الثلاثاء 6 مايو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

ياخسارة بترول العرب!

ياخسارة بترول العرب!
ياخسارة بترول العرب!


برغم تراجع أسعار سوق النفط العالمية إلى مستويات قياسية، فإنها تظل بعيدة كل البعد عن الأسعار التى تعرضها «داعش»، التى تواصل مفاجأة العالم بقراراتها الغريبة المدمرة، كان آخرها بيع النفط الخام بأسعار لم يعرفها التاريخ. ولم ينحدر إليها الذهب الأسود حتى فى أقوى الأزمات، حيث تبيع البرميل الواحد بمتوسط سعر أقل من 18 دولاراً فقط.

 هذا السعر الذى كشفت عنه الديلى ميل البريطانية، يأتى بعد أن سيطر تنظيم  «داعش» على كامل حقول النفط، باستثناء آبار حقل الورد النفطى فى ريف دير الزور.
وعلى الرغم من الأزمة الإنسانية التى يعيشها الشعب السورى فى كل المناطق، وخصوصا فى مناطق سيطرة داعش، كما يوزع التنظيم زجاجات الغاز بأثمان بخسة على سكان الشمال السورى والقرى الحدودية مع تركيا.
ويشير التقرير إلى أن التنظيم، وبعد ستة أشهر من توسعه فى مناطق العراق وسوريا، يحصل يوميا على ملايين الدولارات من عوائد التجارة غير الشرعية.
ويقول مسئولون إن الغارات الأمريكية ضد مصافى النفط لم تؤد إلى عرقلة جهود التنظيم فى استخراج النفط وتصديره.
وتساعد مبيعات النفط التنظيم على دفع رواتب المقاتلين والموظفين 500 دولار فى الشهر للمقاتل، و1200 دولار للقيادى العسكرى.
وتضيف الجارديان أن الحكومة الأمريكية مارست ضغوطا على حكومة إقليم كردستان، لملاحقة المهربين، لكن لم تتم السيطرة عليهم، حيث لا يزال النفط يجد طريقه للمناطق الكردية، ومن سوريا إلى تركيا، إذ يتنقل تنظيم الدولة من سوق إلى سوق، وينقل التقرير عن أحد مهربى النفط، سامى خلف قوله: نشترى خزان النفط، الذى يحتوى على ما بين 26- 28 طنا، بـ4200 دولار ونبيعه فى الأردن بـ 15000 دولار، ويحصل كل مهرب على ثمانية خزانات نفط فى الأسبوع.
ويقول مسئول فى مناطق الأكراد إن 435 طن نفط من حقل عجيل فى منطقة صلاح الدين قد تم نقلها إلى الأنبار فى الفترة الأخيرة، ومنها نقلت إلى عمان. وأن تنظيم داعش لا يزال ينقل النفط إلى تركيا عبر سوريا.
إلا أن برلمانيا كرديا أكد أنها لم تتوقف بشكل كامل: ويمكن القول أن التجارة زادت بنسبة 50٪ وتم اعتقال عدد من الأشخاص ممن تعاملوا مع داعش، وهم نفس الأشخاص الذين يزودون مناطق داعش بالبترول باستخدام 250 عربة بيك أب. وأن سعود الزرقاوى، أحد قادة داعش هو المسئول عن تجارة النفط، ووقع الزرقاوى عقدا مع قادة العشائر والشخصيات البارزة فى الموصل لتهريب النفط. وقام القادة بإعادة تنشيط شبكات التهريب مع القادة الأكراد، الذين نقلوا النفط لمنطقة الحكم الذاتى.
كما أن القادة الأكراد وافقوا على شراء النفط بنصف السعر، ودفعوا 1500 دولار لكل شاحنة نفط مرت عبر نقاط التفتيش فى كركوك ومخمور وداقوق وطوز خورماتو، وكان النفط بعد ذلك ينقل للأسواق التركية والإيرانية.
فى الوقت نفسه قالت صحيفة وورلد تريبيون الأمريكية إن تنظيم داعش سيطر على معظم قطاع النفط السورى، وأنه يبيع النفط المسروق إلى سوريا، مؤكدة أن المعارضة السورية قالت: إن داعش سيطر على أكثر من 60٪ من إنتاج النفط فى سوريا، مشيرة إلى أنه يتم ضخ ما يقرب من 100 برميل يوميا فى محافظتى دير الزور والرقة.
وتشير الباحثة مايتاى دو بونكور إلى أنه لدى داعش فرصة لبيع مخزونها فى تركيا من الجنوب حتى وسط البلاد، فلماذا يبيع التنظيم نفطه فى أوروبا البعيدة جغرافيا والتى تفرض قيودا جمركية؟ فإذا ما خرجت كميات هائلة فى سوريا، فإنها تباع فى تركيا.
فى المقابل، من الممكن أن يباع نفط الجهاديين على أنه نفط تركى، يلاحظ بيار ترزيان أنه يمكن أن يصل نفط داعش إلى أوروبا عن طريق ميناء جيهان مركز صناعة نفط تركيا يمر عبره نفط الخليج أيضا.
والذى يفسر أن التهريب يحدث فى هذه المنطقة أن الحدود ذات منافذ عديدة بين سوريا بشار الأسد وتركيا رجب طيب أردوغان، فإلى جانب الفساد الذى قد يحدث، شجعت تركيا على عبور الحدود لهدف سياسى، ووفقا لبيار ترزيان بعدم ضبط حدودها كما يجب، ساهمت تركيا فى ظهور داعش بهدف إضعاف بشار الأسد الذى قطع أردوغان العلاقات معه منذ الانتفاضة الشعبية.
وأنه فيما يخص كردستان، هو كيف ولمن يباع هذا النفط؟ وهذا السؤال كان محل جدال عند تصدير أول شحنة من النفط الكردى، وقد هددت بغداد بفرض عقوبات على كل من يشترى هذا النفط، ناقلة للنفط الكردى United Emblem أوصلت حمولتها إلى مالطا فى ناقلة أخرى Altaï  ثم رست فى إسرائيل.
وقام تنظيم داعش فى خلال الشهرين الماضيين، بتأسيس شبكة كبرى للسوق السوداء حيث تنشط تجارة النفط بشكل كبير على الحدود فى المثلث العراقى التركى الإيرانى. ورغم المعلومات التى تؤكد أن داعش بات قاب قوسين أو أدنى من الوصول إلى مرحلة الاكتفاء الذاتى ماليا، إلا أن خبراء اقتصاديين قالوا إن محاصرة التنظيم دوليا خاصة بعد صدور قرار من مجلس الأمن بقطع التمويل عنه، قد يؤثر على قدرة التنظيم على جمع الأموال، خاصة مع تراجع أسعار بيعه للنفط الخام وافتقاره للخبرات القادرة على استخراجه.
وقال مدير البحوث فى معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى، والخليج للتحليل العسكرى ثيودور كاراسيك: إن مكاسب تنظيم داعش من عمليات تصدير النفط إلى دول المنطقة تصل إلى 3 ملايين دولار أميركى يوميا، إلا أن إجمالى حجم النفط المصدر لكل بلد لا يعرف على وجه التحديد. ووفقا لدراسة أعدها المعهد فإن «معظم المواد النفطية القادمة من المناطق التى تقع تحت سيطرة التنظيم تباع فى الأسواق بطرق غير مشروعة وهو ما تسبب فى هبوط سعر برميل النفط عالميا.
مع ذلك، هناك سؤال يطرح نفسه ولم تجب عليه وسائل الإعلام الأمريكية والأوروبية حتى الآن: كيف يمكن لإرهابيين أن يبيعوا نفطا فى أسواق عالمية تسيطر عليها واشنطن؟
فى شهر مارس الماضى، فشل الانفصاليون الليبيون فى بنغازى بتسويق النفط الذى استولوا عليه، حين اعترضت إحدى السفن الحربية الأمريكية ناقلة النفط مورنينج جلورى، وأجبرتها على العودة إلى الموانىء الليبية، فإذا كانت جبهة النصرة وداعش تملكان القدرة على بيع النفط فى الأسواق العالمية، هذا يعنى أنهما تحظيان بموافقة واشنطن، وأنهما على صلة بشركات بترول وهمية.
ففى المؤتمر الدولى السنوى لشركات البترول العالمية الذى عقد من 15 حتى 19 يونيو فى موسكو تم الكشف من خلال المؤتمر أن النفط السورى الذى تسرقه جبهة النصرة يباع لشركة «اكسون موبيل»، شركة العائلة روكفلر التى تدير دولة قطر، فى حين أن البترول الذى تسرقه داعش يباع لشركة آرامكو الأمريكية التى تدير المملكة العربية السعودية.
ونشر مقاتلون فى صفوف داعش، على حساباتهم الخاصة فى تويتر، إعلانا عن حاجة التنظيم إلى مدير خبير فى إدارة مصافى البترول التى يسيطر عليها فى سوريا والعراق، مقابل مرتب 140 ألف جنيه إسترلينى سنويا.
وفى أكتوبر الماضى كشفت صحيفة لفين برس الكردية عن وصول صفقة نفط إلى ميناء أشكول جنوب إسرائيل حيث أفرغت ناقلة النفط «اس سى اف6» البترول السورى القادم من كردستان عبر تركيا فى الميناء الإسرائيلى، وأشارت الصحيفة إلى أنه بدأ إجراء تحقيقات مع كبار المسئولين فى حكومة إقليم كردستان من قبل برلمان الإقليم، عقب القيام بعمليات تجارية مع تنظيم «داعش» الإرهابى، بشراء النفط الخام من تنظيم الدولة والإتجار فيه.
وأوضحت الصحيفة أن بعض المسئولين الكبار فى البيشمركة سلموا 2000 سيارة دفع رباعى لتنظيم داعش والتى تستخدمها فى حربها بالعراق وسوريا وتواجه بها الأكراد الآن فى مدينة كوبانى «عين العرب».
وأشارت الصحيفة إلى أن الـ2000 سيارة الدفع الرباعى التى تم تسليمها لتنظيم داعش جاءت مقابل 6 ناقلات نفط حصلوا عليها من تنظيم الدولة كان آخرها فى نهاية سبتمبر الماضى، موضحة أن عملية التسليم والاستلام حصلت فى منطقة داقوق وسلمان باك وتم حجز ثلاثة من أفراد البيشمركة لكن تم الإفراج عنهم عقب تدخل أحد المسئولين الكبار فى حكومة إقليم كردستان.∎