس التأثير فى مضمون الأزمة الفلسطينية الإسرائيلية.

 ولاية الفقيه

لا يستطيع أحد أن ينكر أن التركيبة السياسية لإيران، والتى يطلق عليها «دولة ولاية الفقيه».. هى واحدة من أكثر الأنظمة السياسية تعقيدًا على مستوى العالم. وهو طرح يعتمد على سياسة إيران الخارجية وعلاقاتها بدول العالم.. خاصة علاقتها بالدول العربية، ومحاولة تصدير أفكارها وتأصيلها والترويج لها، وافتعال مشكلات سياسية.. تزيد من الأزمات والتوترات فى المنطقة. فضلًا عن تدخلها شكلًا فى العلاقات العربية الإسرائيلية.. بما يؤدى إلى التصعيد المستمر.. دون تأثير حقيقى فى حلها. ومع ملاحظة أنها ليست دولة جوار لإسرائيل، بل وتبعد عنها آلاف الكيلومترات.

الملاحظ فى تعقيدات تلك التركيبة السياسية الإيرانية.. أنها تبدو ظاهريًا ذات طابع سياسى ديمقراطى.. تمثل فيها الإرادة الشعبية ركنًا أساسيًا. غير أن واقع الحكم السياسى فى إيران يؤكد أن واقعها يخضع لسيطرة شخص واحد فقط.. وهو الذى يتحكم فى مقدرات الدولة طبقًا لتوجهاته السياسية التى تبعد كثيرًا عن مصالح المواطن الإيرانى.. وهو ما جعله نظام حكم سياسى يفتقر إلى الثقة والمصداقية ليس فقط من المجتمع الدولى، بل ومن المجتمع الإيرانى نفسه. وهو ما يظهر فى الفرق الشاسع بين السياسة الداخلية والخارجية للنظام الإيرانى.

الطريف فى النظام الإيرانى.. الذى يعتمد نظام ولاية الفقيه هو تدخل مرشد الثورة الإيرانية بشكل مباشر فى توجيه النظام السياسى الإيرانى، وما يتبع ذلك من توجيه المسيرة الديمقراطية من خلال فرضه لشخصيات تدين له شخصيًا بالولاء والانتماء التام، وليس للدولة الإيرانية وللمصلحة العامة للشعب الإيرانى داخليًا، وإيجاد وكلاء له فى بعض العواصم العربية.

يمتلك المرشد العام للثورة الإيرانية صلاحيات واسعة.. تجعله يقوم باستغلال جميع موارد الدولة الإيرانية وتسخيرها لصالح تحقيق أهدافه السياسية التى دائمًا ما يصدرها بصبغة دينية إسلامية.. دون الالتفات إلى متطلبات الشعب الإيرانى ومشكلاته. وهو ما ينفذه من خلال اعتماد نظام ولاية الفقيه نفسه.. باعتباره مرجعية أساسية للشيعة فى العالم.

 وكلاء التتار 

يمثل النظام الإيرانى الآن أحد العناصر الأساسية فى أزمات العلاقات الدولية.. بعد أن استهدف التواجد فى المنطقة العربية باعتبارها أحد الأهداف الاستراتيجية فى توجهاته المعلنة وغير المعلنة.. خاصة فى ظل وجود وكلاء له فى منطقتنا سواء كانوا جماعات على غرار حزب الله فى لبنان، وحماس فى فلسطين، والحوثيين فى اليمن، وأتباع الملالى فى العراق، أو من خلال بعض الكتاب والسياسيين والصحفيين من أصحاب التوجه الإسلامى والعروبى فى العلن، والإيرانى الفارسى فى الخفاء.

يستهدف النظام الإيرانى على مستوى السياسة الخارجية.. أن يكون له دور سياسى ورئيسى فى القضايا العربية، وهو الدور الذى توسع تدريجيًا من خلال محاولة إبراز دوره الإقليمى من جانب، والعالمى من جانب آخر.. رغم كل التحديات الدولية المفترضة لرفض أى دور له كلاعب رئيسى فى السياسة الخارجية.

ترى، كيف سيكون موقف البعض من كتابنا.. المحسوبين على إيران فكريًا وسياسيًا.. لتبرير قيام إيران بهذا التجاوز فى تأجيج المنطقة ودق طبول الحرب؟ وكيف سيكون مبررهم أمام الرأى العام المصري؟

جاوزت تصرفات إيران المدى على جميع المستويات السياسية والإنسانية.. وهو ما سيكون له ردود أفعال دولية لا يمكن توقعها أو توقع تداعياتها وتبعياتها.. فى ظل تغيرات أجندات المنطقة وأولوياتها من جانب، وتوازناتها الدولية المعقدة جدًا من جانب آخر.

فى وقت من الأوقات، اختزل البعض من السياسيين والصحفيين.. المحسوبين على إيران فكريًا وسياسيًا.. بشكل مخل موقف مصر من إيران باعتباره موقفًا من قوة إسلامية نووية.. وهو حق يراد به باطل.. لأن ما تقوم به إيران الآن هو نتاج ثقافة شعب وتوجهات لها جذور تاريخية لا بأس بها فى التجاوز والتعدى على الدول المجاورة. وتاريخ الحروب الفارسية هى حقيقة تاريخية.. ولذلك أعتقد أن مسألة التقارب الشكلى الذى يحدث قليلًا بين مصر وإيران هو حدث طارئ وغير مستمر. ومثال ذلك الدال أن البعض منا قد راهن على محمد خاتمى «رئيس إيران 1997 - 2005». والذى لم يصمد أمام مرتكزات السياسة الإيرانية التى يصنعها المرشد الأعلى للثورة الإيرانية.. وهى كلها تدور فى فلك بسط النفوذ الإيرانى وهيمنته على بعض الدول أو الحركات أو الأشخاص.. رغم اتجاهاته الإصلاحية الدينية واجتهاداته الفكرية.

 المتعوس وخايب الرجا وثالثهم!

مجرد ظواهر صوتية لا فعل لهم ولا موقفًا محددًا سوى الغوغائية الكلامية.. لاستقطاب الشارع المصرى والعربى بكل ما يحمله هذا الشارع من فوضوية وعشوائية. الظاهرة الصوتية الأولى، هى ظاهرة «الحنجوريين».. الذين دعوا مصر إلى الحرب بالوكالة نيابة عن أنظمة وتحالفات وفصائل مجاورة لنا.. على اعتبار أنها المخرج من المأزق الذى سعت حماس بكل جدّ واجتهاد على أن يحدث فى مواجهتها غير المحسوبة نتائجها مع إسرائيل. أما الظاهرة الصوتية الثانية فهى ظاهرة «اللهو الخفى» الذى يتحدث دائمًا من أماكن مجهولة فى لبنان من خلال الضغط على الأوتار العاطفية للسياسة العربية من عزة وكرامة والزمن الذى كان. والطريف أن «اللهو الخفى» كان يدعو فى وقت من الأوقات إلى انتفاضة الشعب المصرى ضد دولته. وهى كلها تقع ضمن فئة الدعوات والتمنيات الكلامية التى لا تكلفه ليرة لبنانية واحدة.. سوى فى تكلفة (المايك) الذى يتحدث منه. إنه سماحة الشيخ حسن نصرالله الذى ينفذ بشكل أو بآخر التوجهات الإيرانية فى المنطقة العربية، وهو ما ينعكس دائمًا فى سبيل خدمة الأهداف الإسرائيلية. 

تحولوا لمجرد ظواهر صوتية.. وسيسجل التاريخ ما فعلوه بشعوبهم وبمستقبل بلادهم. والعجيب أن تلك الظواهر الصوتية تسعى إلى استمرار أحداث غزة وتصعيد الكوارث على الشعب الفلسطينى، أو تبرر لنفسها ما فعلته قبل ذلك لإضفاء الشرعية على تجاوزاتها مثلما فعل سماحة الشيخ حسن نصر الله قبل ذلك فى لبنان.

إنهم مجرد ظواهر صوتية.. أشباه مفكرين.. ليس لديهم وعى سياسى.. بقدر ما لديهم نزعات غير وطنية.. «حنجورية».. لا يتجاوز تأثيرها الفعلى سوى سماعها.. خاصة أنه لا يمكن لأى مواطن مصرى أن يوافق على أن تتحمل مصر نيابة عن دول أخرى قضيتهم وتجاوزاتهم.

لا أستطيع أن أتفهم موقف البعض الذى يدعو إلى التصعيد العسكرى لتدخل مصر فى معادلة حرب مع إسرائيل.. نيابة ووكالة عن دول أخرى.. ما زالت أراضيها محتلة، ولا تريد عقد اتفاقيات أو توقيع معاهدات للسلام والأمان. 

أما المتعوس فهو كل حنجورى خالد، وخايب الرجا هو حسن نصرالله، وثالثهم الشيطان.. أقصد إيران. 

 تسويف إيرانى

تقوم إيران بتأجيج الأزمات - مثل أزمة غزة - أمام إسرائيل، وافتعال حدث إقليمى ودولى لجذب الانتباه بعيدًا عن الملف النووى الإيرانى الذى كان محل جدل وخلاف دولى قبل أزمة غزة. كما أنها تريد «تسويف» الموقف الزمنى لفرض أمر واقع على الإدارة الأمريكية لكى يصبح لها دور إقليمي واضح يدخلها كطرف أساسى فى الاتفاقات والمعاهدات. وقد قامت إيران بذلك رغم معرفتها جيدًا أن تفجير الأزمة مع إسرائيل.. سيترتب عليه كارثة إنسانية نتيجة عدم وجود توازن فى القوة بينها وبين الفلسطينيين من جهة، ولمعرفتها أيضًا أن رد اليمين الإسرائيلى الحاكم سيكون أكثر عنفًا ودموية فى الدفاع عن أمن إسرائيل بكل قوة عسكرية من جهة أخرى.

ضربت إيران (عصفورين بحجر واحد).. لأن يقينها برد فعل إسرائيل العنيف تجاه ضربها بالطائرات المسيرة والصواريخ هو أمر سيؤدى إلى تأجيج عالمى.. ووقف المفاوضات بجميع أشكالها المعلنة وغير المعلنة بينها وبين الولايات المتحدة الأمريكية سواء بشكل غير مباشر عن طريق أى وسيط أو بشكل مباشر مع الولايات المتحدة. ومحاولة الضغط على إسرائيل بتعطيل مسار المفاوضات لضمان استمرار دورها الإقليمى مع حماس (كورقة ضغط سنية) من خلال سوريا ومع لبنان (كورقة ضغط شيعية) ليكون لها دور متميز مع الإدارة الأمريكية.. لتظهر فى نهاية المطاف كقوة إقليمية.. لابد من التفاوض معها ومساومتها لضمان الاستقرار فى الشرق الأوسط. 

 نقطة ومن أول السطر..

إنه المربع صفر.. تصعيد شكلى إيرانى.. دون تأثير فى المضمون.. 

التاريخ لا يرحم.. ولن يرحم، ولا ينسى الشخصيات والأحداث!