الإثنين 17 يونيو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

العلم يهزم السرطان فى 2017

العلم يهزم السرطان فى 2017
العلم يهزم السرطان فى 2017


من الألم يستمد الإنسان قدرته على التحدى، وكلما كانت التجربة مريرة، كانت الرغبة فى هزيمتها أشد.
هذا ما حدث للطبيب والباحث بجامعة بنسلفانيا الأمريكية «كارل جون»، الذى اختطف السرطان زوجته.. قطف زهرة عمرها أمام عينيه، وهو مكبل اليدين غير قادر على أن يفعل شيئًا.

منذ تلك الخبرة الموجعة، خصص العالم وقته لمحاربة المرض الخبيث، فإذا كان انتصر على زوجته وحبيبته، فإنه سيثأر منه وينهى عقودًا طويلة من وحشيته.
مجلة «تايم» الأمريكية نشرت مؤخرًا تقريرًا موسعًا عن أن الدكتور كارل قاد فريقًا من العلماء إلى إنجاز علمى ضخم، قد يجعل السرطان شيئًا من الماضى.
ويستعد الطبيب المرموق إلى تجربة وسيلة علاجية جديدة على 18 حالة مرضية، وهى تقنية تسمى «كريسبر».
التقنية ابتكرها الفريق البحثى قبل 4 سنوات، وتركز على استخدام نظريات علم الأحياء الخليوى والجزيئى لعلاج المرض، واشترك فى الدراسة البحثية علماء من جامعة برلين الألمانية وهارفارد الأمريكية ومعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا.
واستخدم العلماء التقنية ذاتها خلال العام الجارى لتعديل جينات الأغنام والبعوض وأيضًا بعض أنواع الخضروات، وحاليا هناك طموح كبير فى أن تنجح فى علاج الأمراض المستعصية.
ولا يقتصر الطموح العلمى على علاج السرطان، بل إن نجاح التقنية قد يقضى على سلسلة من الأمراض الوراثية مثل الضغط والسكر، وربما فى مرحلة لاحقة أمراض القلب.
والهدف النهائى للدكتور كارل هو اختبار قدرة «كريسبر» على علاج الأمراض لدى البشر عن طريق إجراء تغيير فى الجينات على غرار المحاولات السابقة للترقيع الوراثى.
وقال الطبيب الأمريكى: إن بدء اختبار التقنية سيكون خلال النصف الأول من العام المقبل على الأرجح.. ويعد دكتور كارل هو أول من استخدم هذه التقنية القوية فى البشر، حيث إنه يمثل تلاعبًا واسعًا فى الجينات البشرية أكثر من أى وقت مضى.
وسيقوم الفريق البحثى فى المختبر باستخراج خلايا تسمى بخلايا «تى»، وهى نوع من الخلايا المناعية، التى تقاوم الخلايا السرطانية.. ومن ثم إجراء تغيير فى خارطتها الوراثية يؤدى إلى تحفيزها.
هذا التغيير سيؤدى إلى تحويل تلك الخلايا إلى خلايا دفاعية «شديدة الشراسة»، تنقض على الخلايا السرطانية حتى تفتتها كليا.
وستتم مراقبة المرضى لمعرفة ما إذا كان كريسبر سينجح فى تدمير الأورام السرطانية، ويضع العلماء الأمل على نتيجة الاختبارات، ولكن سواء نجحت أو فشلت، فإنها ستوفر الكثير من المعلومات المهمة حول ما يمكن فعله بطريقة صحيحة عندما يحاولون إعادة كتابة الشفرة الوراثية للبشر.
والأمل هو أن تؤدى التجربة إلى تطوير علاجات جذرية جديدة ليس فقط للأشخاص الذين يعانون من السرطان، ولكن أيضا الأمراض الوراثية مثل فقر الدم المنجلى والتليف الكيسى، والأمراض المزمنة مثل السكرى من النوع 2 ومرض الزهايمر.
وقد يبدو الأمر بعيد المنال، ولكن مثل هذه الدراسة تعد خطوة أولى فى اتجاه خلاص البشرية من «شبح السرطان».. وأيما تكون النتائج فإن «كريسبر» ستفتح آفاقا جديدة للعلاج من المرض.
وهناك معارضة من المعاهد الوطنية للصحة لأن أى إجراء لتغيير الجينات فى الخلايا البشرية يجب أن يحظى بمعايير أخلاقية محددة قبل الشروع فى تنفيذه.
لكن الفريق البحثى يطمح إلى تذليل تلك الصعوبات، باعتبارها العقبة الوحيدة أمام مشروعهم الطموح الذى يتطلب تمويلا حكوميا أيضًا.
ويؤكد الطبيب كارل جون أن التمويل ليس بيت القصيد، خاصة بعدما أعلن شون باركر المدير التنفيذى لموقع التواصل الاجتماعى «فيس بوك» نيته تمويل الدراسة.
ويعد باركر من أهم رجال الأعمال فى وادى السليكون وقد أسس مؤخرا معهد باركر لعلاج السرطان وتكلف 250 مليون دولار عن طريق العلاج بالخلايا الجذعية، ويتعاون فيه مع ستة مراكز كبرى لعلاج السرطان، ويقول باركر: إنه لابد من الرهانات الطموحة للنهوض بعلاج السرطان.
ولا يزال الخبراء يتفقون على أنها سوف تكون مسألة أشهر وليس سنوات قبل الحصول على النتائج كغيرها من الدراسات الطبية الممولة من القطاع الخاص التى بدأت فى الولايات المتحدة والخارج.
والآن.. تدور معركة براءات الاختراع حول من سيملك تلك التكنولوجيا المربحة فى حال نجاحها، ولم يتوقف المستثمرون عن سكب الملايين من أجل استخدام كريسبر.
وبحسب التقرير الأمريكى فإن رحلة كريسبر استغرقت سنة من التقدم فى دخولها إلى مختبرات علاج السرطان وهى رحلة قد تبدو سريعة رغم أن فكرة تصحيح الجينات ليست جديدة على الإطلاق كما يقول الدكتور كارل.
ولكن تقنية كريسبر تعمل بكفاءة لتغيير قطع محددة فى الحمض النووى «دى إن أيه» البشرى عن طريق بسط سيطرة غير مسبوقة مما يجعل من الممكن حذف أجزاء من الحمض النووى، وإضافة مقتطفات من المادة الوراثية وحتى إدخال القطع الجديدة كليا.
ويرى العلماء أن كريسبر قد ينجح فى إحراز تقدم كبير فى تصحيح خلل جينى وراء فقر الدم المنجلى، وفى علاج أشكال نادرة من العمى الوراثى وضمور العضلات، ولن يقف استخدامه فى أمريكا.
وخلال العام الجارى وافقت المملكة المتحدة على أن تكون أول مستخدم لتكنولوجيا كريسبر فى الأجنة البشرية فى معهد فرانسيس كريك فى لندن، وقامت كاثى نياكان عالمة الأحياء التنموى باستخدامها استخداما محدودا.
ويبحث العلماء حاليا عن إجابات لواحدة من أكثر المشاكل الشائكة فى علم الأحياء البشرى وهى جهاز المناعة، وتهدف إلى مكافحة المرض، والوقوف ضد السرطان وهو المرض الذى وهبه دكتور كارل نفسه منذ عام 2001 حيث توفيت زوجته بسبب سرطان المبيض.
ورغم أهمية ما تم إنجازه فى عام 2016 فإنه ليس أكثر من بداية لعمل بحثى سيؤدى إلى تغيير فعال فى مسار التاريخ البشرى.
وفى الأشهر القليلة المقبلة، من المتوقع أن تصدر المبادئ التوجيهية التى يمكن أن تتناول بعض التحديات التى يشكلها كريسبر، مع التركيز على كيف ومتى يبدأ تطوير علاجات الأمراض المستعصية؟