السبت 3 مايو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

البابا تواضروس يضرب الأنبا مايكل بأسقف جديد

البابا تواضروس يضرب الأنبا مايكل بأسقف جديد
البابا تواضروس يضرب الأنبا مايكل بأسقف جديد


ما إن انتهت أعمال اجتماع المجمع المقدس للكنيسة القبطية الأرثوذكسية يوم الخميس الماضي، حتى اندلعت نيران الخلاف فى جو مشحون بالغضب بين قداسة البابا تواضروس، ومعظم أساقفة المجمع، ويرجع العديد من الأساقفة هذا الغضب، إلى أن البابا يسير على نهج من الرعاية الكنسية وينفرد باتخاذ القرار داخل الكنيسة، ولا يعير بالاً لآراء آباء المجمع الأكبر سناً والأكثر خبرة.

تجلى المسلك البابوى مؤخراً بإقدام البابا، إثر خلاف شخصي مزمن بينه وبين الأنبا مايكل أسقف فرجينيا، برسامة أسقف آخر على تلك المدينة، مما يعد أمرًا محظورًا ومحرمًا كنسياً، فالمقاطعة التى يديرها أي أسقف، تعتبر كنسياً بمثابة زوجة له نذر لها حياته ولا يجوز أن يكون هناك زوجان لزوجة واحدة، وقد حذر جموع الأساقفة البابا من مغبة هذا المسلك، إلا أن البابا أصر على هذا وأعلن الأسبوع الماضي عن عزمه رسامة الأسقف الجديد، وهو الأنبا بيتر أفا موسي، وهو ما أشعل الأجواء داخل الكاتدرائية.
الأساقفة ينتفضون
فى سابقة داخل المجمع المقدس، أصدر أساقفة المجمع بصفتهم خريجي الكلية الإكليرية منعًا لصدام شكلي مع البابا، بياناً شديد اللهجة حصلت «روزاليوسف» على نسخة منه مكتوبة وموقعة بخط اليد، يحذر البابا من رسامة أسقف لفرجينيا ويعلنون عدم قانونية هذا المسلك كنسيًا، رافضين حضور قداس رسامة الأسقف الجديد وجاء فى البيان: «بعد عدة محاولات لتوصيل وتوضيح الأمر بخصوص سيامة أسقف لرعاية نورث كارولينا بأمريكا دون التفاهم والموافقة والمناقشة مع الأنبا مايكل المسام على إيبارشية فيرجينيا وما حولها، ليس أسقفاً عامًا حسب منطوق الروح القدس فى السيامة، بل أسقف لتلك الإيبارشية، ولما كانت هذه الولاية المشار إليها ليست فقط ما حول فرجينيا بل الحدود مشتركة بينهما فهي بذلك تعد ولاية ملاصقة لها، لذلك نبلغ ونعلن رسميًا بامتناعنا عن المشاركة فى مراسم السيامة فى العشية والقداس، ليس اعتراضا منا على الشخص المراد سيامته بل على المكان، حيث يعتبر اقتطاعًا من إيبارشية فيرجينيا وما حولها فى حياة أسقفها الشرعي».
وأوضح البيان أن الموقعين عليه لا يمثلون أنفسهم فقط، بل العديد من الهيئات القبطية والكنسية واللاهوتية بالقول: «ونحيطكم علمًا أن هذا الموقف وهذا الرأى لا يمثلنا نحن الاثنين، بل يمثل أيضاً مجلس إدارة الرابطة «أساقفة» وجموع الخريجين «كهنة» وأساتذة الكلية الإكليريكية والمتخصصين فى العلوم اللاهوتية والليتورجيا وقوانين الكنيسة وتاريخها وأقوال آبائها».
كما كشف البيان النقاب عن أن الصدام بين البابا والهيئات التى سبقها البيان يمتد منذ فترة بين شد وجذب، وأنه صيغت آراء تلك الهيئات والجهات بشكل رسمي، تم إرسال كتابة إلى البابا وقلة من أعضاء المجمع يوافقونة الرأي، وأشار البيان إلى أن «هؤلاء الذين سبق وأرسلوا آراءهم وأبحاثهم كتابة وتم إرسالها سابقا إلى قداستكم ونيافتكم وبقية أعضاء المجمع المقدس» توقيع الأنبا مايكل أسقف فرجينا والأنبا أغاثون رئيس الرابطة.
أغاثون ينفى الصدام
اتصلنا بالأنبا أغاثون أسقف مغاغة والعدوة ورئيس رابطة خريجي الكلية الإكليريكية، للوقوف على حقيقة البيان الذى تم إصدراه ومعرفة المزيد من الملابسات حول صدام البابا والأساقفة، فنفى وجود أي صدام، فواجهناه بأن ما جاء بالبيان من مقاطعة رسامة الأسقف الجديد هو شق عصا الطاعة على البابا وهو منتهى الصدام، فقال: «هذا ما فهمته، ولكن البيان لا يقصد ما ذهبت إليه فالبابا هو أبونا وأخونا ونكن له كل محبة ولكنه خلاف فى وجهات النظر»، وعن سبب خروج هذا الخلاف فى وجهات النظر فى بيان وتداوله إعلاميًا بينما كان يمكن احتواء الأمر فى الغرف المغلقة، أفاد نيافته: «نحن لم نرسل البيان إلى الإعلام، بل هو من حصل على البيان من موقع المطرانية»، وسألناه مباشرة كيف ستحل مشكلة وجود أسقفين لإيبارشية واحدة قال: «ربنا يدبر».
البابا يصر على العناد
أكدت لنا مصادرنا من داخل الكاتدرائية بالعباسية أن موقف الأساقفة لم يتوقف علي إصدار البيان فقط، بل تم إرفاق العديد من الأبحاث اللاهوتية من مختلف الأساتذة اللاهوتيين، تؤكد عدم جواز سيامة أسقف لفرجينيا فى حياة أسقفها، كما أنه تم إرسال العديد من آراء أساقفة المجمع المتخصصين فى اللاهوت والعقيدة برفقة البيان، وقد تم تجميع خلاصة تلك الآراء فى مذكرة مكونة من 21 صفحة ممهورة بتوقيع 72 أسقفًا، وعلى الرغم من ذلك لم يتراجع البابا عن قراره ورسم أسقف جديد لفرجينيا يوم الاثنين الماضي.
الأساقفة ينتفضون
عقب رسامة الأسقف الجديد ساد غضب عارم بين جموع مطارنة وأساقفة المجمع المقدس، فبمقتضى الرسامة الجديدة أصبح الأنبا مايكل أسقفًا عامًا، أي أسقف بدون إيبارشية يحق للبابا انتدابه للخدمة في أي إيبارشية أخري، ما جعل رجال المجمع المقدس يتوجسون خيفة من أن يلقى كل من يختلف مع البابا نفس مصير مايكل، وحاولوا إيجاد صيغة تضفى على الوضع الجديد الشرعية قبل موعد انعقاد المجمع المقدس، فاقترحوا أن يتنازل الأنبا مايكل عن جزء من إيبارشيته طواعية للأسقف الجديد، على أن يعترف به البابا أسقفاً لفرجينيا، وهو ما رفضه مايكل، وبعد مفاوضات كبيرة معه وافق شريطة أن يمنحه البابا بعض المقاطعات الأخرى فى أمريكا التى لا تخضع لولاية أي أسقف، وهو ما رفضه البابا.
واشتعلت الأجواء ونما إلى علم البابا أن هناك من يدبر للصدام معه فى اجتماع المجمع، فهدد البابا بعزل مايكل ورجوعه إلى الدير إذا ما تم هذا.
يحال للبابا 119
بحيلة غريبة لا تخطر على بال بشر، استطاع البابا الفكاك من الصدام الذى كان مدبرًا له فى اجتماع المجمع المقدس، فالبابا فعل ما أراد ونصب أسقفاً جديدًا نكاية فى الأنبا مايكل، فقرر البابا أمام المجمع المقدس أن الأنبا مايكل يرى أن البابا متحامل عليه، وهو ما يغل يد البابا عن اتخاذ أي موقف تجاه أسقف فرجينيا حتى لا يُفهم أن البابا يصر على العداء الشخصى لمايكل فقرر «تعليق» وضع مايكل، مقرراً إنه تسلم مشكلته هكذا من البابا شنودة الثالث، وسوف يتركها هكذا معلقة كما تسلمها حتى يتسلم الكنيسة البابا القادم الـ119 ليبت فى هذا الشأن، ليتحول الأنبا مايكل إلى أسقف عام على فرجينيا، وينتظر أن ينقله البابا إلي أي مكان آخر.
الكنيسة الموازية
لم تتوقف مفاجآت البابا داخل المجمع المقدس، فلقد أعلن قداسته إطلاق خطة قصيرة الأجل مداها الزمنى ثلاث سنوات تحت مسمى «جدد أيامنا كالقديم» وتهدف تلك الخطة إلي إعداد ألف شخص ممن يتولون التعليم داخل الكنيسة بمختلف درجاتهم لتقديم الفكر الكنسي المعاصر والجديد، وهو ما أثار استغراب آباء المجمع، فكل الإيبارشيات بها معاهد لتدريب الخدام على أعلى مستوى من التقنيات والبرامج الحديثة، فما الحاجة إذًا لمثل هذا المشروع؟
يقول لنا أحد الأساقفة المهتمين بالتدريب داخل الكنيسة: «لقد استشعر البابا رفض المجمع المقدس لسياسته الكنسية والفكر الغريب الذى يريد نشره فى الكنيسة بحجة التحديث، وهو ما يجعل البابا مكتوف اليدين فى تنفيذ سياسته داخل الكنيسة، ومن هنا جاءت فكرة عمل كنيسة موازية للكنيسة الأم عن طريق اختراق الإيبارشيات بعناصر يتم إعدادها وتدريبها، وسوف يختارهم البابا بنفسه، مشترطًا فيهم أن يكون لهم انتشار وتأثير قوى على الشعب، وسوف تتم إعادة نشر هؤلاء داخل الإيبارشيات المختلفة وكنائس الكرازة للترويج لفكر البابا الجديد، خاصة أن التدريب لن يتم في الإيبارشيات، لكى يكون بعيداً عن أعين الأساقفة فى بيت ماري لاند بمدينة الشروق.
التجديد للأنبا رافائيل
على الرغم من مخالفته توجهات البابا الفكرية، والتى كانت سببًا فى أن طلب من البابا إعفاءه من منصبه، إلا أنه وبالإجماع تم التجديد للأنبا رافائيل كسكرتير عام للمجمع المقدس ومتحدثاً باسمه، دون أن يترشح للمنصب أي أسقف آخر، وتمت تزكيته لمدة ثلاث سنوات قادمة. 