السبت 21 سبتمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

النزول بالملكية 50 عاما

النزول بالملكية  50 عاما
النزول بالملكية 50 عاما


مرحلة جديدة من تاريخ المملكة العربية السعودية أرسى قواعدها الملك سلمان بن عبد العزيز الذى آثر قبل أن يمضى على تسلمه مقاليد الحكم فى المملكة مائة يوم،  إلا أن يؤسس لدولة فتية مفعمة بالحيوية، فدفع بجيل جديد على هرم السلطة، قادر على التعاطى والتفاعل،  وفهم معطيات العصر.
العاهل السعودى المحمل  بموروثات من الحكمة، الذى خبر كل فنون الإدارة والسياسة والحكم على مدى ثمانية عقود قضاها فى أروقة الإمارة، والوزارة، وولاية العهد، ودواوين الحكم أدرك أن عصرا جديدا لابد أن يهل، أو يطل وأن  جيل أبناء المؤسس يلزمه
 عاصفة تتواكب مع عاصفة الحزم،  عاصفة تحمل رياح التغيير على أجنحة شابة، فلا ضير أن تمر وسط نسمات من الحكمة، وأنه لابد من تقليل الفجوة الزمنية بين الحكام والمحكومين، وخفض متوسط أعمار من يتأهبون للملك من الأحفاد بنحو أربعة عقود مقارنة بجيل الآباء.
أيقن الملك سلمان بن عبد العزيز أن أكثر من  13 مليون سعودى يقعون تحت سن 29 سنة، بما يعادل 67٪ من إجمالى سكان المملكة،   يحتاجون لعقول شابة، وأرواح نشأت على أدوات العصر، ونضجت على إيقاع معارفه، فدفع بابن شقيقه وزير الداخلية الأمير محمد بن نايف بن عبد العزيز (55 عاما) ليكون وليا للعهد، الذى من المتوقع له أن يكون أصغر ملك فى تاريخ المملكة، وبابنه الأمير محمد بن سلمان (30 عاما) لمنصب ولى ولى العهد، على أن يحتفظ كل منهما بمنصبه السابق للقرار الذى ترك أصداء واسعة محلية وإقليمية وعالمية، ويتوقع له البعض أن يهز عروشا، وممالك، ودولا تكلست عقول ولاتها وحكامها وأمرائها فعجزوا على قراءة الواقع وبالتالى فقد جهلوا المستقبل، وفشلوا فى مجرد التنبؤ به.
 أراد العاهل السعودى أن يبحر بالمملكة التى تحاصرها الأزمات إلى عصر جديد، تنعم فيه المملكة بالأمن والاستقرار طيلة العقود والقرون القادمة، أراد أن يجنب السعودية التى تعادل مساحتها 70٪ من مساحة قارة أوروبا العلل والكوارث التى ألمت بالعديد من الدول العربية منذ العام 2011م،  التى لاتزال تعانى من مضاعفاتها حتى الآن.
لم تفاجئ القرارات التى أصدرها العاهل السعودى الملك سلمان بن عبد العزيز فجر الأربعاء الماضى الكثير من المهتمين بالشأن السعودى، بل كانت متوقعة ومرتقبة تنتظر فقط التوقيت المناسب لإطلاقها، فالخطوات التى اتخذها العاهل السعودى على مدى الفترة الماضية الذى يصادف اليوم السبت مرور مائة يوم على توليه الحكم فى المملكة خلفا لأخيه الراحل الملك عبد الله بن عبد العزيز  هيأت الأجواء داخل أجنحة الأسرة الحاكمة فى المملكة للالتفاف حول الأوامر الملكية.
ولقد حظى ترشيح الأمير محمد بن سلمان لمنصب ولى ولى العهد بموافقة الأغلبية العظمى فى هيئة البيعة، حيث بلغت نسبة الذين صوّتوا من أعضاء الهيئة بالموافقة 3,82٪ بواقع 28 صوتاً من أعضاء هيئة البيعة الذين يبلغ عددهم 34 عضواً،  وجاء من ضمن الذين وافقوا الأمراء: بندر بن عبدالعزيز أكبر أبناء الملك عبد العزيز سنا، ومشعل بن عبدالعزيز رئيس هيئة البيعة، وترك بن عبدالعزيز، وعبدالإله بن عبدالعزيز، ومشهور بن عبدالعزيز، ومقرن بن عبدالعزيز، ومحمد بن فهد بن عبدالعزيز، المتزوج من أخت الأمير محمد بن نايف الأميرة الجوهرة بنت نايف، وخالد بن عبدالله بن عبدالعزيز، وخالد بن طلال بن عبدالعزيز وهو على خلاف مع والده الأمير طلال بن عبد العزيز، وخلاف مع شقيقه رجل الأعمال الأمير الوليد بن طلال، فيما تحفظ اثنان من الأمراء ورفض أربعة من الأمراء.
يحظى الأمير محمد بن نايف  بإعجاب وتقدير كبير لدى الأوساط الأمريكية والغربية لدوره فى مكافحة الإرهاب، وتبنيه استراتيجية أمنية شاملة ذات أبعاد أيديولوجية واجتماعية واقتصادية ودينية فى مواجهة القاعدة والتنظيمات الإرهابية والمتطرفة بشكل يختلف عن تلك التى كان والده الأمير نايف بن عبدالعزيز يعتمدها، فيما نجح الأمير محمد بن سلمان فى قيادة التحالف العربى الذى خاض عاصفة الحزم لأكثر من شهر ضد الجماعات الحوثية المتمردة والميليشيات التى يقودها الرئيس المخلوع على عبد الله صالح للاستشعار بالسلطة فى اليمن.
فى السياق ذاته شهدت البيعة التى إنطلقت عقب صلاة عشاء الأربعاء الماضى، التى دعا إليها الملك سلمان لمبايعة ولى عهده، وولى ولى عهده حضوراً لافتا، وإجماعا مشهودا يبرز حجم التوافق الشعبى العارم خلف السياسة السعودية، الذى يسعى من ورائها الملك منذ توليه الحكم فى يناير الماضى، على ترسيخ أسس المملكة بجيل جديد حازم يواصل المسيرة فى منطقة متغيرة، عاصفة، وفى ظل رغبة ملكية  فى أن تقوم السعودية بدورها لمواجهة التمدد الإيرانى،  وبناء علاقة متوازنة تقوم على المصالح المتبادلة مع الدول الكبرى خاصة الولايات المتحدة الأمريكية.
وفى لفتة ذات معنى ومغزى تقدم ولى العهد السابق الأمير مقرن بن عبدالعزيز آل سعود(المولود لأم يمنية)، صفوف المبايعين، وبايع صاحب السمو الملكى الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز ولياً للعهد، وصاحب السمو الملكى الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولياً لولى العهد فى قصر الحكم بالرياض.
كما قدّم الأمراء ومفتى عام المملكة وأصحاب الفضيلة العلماء والوزراء وكبار المسئولين من مدنيين وعسكريين وجموع غفيرة من المواطنين، البيعة لولى العهد، ولولي ولى العهد.
ئوقد ألقى مفتى عام المملكة رئيس هيئة كبار العلماء وإدارة البحوث العلمية والإفتاء الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ كلمة  معتادة  فى مثل هذه المناسبات، وقام خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وبرفقته كل من الأمير محمد بن نايف ولى العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية، والأمير محمد بن سلمان ولى ولى العهد النائب الثانى لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، والأمير بندر بن سلمان بن عبدالعزيز بزيارة إلى  ولى العهد السابق الأمير مقرن بن عبدالعزيز فى قصره بالرياض.
أما فيما يتعلق بإعفاء وزير الخارجية الأمير سعود الفيصل (75 عاما) صاحب أطول فترة وزير للخارجية فى العالم، حيث قضى 40 عاما وزيرا لخارجية المملكة من منصبه (بناء على طلبه بسبب مرضه) الذى يشغله منذ أكتوبر عام 1975 وتعيين عادل الجبير (53 عاما) سفير السعودية لدى الولايات المتحدة وزيرا للخارجية وهو ثانى شخص من خارج الأسرة الحاكمة يشغل هذا المنصب بعد إبراهيم السويل الذى شغل المنصب فى بداية الستينيات من القرن الماضى.
الأوامر الملكية الأخيرة جددت شباب الحكم فى المملكة قبل أسبوعين من قمة أمريكية خليجية  كان قد سبق للرئيس الأمريكى  باراك أوباما، أن دعا إليها قادة دول مجلس التعاون الخليجى، لاجتماع  فى منتجع كامب ديفيد يومى 14 ,13 من الشهر الجارى بغرض بث الطمأنينة فى دول الخليج التى أبدت قلقها من الاتفاق النووى الإيرانى الأمريكى أو  ما يعرف باتفاق 5+,1 هذا وقد صل الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولى عهد أبو ظبى نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة بدولة الإمارات، مساء أول أمس الخميس، إلى العاصمة السعودية الرياض، فى زيارة لم يعلن عنها من قبل، يرافقه خلالها الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، ولى عهد إمارة دبى، بغرض تقديم التهانى للأمير محمد بن نايف والأمير محمد بن سلمان بمناسبة تعيينهما كولى للعهد وولى ولى العهد، وتأتى وليا عهد أبوطبى ودبى إلى الرياض قبل 5 أيام من قمة خليجية تشاروية مرتقبة فى الرياض يوم 5 مايو الجارى.∎