قصة الأمس واليوم
جيهان المغربي
أن تأتى متأخراً خير من ألا تأتى أبداً.. حكمة قديمة ولكنها ذات مغزى عميق يحث على الاجتهاد والاستمرار رغم عتامة الصورة وعدم وضوح الرؤية لأن الوصول فى حد ذاته يعنى إمكانية تحقيق الهدف ولو بعد حين.. والفساد فى مصر ليس وليد اليوم أو الأمس ولكنه ظهر وترعرع على مدى عقود كثيرة ولو قلنا أنه بدأ مع أول بشاير الانفتاح بعد حرب أكتوبر العظيمة ما كنا مخطئين.. خاصة ذلك الفساد المتلاعب بأقوات الشعب والطعام الفاسد والملوث من الطعام المستورد.. والذى بدأه توفيق عبدالحى أول من أطعم الشعب المصرى الطيور الجارحة على أنها من لحوم الرومى.. وعندما سألوه بعد عدة سنوات من هذه الواقعة وهروبه إلى لندن دون حساب أو عقاب لماذا فعل ذلك.. قال أن «معدة الشعب المصرى تهضم الزلط».. وكانت هذه كلمة السر التى دفعت أصحاب النفوس الضعيفة والضمائر المنعدمة إلى الاستمرار فى إطعام الشعب كل ما هو فاسد ومضر بصحته لأن استيراد تلك الأغذية الفاسدة يتم بأسعار زهيدة وأحياناً مجاناً لرغبة الدول الخارجية فى التخلص منها.
وربما صحت كلمة توفيق عبدالحى لبعض الوقت لكن سرعان ما بدأت الآثار السلبية من جراء تناول الأطعمة الملوثة والمبيدات المسرطنة فى الظهور على صحة الشعب المصرى فانتشرت الأمراض فيه كالنار فى الهشيم ما بين انتشار التهاب الكبد الوبائى والفشل الكلوى والسرطانات بكل أنواعها خاصة تلك التى يتحدث عنها الإعلام ليل نهار وهو سرطان الأطفال الذى لا توجد عنه أية إحصاءات واضحة لدى أية جهة مختصة بدءاً من وزارة الصحة انتهاءً بكل من يهتم بصحة الأطفال فى مصر.
والآن تطالعنا الأخبار كل يوم عن استيراد شحنات من القمح غير المطابقة للمواصفات الصحية واللحوم الفاسدة وغيرها من الأغذية المستوردة غير الصالحة للاستهلاك الآدمى والتى لم تعد معدة الشعب المصرى قادرة على هضمها أو حتى إبقائها داخل المعدة.. فهل نرى أية عقوبة رادعة لمثل هؤلاء الفاسدين منعدمى الضمير ليكونوا عبرة لغيرهم حتى لا تظل الأجيال القادمة أسيرة المرض لعقود متعددة.