السبت 3 مايو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

أمى البطلة القوية.. رحلت بعد أن هزمها الزمن والمرض

أمى البطلة القوية.. رحلت بعد أن هزمها الزمن والمرض
أمى البطلة القوية.. رحلت بعد أن هزمها الزمن والمرض


منذ أكثر من خمسة وثلاثين عاماً وأنا أكتب فى محبوبتى مجلتى روزاليوسف فى الشئون الأمنية والسياسة والبرلمانية وغيرها من أمور الحياة العامة.. وبعد هذا المشوار الطويل أستميحكم عذراً فى تخصيص هذا المقال فى التعبير عن أمر شخصى، لا ذنب لأحد فيه، فأنا فى النهاية إنسانة لها أحاسيس ومشاعر بين الفرح والحزن لابد أن أعبر عنها حتى أستطيع استكمال ما بقى فى الحياة.
منذ أيام، وفى عيد ميلادها.. رحلت أمى عن دنياناً.. فى مناسبة قاسية على قلبى وقلب أسرتى.. ألا وهى مناسبة عيد الأم، أمى المرأة القوية التى هزمت مرض السرطان، فمنذ عشرين عاماً بالتمام والكمال  أصيبت بالمرض اللعين فى المعدة.. وسخر الله سبحانه وتعالى الأستاذ الدكتور شريف عمر - أطال الله فى عمره - ليجرى لها عملية جراحية خطيرة استغرقت ثمانى ساعات كاملة قام خلالها باستئصال المعدة كاملة، وكان قبلها رهان بين الأطباء على استمرار حياتها نهايته. ولكنها بإرادة الله وقدرته ومشيئته حدثت المعجزة وشفيت وعاشت أمى.
ولكن المرأة القوية كان بانتظارها تحديات غير مسبوقة لم تكن فى حسبانها، فقد عاشت أمى لترعى أختى الكبيرة فى مرضها حتى أسلمت الروح على يديها وبين أحضانها، فتولت استكمال تربية ورعاية أولادها حتى تخرجوا فى أعظم الجامعات المصرية وتوظفوا، وتزوجوا، وأنجبوا، ورعت أيضا أولادهم.
كتب الله لأمى الحياة بعد الشقاء لترعى أيضاً أبى عندما داهمه المرض اللعين إلى أن توفاه الله بين يديها.. ومن بعده جاء الدور على شقيقتى الوسطى، فرعتها فى مرضها الذى استمر لسنوات وسنوات حتى رحلت أختى عن دنيانا، فتولت استكمال رعايتهم وتربيتهم إلى أن استقرت الحياة بهم وأصبحوا أصحاب أسر وأطفال وأعمال. ثم جاء الدور على أخى.. الابن الأكبر لأمى، حبيبها وقلبها وسيفها ودرعها.. لينهش المرض اللعين فى جسده أمام عينيها إلى أن انتقل لرحمة الله، وترك لها زوجة وابنة وحيدة فرعتهما أمى حتى زوجت الحفيدة وحملت على يديها أحفادها.
وفى العام الماضى جاء الدور عليَّ أنا شخصياً، فمرضت مرضا حار الأطباء فيه وقالوا أنه لا شفاء منه، ولكنها إرادة الله - التى فوق كل إرادة - وبدعاء أمى ورضاها من الله عليَّ بالشفاء.. حتى أرعاها فى حادث إصابتها بكسر فى الحوض وإجراء عملية خطيرة لتركيب مفصل وبعدها عانت كثيراً من معدتها حتى فارقت الحياة بين يديَّ وأحضانى.. ماتت أمى المرأة القانعة الراضية المرضية بكل ضراء قبل أى سراء، ماتت من أحبت الجميع فأحبها الجميع، ماتت التى كانت تصل الأرحام وتلم الشمل باتصالها اليومى بكل فرد من أفراد الأسرة وتفض الأزمات والمشكلات.
فكم كنت قاسية يا دنيا يا فانية على أمى الغالية.. رحم الله أمى المربية الفاضلة، الصابرة المكافحة، القدوة والمثل الأعلى، اللهم عوضنى عنها خيرا وألهمنا وإياكم الصبر والسلوان.>