الأحد 19 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

أول القصيدة .. إثيوبيا تعترض على مسودة التقرير الأولى لدراسات سد النهضة

أول القصيدة .. إثيوبيا تعترض على مسودة التقرير الأولى لدراسات سد النهضة
أول القصيدة .. إثيوبيا تعترض على مسودة التقرير الأولى لدراسات سد النهضة


 أول القصيدة.. هذا هو أقل ما يمكن قوله بشأن نتائج اجتماعات القاهرة الأسبوع الماضى والتى عقدتها اللجنة الوطنية الثلاثية المعنية بملف مفاوضات سد النهضة من خبراء مصر والسودان وإثيوبيا، لمناقشة مسودة التقرير الاستهلالى لدراسات سد النهضة، والذى اعترضت إثيوبيا بشدة عليه بعد تأكيده أن الفترة المعتمدة من قبل أديس أبابا لملء المياه ببحيرة سد النهضة قبل التشغيل لها أضرار على تدفق المياه إلى مصر والسودان، وذلك وفقا لما أكدته مصادر مطلعة لـ «روزاليوسف».

ووفقا للمصادر فإن الاجتماعات شهدت خلافات حول إطار وآليات العمل التى استندت إليها مسودة التقرير الاستهلالى والذى كان من المفترض أن يتم الاتفاق عليه خلال الاجتماعات، إلا أن اللجنة اضطرت إلى مد فترة الاجتماعات ليوم إضافى أملا فى إقناع الجانب الإثيوبى بالعدول عن مواقفه المتشددة اتجاه صياغة التقرير، بينما انتهت الاجتماعات من دون توافق على الخلافات بشكل نهائى،  وبعد الوصول إلى الاتفاق على  لعدد من النقاط واستمرار الخلاف على البقية.
ومن جانبه قال  د. محمد عبدالعاطى وزير الموارد المائية والرى فى بيان رسمى عقب انتهاء الاجتماعات  إنه سيكون هناك اجتماع آخر لاستكمال المفاوضات بشأن النقاط المتبقية فى أديس أبابا بإثيوبيا.
ووفقا للوزير فإن الاجتماع هو الثالث عشر للجنة الثلاثية الوطنية  لدول حوض النيل الشرقى الثلاث (مصر- إثيوبيا- السودان) والذى حضره ممثلو الشركات الاستشارية الفرنسية (بى آر إل- إرتيليا)، وكان الغرض الأساسى من الاجتماع هو مناقشة مسودة التقرير الاستهلالى للدراسة الخاصة بتقييم آثار سد النهضة الإثيوبى على دول المصب. قام ممثلو الدول على مدار أربعة أيام بالاتفاق على المجموعة الأولى للملاحظات الفنية حيث تم تسليمها للاستشارى الفرنسى للأخذ بها عند إعداد التقرير الاستهلالى النهائى وقد توافقت الدول الثلاث على استكمال النقاش حول النقاط المتبقية بعد أسبوعين بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا.
وعلمت «روزاليوسف» أن السعة التى تفترضها إثيوبيا للتخزين بسد النهضة مع التشغيل ستعمل على خصم ما يقرب من 10 مليارات متر مكعب من المياه سنويًا من الحصة المتدفقة إلى مصر والسودان  بينما لن تتضرر السودان لأنها ستحصل على كامل حصتها واحتياجاتها باعتبارها دولة المرور الأولى للمياه المتدفقة،  وستتأثر مصر وحدها بالكميات التى ستقل باعتبارها دولة المصب الوحيدة...
وتأتى هذه المستجدات على صعيد تجدد الخلافات بشأن مراحل دراسات سد النهضة بعد أيام من الاحتفالات التى  أقامتها إثيوبيا فى ذكرى مرور 6 سنوات على بدء العمل ببناء سد النهضة فى عهد رئيس الوزراء الراحل ميلس زيناوى 2011 وفى غمرة انشغال مصر بتوابع ثورة 25 يناير.
وشهدت الاحتفالات الإثيوبية منذ أيام  بالقرب من سد النهضة  إعلان وزير الدفاع الإثيوبى سراج فقيس، اكتمال %57 من أعمال البناء فى مشروع سد النهضة، موضحاً أن %72 من التوربينات قد تم تركيبها بالفعل فى جسم السد الرئيسى، مشيرا إلى تركيب 16 توربيناً، 10 منها فى الجهة اليمنى، و6 فى الجهة اليسرى.
وأكدت كلمات المسئولين فى الحكومة الإثيوبية خلال الاحتفالات أن البناء فى المشروع لن يتوقف ولو لدقيقة واحدة، من دون تحديد موعد انتهاء العمل بالسد بشكل نهائى.
 وأعلنت إثيوبيا مؤخرا رفع الطاقة التقديرية المنتجة من السد إلى 6450 ميجاوات بدلا من 6000 المعلنة سلفاً فى الخطة المقدمة إلى مصر، كما  تم عمل التشغيل التجريبى للسد بعد تركيب التوربينات لعمل اختبارات التشغيل المختلفة، حيث ركزت الاختبارات على توربينات التشغيل المنخفضة، والتى تم توصيلها بخطوط نقل الكهرباء...
 وتنذر الخلافات الحالية وفقا للمصادر بعدم تمكن الشركات الاستشارية الفرنسية من الانتهاء من التقرير النهائى للدراسات فى الموعد المحدد له، حيث كانت اللجنة الثلاثية الفنية قد وقعت عقوداً مع شركتى بى آر إل وارتيليا الفرنسيتين، لعمل دراستين لاختبار تأثيرات السد على مصر والسودان من الناحية الهيدروليكية وحساب كميات تدفق المياه، واختبار التأثيرات البيئية والاقتصادية،  على أن  يتم الانتهاء من الدراسات فى حدود 11 شهراً.
وفى ذات السياق فاجأ مركز الخرطوم الدولى لحقوق الإنسان والذى يديره د. أحمد المفتى العضو المستقيل من اللجنة الدولية الثلاثية لسد النهضة الرأى العام السودانى بإصداره منشوراً يؤكد فيه أن هناك حرباًِ للمياه غير معلنة بدأت بين مصر وإثيوبيا،  لافتا إلى أنه تقدم بورقة للحكومة السودانية فى سبتمبر 2014 عن كيفية تفادى الحروب، مشددا على أن من مصلحة السودان إيقاف تلك الحرب اليوم قبل الغد .
وقال المفتى فى بيانه الذى حصلت روزاليوسف على نسخة منه إنه قد ضاع وقت طويل فى مفاوضات تأكد أنه لا طائل من ورائها،  مشيرا إلى أن  السودان عليه أن يجعل سد النهضة مشروع وفاق ومصالحة بين الدول الثلاث، وأكد أن الأمر يتطلب تدخلاً من بعض المنظمات الدولية فى الأمر.
ويأتى هذا التأكيد من عضو سودانى سابق للجنة الثلاثية لسد النهضة فى ذات التوقيت الذى أعلنت فيه دولة الكونغو هى الأخرى عن مؤازرتها للموقف المصرى من سد النهضة ، وحيث جدد وزير المياه الكونغولى خلال زيارة للقاهرة الأسبوع الماضى التقى خلالها وزير الموارد المائية والرى د. محمد عبد العاطى موقف بلاده المؤيد لمصر فى مفاوضات اتفاقية عنتيبى وسد النهضة، ورفضهم لتلك الخطوات الإثيوبية المتكررة للابتعاد عن مباديء القانون الدولى المنظمة للتعاون بين الدول فى إدارة الأنهار المشتركة .
وقال د. هيثم عوض رئيس قسم الرى وهيدروليكا المياه السابق بجامعة الإسكندرية لـ« روزاليوسف» إن سير المفاوضات بهذا المنحنى البطيء لا طائل من ورائه فى ظل استعداد إثيوبيا للتخزين خلال موسم الفيضان الذى يبدأ أول يونيو على الهضبة الإثيوبية، بينما الدراسات مازالت فى مهدها، وهناك خلافات على مسودة أول تقرير استهلالى لوضع الأطر الخاصة بسير الدراسات، ولا يوجد به توصيات بعد، وتساءل «عوض» إذا كانت الخلافات فى وجهات النظر تسيطر على الأطراف الثلاثة فى أول مرحلة،  فما الذى سيحدث عند خروج توصيات خاصة بتجنب أضرار السد أو تعديل فترات الملء التى وضعتها إثيوبيا،  وهى «مربط الفرس» فى الأزمة برمتها.
بات من الصعب التكهن بإمكانية التوصل إلى اتفاق موحد بين مصر وإثيوبيا بشأن فترات ملء خزان سد النهضة وسياسة تشغيله، وفى ظل إصرار إثيوبى على مواصلة ضغوطها على الشركات المنفذة للرضوخ لما وضعته من تصميمات وضوابط تشغيل سابقة، وإصرار أكثر على أن هذه التصميمات لن تضر بمصر، ورغم وجود دلائل ودراسات محلية ودولية تؤكد عكس ذلك،  بل والمنطق ذاته يؤكد أن وجود فترات ملء لا تقل عن 6 إلى 9 سنوات لسد النهضة هو أمر ينذر بأزمة عطش بمصر بل ومجاعة وكوارث بيئية كثيرة بالنيل، إضافة إلى تبوير ملايين الأفدنة الزراعية.. بينما الجانب الأثيوبى مازال يصر على الاسترسال فى الكلام المعسول مع القاهرة لحين نفاده من أعمال السد بالكامل ليصبح أمرا واقعا،  وهو ما يعد فعلا إنذاراً بدق طبول أول حرب للمياه بأفريقيا .