الإثنين 6 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

اليوم العالمى للبنات!

اليوم العالمى للبنات!
اليوم العالمى للبنات!


الأم الفرنسية تحذر ولدها: لا تضرب الأنثي.. ثم تعلمه أصول التعامل مع الجنس الآخر.. لا تضربها حتى بوردة.. لأنه ليس من الذوق واللطف والرجولة أن تضرب امرأة.. ومن أجل هذه النصيحة العفوية فإن العنف الزوجى محدود فى بلاد بره.. والخناق واستعراض العضلات يكون خارج البيت غالبا.. أما لو اختلف الزوجان.. فالنقاش هو وسيلة التفاهم.. وإذا استحال التفاهم.. فالطلاق هو الحل المناسب وهو ليس أبغض الحلال فى عرفهم..!

عندنا فى مجتمع سى السيد.. حيث يسود الذكر ويتبوأ مكانة ملك الغابة ومركز الكون.. ترسم الأم لولدها معالم المستقبل وخطوات الطريق فتقول ما قل ودل.. وتؤكد أن ضرب الحبيب مثل أكل الزبيب.. بما يعنى أن الضرب والعنف وتكسير العظام هو نوع شرقى من التعبير عن العواطف.. وهو بديل عن الركود والزهق داخل البيت.. سعادتك محبط فأول شيء هو أن تضرب المدام.. أنت تعانى من مشاكل فى الشغل.. فاذهب إلى البيت واضرب زوجتك علقة ساخنة..!
ولو ضربت شقيقتك أو خطيبتك أو زوجتك أو ابنتك فهذا أمر طبيعى ومتفق عليه.. على اعتبار أنك الولى والمسئول والحاكم بأمره.. أنت الرجل يمارس صلاحياته ووظيفته المثالية.. وهكذا يترسخ مبدأ العنف فى التعامل مع الجنس اللطيف منذ البداية ومنذ الصغر..!
فى جميع أفلامنا العربية الواقعية والرومانسية والبوليسية وحتى الكوميدية.. تلمح فيها بين المشاهد والأحداث علقة ساخنة من نصيب البطلة.. قد تستبدل أحيانا بصفعة على الوجه أو ضربة على القفا.. المهم أن المرأة تضرب حتى لا يغيب عن عقلنا الباطن والظاهر أن وجود الجنس الناعم فى هذه الدنيا لمجرد أن نمارس معه العنف.. ونفرغ فيه لحظات غضبنا.. العنف صار عادة مثل شرب القهوة أو نوم العصاري.. لا يثير حنقا أو غضبا أو علامة استفهام بيننا.. ولو اعترضت امرأة مشاغبة وطالبت بالتعامل المثالي.. تساءلنا فى عجب.. لماذا الاعتراض ولماذا الغضب ولماذا الخروج عن النص.. مع أن ضرب الحبيب مثل أكل الزبيب..!
أخشى أن أقول أن المرأة الشرقية وقد تعلمت الدرس.. فإنها تقرر التعامل بالأسلوب نفسه مع الجنس الآخر.. على اعتبار أن ضرب الحبيب كأكل الزبيب.. وتشهد أقسام الشرطج وساحات المحاكم ودفاتر أحوال المجتمع حكايات وحواديت لها العجب عن خناقات وضرب متبادل وقد زه
زهقت حواء تماما من أكل الزبيب.. فتدبر لحضرة الزوج مقالب ساخنة تعبيرا عن الحب والهيام.. كأن تضع له السم فى قهوة الصباح.. أو تطبخ له المسقعة بالمبيد الحشرى المركز.. أو تنسى قفل أنبوبة الغاز قبل النوم.. أو تفتحها وتسربها وحضرة الزوج يسترخى مع حمام المساء.. أو أن تذبحه على طريقة خروف العيد.. ثم تقطعه إلى قطع مناسبة تعبأ فى أكياس بلاستيكية من الحجم العائلي..!
وفى النهاية يسجنون الزوجة الغشيمة التى تجرأت على زوجها وصاحب النعمة ومربط الفرس وفارس المرحلة ووتد الخيمة.. والتى لم تستوعب الدرس أبدا.. فلم تعرف أن المرأة وليس الرجل مقصودة بأكل الزبيب والبندق واللوز والجوز..!
ومنذ أيام احتفل العالم كله باليوم العالمى للبنات.. إلا عندنا.. وقد دعا العالم من خلال الأمم المتحدة إلى حماية حقوق الفتيات وتوفير فرص للحياة الأفضل وتوفير المساواة لهن فى الحقوق.. وخصوصا أن هناك أكثر من مليار فتاة تقل أعمارهن عن 18 عاما يتهيأن لمواجهة المستقبل.
عندنا الحال يختلف والبنت تعانى الحرمان من التعليم والختان والزواج المبكر والعنف الجسدي.. على اعتبار أن الضرب وسوء المعاملة هما ثقافة مجتمع يؤمن باستمرار أن ضرب الحبيب مثل أكل الزبيب.