أسعار الدواء.. «الصحة» ولعتها و«الصيادلة» شعللتها و«الغرفة» خربتها

روزاليوسف الأسبوعية
أزمات عديدة ضربت سوق الدواء خلال الفترة الأخيرة منها الارتفاع الجنونى فى أسعاره، ونقص أصناف أخرى منه، الزيادة اختصت بالأدوية التى يقل سعرها عن 30جنيهًا، لكن أسعارها انفلتت وأصبحت خارج السيطرة وسط اتهامات متبادلة بين نقابة الصيادلة ووزارة الصحة وغرفة صناعة الدواء والشركات، رغم موافقة جميع الأطراف على رفع السعر.
الارتفاع الجنونى لأسعار الدواء جعل الصيادلة يطالبون بتطبيق قرار وزير الصحة الأسبق فؤاد النواوى الخاص بتحديد هامش الربح وكان القرار يقضى بتحرير سعر الأدوية المرخصة حديثا وفقا للأسعار العالمية، بحيث يباع الدواء فى مصر وفقا لأقل سعر يباع به فى الدول التى يتداول فيها نفس الصنف.
ووضع القرار هامش ربح لأدوية «القائمة الأساسية» 7.86 % على هامش ربح للموزع من سعر المصنع، و25 % هامش ربح للصيدلى من سعر بيع الموزع، ويصل هامش الربح فى الأصناف المدعومة، سواء المستوردة أو المحلية 4 % للموزع من سعر المصنع و10 % للصيدلى من سعر بيع الموزع، ويصل هامش ربح الصيدلى فى الدواء المحلى والمصنع والمعبأ بمصر 25 %، ويصل فى الدواء المستورد المسعر بأقل من 500 جنيه، 18 % و15 % حال تسعيره بأكثر من 500 جنيه.
ورغم اعتراض البعض على القرار سابقا إلا أنهم عادوا يطالبون بتطبيقه مرة أخرى باعتباره ينظم العملية الربحية بين الشركات والموزعين والصيادلة.
أزمة أخرى اتهم كل الأطراف فيها بعضهم البعض وهى نقص المحاليل، إلا أنه تبين أن وراء الأزمة إغلاق مصنع المتحدون الذى ينتج 70 % من المحاليل وهو السبب فى الأزمة.
أكد محيى عبيد نقيب الصيادلة، أن نقص المحاليل بشكل ملحوظ فى الفترة الحالية يعود إلى إغلاق مصنع المتحدون لأننا كنا نعتمد عليه بنسبة 70 % وبالتالى حينما توقف المصنع أصبح لدينا عجز فى تلك النسبة والنقابة حاليًا تتبنى إنشاء مصنع للمحاليل لحل الأزمة.
وعن المشاكل التى يتسبب فيها أصحاب صيدليات السلاسل أكد عبيد أن مواجهتهم من النقابة ما زالت مستمرة والسبب فى الأزمة أنهم لديهم جشع كبير ويتبعون أساليب احتكارية مع الوضع فى الاعتبار أن فكرة سلاسل الصيدليات مخالفة للقانون، وتشكل هذه السلاسل خطرا داهما على المهنة باعتبار أنهم يمتلكون أماكن لبيع الأدوية المهربة وهناك الكثير من المحاضر المحررة ضدهم والمشكلة الأكبر أن هذه الصيدليات أصبحت خطرا على الدولة فهى تُضيع على الدولة ما يقرب من مليار جنيه سنويًا وخلال الفترة القادمة سنضع خطة للوقوف أمام تهرب أصحاب السلاسل من الضرائب وسنطالب بزيادة حملات التفتيش الصيدلى عليهم.
وأوضح عبيد أن أزمة انفلات أسعار الدواء لن تنتهى فى القريب كما يقول البعض، فالإدارة المركزية متسببة فى تلك الأزمة وغير قادرة على السيطرة على الأمور ومدير الإدارة المركزية لا يتمتع بأى خبرة والوزير يثق فيه أكثر من اللازم وربما قد يُطاح بوزير الصحة من منصبه بسبب المحسوبية التى يتبعها، وثقته الزائدة فى مدير الإدارة المركزية وأؤكد أن الوزير فى الأساس لا علاقة له بملف الدواء من قريب أو بعيد وغير مسئول عنه مع الشركات أو مع الدولة ويعاب على الوزير إسناد ملف الدواء لأشخاص غير مؤهلين كما أن المحاضر التى يحررها الصيادلة ضد الشركات مستمرة ومن المفترض أن العقوبات تصل إلى عامين حبساً، والمقاطعة للشركات غير الملتزمة بالقرار مستمرة ولن نتراجع عنها.
وأوضح عبيد أن قرار 499 من المفترض أن يطبق منذ إقراره فى 2012 على يد وزير الصحة الأسبق الدكتور فؤاد النواوى وجاءنا تفسير من المستشار القانونى لوزارة الصحة أن القرار يسرى من تاريخ صدوره وهذا يعنى أن نقابتنا لها 2 مليار و600 مليون جنيه لدى الشركات واتخذنا قرارًا فى مجلس النقابة بضرورة تحصيل هذه المبالغ بالطرق القانونية على أن يستقطع مليون جنيه منها تبرعا لصالح صندوق تحيا مصر.
بدوره أكد أسامة رستم نائب رئيس غرفة صناعة الدواء أن غلق مصنع المتحدون سبب أساسى فى المعاناة من نقص المحاليل لأنه كان ينتج كميات كبيرة، وبالتالى كان طبيعيا أن نرى تعاملا على المحاليل فى السوق السوداء وهناك مافيا يحصلون على كميات من المحاليل ويخفونها لفترة ثم يظهرونها فى وقت تراجع الكميات فى السوق بأسعار مرتفعة مما يحدث أزمة فى السوق، وبالتالى فإن عودة مصنع المتحدون أمر ضرورى أما عن سبب إغلاقه فيمكن علاج الأمر بعدة طرق وليس الإغلاق فلو كان هناك خطأ فى خط إنتاج فهذا لا يعنى أن نغلق المصنع كله.
وعن القرار 499 الخاص بهامش ربح الصيدلى والذى أصدره الدكتور فؤاد النواوى وزير الصحة الأسبق منذ 4 سنوات الذى عاد مرة أخرى فى صورة القانون الجديد بعد الزيادات العشوائية فى أسعار الأدوية، أكد رستم أن القرار 499 منذ صدوره سيئ السمعة، وصياغته خاطئة منذ البداية وكل نسب هوامش الربح محسوبة بطريقة خطأ وغير متساوية، كما أنه يحتوى على أمور تجارية بين البائع والمشترى لا يحكمها القرار، وبعد تحريك الأسعار شركات الأدوية طبقت هامش ربح الصيدلى من20 إلى 25 % بالنسبة للأدوية التى ارتفع سعرها والنقابة تدافع عن الصيادلة ودخلنا فى معارك جديدة بسبب أخطاء القرار وكل طرف يستغل القرار لصالحه سواء صيادلة أو شركات.
الدكتور محمد سعودى وكيل نقابة الصيادلة السابق أكد أن الزيادة التى أقرت فى الأساس تمت بطريقة عشوائية ولم تكن هناك دراسة للأمر وجراء ذلك أن كثيرا من المنتجات التى تزيد من ربح الشركات ولم يكن هناك داع لزيادتها ارتفعت أسعارها بشكل مبالغ فيه، فكان يجب أن تكون هناك دراسة للأصناف التى تستحق الزيادة بالفعل، على أن يكون ذلك عبر بيانات من الشركات المنتجة لها.
والكارثة أن ما حدث هو زيادة عشوائية لـ 7 آلاف صنف دواء وخصصت الزيادة للأصناف التى تحت سعر 30 جنيها ووزارة الصحة أعطت للشركات أوراق الضغط عليها بأن تخفى الصنف وتجعله قليلا فى الأسواق ثم تسوق إعلاميًا أنها تخسر منه مع الوقت ستضطر الوزارة إلى رفع سعره وهو ما فعلته الشركات بالفعل فبعد الزيادة الأخيرة تواجدت أصناف كانت غائبة وغابت أصناف بشكل مفاجئ أى أن اللعبة ذاتها بدأت من مافيا الشركات.
وعن أداء النقابة فى الأزمة أوضح سعودى أن الدور النقابى كان سيئا للغاية ففى البداية ادعت النقابة أنها صاحبة القرار، لكن الحقيقة أنها أعطت الضوء الأخضر لوزارة الصحة والشركات وكان الرأى الأساسى للنقابة أن الزيادة تكون فقط للأصناف التى تقل عن 20 جنيهًا وليس 30 كما حدث، والحقيقة أن ما حدث من النقابة يعكس عدم خبرة الأعضاء أو النقيب فى أدائهم.
وانتقد سعودى وجود الدكتور أحمد العزبى على رأس غرفة صناعة الدواء واصفًا وجوده بنوع من الفساد وأنه فى الحقيقة مشطوب من سجلات النقابة.
وعن القرار 499 الخاص بهامش الربح للصيدلى أكد سعودى أن هذا القرار طُبق جزئيًا، إلا أنه مازال هناك رضوخ من الدولة لمافيا الشركات وهناك قبول للأمر الواقع من شركات أخرى، ومع هذا لا ننكر أن القرار 499 به عيوب كثيرة خاصة فى جزء تحديد السعر فهناك تحديد من سعر بيع المصدر وهناك تحديد آخر من سعر بيع الجمهور أى أنه مراوغات لا داعى لها بالإضافة إلى تعريفات به مبهمة مثل تسمية أدوية أساسية وهناك مادة أيضا غير مفهومة وهى تطبيق زيادة 1 % من وقت صدور القرار ولا بد أن يكون هناك قرار ثابت يعطى مرونة لتغيير سعر الدواء انخفاضًا أو ارتفاعًا.
سعودى أكد أنه السبب الرئيسى لنقص المحاليل الذى أحدث ضجة فى سوق الدواء يرجع إلى غلق مصنع المتحدون بالإضافة إلى غياب الدور الرقابى بعدما أصبحت المحاليل التى سعرها فى الأصل 6 جنيهات تباع فى السوق السوداء بـ10 جنيهات للصيدلى وأمر الأسعار قد يخرج من حيز السيطرة بأن يكون هناك سعر حر للدواء ويختلف السعر من صيدلية لأخرى.
وأوضح سعودى أن سببا اساسيا فى تضارب الأسعار هم أصحاب السلاسل وعلى رأسهم رئيس غرفة صناعة الدواء ولدينا معلومات أن أصحاب السلاسل اجتمعوا وخصصوا 20 مليون جنيه لتلميع السلاسل وأصحابها فى وسائل الإعلام ولدقة المعلومات فإن كل صيدلية دفعت مبلغ 2000 جنيه فى ألف صيدلية بإجمالى 2مليون جنيه، وأضاف أنه بعيدًا عن أى مبررات يسوقها أصحاب السلاسل لاستمرارهم فإنه لا بد أن تكون المرجعية الأساسية للقانون بأن تُغلق هذه الصيدليات.