الأربعاء 26 يونيو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

مُحصل الكهرباء.. الضرب قبل الدفع

مُحصل الكهرباء.. الضرب قبل الدفع
مُحصل الكهرباء.. الضرب قبل الدفع


تتباطأ شركات توزيع الكهرباء فى البحث عن حل لأزمة تحصيل فواتير الاستهلاك المتأخرة على المواطنين، والتى تتزايد قيمتها بالتراكم، وتتفاقم حاليا بعد زيادة الأسعار، ما أدى إلى حالة غضب عامة من المستهلكين الذين لم يجدوا أمامهم إلا المحصلين ليتعاملوا معهم بطريقة «فش الغل»، فيعتدون عليهم بالسباب وبالضرب، وهو ما أصبح ظاهرة ولا سيما فى شهر سبتمبر، الذى وصفه البعض بأنه «سبتمبر الأسود»، كونه شهد ارتفاع التسعيرة.
 
الأمر وصل إلى درجة هروب المحصل من جمع الفواتير، والحضور بعد الاتصال تليفونيا بالمواطن أولا، لضمان عدم ضربه، فيما تخلى عشرات الموظفين عن المهنة خوفا على حياتهم التى يخشون أن تنتهى بسبب الشجار فى أثناء التحصيل.
«محمد. ك»، محصل كهرباء فى منطقة الهرم، قال إنه «منذ 3 أشهر تحديدا بدأ المواطنون يعترضون على فواتير الكهرباء بشدة، ورغم محاولتى لإقناعهم بتفاصيل الفاتورة وما تحمله من أسعار جديدة والحساب معهم بالورقة والقلم، فإن النتيجة واحدة وهى رفض الدفع، مع العلم بأن تكرار زيارة الساكن لمطالبته بدفع الفاتورة قد يتحول إلى كارثة لا تستطيع وزارة الكهرباء حمايتنا منها، فى حين أن رواتبنا لا تشجعنا أساسا على العمل فضلا عن تعريض أنفسنا للموت من أجل الفواتير المتراكمة، فأقل مواطن فى منطقة الهرم حاليا عليه أكثر من 3 أشهر غير مدفوعة، وفى مثل هذه الحالات نترك كعوب الفواتير أمام الشقق ونرحل».
ويضيف محمد: «جاءت إلينا تعليمات من شركة كهرباء الجيزة، بمحاولة التفاهم قدر المستطاع مع المواطن، وإقناعه بأن هذا دين لا يمكن التهرب منه، وأنه سوف يتعرض للمساءلة القانونية وفى النهاية سوف يدفع الفاتورة، وهناك حل لاعتراضه من الناحية القانونية بأن يدفع الفواتير المتأخرة، ثم يقوم بعمل بلاغ فى شبكة الكهرباء التابعة له، إلا أن البعض على يقين بأن ما يحدث مجرد إجراءات روتينية لتحصيل الأموال دون جدوى، والمواطنون يرفضون دفع استهلاك شهر سبتمبر على وجه الخصوص، لأنه الأعلى سعرا فى فواتير الكهرباء، حتى الآن بعد زيادة الأسعار».
وأوضح محمد أن «مهنة المحصل أصبحت مهنة خطرة حاليا، فالمحصل أعزل لا يمتلك ما يدافع به عن نفسه، والمواطنون يتعاملون بعنف واضح، غضباً من ارتفاع أسعار الكهرباء، ورغم استخدامنا أسلوب التهديد بأننا سوف نقطع التيار، فإنهم لم يرتدعوا، خصوصاً أن منهم من هو على دراية كبيرة بالتعامل مع الكهرباء بعد فصلها».
ويتابع المحصل: «حاليا توجد أزمة فى عدد المحصلين التابعين للوزارة، فقد رحل العشرات منهم خوفا من بطش المواطنين، والجزء الآخر رحل بعد ظهور العداد الكهربائى الجديد، الذى يمنع وجود محصل، ما دفع الدولة للاستغناء عن الكثيرين، فى ظل ظروف الاعتداء علينا التى تجبرنا على عدم الخروج لتحصيل الفواتير فرادى، وإنما يخرج كل ثلاثة على الأقل معا، لنستطيع التدخل إذا تعرض أحدنا للضرب على أيدى السكان».
ويشير المحصل «أ. و»، إلى أن «شركات توزيع الكهرباء الـ 9 تطالبنا بجمع الفواتير وتحصيل الأموال فقط، ولا تفعل أى شيء لحماية المحصلين الذين يتعرضون للخطر فى أثناء التعامل مع المواطنين، وخصوصا فى المناطق الشعبية مثل فيصل والطالبية وعزبة خيرالله وعزبة النخل وغيرها، وقد تقدمنا بشكاوى كثيرة للشركات التى نتبع لها من أجل تأميننا عند النزول إلى مثل تلك الأماكن، وطالبنا شرطة الكهرباء بالعمل ضد المخالفين لمساندتنا، لكن للأسف لا يقف معنا أحد سوى زملائنا، كما أن المحصلين أنفسهم يتم توزيعهم بشكل غير عادل، فمنهم من يكون فى راحة فى الأحياء المستقرة، ومنهم من يعانى فى الأحياء الشعبية حيث يستخدم المواطنون ضده العصى والطوب والأوانى المعدنية والأحزمة».
فى المقابل، يرى ناصر عبدالقادر، أحد سكان الهرم، أن «عدم وجود كشافين لعدادات الكهرباء، هو السبب الرئيسى فى الأزمة، إذ تصدر الشركة فاتورة الكهرباء دون رؤية العداد، فتأتى باهظة بشكل مبالغ فيه، وهذا يشعل غضب المواطنين، ويدفعهم لضرب المحصل، وهو ما حدث فى منطقة الهرم أكثر من 3 مرات أمامى حتى الآن والظاهرة تنتشر، وقريبا سوف يختفى محصل الكهرباء خوفا على حياته».
من جانبه، يقول «عبدالله س» -  أحد مواطنى المرج: إن «المنطقة أصبحت محرمة على محصلى فواتير الكهرباء، فليس هناك فواتير أساسا، لأنه منذ فترة قليلة برع المواطنون فى تصفير أو مسح العداد وتشغيله عكس الاتجاه، فبعد أن كان يحسب على المواطن، فإنه يحسب على وزارة الكهرباء نفسها، لذلك لا يتجرأ أحد على دخول بيوتنا ليطالبنا بدفع شيء، والأمر ينطبق أيضا على فواتير المياه».
ويبرر عبدالله هذه الحيل، بأنها «رد فعل على الارتفاع الكبير فى كل الفواتير، بينما لا تتجاوز رواتب سكان المنطقة 1000 جنيه.. نحن فى منطقة شعبية، فمن أين ندفع هذه المبالغ للكهرباء والماء والغاز كل شهر؟ ونقول لوزير الكهرباء حل أزمتك بعيدًا عن الغلابة، لأن الأزمة لن تحل على الإطلاق فى الأحياء الشعبية، وستظل ظاهرة ضرب المحصلين مستمرة، ما دامت زيادة الأسعار طالت الجميع ولم تفرق بين الظروف المعيشية الصعبة فى الأماكن الشعبية، والظروف الجيدة فى مناطق الأغنياء».
وبالمثل، روى حسان عبدالرحمن، أحد سكان الطالبية، أن محصل الكهرباء حضر إلى المنطقة فى نهاية اليوم بعيدا عن توقيتات عمله لتحصيل الفواتير، كأنه يفعل شيئاً غريباً، وطالب بعض السكان بمبالغ مرتفعة عن الشهر السابق بنسبة لم يتقبلها السكان، الذين تجمعوا حوله وضربوه بعنف، دون الخوف من الرد القانونى، وخاصة عندما هددهم بقطع التيار الكهربائى عن منازلهم، لرفض بعضهم الدفع منذ ما يقرب من 8 أشهر متتالية، ما يضر بعمله».
ويعلق عبدالرحمن بأنه «أول مرة لم يدافع أحد عن محصل الكهرباء، وهدده الجميع بأنه فى حالة نزوله لتحصيل الفواتير ليلاً أو نهاراً سوف يتم ضربه مرة أخرى، وأن الطالبية تعلن العصيان على دفع هذه الفواتير الباهظة التى لم يستهلكوا كهرباء بقيمتها، وخاصة أن محصل الكهرباء فى أغلب الأحياء لا يكشف على العداد، وهذا ظلم، فالمحصلون أيضا لا بد من مراقبتهم ومحاسبتهم أولا، والشكاوى التى نقدمها ليس لها أى جدوى، فإلى من نتظلم مما يحدث؟ نحن متأكدون أن هناك أرقاما وهمية فى الفواتير المرتفعة، والشكاوى متراكمة فى مكاتب المسئولين».
من ناحيته، أكد المهندس مدحت فودة رئيس شركة مصر الوسطى لتوزيع الكهرباء، أن شركات توزيع الكهرباء دائمة البحث عن حلول لأزمة الفواتير، التى أصبحت ظاهرة لرفض المواطنين دفعها خاصة شهر سبتمبر، وقال: «منذ فترة قمنا بعمل ندوات ثقافية للتفاهم مع المواطنين، وعمل حلقة وصل بين المواطن والمحصل والكشافين، مع التأكيد على أن هناك حركة لرفع الدعم تدريجيا عن الأسعار، فكان من الطبيعى أن ترتفع الفواتير عن الشهور السابقة، ونحن كمسئولين وجهنا المحصلين بالتعامل مع المواطنين بطريقة سلسلة ليتفهموا أن ارتفاع الأسعار هدفه دعم مشاريع خاصة بقطاع الكهرباء لتطويره، وأن كل ذلك يصب فى مصلحة المواطن فى المقام الأول».
فودة أوضح أيضا أنه «فى حالة الامتناع التام يترك المحصل كعب فاتورة الكهرباء أكثر من مرة ليراه المواطن، ثم يتم توجيه إنذار رسمى له بالمخالفة أكثر من مرة فى حالة عدم استجابته، وأقصى عقوبة ينالها المواطن هى قطع التيار الكهربائى عن منزله وتحرير محضر ضده»، مشيرا إلى أن «شركات التوزيع لا تقف ضد المواطن، بل تطالبه بالتظلم فى شكوى رسمية بعد دفع الفواتير أولا، ويتم النظر فيها لأن الخطأ وارد، وقد يكون له حق».