الأحد 19 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

رمضـان جـانـا

رمضـان جـانـا
رمضـان جـانـا


إذا كانت اليابان قد تخصصت فى الإلكترونيات.. وروسيا فى الهندسة الوراثية.. وأمريكا فى علوم الفضاء.. فإننا قد تخصصنا فى إنتاج المسلسلات التليفزيونية من النوع الممتاز طويل التيلة.. والدليل أن إنتاجنا لشهر رمضان لوحده بلغ 3 مليارات جنيه.. بما يعنى أن ميزانية مسلسلات رمضان تبلغ ضعف الدعم الموجه للمزارعين فى عموم المحروسة.. وخمسة أضعاف دعم الأدوية وألبان الأطفال.. ومن حقنا أن نفخر وقد حققنا المركز الأول بين عموم بلدان العالم.

المدهش أننا بالمسلسلات قد حققنا الاكتفاء الذاتى واتجهنا للتصدير والتكامل مع الدول العربية.. لنثبت للعالم أننا أمة عربية واحدة بحق وحقيقي.. وأن خلافات مصر مع قطر أو السودان.. هى خلافات على الورق فقط.. والدليل أنهما تعرضان المسلسلات المصرية.. والمسلسل الواحد تراه على عشرين قناة عربية فى نفس التوقيت.. من المحيط للخليج.
وهى حاجة غريبة يا أخي.. وفى شغل المسلسلات الله ينور.. حررتنا من عقدة الخواجة.. وكنا قبل هوجة المسلسلات فى حيرة عميقة وألم عظيم.. وحسرة وكسوف.. بعد أن أكدت التقارير العالمية بالأدلة والأرقام أن المصرى يقف فى آخر الطابور.. وأنه لا يميل للعمل الجاد.. وأنه ليس كالأوروبى أو الياباني.. أو حتى الصينى والتايواني.. فإذا بالمسلسلات تحطم أغلالنا لتثبت أننا أمة درامية.. تكسب اليابانى والأمريكانى وجميع الأجناس والأنواع.. وأن رجال المسلسلات البواسل قد حطموا الأرقام القياسية فى الشغل والإنتاج!
الغريب يا أخى أننا لا نكتفى باللامعين من النجوم والنجمات ندفع لهم الشيء الفلاني.. والأرقام تتحدث عن أربعين مليوناً للأجر فى المسلسل الواحد.. لكننا قررنا فوق البيعه تقديم نجوم ونجمات جدد فى إطار حملات منظمة لصناعة وصقل وتلميع النجوم.. ندفع لهم ملايين إضافية.. طبقاً لمواصفات خاصة.. وغير فنية غالباً.
لا يكتفى التليفزيون بشغل الدراما.. بل يتعهد بتقديم فقرات الزغزغة والإضحاك القسري.. والمهم أن التليفزيون المحترم وفى جميع قنواته يتنازل عن ساعات إرساله لمن يدفع الثمن.. وخذ عندك برنامج رامز السخيف الذى يتكرر سنوياً وكأنه مقرر علينا من جهات عليا.. لا نستطيع أن نرفض لها طلباً.
حجة التليفزيون فى دفع الأرقام الفلكية لنجومها.. أنها برامج تجذب الإعلانات.. وهى إعلانات بلا حدود.. ولا نعرف أبداً الفارق بين البرامج الإعلانية والبرامج الإعلامية.. وفى جميع بلاد الدنيا الإعلانات لها حدود.. وفى بريطانيا هناك قناة واحدة تجارية مسموح لها بالإعلانات.. أما باقى القنوات فلها رسالة واضحة هى التثقيف والإعلام والتسلية والترفيه والتوجيه.. وفى التليفزيون السويسرى الإعلانات لا تزيد على ثلاث دقائق قبل البرنامج وخلاص.. وفى التليفزيون الفرنسى الإعلانات لا تزيد على أربع دقائق كل ساعة.. وما يزيد على ذلك ممنوع والزعل مرفوع والأجر على الله.
أما عندنا والبساط أحمدي.. فقد تخصص التليفزيون تماماً فى شغل البيزنس والتجارة.. وسلم ذقنه للإخوة المعلنين وبرامجهم الهايفة لتطل علينا طوال الشهر الفضيل.. وحتى مدفع الإفطار لم يسلم من الإعلان.. وهى خيبة والله.. والإعلان يستمر ساعة وساعتين.. وهى دعوة واضحة لتغيير القناة أو الجلوس على القهوة.. أو الاعتكاف بالمسجد.. نكشف رؤوسنا وندعو على أولاد الحرام.
كل عام وأنتم بخير