الأربعاء 8 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

مصر لن تسدد تعويضات لإسرائيل

مصر لن تسدد تعويضات لإسرائيل
مصر لن تسدد تعويضات لإسرائيل


نجحت السلطات المصرية فى إجبار إسرائيل على التراجع عن الضغط على القاهرة بشأن ملف التحكيم الدولى فى وقف تصدير الغاز المصرى إلى تل أبيب، بداية من أبريل عام 2012، بعدما أبلغ الرئيس عبدالفتاح السيسي، رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو بأنه سيوقف كل ملفات التعاون مع الدولة الإسرائيلية.

وكان الرئيس عبد الفتاح السيسى أبلغ الحكومة الإسرائيلية بلهجة واضحة عبر القنوات الدبلوماسية المشتركة بقوله: إن مصر لن تدفع مليماً واحداً إلى أى كيان أجنبى بملف التحكيم الدولى فى قضية توقف تصدير الغاز من جانب مصر على حد تعبيره الدقيق، وأن حكومة مصر سوف تستأنف بكل قوة الحكم الصادر ضدها خلال ستة أسابيع طبقاً للقانون الدولى.
من جانبه، اضطر الكنيست الإسرائيلى إلى مطالبة الحكومة الإسرائيلية بعقد جلسة مغلقة وطارئة تمت مساء يوم الثلاثاء الماضي، فى حضور رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الطاقة الإسرائيلى «يوفال شتاينيتس»، طرحت خلالها الحكومة رد الرئيس المصرى غير المسبوق بشأن قضية التحكيم الدولى ضد بلاده.
وفى مفاجأة من العيار الثقيل علمت «روزاليوسف» بشكل حصرى أن لجنة الطاقة قررت عقب مصادقة الكنيست مع الحكومة الإسرائيلية النزول على تهديد الرئيس المصرى الجاد من خلال تفعيل البند رقم 52 من «قانون مكافحة الاحتكار» الإسرائيلى الصادر عام 1988، بعدما وافقت الحكومة الإسرائيلية بشكل مباشر على تطبيق ذلك البند السرى رقم 52 لأول مرة فى تاريخ حكومات إسرائيل المتعاقبة منذ صدور القانون.
يذكر أن القانون ينص على أنه: «يجوز للوزير المختص عقب التشاور مع اللجنة الاقتصادية التابعة للكنيست الإسرائيلية لإعفاء الممارسات التقييدية من أحكام ذلك القانون بشكل جزئى أو كلى إذا رأت الحكومة أن ذلك ضرورة لا مناص منها لأسباب تتعلق بالسياسة الخارجية وشئون الأمن القومى الإسرائيلي».
والمثير أن المادة رقم 52 التى ستفعل لأول مرة فى إسرائيل، بسبب تصميم وتهديد الرئيس عبدالفتاح السيسى ظلت طيلة الوقت فى نطاق السرية، وأن محتوى تلك المادة ظل محجوباً طيلة الوقت، ولم تكشف عنه الحكومة الإسرائيلية، ولم يظهر على المواقع القانونية الخاصة إلا صباح الخميس 10 ديسمبر  الجارى بعدما اضطرت لجنة الاقتصاد بالكنيست إلى الكشف عنه لدواعى حماية العلاقات السياسية الخارجية مع مصر ولأسباب الأمن القومى الإسرائيلى مثلما نصت المادة.
والأكثر غرابة أن تلك المادة رقم 52 وضعت بشكل سرى للغاية ومقنن بحكم المحكمة العليا  الإسرائيلية داخل كود قانون الاحتكار الإسرائيلى بشكل خاص ومحدد بسبب اتفاقية السلام المصرية - الإسرائيلية، بعد أن خالفت القاهرة بنود ملحق خاص بالمعاهدة ألزمها عند توقيع المعاهدة على تصدير البترول إلى إسرائيل.
وكانت إسرائيل فشلت مع الولايات المتحدة الأمريكية بصفتها الطرف الثالث الضامن لتنفيذ معاهدة السلام وجميع الملاحق الخاضعة لها على إلزام مصر خلال عهدى الرئيس الراحل «محمد أنور السادات» ثم فى عهد خلفه «محمد حسنى مبارك» بتوريد البترول مثلما وقعت القاهرة بتاريخ 26 مارس عام 1979 فى العاصمة الأمريكية على هامش الاتفاقية الأم التى ضمنت واشنطن تنفيذ كل بنودها ولو عن طريق القوة المسلحة.
ورفضت القاهرة حتى عام 1988 التنفيذ، الأمر الذى هدد بتفجير مشاكل رئيسية وعميقة على صلب معاهدة السلام وعندها استسلمت إسرائيل للرفض المصرى ولتفادى المعارضة أمام الكنيست ممثل الشعب الإسرائيلى شرعت حكومة «إسحاق شامير» وقتها ووقع «أرئيل شارون» بصفته وزيراً للصناعة والتجارة يومها ومعه «حاييم هرتسوج» رئيس الدولة قانون مكافحة الاحتكار لعام 1988 لكن بشرط إخضاع المادة رقم 52 منه للسرية التامة لاستخدامها عند الضرورة القصوى وفى حالة واحدة ومحددة حماية لحالة السلام المستقرة بين مصر وإسرائيل.
وكانت «روزاليوسف» علمت أن حكم التحكيم التجارى الدولي، صدر ضد مصر بمحكمة التحكيم التجارى الدولى فى باريس بشكل ملزم، لكن بصيغة الحكم الأولي، بأن تدفع الحكومة المصرية مبلغاً وقدره مليار وثمانى مائة مليون دولار أمريكي، وذلك لصالح شركة الكهرباء الإسرائيلية الحكومية مقابل خسائرها بسبب وقف مصر لعقد تصدير الغاز الطبيعى إلى إسرائيل فى أبريل عام 2012 من طرف واحد، دون التشاور كما نص التعاقد بينهما.
وكانت المفاجأة التى تكشفها «روزاليوسف» لأول مرة، وهى أن حكم التحكيم الدولى ألزم الحكومة المصرية فى نفس صيغة التحكيم بذات الجلسة أن تدفع إلى شركة غاز شرق البحر الأبيض المتوسط المعروفة اختصارًا باسم «EMG» مبلغاً وقدره 324 مليون دولار أمريكى عن الضرر نفسه وكانت المفاجأة أن هناك شركتين أجنبيتين أخيرتين فى نفس القضية، لكن لم يحكم لهما بعد بسبب موافقتهما على التصالح مع مصر مقابل إشراكهما فى مشروع استيراد الغاز الجديد من حقلى «تامار» و«لفياتان» الإسرائيليين.
وفى تأكيد للموقف المصرى حصلت «روزاليوسف» على فيلم مصرى خاص بصور جلسة الحكومة والكنيست الإسرائيلية المغلقة بالكامل مساء الأربعاء الماضي، وكانت المفاجأة أن رئيس الحكومة أكد أمام الجلسة أن مصر رفعت سعر الغاز المصرى المصدر لإسرائيل بشكل سرى من جانب واحد خلال فترة الرئيس الأسبق محمد حسنى مبارك بنسبة 40 %،  كما أن القاهرة لم تلتزم طيلة الوقت بتصدير النسب المقررة بعقد التصدير الأصلى الأمر الذى تسبب فى رفع سعر الغاز الإسرائيلى العام للمنازل بنسبة 33 بالمائة وأن ذلك كان السر الرئيسى وراء تبرئة مبارك ورموز نظامه بالقضية التى حوكموا فيها بالقاهرة مؤخراً عن ملف تصدير الغاز لإسرائيل.
وكان رئيس الحكومة الإسرائيلية اتخذ عددًا من القرارات بشأن ملفات الغاز والطاقة مع مصر فى نفس الجلسة أمام لجنة الطاقة بالكنيست، وتضمنت تلك القرارات إيفاد ممثل خاص للقاهرة للتباحث حول الرفض المصرى وإبلاغ القاهرة موافقة تل أبيب على التفاوض على وقف دعاوى التحكيم الدولى والتمهيد للتنازل الكامل عن تلك المطالبات المالية مقابل استمرار مصر بمفاوضات تصدير الغاز الإسرائيلى للقاهرة.
كما اشتملت القرارات على الموافقة على الدخول فى شراكة مصرية - يونانية - إسرائيلية عملاقة لإنتاج وتصدير وبحث وحماية حقول الغاز الطبيعى لكل منهم فى حوض البحر الأبيض المتوسط على أن تتعاون الدول الثلاثة لأول مرة لتشييد منظومة طاقة دولية غير مسبوقة تسمح بنقل الغاز الطبيعى فى المستقبل القريب إلى دول الاتحاد الأوروبى عبر أنابيب تمر بميناء أشكلون الإسرائيلى ومنه إلى أثينا اليونانى مع بحث نقل الأنبوب عبر الأراضى التركية مستقبلاً.
والجدير بالإشارة، أن السيسى هدد إسرائيل بأنه لن يقبل فى المستقبل التلويح بفرض أية شروط أو أحكام دولية على مصر بشأن اتفاقيات الغاز، وإلا سيمنع مرور خطوط أنابيب الغاز الطبيعى الإسرائيلى المتوجهة إلى دول شمال إفريقيا، ومنطقة جنوب الاتحاد الأوروبي.
وتعد الشبكة خطوطًًا عملاقة، ومن المقرر أن تمر مباشرة داخل وبمحاذاة حدود المياه الإقليمية المصرية ما يمكن أن يتسبب لإسرائيل فى انهيار أحلام تصدير الغاز إلى الأسواق التى تقع شرق حدود دولة إسرائيل بشكل كامل.