الإثنين 30 سبتمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

8 حرائق كبرى والفاعل مجهول

8 حرائق كبرى والفاعل مجهول
8 حرائق كبرى والفاعل مجهول


 
دائرة جهنمية من النيران المشتعلة وقعت فى تتابع شيطانى مدهش حرقت قلوب وممتلكات المصريين وعقولهم، كما فرضت علامات استفهام كثيرة حول أسبابها وبدون أدنى مواجهة للمسئولين عن إشعالها أو محاسبتهم عليها! أو كشف المتورطين فيها ومن وراءهم!
من المجمع العلمى حتى سيوة والسويس ومحافظات الوجه البحرى باتجاه الصعيد.. والمتهم فيها دائما طرف غائب إن لم يكن ثالثا و«مجهولا» مثلها مثل الجرائم التى ترتكب فى حق هذا الوطن.
«روزاليوسف» تفتح ملف «حرائق مصر» وإلى أين وصلت تحقيقات النيابة فيها ومتى يظهر مرتكبوها أمام الشعب والرأى العام، لكن المفاجأة الأولى التى اكتشفناها أن تحقيقات النيابة فى تلك القضايا الملتهبة فى مجملها لا تبشر بأى جديد.
فرغم ما أعلنته النيابة العامة بالسويس حول حريق شركة النصر للبترول الذى استمر على مدار 4 أيام فى إبريل الماضى والذى قدرت خسائره بـ28 مليون جنيه وراح ضحيته عامل وأصيب 23 آخرون، من تجميعها تسجيلات جميع البرامج التى أذاعتها المحطات الفضائية وتناولته وتابعته سواء بالتغطية المباشرة أو من خلال المداخلات الهاتفية ووضعها على أسطوانات مدمجة وإرفاقها مع ملف القضية لفحصها وبيان ما بها من بيانات قد تفيد وتكشف عن وقائع أو أسباب تتضمن أى بيانات بشأن الحادث.
 
رغم كل ذلك فإنها لم تكشف حتى الآن النقاب عن المتورطين فى الحادث وجاء فى أوراق القضية نفى بعض المسئولين بالشركة والذين استدعتهم النيابة وهم مديرو الأمن الميدانى والصناعى والتخطيط وجود سبب جنائى للحريق، وكذلك نفى صلتهم بعدد من الأشخاص الذين تم تعيينهم قبل الحادث والذى تردد صلة البعض منهم بالحريق، مؤكدين من خلال أقوالهم على أن من تم تعيينه بالشركة تم توقيع الكشف الطبى عليه والتأكد من نظافة صحيفة الحالة الجنائية الخاصة به، حيث أكد رئيس قطاع السلامة المهنية بالشركة فى أقواله بالتحقيقات على وجود وحدة حراسة حدودية على أسوار الشركة ووجود أبراج مراقبة.
واتفق معه فى أقواله إمام رضوان رئيس قطاع الأمن بالشركة، مؤكدا توافر وجود وسائل التأمين ضد التخريب والحرائق بشكل كبير وأن أجهزة الشركة حديثة وصماماتها مؤمنة.
وانتهت التحقيقات إلى أن الخطأ الفنى وتسرب الغاز من أحد التنكات هو السبب الوحيد للحادث.
وبنفس السيناريو كشفت تحريات المباحث فى واقعة الحريق الأخيرة بترسانة القناة بالسويس أن الحريق كان محدودا رغم تكرار الحادث عدة مرات بالحوض العائم بالترسانة البحرية التابعة لهيئة القناة، وأن ذلك كان بسبب أعمال اللحام وتطاير الشرارات فى المنطقة المحيطة التى يتم فيها عمليات إصلاح وصيانة مستمرة، والتى تسببت فى دخان كثيف أعلى الشركة، مما استدعى مسئولى الشركة استدعاء سيارات الدفاع المدنى وأن هيئة موانئ البحر الأحمر قامت بإرسال قاطرتين من ميناء بورتوفيق - سخنة 1 طابا - من أجل السيطرة على الحريق.
 
وجاء بأقوال العاملين بالتحقيقات أن هذا الحريق الذى حدث بسبب أعمال لحام بالأكسجين قد سبقه حادثان آخران وأنهم عندما لاحظوا تكرار اشتعال النيران بجوار الحوض العائم، طالبوا المسئولين بالشركة الاهتمام بتشغيل معدات الأمن الصناعى قبل حدوث كارثة.
مشيرين إلى أن الحريق كان من الممكن أن يمتد لميناء بور توفيق لولا مطافئ السويس التى قامت بإخماده ومنع امتداده.
أما فى واقعة حريق مصنع الثلاجات بمجموعة توشيبا العربى بالمنطقة الصناعية بقويسنا فقد انتهت التحقيقات فى أسباب الحريق الذى تسبب فى إصابة أكثر من 400 عامل و خسائر تتجاوز الـ 50 مليون جنيه إلى عدم وجود شبهة جنائية فى الواقعة ورجحت التحريات أن يكون سبب الحريق إلقاء أحد العاملين لعقب سيجارة مشتعلاً بالمخازن الرئيسية والتى بدأت بها شرارة الأحداث، حيث التهمت النيران جميع أجهزة التكييف والثلاجات الموجودة بها، كما التهمت أيضا مصنع الثلاجات بالكامل والمقام على مساحة 5 أفدنة، مما أدى إلى اتساع نطاق الحريق والاضطرار إلى الاستعانة بالطائرات وبقوات المطافئ والدفاع المدنى بالمحافظات المجاورة.
فيما كان الماس الكهربائى وراء حوادث البنك الوطنى بالدقى ومسرح النيل للعرائس بمدينة الإنتاج الإعلامى، حيث كشفت تحقيقات النيابة أن الماس تسبب فى إحدى الغرف بإدارة الائتمان داخل البنك فى نشوب الحريق الذى تسرب عقب ذلك إلى المكاتب والمقاعد وبدأ فى الاشتعال حتى التهم الطابق الثانى ولم يصل إلى شقة وزير الداخلية اللواء محمد إبراهيم المتواجدة بالعقار!
 
وأنه كان السبب أيضا فى حريق مسرح النيل الذى تخطت خسائره المليون جنيه!
وفى محاولة لكشف لغز حريق سيوة الجديد الذى نشب قبل أسابيع فى إحدى المزارع بقرية المراقى بمنطقة طعوينى بالقرب من موقع الحريق السابق والذى تمت السيطرة عليه من قبل أهالى القرية وبعض أهالى المدينة وبمساندة عربات إطفاء الحماية المدنية.
جاء فى التحقيقات حسبما ورد من أقوال لأهالى سيوة أن من قاموا بإشعال النيران فى مزارع عزبة مشندت التابعة لقرية المراقى شمال شرق سيوة بـ 20 كم، هم المهربون العاملون على الحدود المصرية الليبية وأنه قبل يومين من اندلاع الحريق قامت قوات حرس الحدود بالمنطقة الغربية بناء على طلب الأهالى بتكثيف التواجد على الممرات التى يستخدمها المهربون، ما دفع المهربين إلى التوعد للأهالى بالرد السريع عليهم انتقاما منهم.
من ناحية أخرى - انتهت نيابة سفاجا فى أسباب أحداث حريق قسم شرطة سفاجا إلى تعرض القسم لمحاولة اقتحام من قبل أقارب أحد المتهمين لتهريبه وأنهم هم من أشعلوا النار فى القسم باستخدام زجاجات المولوتوف، مما أدى إلى مصرع شخص يدعى سيد عبدالرحيم وإصابة 11 آخرين وتحطيم محتويات القسم.
كما أرجعت تحقيقات النيابة العامة بطنطا أسباب الحريق المروع الذى أصاب منطقة الخان التجارية وشركة بيع المصنوعات وأسفر عن تفحم 3 أشخاص وإصابة 28 آخرين إلى مشاجرة نشبت بين بائعين بشارع الخان فأشعل أحدهما النار فى كشك زميله فرد الآخر عليه بإشعال النار فى كشكه، وبدأت النيران فى الاشتعال بشكل سريع حتى وصلت لشركة بيع المصنوعات الموجودة بالمنطقة.
وكذلك انتهت نيابة أول أسيوط إلى أن أسباب حريق مستشفى جامعة أسيوط ليست جنائية لأنها بدات بشرارة اندلعت من سقف الفيبر الخاص بقسم الإصابات .
اللواء رفعت عبد الحميد مدير مصلحة الأدلة الجنائية الأسبق يصف سلسلة الحرائق المتتالية بأنها تحول جنائى نوعى لشكل الجريمة فى مصر بعد ثورة 25 يناير قائلا:
 
هذه الجرائم غرضها إحداث هاجس الذعر والخوف بين الناس، حيث تحدث على مدى زمنى قصير بشكل متكرر، مما يسبب صدمات وخسائر متتالية.
مشيرا إلى أن هذا النوع من الجريمة التى تحدث الآن هى جريمة جنائية مرتبطة بأبعاد سياسية وتندرج تحت بند الجريمة المنظمة التى تعقب البلاد عادة بعد الثورات حيث تستغل العناصر الإجرامية حالة عدم الاستقرار الأمنى وتنتشر الجرائم على نطاق واسع.
ويضيف: إن الوقائع كلها لها آثار وخيمة من الناحية الاقتصادية بحيث لا تقل قيمة الخسائر الناتجة عن حريق توشيبا بقويسنا عن تلك التى نتجت عن حريق شركة النصر بالسويس، وكذلك عن حجم الخسائر فى شركة بيع المصنوعات بطنطا أو مصنع برج العرب بالإسكندرية وغيرها من حوادث فى الصعيد وباقى المحافظات.
ويلمح إلى أن نوع الجريمة فى سلسلة الحرائق اتضح فيها آثار عميقة للنيران أى حرائق ذات جذور وليست مجرد حرائق سطحية، ولذلك ساهم فى إخمادها بجانب قوات الإطفاء أكثر من جهاز وبعضها استخدم فيها الطائرات لمنع امتدادها لأماكن أخرى واتساع رقعتها.
ويستطرد: ما يلفت الانتباه أن تحدث هذه الجريمة الواحدة واسعة النطاق آثارا أشد ضررا من 1000 جريمة حدثت قبل الثورة.
 ويشير إلى أن ما حدث من حرائق فى السويس يدلل على أن بواعثها أعمال تخريبية خاصة وتلك الشركات مؤمنة ضد الحريق وتأتى مخصصات توفير إجراءات التأمين ضمن ميزانياتها، وكذلك مصنع توشيبا ومسرح مدينة الإنتاج الإعلامى المزودان بتقنيات حديثة.
اللواء مجدى البسيونى الخبير الجنائى ومساعد وزير الداخلية الأسبق يرى أن تلك الحرائق التى تجتاح الكثير من الشركات والقطاعات العامة والخاصة فى مصر خلال الآونة الأخيرة مقصودة ومدبرة ويتوافر عنصر العمد فيها بنسبة 90 ٪ قائلا: لا يمكن أن نرجع أسباب تلك الحوادث للإهمال خاصة مع تكرار حدوثها فى أماكن متفرقة وبنفس الأسلوب.
 
ويرى أن الطريقة التى ارتكبت بها عدد من الحوادث تزامنت مع انتهاء السنة المالية وموسم الجرد فى شهر يونيو.
وأضاف: لكن فى نفس الوقت هناك بعض الحرائق لها أهداف تخريبية واضحة مثل الحرائق المتعمدة لقطاع البترول.
فيما لم يستبعد اللواء نشأت الهلالى رئيس أكاديمية الشرطة الأسبق والخبير الأمنى إمكانية وجود شبهة مخطط يهدف لعدم الاستقرار فى البلاد تتضح ملامحه فى سلسلة الحرائق التى اجتاحت جميع المحافظات - على حد وصفه - قائلا : تتوالى الحوادث والجرائم بين كل فترة وأخرى من إضرابات وحوادث سرقة وقتل وحرق وعمليات سطو مسلح وكأنها حالة من الفوضى الممنهجة.
معربا عن حزنه لعدم إعلان جهات التحقيق النتائج لتسليط الضوء على المتورطين فى تلك الحرائق قائلا: ما يزيد الأمور سوءا هو عدم الشفافية والجهل بالمعلومة، وهذا لن يساعد فى وقف الأحداث والجرائم أو حتى مواجهتها قبل حدوثها، مشدداً على ضرورة تشديد العقوبات وأن تكون الأحكام رادعة فى تلك القضايا ضد المروعين حتى لا يسمح لهم بتدمير البلاد.