دين جديد داخل الكنيسة القبطية

عادل جرجس
منذ عدة أشهر كان لـ«روزاليوسف» السبق فى الكشف عن دين جديد يدعو له رجال دين داخل الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، حيث جاء الكلام «بحذافيره» على لسان الأنبا موسى أسقف الشباب، الذى التقت به «روزاليوسف» فى حوار سابق تم نشره على صفحاتها. ثم توالت ردود الأفعال والأحداث التى كشفت التفاصيل الحقيقية والتى كانت وراء تصريحات أسقف الشباب.
ففى صراع مكتوم بدأ يحتدم وظهرت علاماته بوضوح أمام الجميع بدأ التيار المحافظ بقيادة الأنبا بيشوى مطران دمياط، والأنبا موسى أسقف الشباب. والأنبا رفائيل سكرتير عام المجمع المقدس توجيه أولى ضرباته للتيار الحداثى الذى يتزعمه آباء دير البراموس وما يعرف باسم مدرسة الإسكندرية الذى استشرى بقوة خلال الأيام الأخيرة داخل الكنيسة، حيث نظم المحافظون مؤتمراً ضخماً بالعجمى فى الإسكندرية تمت فيه دعوة كل كهنة الكنيسة القبطية وخدامها بعيداً عن الأعين وتم منع الصحافة والإعلام من تغطية المؤتمر وتأتى فعاليات المؤتمر للرد على بعض التأويلات الفلسفية التى أطلقتها مدرسة الإسكندرية والتى تقلب موازين العقيدة الأرثوذكسية رأساً على عقب، خاصة ما تبنته مدرسة الإسكندرية من فكرة «تأليه الطاقة» وأن الله ما هو إلا طاقة كونية يمكن للإنسان اكتسابها وعندما تتحد تلك الطاقة الكونية بالإنسان بشكل كامل فإن الانسان يصبح إلهًا وهو ما يفسر معجزات السيد المسيح فهو ليس إلهًا أو نبيًا ولكنه إنسان عادى استطاع أن يمتلك تلك القوى الكونية فتأله وأصبحت له قدرات فائقة، ومن ثم فإن أى إنسان يمكن أن يمتلك تلك الطاقة الكونية طبقاً لرياضات روحية معينة ويصبح إلهًا. وطبقاً لاعتقاد مدرسة الإسكندرية فإن كل مكونات العقيدة يتم نقدها كما أن المدرسة تعمل على تأويل تعاليم الآباء الأولين للكنيسة بشكل فلسفى يثبت مزاعم القائمين عليها وأبرزهم القمص سيرافيم البراموسى، كما أنها ترفض فكر البعض الآخر من هؤلاء الآباء جملة وتفصيلاً وخاصة القديس ديسقورس الذى يطلقون عليه (الجاحد الكافر الملعون).
>تطور طبيعى
مدرسة الإسكندرية للدراسات المسيحية هى التطور الطبيعى لفكر القمص متى المسكين والفيلسوف القبطى جورج حبيب بباوى هذا الكيان الذى خرج فجأة وتضخم داخل المجتمع القبطى فى السنوات الأخيرة على الرغم من أن نشأتها تعود إلى ثمانينيات القرن الماضى والمدرسة لا تتبنى العقيدة الأرثوذكسية ولا تصطبغ بالهوية القبطية فتعاليم المدرسة قائم على اللاطائفية التى لا ترتبط بمذهب أو طائفة وهى تتبع دير البراموس بوادى النطرون تبعية مباشرة، والدير هو الأقدم فى مصر، ومع ذلك فكل تعاليم المدرسة ضد العقيدة الأرثوذكسية قلباً وقالبا، وقد أصبح للمدرسة مقر بالعباسية فيه منفذ لبيع مؤلفات القائمين على تلك المدرسة التى تتبنى منهجاً فلسفياً يعتمد على المغالطات المنطقية فى تفسير النص الإنجيلى وتخضع خضوعاً مباشراً لقداسة البابا تواضروس.
>هوت غربى
مدرسة الإسكندرية هى الحلقة الأخيرة فى سلسلة هجوم اللاهوت الغربى على عقيدة الكنيسة ومحاولة فرض هذا الفكر على الكنيسة القبطية، فلقد بدأ هذا المخطط عن طريق بروتوكول تم توقيعه مع جامعة كليرمونت بلوس أنجلوس لإرسال مبعوثين من مصر للدراسة فى الجامعة التى تتبنى مقارنة الديانة اليهودية بكل الديانات والانتصار لليهودية والبروتوكول الموقع كان ثمرة جهد الأنبا سرابيون النائب البابوى بأمريكا مع الجامعة للتعاون اللاهوتى ووقع عليه البابا تواضروس. وفى محاولة لنشر فكر اللاهوت الغربى تم الاتفاق مع مدرسة الإسكندرية على تبنى التعليم الجديد الذى اتفق عليه البابا وكان لا بد من إرسال من يبشر بالتعليم الجديد إلى مصر فأرسل الأنبا سرابيون إلى البابا واحدة من المتخصصات فى اللاهوت الغربى والتى قام بإعدادها لتلك المهمة.
>دونا رزق
هى باحثة أرمينية أرسلها الأنبا سرابيون من أمريكا إلى البابا تواضروس وهى متخصصة فى علم اللاهوت الغربى لمدة 10 سنوات. حصلت على درجة الماجستير فى الدراسات اللاهوتية من معهد الصليب المقدس الأرثوذكسى اللاهوتى فى بوسطن ماساتشوستس بالولايات المتحدة الأمريكية تحت رعاية الأنبا سرابيون أسقف جنوب كاليفورنيا ثم درست فى اتحاد الخريجين اللاهوتى فى بيركلى عن الطقوس، ثم انتقلت لفيينا بالنمسا لتدرس الألمانية حتى يتسنى لها دراسة المزيد عن اللاهوت الشرقى ثم انتقلت لأكسفورد بإنجلترا وأكملت الماجستير الثانى لها فى الدراسات المسيحية الشرقية مع الاهتمام باللغات الأرمينية واليونانية، وكذلك التاريخ الأرمينى والتاريخ اليونانى، وقد كانت رسالة الماجستير الخاصة بها تركز على كتابات آباء الإسكندرية الأولين. ولعبت رزق دور الوسيط بين مدرسة الإسكندرية ومؤسسات الغرب لاختراق الكنيسة القبطية بعد مقابلتها للبابا تواضروس واتفاقها معه على العمل فى الكنيسة، وكانت أولى ثمرات عملها مؤتمراً للمرأة لم يعلن عنه وتم اختيار المشاركين فيه بعناية شديدة وطالبت فيه دونا بضرورة تولى المرأة المناصب الكهنوتية، وهو الوعد الذى وعدها به قداسة البابا بحسب ما جاء على موقعها الرسمى.
> اعتراض
فى الفترة الأخيرة صدرت مجموعة كبيرة من الكتب عن مدرسة الإسكندرية كلها تقوم على نقد كل ما هو أرثوذكسى من عقائد وطقوس وتراث آبائى وانتشرت تلك التعاليم انتشار النار فى الهشيم بين شباب الكنيسة حتى وصلت إلى أسماع آباء المجمع المقدس، وفى البداية بدأ بعض أساقفة ومطارنة الكنيسة الرد على ما ينشر من بدع مدرسة الإسكندرية من خلال بعض العظات والمؤتمرات دون تسمية المدرسة وكان على رأس هؤلاء الأنبا بيشوى مطران دمياط والأنبا رافائيل سكرتير المجمع المقدس والأنبا موسى أسقف الشباب، ولكن كلما فند آباء الكنيسة مزاعم مدرسة الإسكندرية، استعرت حدة الهجوم على الكنيسة القبطية وهو الأمر الذى أقلق الكثير من الآباء وطالبوا الأنبا موسى أسقف الشباب بوصفه رئيس لجنة التعليم بالمجمع المقدس بفحص الفكر العقيدى لمدرسة الإسكندرية، وهو ما كان وتم رصد العديد من البدع التى تصل إلى حد الهرطقات فما كان من لجنة التعليم بالمجمع المقدس إلا أن أعدت تقريراً مطولاً يحتوى على ما رأته اللجنة من فساد وإفساد لتعليم الكنيسة وتم رفع التقرير إلى قداسة البابا تواضروس لاتخاذ ما يراه فى هذا الأمر، وأصدر الأنبا موسى بياناً يؤكد أن هناك أخطاء فى تعاليم المدرسة وأن الأمر معروض على قداسة البابا.
>البراموس
ما إن أصدر الأنبا موسى بيانه حتى أصدر الأنبا إيسيذوروس أسقف دير البراموس بيانا استنكر فيه ما أقدم عليه المجمع المقدس من فحص إيمان وعقيدة مدرسة الإسكندرية مؤكدا أن المدرسة كل تعاليمها تأتى فى إطار أرثوذكسى وآبائى لا غبار عليه وأنها تحظى بدعم دير البراموس وإن كل إنتاجها البحثى والدينى الذى صدر فى مجموعة كبيرة من الكتب تم إرسال نسخ منها للبابا وأن مدرسة الإسكندرية تخضع للإشراف الكامل والمباشر لقداسة البابا. واستنكر البيان الذى صدر ممهورا بخاتم دير البراموس مراجعة لجنة التعليم فى المجمع المقدس للإنتاج العلمى للمدرسة دون مشورة الدير لتشتعل الأجواء بين جهتين كنسيتين لهما اعتبارهما وهما دير السريان والمجمع المقدس ممثلا فى لجنة التعليم ليقع الأقباط فى حيرة حول صحة تعاليم مدرسة الإسكندرية.>