الثلاثاء 12 نوفمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

رقبة مرسى فى يد الجماعات الدينية

رقبة مرسى فى يد الجماعات الدينية
رقبة مرسى فى يد الجماعات الدينية


 
لأن الغيث أوله قطرة، ولأن طريق الألف ميل يبدأ بخطوة، فقد جاءت أول تحركات القوى الدينية فى سبيل بناء الجمهورية الثانية تحمل دلالات واضحة على شكل الدولة التى يريدون تأسيسها فى مصر.. أول القصيدة ورد على لسان د.طارق الزمر القيادى بحزب البناء والتنمية الذراع السياسية للجماعة الإسلامية، الذى قال لروزاليوسف قبيل لقائه الرئيس محمد مرسى، ضمن وفد ممثل لجميع الأحزاب والقوى الدينية، أنه بعد التهنئة بالفوز بمقعد الرئاسة، سيطرح على الرئيس تصور الجماعة الإسلامية لأولويات المرحلة، وهى قضايا المصالحة وتحقيق العدالة وإقرار الأمن، عن طريق المشاركة مع القوى الثورية فى تشكيل مجموعات شبابية بجانب الشرطة القائمة، بهدف القضاء على البلطجة وحفظ الأمن، على أن تأخذ هذه المجموعات شكلا قانونيا لم يتحدد بعد.
 
لأن الخطاب يقرأ من عنوانه، فإن ما طرحه الزمر هو الوجه المقبول لقوات الحرس الثورى الإيرانى أو على أقل تقدير هى صورة أخرى لشرطة الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر السعودية.. الجماعة الإسلامية تريد إضفاء صفة الشرعية على الأعمال التى كانت تقوم بها فى حقبة الثمانينيات من القرن الماضى والتى بدأت بوادرها تظهر فى الشارع المصرى على نحو خافت حتى الآن، جماعة الإخوان من جانبها نشرت شائعة تقول أن شبابا يطاردون الفتيات المسيحيات عند الكنائس يطالبونهن بارتداء الحجاب وعندما لاحق الأهالى أحدهم وجدوا أنه مخبر سرى لجهاز الأمن الوطنى.. وفق التكتيكات الإخوانية المعتادة هى تريد تبرئة نفسها من أى حوادث مشابهة قد تحدث فى المستقبل وإلقاء التهمة على جهاز الأمن لما له من إرث عدائى مع الجماعة.
 
 
 لقاءات تهنئة وتطمينات
 
لقاء مرسى بممثلى القوى والحركات الإسلامية والذى ضم عناصر من الدعوة السلفية بالإسكندرية بقيادة عبدالله الشحات والهيئة الشرعية للحقوق والإصلاح والجمعية الشرعية لتعاون العاملين بالكتاب والسنة ومجلس شورى العلماء والجبهة السلفية بمصر وجماعة الإخوان، تطرق إلى وضع الهيئات الإسلامية القانونى وسبل دعمها للرئيس الجديد فى قيادة الدولة خلال الفترة الانتقالية، والاقتراحات المقدمة لهذا الأمر، وكان لقاء آخر قد سبقه، وتحديدا قبل يوم من إعلان النتيجة شاركت فيه مجموعة من الدعاة وقيادات الأحزاب الدينية.
 
 
اللقاءات الحالية تتضمن تأكيدا على ما تعهد به د.مرسى قبيل الانتخابات فى زيارته إلى الدعوة السلفية بالإسكندرية، بالعمل على تطبيق الشريعة، وإزالة أى رواسب من قرارهم السابق برفض دعم مرسى فى الجولة الأولى للانتخابات والانحياز لصالح عبدالمنعم أبوالفتوح.
 ما يدور خلال هذه اللقاءات من مقترحات ومطالب يعد استباقا للأحداث من وجهة نظر القيادى الإخوانى السابق مختار نوح، فهو يرى أن كل ما يدور الآن على الساحة هو محض كلام وإنما العبرة بالتنفيذ، وأضاف: لا مانع الآن من تبادل عبارات جميلة حول التفاف القوى الإسلامية حول الرئيس الجديد وتجديد وعوده السابقة لهم، غير أن الجميع فى الداخل والخارج ينتظر من الإخوان تقديم نموذج تطبيقى واقعى للبرامج التى طالما أعلنوا عنها وهم خارج السلطة.
 
 
تطبيق الشريعة أو التحلل من البيعة
 
 
فور إعلان د.محمد مرسى رئيسا للجمهورية انطلق عدد من القيادات الجهادية يطالبه بالإسراع بتطبيق الشريعة، وقال عادل شحتة القيادى بالسلفية الجهادية فى السويس إنه لا بيعة لمرسى عندنا إذا لم يحكم بشرع الله، ونحن مختلفون تماماً مع جميع التيارات الإسلامية، ولا نؤمن بالسياسة بأى شكل من الأشكال، فالحكم لله وحده.
 
 
وأضاف: الانتخابات البرلمانية والرئاسية، مبنية على دستور مخالف لشرع الله، والديمقراطية التى يتغنى بها المهتمون بالعمل السياسى، معناها أن السيادة للشعب، مما يخالف شرع الله صاحب السيادة المطلقة، مستدركاً: لا نبايع إلا الله، ولا نؤمن إلا بأحكامه وشريعته، و«مرسى» أو غيره ليس لهم بيعة عندنا.
 
وفيما وجه الداعية محمد حسان خلال مؤتمر جماهيرى فى مدينة حوش عيسى رسالة طمأنة للمسيحيين قائلاً: لا تقلقوا، فقد جاء اليوم ليُطبق شرع الله، وستحصلون على حقوقكم الكاملة، فلا يظلم أحد منكم بعد اليوم، فإن د.على حسن رئيس الجمعية الشرعية فى السويس، طالب بطرح تطبيق الشريعة جانباً فى الوقت الراهن، ودعا الرئيس للاهتمام بالمصالحة الوطنية، وتشكيل فريق رئاسى يضم أصحاب الخبرة، قائلاً: الرسول مكث 13 سنة كاملة فى مكة، لم يطبق فيها حدود الشريعة، ولا بد أولاً من تهيئة الجو العام وتهذيب سلوك المجتمع، تمهيداً لتطبيق الشريعة بشكل تدريجى.
 
 
وقال عبدالخالق محمد عضو مجلس الشعب المنحل عن حزب الأصالة السلفى: يستحيل طرح تطبيق الشريعة الإسلامية فى هذا التوقيت، مستدركاً: لكل مرحلة مقتضياتها، واتفق أشرف توفيق أمين حزب البناء والتنمية فى السويس، الذراع السياسية للجماعة الإسلامية، مع سابقيه حول ضرورة أن يهتم «مرسى» بالملفين الأمنى والاقتصادى، ثم يفكر بعدهما فى تطبيق شرع الله.
 
 
جمعية خارج الأزهر
 
 
لأن النهج السلفى مختلف عن باقى التيارات الدينية فيما يتعلق بتطبيق الشريعة، فأصحابه يرون أن تطبيقها لا يتم بقرارات فوقية وليس من صلاحيات رئيس الجمهورية، وإنما يجب أن يبدأ بتأهيل المجتمع حتى يطالب «مسلموه وأقباطه» بتطبيق الشريعة، فإن د. يسرى حماد المتحدث الإعلامى باسم حزب النور السلفى يرى أن أولويات المرحلة إلى جانب القضاء على منظومة الفساد الإدارى وتسيب الشركات ووضع حد أقصى للأجور، تتمثل فى دعوة الجماعات الدينية على اختلاف أطيافها إلى التوحد فى جمعية دعوية واحدة تعمل على نشر صحيح الإسلام بين الناس.. هذه الجمعية تختلف عن مؤسسة الأزهر الذى يرى د. يسرى أنه تقاعس عن أداء دوره.
 
 
وجهة نظر د. يسرى أن التيارات الدينية اختلفت فى السابق حول الوسائل التى يمكن من خلالها الوصول إلى أن يكون رئيس الجمهورية «محسوبا على الإسلام فعلا»، وقد تحقق هذا بوصول د. مرسى، ومن ثم فالمطلوب من هذه التيارات أن تتوحد فى كيان واحد يرى أن تحقيق هذا المطلب ربما يتطلب مرور جيل كامل من الآن.
 
 
إمارة غزة الإسلامية
 
لم يكن تباين آراء قيادات الجماعات الدينية، حول تطبيق الشريعة من عدمه، وإنما كان اختلافا حول آلية التطبيق وتوقيته، وهو ما لم يفكر فيه كثير من القوى الثورية والمدنية التى أيدت محمد مرسى مرشحا باعتباره يمثل الثورة فى مواجهة الفريق أحمد شفيق الذى مثل النظام السابق.
 
التباين بين التيارات الدينية يستدعى إلى الأذهان ما حدث مع التنظيمات الدينية والجهادية فى قطاع غزة بعد استيلاء حركة حماس ـ إخوان فلسطين ـ على الحكم هناك بانقلاب عسكرى، إذ راحت هذه التنظيمات تطرح مطلبا مشابها بسرعة تطبيق الشريعة الإسلامية، وعندما لم تنفذه حماس بشكل فورى، تحولت علاقتهم إلى قطيعة، خاصة بعد قيام قوات تابعة للحركة بقتل أبى النور مقدسى زعيم حركة جند أنصار الله داخل مسجد ابن تيمية، بعدما أعلن مدينة رفح «إمارة إسلامية» وكان أحد المنتمين لحماس فى السابق.
 
 
التجربة التونسية
 
التجربة الحمساوية فى غزة لا تختلف كثيرا عن النموذج الإخوانى فى تونس أيضا والذى يمثله حزب حركة النهضة بقيادة راشد الغنوشى، حيث دخلت التنظيمات السلفية هناك فى موجة من العنف والاشتباكات الدامية مع قوات الأمن أسفرت عن سقوط قتلى بين الطرفين، بعدما احتج السلفيون على معرض فنى اعتبروه مسيئًا للإسلام.
 
ألقى مجهولون قبل أسبوع قنابل مولوتوف على مقر معهد الفنون الجميلة، كما ذكرت وكالة الأنباء التونسية. وبعد الظهر، احتشد عناصر من التيار السلفى فى وسط المدينة للاحتجاج على «الإساءة للقيم المقدسة» التى كشف المعرض عنها، كما قالوا، واندلعت مواجهات مع الشرطة، غير أنه يبدو أن المواجهات بين السلفيين والسلطة من ناحية والسلفيين والمجتمع التونسى من ناحية أخرى ستستمر كثيرا.
 
 
أول الغيث!
 
 
قبل أيام شهدت مدينة طوخ بمحافظة القليوبية انفجار قنبلة يدوية الصنع فى أحد المنازل واسفرت عن وفاة شخصين سلفيين عاطلين.. المؤكد أن تصنيع مثل هذه المتفجرات ليس للتصدير وإنما للاستخدام المحلى، وهو أمر يمثل نذير خطر إذا ما وضع فى الاعتبار جنبا إلى جنب مع حادث آخر وقع فى محافظة الشرقية مع فارق زمنى بسيط، عندما اتهم أهل شقيقين يعملان بإحدى الفرق الموسيقية، أربعة من الشباب السلفى بقتلهما رميا بالرصاص.
 
 
الأسئلة الأصعب
 
ربما يكون تكرار تجارب التنظيمات الدينية فى الدول الأخرى بنفس الطريقة أمرا صعبا فى ظل تباين الظروف بين كل حالة وأخرى، لكن الجماعة الآن أصبح عليها الإجابة عن مجموعة من الأسئلة المهمة حول طبيعة علاقتها بتنظيم الإخوان على الحدود الشرقية لمصر ـ حركة حماس ـ وموقفها من المطلب الحمساوى بافتتاح مكتب لها فى مصر بديلا عن دمشق.
 
 
الأسئلة تدور أيضا حول مصير العلاقات القوية التى تربط حماس بالجماعات الإرهابية الهاربة فى جبال سيناء والتى يزيد عددها على 6 جماعات، والتى دخلت خلال الأيام الماضية فى مواجهات مع قوات الشرطة والجيش المصرى، حتى إن أحد الأكمنة المصرية تعرض بحسب ما يذكر الباحث الفلسطينى المتخصص فى شأن الحركات الإسلامية سمير غطاس، لحوالى 42 عملية هجومية من قبل هذه الجماعات حتى الآن.
 
غطاس يؤكد على رعونة بعض هذه التنظيمات التكفيرية، محذرا من توريطها لمصر فى عمليات إطلاق صواريخ تجاه إسرائيل، إذا ما اعترضت على عدم قيام الإخوان بتطبيق فورى للشريعة، لافتا إلى أن النظام الجديد الذى سيتشكل فى مصر ستجرى له عمليات اختبار من قبل إسرئيل ومن قبل هذه الجماعات قريبا.
 
 
خيرت .. مهندس الصفقة
 
أحد القيادات الإخوانية ـ رفض ذكر اسمه ـ قال إن السلفيين وأعضاء الجماعة الإسلامية يعلمون أن التطبيق الفورى لأحكام الشريعة كما يطالبون به أمر شديد الصعوبة فى الفترة الحالية نظرا للوضع المتأزم داخليا ولأن كل أنظار العالم موجهة إليهم، ومن هنا كان تأكيد المهندس خيرت الشاطر نائب المرشد والمنسق العام لعملية الحوار مع القوى الدينية قبل الانتخابات على ضرورة التدرج فى تطبيق الشريعة لتأهيل المجتمع لقبول الفكرة أولا.
 
 
القيادى الإخوانى قال أيضا إن فرص السلفيين فى المزايدة على مسألة تطبيق الشريعة لن تكون كبيرة، خاصة إذا ما أشركهم الإخوان فى الحكومة المقبلة بمقعدين أو أكثر، مشيرا إلى أن الأمر يختلف عن تجربة السلفيين فى تونس عندما أثاروا الأزمات فى الشارع لكونهم خارج مواقع السلطة، لافتا إلى أن القيادات السلفية سبق أن طلبت من الإخوان أكثر من وزارة أهمها التربية والتعليم، مؤكدا على أن دخول السلفيين فى مجال الممارسة العملية جعلهم يتحدثون نفس لغة الإخوان دون زيادة أو نقص، وإنهم عندما رفضوا تأييد المرشح الإخوانى محمد مرسى فى الجولة الأولى من الانتخابات كان موقفهم سببه الخوف من الدخول فى مواجهة مباشرة مع المجلس العسكرى.
 
 
مرحلة الصدام الناعم
 
 
يتوقع د.عبدالرحيم على الباحث فى شئون الحركات الدينية ومدير مركز الدراسات والبحوث العربية أن تشهد العلاقة بين الإخوان والقوى الدينية الأخرى كالسلفيين والجماعة الإسلامية نوعا من الصدام الناعم، نتيجة عدم التزام المرشح الإخوانى بما وعدهم به قبل وصوله إلى كرسى الرئاسة، ويرى أن تعهد د.مرسى لهذه التنظيمات بتطبيق الشريعة فى الوقت الذى وعد فيه القوى الأخرى فى المجتمع بالحفاظ على مدنية المجتمع وشكل الدولة الحالى، سيشكل عوامل ضغط عليه تبطئ من سرعة انتقاله إلى النموذج الإيرانى أو الحمساوى بطريقة سريعة، ويقول أن صدام من هذا النوع قادم لا محالة.
 
قد يأخذ هذا الصراع ـ بحسب ما يرى عبدالرحيم ـ أشكالا منها المشادات على صفحات الجرائد أو محاولات الإحراج فى الشارع، وقد تصل حد النزول إلى الشارع والاعتصام، لكنه لا يتوقع أن تصل لما هو أبعد من ذلك فى وقت قريب، لكن الباحث يقلل من شان التنظيمات الجهادية سواء فى سيناء أو غيرها لأنها ـ بحسب قوله ـ هامشية وهناك اتفاق بين الإخوان والأمريكان على مواجهتها لتمرير خطة وصولهم للرئاسة.
 
 
رئيس كل المصريين
 
 
من جانبه قال د.محمد حبيب النائب الأول لمرشد جماعة الإخوان السابق أن د.مرسى تعهد فى خطابه الأول بعد إعلان فوزه بأن يكون رئيسا لكل المصريين، مشيرا إلى أن مدى سيطرة القوى والجماعات الدينية على تحركات الرئيس سوف يحددها حجم الضغوط المقابلة من القوى والحركات والأحزاب المدنية والليبرالية، مشيرا إلى أن مصر أكبر وأكثر تنوعا من أن يجرفها تيار بعينه، مهما كان ثقله ومهما على صوته.
 
ويشير نائب المرشد السبق إلى أن الرئيس سوف يعمل على تطبيق ما يستطيع عمله فى ظل الظروف المجتمعية الداخلية والأوضاع الإقليمية والدولية، مشددا على أن جوهر الشريعة هو تطبيق العدل وكل ما من شأنه إعلاء دولة القانون، مشيرا إلى أن أى خروج على دولة الإخوان سيواجه بالقانون، ويعالج بما يزيل الأسباب المؤدية إلى حدوثه.
 
يبقى التأكيد أخيرا على أن مدى سيطرة التنظيمات الدينية على مسار الدولة ومزايدة كل منها على الأخرى فى مسالة تطبيق الشريعة، سيظل مرهوناً بالتحرك المقابل من جانب القوى الثورية، وأنصار الدولة المدنية من أحزاب وجماعات داخل الشارع المصرى، للحفاظ على هوية المجتمع ومنع الانزلاق به إلى تكرار تجارب دول أخرى تعانى شعوبها أقسى أنواع القهر باسم الدين والحق الإلهى.
 

الرئيس مرسي يخطب ود الدعوة السلفية قبل الانتخابات
 

رئيس الحكومة الفلسطينية المقالة اسماعيل هنية يحتفل بفوز د. مرسي برئاسة مصر