السبت 10 مايو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

عنف أردوغان والختان واغتصاب النساء تهدد السينما الوثائقية

عنف أردوغان والختان واغتصاب النساء تهدد السينما الوثائقية
عنف أردوغان والختان واغتصاب النساء تهدد السينما الوثائقية


على مدار السنوات الماضية منعت الكثير من الأفلام الوثائقية، معظمها سياسية، أولها فيلم روسى صامت بعنوان المدمرة بوتمكين بسبب ثوريته وخوفا من نشوب ثورات فى الدول التى سيعرض بها، خاصة فرنسا وفيلم كنا جنودا ومعركة الجزائر والذى رفضته فرنسا لأنه يوثق لجرائمها فى الجزائر رغم اختياره من بين أعظم 500 فيلم وثائقي، أما باقى الأفلام الممنوعة فهى تمس الأديان أو الانحرافات الجنسية.
المحصلة تقول أن السينما الوثائقية تحولت إلى صراع فى دماغ الأنظمة ووثائق إدانة ضدها ووسط الأحداث المأساوية التى نشهدها سيستمر الصراع من صناع الأفلام والحكومات وحتى إشعار آخر.
هذا العام رغم زعم كثير من الدول أن حريات التعبير مكفولة فإنه تم منع عدد من الأفلام الوثائقية المهمة والتى تمثل شهادة حق فى وجه الظالمين.
الهند منعت مؤخرا عرض الفيلم الوثائقى «ابنة الهند»، والذى يتحدث عن واقعة اغتصاب طالبة الطب فى حافلة نقل عام فى شتاء 2012 ووفاتها بعد الحادث، كانت تلك الواقعة قد ألهبت مشاعر الرأى العام وألقت الضوء على انتشار جرائم الاغتصاب بطريقة وحشية فى الهند، ووصلت مشاعر الانتقام إلى أن اقتحم آلاف الأشخاص فى مارس الماضى سجنا شديد الحراسة وأخذوا المتهم الرئيسى فى الجريمة بعد الاشتباك مع الحراس ونقلوه إلى ساحة عامة وجردوه من ثيابه وضربوه وشنقوه واضطرت الشرطة إلى فرض حظر التجول لاستعادة النظام.
وقبل أيام قليلة من عرض الفيلم، أصدر البرلمان الهندى قرارا بمنعه اعتراضا على محتواه وأصاب قرار المنع الجماهير بصدمة وغضب  وكشف عن وجود صراع بين فكر الشباب ورجعية الكبار الذين يرون أن عرض هذا الفيلم يسيء للهند.
ورغم أن الفيلم لم يعرض فى الهند فإنه تم تهريب نسخة منه لتعرض فى وقت قريب على القناة الرابعة لهيئة الإذاعة البريطانية، ولأن إذاعة الفيلم أعقبته ضجة كبيرة فقد اضطرت الهيئة إلى إصدار بيان أكد فيه أن فريق الفيلم تعامل بحساسية مفرطة مع جريمة الاغتصاب وتعاون تام مع عائلة الفتاة الراحلة.
الأكثر غرابة فى الفيلم هو ظهور أحد المغتصبين يتحدث عن الحادث محملا بكل وقاحة الفتاة مسئولية الاغتصاب، حيث كانت برفقة صديقها فى التاسعة مساء وبدت بكامل زينتها، يعاب على الفيلم عدم التعمق فى تحليل ظاهرة الاغتصاب فى الهند والتى انتشرت بصورة غير مسبوقة لدرجة أن نيودلهى تشهد كل 20 دقيقة حادثا مماثلا وربطها بالفقر الشديد للمغتصبين.
ويحكى الفيلم الممنوع من العرض والذى أخرجته البريطانية ليسلى أودوين، تجسد فيه أحداث ليلة الاغتصاب، وشرح والداها كيف أنها أرادت الاحتفال بتخرجها فى كلية الطب فخرجت إلى السينما بصحبة  زميل لها وركبا حافلة عامة فقام 6 بمن فيهم السائق باغتصابها وقد صور الفيلم فى الدقائق الأخيرة بيوت المغتصبين والأماكن غير الآدمية التى يعيشون فيها.
من ناحية أخري، أعلنت الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان  منع المملكة العربية السعودية عرض الفيلم الوثائقى «كداد» والذى كان منتظراً عرضه الأسبوع الماضى على مسرح جمعية الثقافة والفنون بجدة، جاء منع عرضه قبلها بساعات وفيلم «كداد» هو حلقة لسلسلة أفلام تحت اسم «من الواقع»، وهى سلسلة أفلام تحكى بعض الأوضاع التى تعيشها المملكة بشكل خاص والمنطقة العربية عموما، وفيلم كداد من إنتاج وإخراج عبدالرحمن جراش وهو عن معاناة الشباب فى السعودية والأبواب الموصدة أمامهم لكسب العيش بكرامة والزواج وتحقيق الأحلام. كانت السعودية قد حظرت فيلما آخر بعنوان المملكة عن تفجيرات الرياض والتى استهدفت مجمعا سكنيا أمريكيا تسببت فيه جماعة أبوحمزة  وجاءت مجموعة من الـ fbi  لتحرى الأمر.
فى تركيا منعت أيضا الحكومة التركية عرض الفيلم الوثائقى «روح عيزى»، وأيضا مشاركته فى أى مهرجان من المهرجانات المحلية والعالمية، ووصل الأمر برئيس بلدية أنطاليا بالتهديد للجوء للقضاء وحبس القائمين على الفيلم فى حالة تصميمهم على عرضه!
ويسجل الفيلم الوثائقى قصة حب نشأت بين اثنين من المتظاهرين فى حديقة غيزى ويحتوى الفيلم على مشاهد واقعية وقوية للمظاهرات والعنف المفرط للأمن والمعروف أن هذه المظاهرات كانت ضد رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان.
وفى لبنان منعت السلطات اللبنانية  فى شهر يوليو الماضى إذاعة فيلم وثائقى عن تهجير اللبنانيين خلال الحرب الأهلية من إخراج رين مترى بحجة إثارة الجماهير.
وفى سنغافورة حظرت الحكومة ثلاثة أفلام وثائقية «العرب والإرهاب» و«دايفيد المنتقم»، وجهاد من أجل الحب لأنها تتناول الإرهاب من منظور الإرهابيين،  وتعلن تعاطفها مع منظمات تعتبرها معظم الدول إرهابية مثل داعش وتنظيم القاعدة وتصويرهم بشكل إيجابى وأنهم أصحاب قضية عادلة.
أما اليابان فقد حظرت فيلما بعنوان «باكوشى» لأنه يتضمن تناولا فجا لتقليد جنسى قديم يتضمن ربط النساء بالحبال بطريقة معينة أثناء العلاقة الحميمة والمعروف أن اليابان ترفض أى نوع من أنواع التشويه لصورتها البراقة التى وصلت إليها عن طريق التحضر والتقدم التكنولوجي.
أما فى أفريقيا فقد حظرت الحكومة الكونغولية فيلما وثائقيا مهماً بعنوان «الرجل إصلاح النساء» حول طبيب أمراض النساء الشهير  «دينيس موكويجى» الحاصل على جائزة ساخاروف والذى يعمل من أجل النساء ضحايا الانتهاكات فى جمهورية الكونغو الديمقراطية. 
هذا الطبيب الذى يعيش فى الكونغو منذ بدايات الحرب الأهلية وأنشأ مستشفى فى بانزى لعلاج النساء من ضحايا الاغتصاب والتشويه والختان يعالجهن جسديا ونفسيا  وقد اختار الطبيب بانزى لأنها من أكثر المناطق التى يرتكب فيها العنف ضد المرأة على نطاق واسع منذ عام 1998 ابتداء من الحرب الثانية ويظهر فى الفيلم المحظور العاملون فى المستشفى يدلون بشهاداتهم لما رأوه من فظائع ارتكبت فى حق النساء.
وقد اعترضت الأمم المتحدة على حظر الفيلم واعتبرته وسيلة لتكميم الأفواه ودافع الجيش والحكومة الكونغولية عن الحظر قائلين نحن نعرف الجنود الذين لقوا حتفهم فى القتال ولا يمكن أن نقبل أنهم متهمون باغتصاب، وأضافوا أن من السهل اتهام أى شخص ووصفوا الجنود أنهم ضحايا.
كما شككت الحكومة فى الأرقام التى قدمتها فى الفيلم المنظمات غير الحكومية عن موضوع الانتهاكات ضد المرأة فى الكونغو وأكدوا أنه تضخيم متعمد لحوادث العنف وقد رد الدكتور دينيس على تصريحات الحكومة أن 20 عاما من الحروب لابد أن تخلف آلافاً من الضحايا نحن نعيش وسط مناخ من القمع وتدهور كبير فى حقوق الإنسان وتضييق فى مساحات الحريات، مشيرا إلى أن حظر الفيلم يوم الأربعاء الماضى يمثل تعديا غير مقبول للحرية.
المعروف أن قضية المطالبة برفع الحظر عن الفيلم ستكون فى الأول من أكتوبر القادم وحث رئيس بعثة الأمم المتحدة فى الكونغو السلطات بإعادة النظر فى قرارهم.■