مستقبل العلاقات العربية - الصينية
احمد حمروش
روزاليوسف الأسبوعية : 04 - 12 - 2010
أشرت في المقال السابق إلي أن مصر والصين تربطهما علاقات خاصة. وفي الندوة التي عقدتها منظمة التضامن يوم 8 نوفمبر الماضي ودعت إليها السفير «سونغ إيقوه» سفير الصين بالقاهرة أتيحت لنا الفرصة للتعرف علي حقيقة ومستقبل العلاقات العربية الصينية فقد شارك في هذه الندوة وفود من لجان السلم والتضامن في المغرب وليبيا واليمن.
وقال السفير الصيني «سونغ إيقوه» إنه يعتقد أن هذا الاجتماع يتمتع بمعني خاص ويستعرض تاريخ علاقات الصين مع الدول العربية، والتطلع إلي مستقبل العلاقات مع الصين التي تعتقد أن كل الدول العربية هي دول نامية، ومن المبادئ الأساسية للصين تعزيز التعاون الدائم مع الدول النامية في العالم.
وأشار السفير إلي أن الصداقة والأخوة كانت موجودة دائما مع العرب الذين ربطهم مع الصين «طريق الحرير».. كما انتشر علم الفلك وعلم الطب العربي في الصين القديمة، مما ساهم في تنمية العلوم في الصين.. وقال الرسول «صلي الله عليه وسلم» أطلب العلم ولو في الصين.
هذه الكلمة مشهورة في الصين، وأيضا في الدول العربية. وهذا يعني أن الصين ليست غريبة علي الدول العربية، رغم بعد المسافة بين الجانبين وحسب المعلومات الصادرة من كتب التاريخ، وفي القرن الرابع عشر، سافر البحار المشهور المغربي ابن بطوطة إلي الصين كما سافر كثير من الصينيين إلي الدول العربية، وخاصة في القرن الخامس عشر، أي قبل 600 سنة تقريبا، حيث سافر البحار الصيني المشهور «تشينغ هي» إلي كثير في الأماكن في الدول العربية مثل عدن ومكة المكرمة، وبعد تأسيس جمهورية الصين الشعبية قبل 50 سنة تقريبا فتحت صفحة جديدة بين الجانبين.
وأشار السفير الصيني إلي علاقات جمال عبدالناصر مع شوان لاي التي بدأت في مؤتمر باندونج عام ,1955 وبعد هذا الاجتماع التاريخي أقامت الصين علاقة دبلوماسية مع جمهورية مصر العربية، فأصبحت مصر أول دولة عربية وأفريقية اعترفت بجمهورية الصين الشعبية الجديدة.
وأشار السفير الصيني إلي أن الصين قد دعمت مصر في العدوان الثلاثي عام ,1956 كما دعمت لبنان في حربها ضد الاحتلال عام ,1958 وأقامت علاقات دبلوماسية مع الجزائر ثورتها المجيدة التي استمرت ثمانية أعوام من 1954 إلي .1962 وخلال زيارة رئيس الصين مقر جامعة الدول العربية عام 2004 أعلن الجانبان عن تأسيس منتدي التعاون الصيني العربي.
وتدعم الصين جهود الدول العربية الرامية إلي تحقيق السلام في منطقة الشرق الأوسط بالشكل السليم، فتدعم بكل وضوح مبادرة السلام العربية، وتدعم الشعب الفلسطيني لاستعادة حقوقه المشروعة وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة.
أما علي الصعيد الاقتصادي فقد تعزز بصفة مستمرة فقد كان حجم التبادل التجاري عام 1979 بين الصين والدول العربية أقل من 800 مليون دولار أمريكي، أما في عام 2004 أي بعد تأسيس منتدي تعاون الصيني العربي فقد بلغ هذا الرقم 36 مليارا و700 مليون دولار أمريكي أما في عام 2009 فقد بلغ هذا الرقم 107 مليارات و400 مليون دولار أمريكي أما في النصف الأول من شهر أكتوبر فقد بلغ هذا الرقم 69 مليارا و100 مليون دولار أمريكي.
والهدف من هذا التطور الاقتصادي يعود علي الجانبين بالمصلحة المشتركة فهو لا يقف عند زيادة الصادرات الصينية إلي الدول العربية.. وإنما تطور أيضا إلي زيادة صادرات الدول العربية إلي الصين والتي تزداد عاما بعد عام.
أما في المجالين الثقافي والإنساني فإن التبادلات الحضارية والثقافية بين الجانبين تعزز بشكل مضطرد وقد أقيم كثير من النشاطات والتبادلات الثقافية بين الصين والدول العربية في إطار منتدي التعاون، ولا شك أن التبادل والتعاون بين حضارة الصين والحضارات العربية والإسلامية يساهم في دفع حوار الحضارات البشرية، والصين تعارض ما يسمي صراع الحضارات.
وقد ارتقي الاجتماع الوزاري الرابع للتعاون الصيني العربي الذي عقد في مدينة شينشنج في مايو الماضي بالعلاقات بين الصين والدول العربية من شراكة استراتيجية إلي تعاون استراتيجي يشكل قوة دافعة كبري لتطوير العلاقات في المستقبل.
وهنا نشير إلي أنه قد عقد في ليبيا المؤتمر الثالث للجان الصداقة العربية مع الصين في أغسطس الماضي وتأكد فيه دور الرابطة العربية للصداقة، وضرورة أن يكون الحوار مع الصين جديا ويأخذ بعين الاعتبار دور الصين وكونها قوة عظمي في العالم الثالث، ولابد أن تحمي نفسها من التورط في أساليب القوات العظمي الرأسمالية وما يحاك ضدها من مخططات.
وهكذا كانت الندوة التي دعت إليها منظمة التضامن بمناسبة عودة الوفود العربية من زيارة الصين خلال الشهر الماضي فرصة لتسليط الضوء علي هذه العلاقة الاستراتيجية التي بدأت في الماضي مع طريق الحرير وحديث الرسول «صلي الله عليه وسلم».. وتسير اليوم في طريق النمو والتطور لمصلحة الشعب الصيني والأمة العربية.