الجمعة 3 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

الزواج 12 عاماً للذكور و10 أعوام للإناث إذا كنت عاقلاً حافظ على بيتك وأحب زوجتك

الزواج 12 عاماً للذكور و10 أعوام للإناث إذا كنت عاقلاً حافظ على بيتك وأحب زوجتك
الزواج 12 عاماً للذكور و10 أعوام للإناث إذا كنت عاقلاً حافظ على بيتك وأحب زوجتك


الزواج والطلاق فى مصر القديمة مسألة شخصية تخص أبناء المجتمع دون أى تدخل من كهنة الدين المصرى القديم بأصالته وثباته فى نفوس المصريين القدماء. حيث كانت مباركة الآلهة للزوجين من الأمور المهمة، ولكن لمجرد التبرك فقط، أما أمر الزواج والطلاق وقتها أمر مدنى خالص يخص أصحابه فقط.. فى بدايات الحضارة المصرية القديمة، الزواج يحدث مباشرة بموافقة الطرفين دون وجود شهود أو عقود تؤكد أو تثبت صحته. هذا الوضع ظل حتى بداية القرن التاسع قبل الميلاد، بعدها أصبح الزواج موثقاً.

فى بادئ الأمر كانت العقود تكتب على الأحجار - تماماً مثل الكتابة على حجر رشيد -  و كان الأمر يتطلب وجود شهود على العقد المكتوب على الحجر الذى يتضمن عبارات الزواج المألوفة فى تلك الفترة باللغة الهيروغليفية مثل:(جرج بر) بمعنى (تأثيث البيت)، (من يم) بمعنى (الرباط المقدس)، (إير حمت) بمعنى (اتخاذ الزوجة)، (حمس أرم) بمعنى (معاشرة الزوجة)، (مر) بمعنى (الحب)، (خنت) بمعنى (الرغبة).  وكانت الحكمة التى تدون فى نهاية الحجر - العقد - (إتخذ لك زوجة وأنت فى شبابك، حتى تنجب لك إبناً وأنت شاب، علمه ليصبح رجلاً، فما أسعد الإنسان الذى يكثر أهله ويحييه الناس باحترام بسبب أولاده).
والزواج فى مصر القديمة يتم فى سن مبكرة، فالولد يتزوج فى سن الثانية عشرة والبنت فى سن العاشرة،  وهو الوضع الذى ظل حتى بعد العصر الفرعونى مع وجود فوارق طفيفة لا تذكر، حيث ارتفع سن الزواج عند الشاب فى العصرين البطلمى والرومانى إلى (14) سنة والفتاة عند (12) سنة. عقد الزواج فى تلك الفترة يكتب على الجلود كوثيقة لإثبات جدية الزواج، ويكتب فى نهايتها نصيحة للزوجين تقول :(إذا كنت عاقلاً حافظ على بيتك، وأحب زوجتك، ووفر لها الغذاء الملائم، والملبس الجديد، لأطفالها وأشبع رغباتها، ولا تكن قاسياً حتى تحصل منها على القدر الاكبر من المراعاة، لا بالعنف، ولا ترفضها لأن بيتك سيضيع، افتح لها ذراعيك، ونادها واظهر لها حبك)، كما كان يتضمن العقد تفاصيل اليوم والشهر والفصل والحقبة التاريخية واسم من حكم البلاد ومدة حكمه، وقيمة المهر الذى كان غالباً قطعاً ذهبية وفضية - حسب إمكانات الزوج - وأردباً من القمح حيث كان يتسم (المهر) فى الماضى غالباً بالبساطة واليسر، ومن نوعية الموجود فى كل زمن وبيئة، لأنه وسيلة لهدف نبيل، وهو الزواج، وهكذا تطورت المهور عبر العصور، فالأعرابى كان يمهر زوجته بعيرًا، والفلاح يمهرها نخلاً أو أرضًا، والتاجر يمهرها نقودًا أو بعض الأطعمة والملابس، والصانع يمهرها بعض المشغولات من صنع يديه، والعالم والمتعلم يمهرها مِن علمه إذا لم يجد غيره، فإنه قد يعلمها سورةً من القرآن الكريم.
فالمهر هو الصداق المسمى بين الطرفين، وهو ما يعطيه الزوج لزوجته، كتعبير عن صدق رغبته فى الزواج، وهو أحد أركان العقد، من مصر القديمة إلى عهدنا هذا، وهو حق للمرأة كاملاً مقدمه ومؤخره، وهى حرة تتصرف فيه كيفما شاءت،ويكون مدوناً داخل عقد الزواج كضمان لحق الزوجة. الرسول (صلى الله عليه وسلم) كان يمهر زوجاته اثنتى عشرة أوقية و(نشاً)- (النش) يعادل خمسمائة درهم. الإسلام جاء ليؤكد أن الزواج فطرة إنسانية يحمل المسلم  فيه المسئولية تجاه من له فى عنقه حق التربية والرعاية، فالزواج مصلحة اجتماعية من أجل الحفاظ على النوع الإنسانى والأنساب، وحماية المجتمع من الانحلال الأخلاقى والأمراض.
الذهب والفضة والقمح ظلت هى المهور المتعارف عليها حتى العصر الحديث الذى زاد عليها المال عداً ونقداً إما عاجلاً وإما آجلاً، حسب اتفاق الطرفين، وهو العصر الذى بدأت فيه وثائق الزواج تكتب على الورق، فنجد أول وثيقة زواج تكتب على الورق كانت عام (1871) م وكانت تسمى (ورقة إذن نكاح) ثمنها (غرش واحد) - هكذا كان يكتب عليها - وكانت الوثيقة عبارة عن خطاب من المحكمة الشرعية إلى نايب العقود - هكذا كان يلقب من يقوم بتوثيق عقود النكاح - يدون فيها اسم الزوج والصداق المسمى بين الطرفين، وقتها إما عملات فضية من فئة (البارات) - أى (الضربات) - وهى العملة النقدية التى كانت سائدة وقتها - أو أوقيات ذهب. الغريب وقتها - كما هو موضح بالوثيقة - أن اسم الزوجة لم يكن يكتب، بل يتم الاكتفاء فقط بذكر أن من يريد التزوج منها هى ابنة فلان الفلانى . فى الوقت الذى كانت تدون فيه اسم الزوجة أيام العصور الفرعونية والبطلمية والرومانية.
أول وثيقة (إذن نكاح) صدرت عام (1876)م كتب فيها:(خطاباً من المحكمة الشرعية بمركز (أبو حمص) - شرقية - إلى الشيخ (إبراهيم فايد) نايب العقود بناحية (قراقص) حيث إن (حسن السروي) ابن المكرم (عامر بن المرحوم إبراهيم) يريد التزوج بمخطوبته عز البنت البكر البالغ بنت (على بن عبد الله) على صداق مجمله (3000) عملة فضية مؤجل منه (1500) بذلك يصير عقد نكاحها ويتحرر بذلك وثيقتان إحداهما للزوج والثانية للزوجة حسب الأصول. اللافت أن هناك عبارة مكتوبة فى (إذن النكاح) أثارت الدهشة وهى:(فإذا كان لامانع شرعى ولم يكن الزوج المرقوم عسكريا ولامن أتباع دولة إيران) . ومن باب الفضول والعلم بالشيء عرفنا أن (المرقوم عسكري) هو المجند والمجند فى تلك الفترة يكون (فاقد للأهلية) ولا يحق له الزواج، وعليه فالراغب فى الزواج يجب ألا يكون مرقوماً عسكرياً. أما مسألة (ألا يكون من أتباع دولة إيران) فذلك نظير العداء والخلافات التى كانت موجودة وقتها بين الدولة العثمانية - التابعين لها - ودولة الفرس.    
فى عام (1892) م تغيرت صيغة عقد النكاح ليصبح (وثيقة عقد زواج) ليشهد ولأول مرة ذكر اسم الزوجة، فنجد أول وثيقة تم تحريرها كانت يوم الجمعة (غرة شهر ذو القعدة الحرام) عام (1309) هجرية الموافق 27 مايو من عام (1892)م عن - وليس على - يد مأذون عقود الزواج -هكذا كان يطلق عليه - بمصر القديمة التابعة لمصر المحروسة، وقد تحرر أنه صار عقد زواج (إبراهيم حزين الجزار بن على بن حسن) بالبنت البكر المراهقة (نفوسة بنت محمد بن مسعود) بعد ثبوت أنها أهل للفراش بشهادة شهود المجلس وورد الرسم وثمن الوثيقتين - للزوج والزوجة - (سبعة غروش).   
  الزوج منذ العهد القديم، هو المسئول عن تجهيز المنزل الخاص به وشراء المتاع والأثاث والهدايا من أجل زوجته، الأمر لا يتوقف فقط عند هذا الحد، فبعد الزواج يتطلب على الزوج منح زوجته ثلثى ممتلكاته، وفى حالة حدوث أية مشاكل زوجية بين الزوجين تؤدى إلى الطلاق، فللزوجه أن تحتفظ بكل ماتملكه، سواء ممن منحه لها زوجها أو  ممن جلبته من منزل أبيها أثناء تجهيز عش الزوجية.
 الطلاق فى مصر القديمة كان مسموحاً به لعدة أسباب - وهو ما يعمل به إلى الآن- منها الكراهية أو اكتشاف أحد الزوجين خيانة الآخر له ووقوعه فى خطيئة الزني، كذلك فى حال عدم قدرة الزوج على الإنجاب - وفى هذه الحالة وحدها يتم تخيير الزوجة ما بين الاستمرار فى الزواج أو الانفصال - فى حالة الطلاق من حق الزوجة  طلب التعويض المناسب لها الذى يقره حكماء أسرتى الطرفين.
ووثائق الطلاق عبر العصور هى نفسها وثائق الزواج مع اختلاف المسمى والصيغة . فهى حجرية فى العصر الفرعونى وجلدية فى العصرين البطلمى والرومانى وورقية فى العصور الحديثة. يذكر أن أول وثيقة طلاق ورقية كتبت كانت عام (1888) م وجاءت صيغتها : (فى يوم الثلاثاء الموافق أربعة وعشرين يوماً خلت من شهر (محرم) من عام (1305) هجرية الموافق عام (1888)م حضرت لدينا الحرمة (سيدة) السيب البالغة العاقلة بنت (محمد بن مجاهد) ومعها زوجها المكرم (شعبان أحمد بن سداحمد بن أحمد) القاطنان ببولاق مصر وسألته بقولها له (خالعنى من عصمتك على مؤخر صداقى وقدره (اتنين دهب) وعلى نفقة عدلى إلى حين انقضائها شرعاً فأجاب سؤالها فوراً بالمجلس وقال لها (خلعتك من عصمتى على ذلك) فقبلت منه الخلع لنفسها ورضيت به، وهما عالمان بمعنى الخلع أنه طلاق فبانت منه بذلك بينونة صغرى فلا تحل له إلا بعقد ومهر جديدين بإذنها ورضاها.