الإثنين 21 أكتوبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

المهرج «باسم يوسف» ورقة الأمريكان للضغط على مصر

المهرج «باسم يوسف» ورقة  الأمريكان للضغط على مصر
المهرج «باسم يوسف» ورقة الأمريكان للضغط على مصر


لم تفاجئنى كثيرا صورة الإعلامى الساخر «باسم يوسف» على رأس الصفحة الأولى لصحيفة «وول ستريت جورنال» الأمريكية الصادرة يوم السبت 14 مارس الجارى، أعجبتنى الصورة والتنويه عن المقابلة الخاصة التى أجرتها معه الزميلة «الكسندرا وولف» على صفحة كاملة حملت عناوين: باسم يوسف يتحدث عن الفكاهة والسياسة ومصر.

«جون ستيوارت مصر» عن دور الهجاء فى السياسة، لماذا غادر مصر وماذا سوف يفعل فى المستقبل؟
ولم أتفاجأ أيضا عندما رأيت «باسم يوسف» فى اليوم التالى ضيفا فى أشهر البرامج الأسبوعية السياسية لشبكة تليفزيون «إيه بى سى نيوز» «هذا الأسبوع» الذى يقدمه الإعلامى جورج ستيفانوبولوس، وهو أحد أهم البرامج السياسية الأمريكية التى يحرص على مشاهدتها الشعب الأمريكى، الذى يستضيف فيه الإعلامى «جورج ستيفانوبولوس» أشهر الوجوه والشخصيات السياسية فى واشنطن، ويحرص باستمرار على متابعته الرئيس أوباما وإدارة البيت الأبيض وأعضاء الكونجرس، ومهندسو خطط السياسة الأمريكية.
ومصدر عدم دهشتى يعود إلى ما سمعته وعلمته من بعض المصادر السياسية والإعلامية الأمريكية التى التقيت بها مؤخرا، والتى التفتت باهتمام كبير لباسم يوسف بعد حصوله على جائزة مجلة التايم الأمريكية لقائمة الشخصيات المئة الأكثر نفوذا وتأثيرا فى العالم، الجميع أكد لى أن باسم يوسف أصبح ورقة إعلامية مهمة وضاغطة فى يد الولايات المتحدة ضد السياسة المصرية، خاصة بعد مغادرته مصر ووقف برنامجه الساخر الشهير  «البرنامج» ورغم أنى حاولت مرارا الإشارة ولفت أنظارهم إلى ما قاله الرئيس السيسى إلى الإعلامى الأمريكى الشهير «تشارلى روز» خلال زيارته الأخيرة لنيويورك وتأكيده له أن الجيش وإدارته لا دخل لهما بإغلاق برنامج باسم يوسف، لكن يبدو لى حتى الآن أن معظم السياسيين والإعلاميين فى الولايات المتحدة غير مقتنعين بالمرة بهذا القول، ومازالوا يشيرون فى معظم اللقاءات الصحفية والإعلامية بأن الجيش المصرى حصل على السلطة بالقوة، وضد إطلاق الحريات، وهو ما قالته مؤخرا صحيفة «وول ستريت جورنال» فى حديثها مع باسم يوسف.
صحيفة «وول ستريت جورنال» قالت فى حوارها مع يوسف: «يعتقد أنه كان من الممكن أن يكمل برنامجه لو وجد دعمًا من السلطة ولكنه لم يرد تغيير شكل السخرية الاجتماعية وتقديم تنازلات من أجل الشعور بالحرية. كما قال إن من يمتلكون السلطة هم من أعطوه دورًا أكبر مما يريد، مشيرًا إلى أنه يرغب فى بث البرنامج من خارج البلاد حتى لايضع نفسه موضع الهارب ولو عرض البرنامج من خارج البلاد سوف يفقد مصداقيته».
وذكرت الصحيفة أن «يوسف» أوضح أنه لم يتم حظر دخوله إلى مصر، لكنه لن يتفاجأ إذا تم منع جواز سفره، وأن حياته فى مصر غير مستقرة ولا يستطيع التنبؤ بها
وبعد توقف برنامجه فى يونيو الماضى، غادر «باسم يوسف» مصر فى نوفمبر، ووفقا للصحيفة، هو الآن زميل مقيم فى معهد جامعة «هارفرد» للسياسات، حيث يدير ندوة حول كيف يمكن «للنكتة» أو للسخرية أن تكسر المحظورات السياسية والاجتماعية والدينية.
ويضيف للصحيفة أنه لم يحاول تغيير آراء الناس، لكن هدفه كان الترفيه، موضحا أنه خلال السنوات الأربع الماضية، أصبح العديد من الناس، بمن فيهم هو نفسه، يشعرون بالحيرة حول معتقداتهم السياسية، «فما رأيناه فى مصر خلال هذه السنوات كان كثيرا جدا، ومن الطبيعى أن يربك هذا المشهد أفكار أى شخص».
واستطرد: نحتاج لخيال شعرى من أجل أن تسقط النكات حكومات فأنا أعتقد أن هذا ليس صحيحًا، فالسخرية تجلب فقط المزيد من الناس إلى طاولة الحوار والمفاوضات.
وأكد الإعلامى الساخر، خلال حوار مع شبكة «إيه بى سى نيوز» أن مشاركته فى ثورة 25 يناير عام 2011 كانت لمعالجة الجرحى فى ميدان التحرير، وبمساعدة صديق له قرر أن يقوم بدور «جون ستيوارت» على شبكة الإنترنت، ومن هنا أتيحت له الفرصة لتقديم برنامجه.
وعلق باسم على برنامج «البرنامج»  الذى كان يقدمه وتم وقفه نهائيا، قائلا: «العرض بأكمله كان رائعا، حيث بلغ متوسط الجمهور أكثرمن أربعين مليون مشاهد كل أسبوع، وأعتقد أنه تم وقف البرنامج لكوننا مضحكين للغاية».
وأضاف أنه يرفض تقديم «البرنامج» فى الولايات المتحدة، خاصة بعد أن أعلن «جون ستيوارت» استقالته من تقديم برنامج «ذا ديلى شو» وانهالت الآف التعليقات على موقع «تويتر» تطلب من «باسم يوسف» أن يكون بديلا لـ «جون ستيوارت» مضيفًا: الشعب الأمريكى قد لا يتقبل فى الوقت الحالى وجود ناقد سياسى ساخر من الشرق الأوسط أو يلقى محاضرات لهم. وأن هذا ربما يكون مقبولاً بعد خمسين عامًا مثل وصول رئيس أسود للحكم، وأكد أن ذلك يستوجب انتظار خمسين عامًا، لافتًا إلى أن عمره حينها سيتعدى تسعين عامًا.
وذكرت شبكة «إيه بى سى» أن «باسم يوسف» سيبقى فى بوسطن حتى مايو، ومن ثم سيتوجه إلى دبى، من أجل أحدث مشروع أسسه وهو احتضان المواهب العربية، بما فى ذلك الجهات الفعالة والكوميديان، وفى الوقت نفسه، يساعد فى جمع المال لموقع تمويل جماعى لاستكمال فيلمه الوثائقى بعنوان «دغدغة العمالقة» عن رحلة صعوده إلى الشهرة وقصة برنامجه الشهير «البرنامج».
وأضافت الشبكة أن «يوسف» سيقدم شخصية إرهابى بطريقة هزلية فى فيلم كوميدى ذى ميزانية منخفضة، اسمه «كوميديا العرب» الذى يأمل «يوسف» أن يعرض للأمريكيين وجهة نظر جديدة عن العرب.
 والملخص السريع والواضح لى من خلال دراستى وخبرتى الطويلة مع الإعلام الأمريكى أن توقيت عرض لقاءات صحيفة «وول ستريت جورنال» وشبكة تليفزيون «إيه بى سى» مع الساخر باسم يوسف، بعد الافتتاح الرائع والفخم للمؤتمر الاقتصادى المصرى بشرم الشيخ، لم يكن من قبيل الصدفة، لقد تم اختيار التوقيت بعناية شديدة، والدعاية له بشكل مبهر ليجذب مشاهدة وقراءة الملايين، وهو ما تعلمناه من الإعلام الأمريكى فيما يعرف بـ «بلان بى» أو «الخطة بى»  «Plan B»
وللأسف نجح الإعلام الأمريكى لحد كبير فى جذب أنظار السياسيين والمسئولين بواشنطن، ومعهم ملايين من الشعب الأمريكى، بتركيز الضوء على قضية الحريات والحقوق المدنية المهدرة فى مصر مستخدما الساخر «باسم يوسف» الذى لمح خلال أحاديثه إلى أن الوضع فى مصر غير مستقر، وأنه من الصعب التنبؤ بمستقبل البلد، كما كان أيضا واضحا من خلال سخريته مع شبكة «إيه بى سى» أنه غير راض عن القيادة السياسية للبلاد وأنه يدعو للتغيير.
من حق «باسم يوسف» أن يقول ويفعل ما يشاء، وأن يفرح كما يشاء بالدعاية العالمية والشهرة الهائلة التى أحدثتها تلك اللقاءات له، وربما تفتح له أبوابا ومجالات وفرصا عالمية واسعة وتغدق عليه ملايين الدولارات، لكن وزارة الخارجية والقيادة السياسية فشلتا فى الدعاية الخارجية لأهمية المؤتمر الاقتصادى ونتائجه على النحو الإعلامى المعروف عالميا، خاصة فى الولايات المتحدة الأمريكية، ولا يعرف  سر هذا الغياب والاختفاء التام للسفارة المصرية بواشنطن ومعها القنصليات المنتشرة فى كبرى المدن والولايات الأمريكية، وفشل مجموعة «جلوفربارك جروب» للعلاقات العامة والخدمات مع الحكومة الأمريكية فى واشنطن، فى الرد فى وقت الأزمات على الدعاية السيئة لمصر فى الإعلام الأمريكى، وهى التى كلفتها الحكومة المصرية، ووزارة الخارجية المصرية بمهمة تحسين سمعة مصر فى الولايات المتحدة منذ شهر أكتوبر2012 نظير دفع رسم شهرى يقدر بـ250 ألف دولار.∎