الأحد 12 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

القيمة المضافة والخدمة المدنية هدية النواب للحكومة وصندوق النقد

القيمة المضافة والخدمة المدنية هدية النواب للحكومة وصندوق النقد
القيمة المضافة والخدمة المدنية هدية النواب للحكومة وصندوق النقد


استماتت الحكومة الأسبوع الماضى لانتزاع موافقة مجلس النواب على قانون ضريبة القيمة المضافة قبل انتهاء دور الانعقاد الأول للبرلمان فى شهر سبتمبر، وقبلها استطاعت الحصول على الموافقة البرلمانية على قانون الخدمة المدنية، وبذلك أصبح من المؤكد للحكومة أنها ستحصل على موافقة مجلس النواب على اتفاقها مع صندوق النقد الدولى لاقتراض 12 مليار دولار، لأن التزامات الحكومة تجاه الصندوق للحصول على القرض أهمها تطبيق قانونى الخدمة المدنية وضريبة القيمة المضافة.

وحذر خبراء اقتصاديون وسياسيون من الموافقة على قرض صندوق النقد الدولى، لأن سياسة الحكومة باعتمادها على القروض لن يخرج مصر من أزمتها الاقتصادية الراهنة، وليضمن الصندوق زيادة الديون على مصر أعلن كريس جارفيس رئيس بعثة صندوق النقد الدولى لمصر ومستشار الصندوق للشرق الأوسط وآسيا، أن تنفيذ برنامج القرض الذى تم التوصل إليه بقيمة 12 مليار دولار، يحتاج أيضا إلى تمويل إضافى 6 مليارات دولار من شركاء آخرين، وذلك قبل عرض الاتفاق الذى تم التوصل إليه مع الحكومة المصرية على مجلس المديرين التنفيذيين لصندوق النقد الدولى، أى أن الصندوق يشترط قبل الموافقة على القرض أن نقترض أيضا من مؤسسات دولية أخرى، والصندوق لا يعنيه أى آثار اجتماعية سلبية ستحدث للفقراء ومحدودى الدخل وأفراد الشعب للدولة المقترضة.
هيثم الحريرى عضو مجلس النواب، قال إنه يرى أن قانون الخدمة المدنية جاء طبقا لتعليمات صندوق النقد الدولى، وكذلك قانون ضريبة القيمة المضافة وتخفيض دعم المياه والكهرباء وتعويم الجنيه، وأبدى الحريرى تخوفه من تمرير ائتلاف دعم مصر لمشروع القرض باعتباره الأغلبية داخل مجلس النواب.
مستغربا من تصريحات الحكومة واتجاهها لطرح شركات البترول المملوكة للدولة وشركات القطاع العام وأيضا البنوك فى البورصة.. قائلا: «شركات البترول ناجحة وتدخل ربحا للدولة، فلماذا نبيعها، ولو فيه مستثمر عايز يستثمر ويبنى ويضيف استثمارات جديدة فأهلا وسهلا». وأضاف: كلنا نذكر أن شركات القطاع العام التى بيعت فى عهد مبارك، تم تسريح عمالها فزادت البطالة، وعائد بيعها لم يُبن بها مصانع جديدة لاستيعاب البطالة، فزادت المشاكل الاقتصادية، وتخلت الدولة عن ذراعها الاقتصادية لتبقى أسيرة للقطاع الخاص الذى لا يفكر سوى فى الربح.
الدكتور عبدالنبى عبدالمطلب الخبير الاقتصادى أكد أن الحكومة تكذب على نفسها والشعب بتصريحاتها بأن سعيها للحصول على قرض صندوق النقد الدولى لمعالجة عجز الموازنة العامة للدولة وتمويل المشروعات الاستثمارية وتعزيز الاحتياطى النقدى ورفع التصنيف الائتمانى لمصر ومنح شهادة جدارة ائتمانية أمام العالم وجذب الاستثمارات، وذلك لأن قيمة القرض 4 مليارات دولار سنويا لمدة 3 سنوات، أى توازى تقريبا 45 مليار جنيه بسعر السوق السوداء للدولار، وعجز الموازنة العامة للدولة بلغ 319 مليار جنيه، أى أن قيمة قرض الصندوق لن تغطى حتى 1/8 من قيمة عجز موازنة الدولة.
أما بخصوص استخدامه لتمويل مشروعات استثمارية فإن قرض الصندوق لا يستخدم فى مشروعات إنتاجية على الإطلاق، لأنه طبقا لاتفاقية إنشاء صندوق النقد الدولى بأنه يستخدم للأغراض النقدية فقط، فصندوق النقد صندوق للنقد وليس بنكا، حيث لا يستخدم قرض الصندوق إلا فى سد العجز للموازنة أو للميزان التجارى أو ميزان المدفوعات، فالصندوق أنشئ من أجل مساعدة الدول على إصلاح الخلل الهيكلى فى موازينها التى حدثت نتيجة أسباب طارئة، وهذه هى شغلته، ولا يستطيع أن يعطى قرضا لتمويل مشروعات إنتاجية، أما بخصوص أن قرض الصندوق لتعزيز الاحتياطى النقدى فتصريحات الحكومة نفسها تقول إنها تنتظر 4 مليارات دولار من صندوق النقد هذا العام، ويبلغ الاحتياطى النقدى بالبنك المركزى ما يقارب 16 مليار دولار، وبذلك سيبلغ الاحتياطى النقدى 20 مليار دولار، والحكومة ستسدد 8 مليارات دولار مستحقات للدائنين خلال هذا العام، ليصبح الاحتياطى النقدى وقتها 12 مليار دولار، وهذه تعتبر مرحلة خطورة للاحتياطى النقدى، لأنه لا يغطى القيمة القانونية الواجب توافرها للاحتياطى النقدى وهى تغطية ثلاثة شهور واردات، لأننا لو افترضنا أن الواردات سوف تثبت ولن تزيد حتى نهاية يوليو 2017 عند 72 مليار دولار كما هو مقدر لهذا العام بمعنى 6 مليارات دولار شهريا، فإننا نحتاج ألا يقل الاحتياطى النقدى عن 18 مليار دولار ليغطى ثلاثة شهور واردات.
وأضاف: أما بخصوص أن قرض الصندوق يمثل منح شهادة جدارة ائتمانية للاقتصاد المصرى تستطيع بعدها الحكومة أن تتعامل مع البنك الدولى ومؤسسات التمويل الدولية للاقتراض منها، فنذكر الحكومة بأنها بالفعل عقدت اتفاقية مع البنك الدولى بمبلغ 7 مليارات دولار فى ديسمبر 2015، وعقدت اتفاقية أيضا مع بنك التنمية الأفريقى ولم تطالب بشهادة الجدارة.
الدكتور جمال زهران رئيس قسم العلوم السياسية بجامعة بورسعيد وعضو مجلس النواب الأسبق، قال: إن اتجاه الحكومة للاقتراض من صندوق النقد الدولى هو خيار العاجزين، ويستسهلون اللجوء للاقتراض كمسكن مؤقت للأزمة الاقتصادية الحالية دون محاولة الوصول لعلاجها، وهذه نفس سياسات حكومات مبارك التى كانت تلجأ إلى الصندوق منذ التسعينيات، مما أثر على الغالبية العظمى من الشعب المصرى، والحكومة الحالية امتداد لحكومات مبارك.
 مضيفا: إن كثيرا من الوزراء بالمشهد السياسى يكذبون عند قولهم بأن صندوق النقد الدولى وافق على إقراضنا بدون إملاء شروط للقرض، والحقيقة أن الحكومة كانت تطبق شروط الصندوق التى يضعها دون أن تعلنها ليوافق على الإقراض، وذلك قبل إجراء المفاوضات بشكل رسمى أوائل الشهر الماضى، حيث أصرت الحكومة منذ شهور على تمرير قانون الخدمة المدنية من مجلس النواب والذى يؤدى لتقليص العمالة بقطاعات الدولة وتخفيض أجورهم من باب ترشيد النفقات، وهذا من سياسات الصندوق الثابتة، كما استماتت الحكومة ليوافق مجلس النواب على قانون ضريبة القيمة المضافة قبل انتهاء دور الانعقاد الأول للبرلمان فى شهر سبتمبر.
حتى وإن أدى لزيادة أسعار السلع والخدمات على المواطنين، وذلك لزيادة إيرادات الدولة، وهذا من سياسات الصندوق، ومحافظ البنك المركزى فور توليه منصبه منذ شهور صرح بتصريح مفاده أن هناك صعوبة فى الحفاظ على قيمة الجنيه، فقرأ الكثير ولاسيما تجار العملة هذا التصريح باحتمالية رفع سعر الدولار فى السوق الرسمية، فقاموا بتخزين الدولار، مما أدى لتعطيش السوق وارتفع سعر الدولار. وبالفعل بعدها أصدر محافظ البنك المركزى قرارا بتخفيض قيمة الجنيه المصرى أمام الدولار، فحدث صعود جنونى لسعر الدولار، ثم صرح مرة أخرى باحتمالية تعويم الجنيه دون أن يؤكده، لتشتعل السوق السوداء ويحدث ارتفاع لسعر الدولار لم يحدث من قبل، وذلك كله للوصول لمرحلة تعويم الجنيه، وهذه هى نفس سياسات الصندوق التى تطالب بأن يكون هناك توازن فى سعر الصرف وهو الدافع لتعويم الجنيه.. مضيفا أن ما يؤكد علاقة ضريبة القيمة المضافة بقرض صندوق النقد الدولى وتدخله فى السياسات الاقتصادية للدول المقترضة أنه فور موافقة البرلمان على قانون القيمة المضافة صرح كريس جارفيس رئيس بعثة صندوق النقد الدولى لمصر بأن موافقة البرلمان المصرى على قانون القيمة المضافة يعتبر إنجازا تاريخيا مهما.
محذرا من أن موافقة مجلس النواب على قانونى الخدمة المدنية وضريبة القيمة المضافة هو تأكيد لموافقة النواب على اتفاق الحكومة على قرض صندوق النقد، مما سيؤدى إلى العصف بحقوق الأغلبية العظمى من الشعب وهم الفقراء ومحدودو الدخل ومتوسطو الدخل، وسوف يقضى على ما بقى من الاقتصاد الوطني.. متخوفا من أن تؤدى إجراءات الحكومة إلى غضب وتحرك الأغلبية العظمى من الشعب ضدها، لأنها اتخذت الإجراءات الفاجرة سياسيا التى تدوس على لقمة عيش الشعب.