السبت 4 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

الطلاق المبكر الأسباب والأنواع

الطلاق المبكر الأسباب والأنواع
الطلاق المبكر الأسباب والأنواع


ما هى أهم التغيرات والتحولات الاجتماعية والثقافية والقيمية التى حدثت فى المجتمع المصرى وعلاقتها بمشكلة الطلاق المبكر بين الشباب؟
وما هى الأسباب والعوامل المؤدية للوقوع فى مشكلة الطلاق المبكر بين الشباب؟
وما أكثر أنواع الطلاق المبكر انتشارًا الطلاق العادى أم التطليق أم الخلع؟
وهل تلعب وسائل الاتصال الحديثة مثل الكمبيوتر والإنترنت والتليفون المحمول والقنوات الفضائية دورًا ما فى حدوث الطلاق المبكر بين الشباب؟
كانت هذه الأسئلة الرئيسية التى أجابت عليها دراسة أعدها البرنامج الدائم لبحوث الأحوال الشخصية بالمركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية والتى أشرفت عليها الدكتورة ليلى عبدالجواد.

الدراسة عرفت الطلاق المبكر بأنه الطلاق الذى يتم منذ الأيام الأولى للزواج حتى نهاية السنوات الخمس بين زوجين شابين تتراوح أعمارهما بين العشرين والخامسة والثلاثين عامًا.
وكشفت الدراسة أن 19.5  % ممن طلقن مبكرًا استمرت المدة الزمنية لزواجهن أقل من عام و7.3 % استمرت مدة زواجهن أقل من عامين و44 % استمرت مدة زواجهن من سنتين إلى أقل من أربع سنوات و24.4 % استمر زواجهن 5 سنوات و4.8 % تم طلاقهن بعد 8 سنوات.
قالت إحدى المطلقات: مبكرًا بدأت الخلافات الزوجية فى الشهر الأول من الزواج الذى استمر ثلاثة أشهر وتم الطلاق، أمه كانت عايزانى أصحى من الساعة سبعة الصبح وأنزل أوضب البيت وكانت دايما تتلكك على أى حاجة وزوجى كان يقول لى أنا جبتك خدامة لأمى وكان دايما يحكى لها أى حاجة وكل حاجة.
وروت إحدى الحالات: «أهل زوجى هما السبب الفعلى للطلاق تدخلهم فى حياتى بكل تفاصيلها حتى أسماء بناتى هما اللى اختاروها، الخلافات بدأت من الشهر الثالث للزواج واستمر الزواج الفعلى ثلاث سنوات وانفصال لمدة عامين يعنى «زواج رسمى خمس سنوات».
الدراسة اهتمت بالتعرف على نوع الطلاق وقد تلاحظ محدودية حالات الخلع قياسًا بحالات الطلاق التى تمت على يد مأذون أو بحكم محكمة «تطليق».
واتضح أن 7.3 % من حالات الطلاق المبكر بين الشباب تمت خلعا وأن أغلبية الحالات تمت طلاقًا على يد مأذون بنسبة 80.5 % أما الباقى ونسبتهم 12.2 فتم طلاقهم بحكم محكمة «تطليق».
 وبالرجوع إلى الأسئلة التى طرحتها الدراسة وأجابت عليها وعن أهم التغيرات والتحولات الاجتماعية والثقافية التى حدثت فى المجتمع المصرى وعلاقتها بمشكلة الطلاق المبكر بين الشباب.
قالت الدراسة إن التغيرات الاجتماعية التى حدثت فى المجتمع كان لها تأثير كبير على الطلاق المبكر حيث سيطرت حالة من الانهيار القيمى على سلوكيات المجتمع، بالإضافة إلى التحولات الاقتصادية التى طرأت على المجتمع أثرت على الأسرة المصرية وبنائها كازدياد هجرة المصريين إلى الدول البترولية وعدم تناسب مستويات الدخل مع الأسعار وتفاقم مشكلة البطالة وشيوع الفساد وانتشار القيم المادية وتغير نسق القيم واستبدال القيم الإنتاجية بالاستهلاكية وغيرها، وهو ما أثر بشكل عميق على استقرار الأسرة وارتفاع حدة الضغوط التى يتعرض لها الأزواج حتى الانتهاء سريعًا إلى مرحلة الطلاق.
كما كان لانتشار العولمة والثورة التكنولوجية بآلياتها العديدة كالفضائيات والإنترنت وأجهزة المحمول دور ضخم  فى تعرض الأسرة فى المجتمع المصرى لتأثيرات على منظومة القيم الاجتماعية وإفراز توجهات سلوكية جديدة يرتبط بعضها بالعديد من القضايا المرتبطة بكيان الأسرة مثل مدى الالتزام بعادات وتقاليد الأسرة واتجاه الأزواج والزوجات نحو قيم المنفعة الشخصية كدوافع أساسية لسلوك أفراد المجتمع مما يؤدى فى النهاية إلى اندفاع الأزواج لاتخاذ قرار هدم الأسرة سريعًا دون اعتبارات لاستقرار النظام العائلى وثباته.
وانتقلت الدراسة بعد ذلك إلى الوسائل التكنولوجية الحديثة والطلاق المبكر بين الشباب.
فكان للتليفزيون نصيب فى المساهمة فى الطلاق المبكر بين الشباب فقالت إحدى الزوجات: إن الزوج يمكث أمام التليفزيون لوقت طويل حتى وصل به الحال إلى تحدثه بلغة أفلام الكرتون، وقالت: الزوجة رغم تحملها طوال ثلاث سنوات لسوء معاملة الزوج، ولكنها فقدت حتى لغة الحوار مع الزوج وتسرب لها الإحساس بالملل نتيجة جلوس الزوج لساعات طويلة أمام التليفزيون.
وزوجة ثانية قالت إن زوجها كان يفضل دائمًا الخروج مع أصدقائه ولو قعد فى البيت يقعد لوحده يتفرج على التليفزيون.
وقالت الدراسة إن تأثير الإهمال يكون بالغ الخطورة على أحد الزوجين أو كليهما وإن قال  الأزواج إن التليفزيون لم يكن سببًا مباشرًا للطلاق إلا أنه أحد العناصر الدافعة للانفصال.
وكشفت الدراسة أن التليفون المحمول «الموبايل» هو أحد الأسباب الهامة وراء طلاق الشباب حيث خلق العديد من المشكلات التى تمس حياتهم الاجتماعية منها الغيرة لدى الزوجين وإحدى الوسائل التى من خلالها التعرف على خيانة الزوج أو الزوجة، كما ساهم التليفون المحمول فى فتح منافذ للخيانة العاطفية وأصبح وسيلة ذا حدين كما يوفر للفرد فرصة الاطمئنان على الطرف الآخر فى أى وقت وأى مكان فهو وسيلة للتعرف على الكثير من أسرار الشخص من خلال الاطلاع على رسائل الموبايل.
أما الإنترنت فكان له تأثير الأكبر على سرعة انتهاء العلاقات الزوجية بالطلاق مبكرًا، حيث وجدت الدراسة أن بعض الأزواج أو الزوجات التى طلقوا مبكرًا أدمنوا الجلوس لساعات طويلة أمام الإنترنت ويصل لحد الإدمان مما كان له تأثيره سلبيًا على علاقته بالطرف الآخر وقد وجد بعد الأزواج الإنترنت وسيلة  للهروب من المشكلات الزوجية وفرصة لإقامة علاقات اجتماعية عبر مواقع التواصل الاجتماعى وغرف الدردشة دون قيود أو معايير ومع التمتع بقدر كبير من الحرية.
الدراسة رأت أنه للحد من تأثير وسائل التكنولوجيا على الطلاق المبكر لابد من إقامة حوار مجتمعى مفتوح عن المشكلات الأسرية وتشجيع الطرف المخطئ على المساعدة فى الإقلاع عن هذا الخطأ، واللجوء إلى العلاج الأسرى الذى قد يكون ضروريًا بالفعل فى بعض الحالات.
هذا فضلاً عن الدور الوقائى الذى ينبغى أن تقوم به وسائل الإعلام والمؤسسات الدينية والتربوية من خلال نشر الوعى بخطورة وسائل التكنولوجيا الحديثة على العلاقات الاجتماعية بصفة عامة ولاسيما العلاقات الزوجية.
ورغم قلة عدد السنوات التى أمضاها الشباب المطلق فى عش الزوجية، إلا أن الدراسة أرادت أن تكشف عن مرحلة ما بعد الطلاق المبكر.
فاكتشفت الدراسة أن خمس الرجال المطلقين من الشباب صرحوا بظهور بعض الآثار الإيجابية نتيجة الطلاق ألا وهى التخلص من المشكلات التى صاحبت مرحلة الزواج والتخلص من الزوجة التى كان يشعر بأن وجودها يمثل عبئًا نفسيًا يتمنى الخلاص منه.
فى المقابل، أكد ثلث الشباب المطلق شعوره بالندم على الطلاق والرغبة فى العودة للعيش مع الطرف الآخر.
كانت الآثار التى وقعت على المرأة كثيرة أهمها اتهام من حولها بأنها السبب فى عملية الطلاق خاصة إذا كانت لم تنجب أطفالاً، أما فى حالة إنجابها أطفالاًَ فتجد تعاطفًا ممن حولها معها ومع ظروفها فهى عادة ترجع سبب طلاقها إلى زوجها القاسى أو المتعنت أو البخيل أو الفاشل الذى لا يهمه إلا مصلحته فقط.
أما العبء النفسى الذى يقع على المرأة المطلقة فهو متساو بين المرأة التى أنجبت أو لم تنجب فكلتاهما اكتشفتا أنهما أصبحتا مسئولتين عن الإنفاق سواء على أنفسهما أو أبنائهما بالإضافة إلى شعورهما الشديد بالفشل والندم على ما أضاعتاه من الزمن فى حياتهما الزوجية السابقة، والشعور بالنبذ والرفض من الآخرين والألم النفسى لكونهما أصبحتا مطلقتين والنظرة السلبية للمطلقة وما يليها من قيود أسرية ومجتمعية تفرض عليها فى العديد من مجالات حياتها.
وانتهت الدراسة إلى عدة توصيات كان من أهمها ضرورة إقامة حوار  مجتمعى مفتوح عن تنامى ظاهرة الطلاق المبكر والمشكلات الأسرية المتعددة التى قد تؤدى إليه.
الدراسة أثبت أن مشكلة الطلاق من المشكلات ذات الطابع الدينى ولهذا طالبت بضرورة قيام المؤسسات الدينية بوعى دينى بالحقوق والواجبات بالزواج.. والتوسع فى الرسائل الإعلامية فيما يخص تنمية معارف الشباب بكيفية التعامل مع الأزمات الأسرية.
وعلى المؤسسات التعليمية القيام بدورها الكبير بخلق حالة من الوعى فيما يدرس فى مرحلة التعليم الثانوى والجامعى بمكان الأسرة ومقوماتها ودعائمها ومشكلاتها والتربية الزوجية والجنسية والعاطفية.
كما على منظمات المجتمع المدنى خاصة العاملة فى مجال خدمات الأسرة والأمومة تفعيل دورها فى عملية التوعية بالمشكلات الزوجية والتدخل المبكر لحلها.■